تاريخ التسجيل :
Nov 2005
رقم العضوية : 4868
الاقامة : Libya
المشاركات : 1
هواياتى : Painting, Writing, Soccer
MMS :
الحالة
غير متصل
معدل تقييم المستوى : 0
Array
عـــــودة أمــــــل
عـــــودة أمــــــل
عودة شمس الشرق
شقت تلك الرعود كبد السماء لتشتث سحب الظلام في قسوة و لتعكس أنوارها القاتلة تلك المجزرة الدموية التي أعلنها أولائك الفرسان المتشحين بالسواد واللذين راحت خيولهم المجنحة تدوس ومن دون رحمة تلك الأفلال الهاربة...كانت السيوف تهوي على الأعناق والأرجل في وحشية ولم تكن صيحات النساء ولا بكاء الصبية كفيلا بردع جنود الجحيم...كانت عيون المجرمين تضحك في سادية وهي تحصي القتلى في فخر وإبتسامة كريهة قد طبعت على وجوه أصحابها الباردة التي لطخت بدماء الأطفال...هدأ المكان لوهلة و عيون تلك الجنود تتفرس أكوام الأجساد بحثا عن صوت لأي حياة فتنهيه ولكن مامن "أمل"...شق صوت صهيل جواد أحدهم جدار الصمت معلنا إنتهاء المهمة فإلتفت الباقون في برود و صفعت الجياد لتحلق في قوة لاحقة بقائدها...
ومع رحيل قوى الشر بدأت دموع السماء تهطل في حزن على أولائك الصبية اللذين رحلت شمسها بعد رحيل إبتساماتهم وضحكاتهم البريئة منذ بدء هذه الحرب اللعينة...وتحت ضعف السماء وحزنها تحركت تلك الشياطين من كل حدب و صوب ومن جوف الأرض بعد أن حركت دماء القتلى شهيتها...راحت أجسادها الهلامية ذات القشور السوداء التي تشبه أجساد التعابين تتحرك بجنون في ظلام المكان وبأعداد هائلة غطت أكداس الجثت وراحت تلتهم الرؤوس والأطراف في شراهة عجيبة وفي عصبية راحت تتصارع حول فرائسها كما الضباع...زاد حزن السماء فإنتحبت لما يجري تحتها في صمت وشلالات دموعها تحاول دفع الأجساد بعيدا عن أنياب هذه الشياطين القذرة التي متلت بالأجساد دونما رحمة...
وفجأة توقفت الأمطار فتوقفت لتوقفها تلك الشياطين في جزع وهي تتفرس المكان في عصبية متراجعة في بطء...من بعيد ومن تحت أكوام الأجساد إنطلق ضوء ضعيف راحت أشعته الواهنة تبحث عن متنفس لها بين بقايا الأطراف والأجساد...هنا تصاعدت صيحات الشياطين الحادة في جزع وهي تتابع تراجعها الحذر في هدوء وأعينها الكبيرة تحمل خوف الدنيا أجمعها من ذلك المجهول...وزاد توثرها عند صدور حركة خافتة لمصدر الضوء اللذي أخذ يزيح مافوقه من جثت في ضعف وضوئه يخفت أكثر وأكثر فما من متنفس...تحركت تلك الشياطين متقدمة في بطء وأعينها الجزعة لاتفارق مصدر الضوء ومحاولاته الضعيفة...فجأة برز وجه ذلك الطفل من تحت اكوام الموت ليطلق صاحبه شهقة عالية مع أول نفس وليجن جنون تلك الشياطين وهي تدفع بعضها البعض في هلع مبتعدة عن المكان وبعضها لازال يتفرس في ذلك الجسد الضئيل طمعا في نهاية سريعة له وفي وجبة طازجة لم تتذوقها أفواههم منذ عصور...أخذ ذلك الطفل الواهن العاري يحاول نزول جبال الموت في ضعف وعيناه تدمعان خوفا ممع كل دمعة راح ضوئه يضعف أكثر وأكثر...
لازالت تلك الشياطين تتحرك خلفه وهي تمتص لعابها الوحشي في جوع لن يشبع يوما...كانت آمالها بالحصول على الفريسة تزداد قوة كلما ضعف نور الحياة اللذي أحاط الصبي...ولكن نظاراتها تحولت فجأة إلى خوف قاتل بعد أن رفع ذلك الصبي عيناه الباكيتان ناحية السماء التي بادلت نظراته المتعجبة بإبتسامة أم رؤوم...ومع إبتسامتها إبتسم الطفل في شوق لتنطلق تلك الشياطين راكضة في هلع ناحية الفجوة التي صعدت منها ونظراتها البائسة تعلن خوفا من شيء قادم...قادم من الشرق...ولحظها العاثر تجسد خوفها أمامها حقيقة...أشعة نور ذهبية قوية راحت تضرب أجسادها كألف سوط تحرقها دونما شفقة وتلك الشياطين تطلق من حناجرها الضيقة أصواتا حادة حملت عذاب كل العصور التي غابت عنها تلك الشمس...شمس الشرق التي غابت لغياب أمل...ذلك الطفل المضيء اللذي أعلن بداية عصور الضياء...عصور تنتهي فيها فرسان الموت السوداء وفلول الشياطين...شياطين الدمار.
** النهاية **