جرح قديم
أريد أن أكتب ....
لقد كنت أحس بنهم شديد لكتابة ما يخالج شعوري قبل لحظات...
الساعة الآن 5.50 صباحاً .. اليوم الجمعة ..
أبلغ من العمر 27 سنة..
أنا الآن متزوج .. وقد مر على زواجي ما يقارب السنة ...
امرأتي ستضع حملها بعد أيام قليلة...
حالتي الصحية جيدة .. الحمد لله ..
ما مررت به من أحداث طوال عمري لا بد أن يكون لها الأثر الأكبر في تكويني....
ولدت قي سبعة أشهر .. ظنَّ أهلي أني قد فارقت الحياة .. إذ كنت كطعة لحم
ـ ملفوفة في خرقة ـ .. ومن هنا لقبت بمعدة ..
كان ما سبق أول حادثة حدثت لي في حياتي .. التي بدأتها باختلاسٍ من أشهر الحمل التسعة ..
عندما شاهدني أبي للمرة الأولى .. رأى ما أثار إعجابه بي .. وقد ظل يحدث بما رأى كلما طرأت له مناسبة .. حتى بعدما كبرت ..
كُسِرت يداي ثلاث مرات وأنا لم أبلغ الثامنة بعد ... أين حفظ القرآن ؟!!!...
ـ سأخفي هذه الكلمات عن ولدي ـ ....
يبلغ ترتيبي بين إخوتي .. تسعة ... أبي متزوج ثلاث حريم .. أنا على الوسطى منهن .. فلله كيف اختار واسطة العقد..
حدثت لي حادثة .. كان لها أثراً بالغاً في شعوري تجاه أبي .. كان عمري تسع سنوات
وكان أبي كعادته لا يذهب بنا إلى السوق .. حيث كان يكتفي بشراء ملابسنا من بائع الأثواب الذي يجر عربته يدور في حارتنا قائلاً: "فَرِّقْنَا.. فَرِّقْنَا.."..
فجاء البائع ذلك اليوم .. وكنا في حاجة إلى أثواب .. وكنت أنا وإخوتي نصطف كالبنيان المرصوص .. الأكبر فالأكبر .. يأخذ كل منا ثوباً واحداً فقط ..
وعندما أخذت ثوبي وكنت فرحاً مسروراً به .. انطلقت مسرعا نحو أمي كي تلبسنيه ..
ولا أنسى وجهها الباسم عندما رأتني قد لبسته معكوساً .. وبينما أنا أستعرض بالثوب عند أمي .. إذ بالمنادي ينادي .. "يا مريع .. يا مريع .." كان ذاك صوت أبي .. يا ترى ماالأمر..
انطلقت إليه مسرعاً ـ ربما أن هناك ما فاتني أخذه ـ عرضت بخاطري الجملة السابقة ..
عندما وصلت إليه .. بادرني وقد علته الرحضاء قائلاً:
ـ أين الثوب؟؟!!!...
ـ فوق .. في غرفتي ..
ـ اذهب واحضره.. بسرعة..
ـ طيب .. طيب ..
ذهبت وأحضرت الثوب ونفسي تحدثني ما مصيره.. أعطيت أبي الثوب ..
ـ تعال يا بدر لعله يأتي على طولك .. ( بدر هذا أخي الأصغر، وأمه الثالثة...)
كنت أنا وأخي بدر بنفس الطول .. فأعطاه أبي ثوبي ..
وتركني بلا عطف ولا حنان .. ولا ثوب .. واكتفى بقوله للبائع:
ـ غداً تأتي بثوب لمريع .. خلاص..
يريد بذلك ترضية طفل يبلغ من العمر تسع سنوات .. ظل يحمل هذا الجرح في أعماقه حتى استطاع أن يكتب عنه في أول ما خطت مشاعره تجاه أبيه .....
كانت هذه حادثة في مهد حياتي .. وأنا مازلت لين المعدن .. ضعيف البنية .. في مرحلة بناء للأحاسيس والمشاعر تجاه من يعيشون بيننا ..