- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ~بأبي أنت وأمي يا رسول الله (25) ~

  1. #1
    الصورة الرمزية الأصيـــــــــل
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 9
    الاقامة : السعودية-جدة
    المشاركات : 3,056
    هواياتى : القراءة-الكتابة-التمثيل-ركوب الخيل
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 53
    Array

    ~بأبي أنت وأمي يا رسول الله (25) ~




    [frame="9 90"]أخذ البيعة
    وحين فتح الله مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، تبين لأهل مكة الحق، وعلموا أن لا سبيل إلى النجاح إلا الإسلام، فأذعنوا له، واجتمعوا للبيعة، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا يبايع الناس، وعمر بن الخطاب أسفل منه، يأخذ على الناس فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا‏.‏

    وفي المدارك‏:‏ روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعمر قاعد أسفل منه، يبايعهن بأمره، ويبلغهن عنه، فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنكرة، خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرفها؛ لما صنعت بحمزة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئا‏)‏، فبايع عمر النساء على ألا يشركن بالله شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ولا تسرقن‏)‏ فقالت هند‏:‏ إن أبا سفيان رجل شحيح، فإن أنا أصبت من ماله هنات‏؟‏ فقال أبو سفيان‏:‏ وما أصبت فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها، فقال‏:‏ ‏(‏وإنك لهند‏؟‏‏)‏ قالت‏:‏ نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك‏.‏
    فقال‏:‏ ‏(‏ولا يزنين‏)‏‏.‏ فقالت‏:‏ أو تزني الحرة‏؟‏
    فقال‏:‏ ‏(‏ولا يقتلن أولادهن‏)‏‏.‏ فقالت‏:‏ ربيناهم صغارا، وقتلناهم كبارا، فأنتم وهم أعلم ـ وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدرـ فضحك عمر حتى استلقى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
    قال‏:‏ ‏(‏ولا يأتين ببهتان‏)‏ فقالت‏:‏ والله إن البهتان لأمر قبيح وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق‏.‏
    فقال‏:‏ ‏(‏ولا يعصينك في معروف‏)‏ فقالت‏:‏ والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك‏.‏
    ولما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول‏:‏ كنا منك في غرور‏.‏
    وفي الصحيح‏:‏ جاءت هند بنت عتبة فقالت‏:‏ يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يغزوا من أهل خبائك‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وأيضا، والذي نفسي بيده‏)‏ قالت‏:‏ يا رسول ال،له إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لا أره إلا بالمعروف‏)‏‏.‏


    إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة وعمله فيها
    وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يومًا يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الآيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها، ونادى مناديه بمكة‏:‏ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره‏.‏

    السرايا والبعوث
    1ـ ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان ـ سنة 8 هـ ـ ليهدمها وكانت بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني كنانة وهي أعظم أصنامهم‏.‏ وكان سدنتها بني شيبان، فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسًا حتى انتهى إليها، فهدمها‏.‏ ولما رجع إليها سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏هل رأيت شيئا‏؟‏‏)‏ قال ‏:‏ لا قال‏:‏ ‏(‏فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها‏)‏ فرجع خالد متغيظًا قد جرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال‏:‏ ‏(‏نعم، تلك العزى، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا‏)‏‏.‏

    2ـ ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع ليهدمه وهو صنم لهذيل برهاط، على قرابة 150 كيلوا مترا شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه قال‏:‏ لا تقدر على ذلك قال‏:‏ لم ‏؟‏ قال تمنع قال‏:‏ حتى الآن أنت على الباطل‏؟‏ ويحك فهل يسمع أو يبصر‏؟‏ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قال للسادن‏:‏ كيف رأيت‏؟‏ قال‏:‏ أسلمت لله‏.‏

    3ـ وفي الشهر نفسه بعث سعد بن زيد بن الأشهلي في عشرين فارسًا إلى مناة وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادنها‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ هدم مناة، قال‏:‏ أنت وذاك، فأقبل إليها سعد، وخرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس، تدعو بالويل، وتضرب صدرها، فقال لها السادن‏:‏ مناة دونك بعض عصاتك‏.‏ فضربها سعد فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا في خزانته شيئًا‏.‏

    4ـ ولما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال من نفس السنة ـ 8هـ ـ إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام لا مقاتلا فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فانتهى إليهم فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا‏:‏ أسلمنا، فجعلوا يقولون‏:‏ صبأنا، صبأنا‏.‏ فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرًا، فأمر يومًا أن يقتل كل رجل أسيره فأبى ابن عمر وأصحابه حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه وقال ‏:‏ ‏(‏اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدًا‏)‏ مرتين‏.‏

    وكانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين والأنصار وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم وكان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف كلام وشر في ذلك فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي، فوالله لو كان أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته‏)‏‏.‏
    تلك هي غزوة فتح مكة، وهي المعركة الفاصلة والفتح الأعظم الذي قضى على كيان الوثنية قضاء باتًا، ولم يترك لبقائها مجالا ولا مبررا في ربوع الجزيرة العربية، فقد كانت عامة القبائل تنتظر ماذا يتمخض عنه العراك والاصطدام الذي كان دائرًا بين المسلمين والوثنيين وكانت تلك القبائل تعرف جيدا أن الحرم لا يسيطر عليه إلا من كان على الحق وكان قد تأكد لديهم هذا الاعتقاد الجازم أي تأكد قبل نصف القرن حين قصد أصحاب الفيل هذا البيت فأهلكوا وجعلوا كعصف مأكول‏.‏

    وكان صلح الحديبية مقدمة وتوطئة بين يدي هذا الفتح العظيم، أمن الناس به وكلم بعضهم بعضًا، وناظره في الإسلام، وتمكن من اختفى من المسلمين بمكة من إظهار دينه والدعوة إليه والمناظرة عليه، ودخل بسببه كثير في الإسلام، حتى إن عدد الجيش الإسلامي الذي لم يزد في الغزوات السالفة على ثلاث آلاف إذا هو يزخر في هذه الغزوة في عشرة آلاف‏.‏
    وهذه الغزوة الفاصلة فتحت أعين الناس وأزالت عنها آخر الستور التي كانت تحول بينها وبين الإسلام وبهذا الفتح سيطر المسلمون على الموقف السياسي والديني كليهما معا في طول جزيرة العرب وعرضها، فقد انتقلت إليهم الصدارة الدينية والزعامة الدنيوية‏.‏

    فالطور الذي كان قد بدأ بعد صلح الحديبية لصالح المسلمين قد تم وكمل بهذا الفتح المبين، وبدأ بعد ذلك طور آخر كان لصالح المسلمين تمامًا، وكان لهم فيه السيطرة على الموقف تمامًا‏.‏ ولم يبق لأقوام العرب إلا أن يفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعتنقوا الإسلام ويحملوا دعوته إلى العالم، وقد تم استعدادهم لذلك في سنتين آتيتين‏.‏

    المرحلة الثالثة
    وهي آخر مرحلة من مراحل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ تمثل النتائج التي أثمرتها دعوته الإسلامية بعد جهاد طويل وعناء ومتاعب وقلاقل وفتن واضطرابات ومعارك وحروب دامية واجهتها طيلة بضعة وعشرين عامًا‏.‏
    وكان فتح مكة هو أعظم فتح حصل عليه المسلمون في هذه الأعوام، تغير لأجله مجرى الأيام، وتحول به جو العرب، فقد كان الفتح حدًا فاصلا بين السابقة عليه وبين ما بعده، فإن قريشًا كانت في نظر العرب حماة الدين وأنصاره، والعرب في ذلك تبع لهم، فخضوع قريش يعتبر القضاء الأخير على الدين الوثني في جزيرة العرب‏.‏

    ويمكن أن نقسم هذه المرحلة إلى صفحتين‏:‏
    1ـ صفحة المجاهدة والقتال‏.‏
    2ـ صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الإسلام‏
    .‏

    وهاتان الصفحتان متلاصقتان تناوبتا في هذه المرحلة، ووقعت كل واحدة منهما خلال الأخرى إلا أنا اخترنا في الترتيب الوضعي أن نأتي على ذكر كل من الصفحتين متميزة عن الأخرى، ونظرًا إلى صفحة القتال ألصق بما مضى، وأكثر مناسبة من الأخرى قدمناها في الترتيب‏.‏

    ولما أجمع القائد العام ـ مالك بن عوف ـ المسير إلى حرب المسلمين، ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فسار حتى نزل بأوْطَاس ـ وهو واد في دار هَوَازِن بالقرب من حُنَيْن، لكن وادي أوطاس غير وادي حنين، وحنين واد إلى جنب ذي المجَاز، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات‏.‏

    مُجَرِّب الحروب يُغَلِّط رأي القائد‏‏
    ولما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس، وفيهم دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ ـ وهو شيخ كبير، ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب وكان شجاعاً مجرباً ـ قال دريد‏:‏ بأي واد أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ بأوطاس، قال‏:‏ نعم مَجَالُ الخيل، لا حَزْنٌ ضَرسٌ ، ولا سَهْلٌ دَهِس، مإلى أسمع رُغَاء البعير، ونُهَاق الحمير، وبُكَاء الصبي، وثُغَاء الشاء‏؟‏ قالوا‏:‏ ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم، فدعا مالكاً وسأله عما حمله على ذلك، فقال‏:‏ أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال‏:‏ راعي ضأن واللّه، وهل يرد المنهزم شيء‏؟‏ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضِحْتَ في أهلك ومالك، ثم سأل عن بعض البطون والرؤساء، ثم قال‏:‏ يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم بَيْضَة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم، ثم الْقَ الصُّبَاة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزتَ أهلك ومالك‏.‏
    ولكن مالكاً ـ القائد العام ـ رفض هذا الطلب قائلاً‏:‏ واللّه لا أفعل، إنك قد كبرت وكبر عقلك، واللّه لتطيعني هوازن أو لأتَّكِئَنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري، وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي، فقالوا‏:‏ أطعناك‏.‏ فقال دريد‏:‏ هذا يوم لم أشهده ولم يَفُتْنِي‏

    سلاح استكشاف العدو‏
    وجاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للاستكشاف عن المسلمين، جاءت هذه العيون وقد تفرقت أوصالهم، قال‏:‏ ويلكم، ما شأنكم‏؟‏ قالوا‏:‏ رأينا رجالاً بيضا على خيل بُلْق، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما تري‏.‏
    سلاح استكشاف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏
    ونقلت الأخبار إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بمسير العدو، فبعث أبا حَدْرَد الأسلمي، وأمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، ففعل‏.‏

    الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر مكة إلى حنين‏‏
    وفي يوم السبت ـ السادس من شهر شوال سنة 8 هـ ـ غادر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مكةـ وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة ـ خرج في اثني عشر ألفاً من المسلمين ؛ عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهل مكة‏.‏ وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها، واستعمل على مكة عَتَّاب بن أسيد‏.‏
    ولما كان عشية جاء فارس، فقال‏:‏ إني طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بِظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏(‏تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء اللّه‏)‏، وتطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أبي مَرْثَد الغَنَوي‏.‏

    وفي طريقهم إلى حنين رأوا سِدْرَة عظيمة خضراء يقال لها‏:‏ ذات أنْوَاط، كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها ويعكفون، فقال بعض أهل الجيش لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏اللّه أكبر، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسي‏:‏ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال‏:‏ إنكم قوم تجهلون، إنها السَّنَنُ، لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم‏)‏‏.‏
    وقد كان بعضهم قال نظراً إلى كثرة الجيش‏:‏ لن نُغْلَبَ اليوم، وكان قد شق ذلك على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏

    الجيش الإسلامي يُباغَتْ بالرماة والمهاجمين‏‏
    انتهي الجيش الإسلامي إلى حنين، الليلة التي بين الثلاثاء والأربعاء لعشر خلون من شوال، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي، وفرق كُمَنَاءه في الطرق والمداخل والشعاب والأخباء والمضايق، وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يشدوا شدة رجل واحد‏.‏

    وبالسَّحَر عبأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جيشه، وعقد الألوية والرايات، وفرقها على الناس، وفي عَمَاية الصبح استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي، فبينا هم ينحطون إذا تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانشمر المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة، حتى قال أبو سفيان بن حرب، وهو حديث عهد بالإسلام‏:‏ لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ـ الأحمر ـ وصرخ جَبَلَةُ أو كَلَدَةُ بن الحَنْبَل‏:‏ ألا بطل السِّحْر اليوم‏.‏
    وانحاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جهة اليمين وهو يقول‏:‏ ‏(‏هَلُمُّوا إلى أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه‏)‏ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار‏.‏ تسعة على قول ابن إسحاق، واثنا عشر على قول النووي، والصحيح ما رواه أحمد والحاكم في المستدرك من حديث ابن مسعود، قال‏:‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولي عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلاًمن المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا ولم نُوَلِّهم الدُّبُر، وروي الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال‏:‏ لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولين، وما مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلممائة رجل‏.‏
    وحينئذ ظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نظير لها، فقد طفق يركض بغلته قبل الكفار وهو يقول‏:‏
    [poem=font="Simplified Arabic,4,teal,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    ‏(‏أنــا النبي لا كَذِبْ=أنا ابن عبد المطلب‏)‏ [/poem]

    بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان آخذا بلجام بغلته، والعباس بركابه، يكفانها ألا تسرع، ثم نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاستنصر ربه قائلاً‏:‏ ‏(‏اللّهم أنزل نصرك‏)‏‏.‏

    رجوع المسلمين واحتدام المعركة‏
    وأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عمه العباس ـ وكان جَهِيَر الصوت ـ أن ينادي الصحابة، قال العباس‏:‏ فقلت بأعلى صوتي‏:‏ أين أصحاب السَّمُرَة‏؟‏ قال‏:‏ فوالله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عَطْفَة البقر على أولادها، فقالوا‏:‏ يا لبيك، يا لبيك‏.‏ ويذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر عليه، فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا‏.‏
    وصرفت الدعوة إلى الأنصار‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج، وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخري كما كانوا تركوا الموقعة، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال‏:‏ ‏(‏الآن حَمِي الوَطِيسُ‏)‏‏.‏ ثم أخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب الأرض، فرمي بها في وجوه القوم وقال‏:‏ ‏(‏شاهت الوجوه‏)‏، فما خلق اللّه إنساناً إلا ملأعينيه تراباً من تلك القبضة، فلم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِرًا‏.

    انكسار حدة العدو وهزيمته الساحقة‏
    وما هي إلا ساعات قلائل ـ بعد رمي القبضة ـ حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وظُعُن‏.‏
    وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏25، 26‏]‏

    حركة المطاردة‏‏
    ولما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى نَخْلَة، وطائفة إلى أوْطاس، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامرالأشعري، فَتَنَاوَشَ الفريقان القتال قليلاً ، ثم انهزم جيش المشركين، وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري‏.‏
    وطاردت طائفة أخري من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة، فأدركت دُرَيْدَ بن الصِّمَّة فقتله ربيعة بن رُفَيْع‏.‏
    وأما معظم فلول المشركين الذين لجأوا إلى الطائف، فتوجه إليهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بنفسه بعد أن جمع الغنائم‏.‏

    الغنائم‏
    وكانت الغنائم‏:‏ السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفاً ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بجمعها، ثم حبسها بالجِعْرَانَة، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف‏.‏
    وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية ؛ أخت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، فلما جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت له نفسها، فعرفها بعلامة فأكرمها، وبسط لها رداءه، وأجلسها عليه، ثم منّ عليها، وردّها إلى قومها‏.‏

    غزوة الطائف‏‏
    وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، وذلك أن معظم فلول هَوَازن وثَقِيف دخلوا الطائف مع القائد العام ـ مالك بن عوف النَّصْرِي ـ وتحصنوا بها، فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من حنين وجمع الغنائم بالجعرانة، في الشهر نفسه ـ شوال سنة 8 هـ‏.‏
    وقدم خالد بن الوليد على مقدمته طليعة في ألف رجل، ثم سلك رسول اللهصلى الله عليه وسلم إلى الطائف، فمر في طريقه على نخلة اليمانية، ثم على قَرْنِ المنازل، ثم على لِيَّةَ، وكان هناك حصن لمالك بن عوف فأمر بهدمه، ثم واصل سيره حتى انتهي إلى الطائف فنزل قريباً من حصنه، وعسكر هناك، وفرض الحصار على أهل الحصن‏.‏

    ودام الحصار مدة غير قليلة، ففي رواية أنس عند مسلم‏:‏ أن مدة حصارهم كانت أربعين يوماً، وعند أهل السير خلاف في ذلك، فقيل‏:‏ عشرين يوماً، وقيل‏:‏ بضعة عشر، وقيل‏:‏ ثمانية عشر، وقيل‏:‏ خمسة عشر‏.‏
    ووقعت في هذه المدة مراماة، ومقاذفات، فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن رمياً شديداً، كأنه رِجْل جراد، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، وقتل منهم اثنا عشر رجلاً، واضطروا إلى الارتفاع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم، فعسكروا هناك‏.‏
    ونصب النبي صلى الله عليه وسلم المنجنيق على أهل الطائف، وقذف به القذائف، حتى وقعت شدخة في جدار الحصن، فدخل نفر من المسلمين تحت دبابة‏.‏
    ودخلوا بها إلى الجدار ليحرقوه، فأرسل عليهم العدو سكك الحديد محماة بالنار‏.‏ فخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبل وقتلوا منهم رجالاً‏.‏
    وأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ كجزء من سياسة الحرب لإلجاء العدو إلى الاستسلام ـ أمر بقطع الأعناب وتحريقها، فقطعها المسلمون قطعاً ذريعاً، فسألته ثقيف أن يدعها للّه والرحم، فتركها للّه والرحم‏.‏
    ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون رجلاً ، فيهم أبو بكرة ـ تسور حصن الطائف، وتدلي منه ببكرة مستديرة يستقى عليها، فكناه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏[‏أبا بكرة‏]‏ ـ فأعتقهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة‏.‏
    ولما طال الحصار واستعصي الحصن، وأصيب المسلمون بما أصيب من رشق النبال وبسكك الحديد المحماة ـ وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة ـ استشار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نَوْفَل بن معاوية الدِّيلي فقال‏:‏ هم ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، وحينئذ عزم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على رفع الحصار والرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس، إنا قافلون غداً إن شاء اللّه، فثقل عليهم وقالوا‏:‏ نذهب ولا نفتحه‏؟‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اغدوا على القتال‏)‏، فغدوا فأصابهم جراح، فقال‏:‏ ‏(‏إنا قافلون غداً إن شاء اللّه‏)‏ فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم يضحك‏.‏
    ولما ارتحلوا واستقلوا قال‏:‏ قولوا‏:‏ ‏(‏آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون‏)‏‏.‏
    وقيل‏:‏ يا رسول اللّه، ادع على ثقيف، فقال‏:‏ ‏(‏اللّهم اهد ثقيفا، وائت بهم‏)‏‏.‏

    قسمة الغنائم بالجِعْرَانَة‏‏
    ولما عاد رسول اللْه صلى الله عليه وسلم بعد رفع الحصار عن الطائف مكث بالجعرانة بضع عشرة ليلة لا يقسم الغنائم، ويتأني بها، يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين فيحرزوا ما فقدوا، ولكنه لم يجئه أحد، فبدأ بقسمة المال، ليسكت المتطلعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة، فكان المؤلفة قلوبهم أول من أعطي وحظي بالأنصبة الجزلة‏.‏

    أعطي أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل، فقال‏:‏ ابني يزيد‏؟‏ فأعطاه مثلها، فقال‏:‏ ابني معاوية‏؟‏ فأعطاه مثلها، وأعطي حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أخري، فأعطاه إياها‏.‏ وأعطي صفوان بن أمية مائة من الإبل، ثم مائة ثم مائة ـ كذا في الشفاء ـ وأعطي الحارث بن الحارث بن كَلَدَة مائة من الإبل، وكذلك أعطي رجالا من رؤساء قريش وغيرها مائة مائة من الإبل وأعطي آخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين، حتى شاع في الناس أن محمداً يعطي عطاءً، ما يخاف الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءه فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، ردوا علي ردائي، فو الذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً‏)‏‏.‏
    ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعه، ثم رفعها، فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، واللّه مالى من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم‏)‏‏.‏

    وبعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت بإحضار الغنائم والناس، ثم فرضها على الناس، فكانت سهامهم لكل رجل إما أربعاً من الإبل، وإما أربعين شاة، فإن كان فارساً أخذ اثني عشر بعيراً أو عشرين ومائة شاة‏.‏

    الأنصار تَجِدُ على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏
    كانت هذه القسمة مبنية على سياسة حكيمة، لكنها لم تُفْهَم أول الأمر، فأُطْلِقتْ ألسنة شتي بالاعتراض‏.‏
    روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ لما أعطي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القَالَةُ، حتى قال قائلهم‏:‏ لقي واللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏قال‏:‏ ‏(‏فأين أنت من ذلك يا سعد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‏)‏‏.‏ فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا‏.‏ وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال‏:‏ لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللّه، وأثني عليه، ثم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر الأنصار، ما قَالَهٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها على في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكم اللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم‏؟‏‏)‏ قالـوا‏:‏ بلـي، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفْضَلُ‏.‏
    ثم قال‏:‏ ‏(‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المن والفضل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك‏)‏‏.‏
    ‏(‏أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنيا تَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار‏)‏‏.‏
    فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا‏.‏

    قدوم وفد هوازن‏‏
    وبعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوازن مسلماً، وهم أربعة عشر رجلاً ورأسهم زهير ابن صُرَد، وفيهم أبو بُرْقَان عم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، فأسلموا وبايعوا ثم قالوا‏:‏ يا رسول اللّه، إن فيمن أصبتم الأمهات والأخوات، والعمات والخالات، وهن مخازي الأقوام‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن معي من ترون، وإن أحب الحديث إلى أصدقه، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ ما كنا نعدل بالأحساب شيئاً‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إذا صليت الغداة ـ أي صلاة الظهر ـ فقوموا فقولوا‏:‏ إنا نستشفع برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المؤمنين، ونستشفع بالمؤمنين إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يرد إلينا سبينا‏)‏، فلما صلي الغداة قاموا فقالوا ذلك‏.‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وسأسأل لكم الناس‏)‏، فقال المهاجرون والأنصار‏:‏ ما كان لنا فهو لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال الأقْرَع بن حابس‏:‏ أما أنا وبنو تميم فلا‏.‏ وقال عُيَيْنَة بن حِصْن‏:‏ أما أنا وبنو فَزَارَة فلا‏.‏وقال العباس بن مِرْدَاس‏:‏ أما أنا وبنو سُلَيْم فلا‏.‏ فقالت بنو سليم‏:‏ ما كان لنا فهو لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال العباس بن مرداس‏:‏ وهنتموني‏.‏

    فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين، وقد كنت استأنيت سَبْيَهُمْ، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئاً، فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك، ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليهم، وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفيء اللّه علينا‏)‏، فقال الناس‏:‏ قد طيبنا لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنا لا نعرف من رضي منكم ممن لم يرض، فارجعوا حتى يرفع إلينا عُرَفَاؤكم أمركم‏)‏، فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، لم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنه أبي أن يرد عجوزاً صارت في يديه منهم، ثم ردها بعد ذلك، وكسا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم السبي قبطية قبطية‏.‏

    العمرة والانصراف إلى المدينة‏
    ولما فرغ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من قسمة الغنائم في الجِعْرَانة أهلَّ معتمراً منها، فأدي العمرة، وانصرف بعد ذلك راجعاً إلى المدينة بعد أن ولي على مكة عَتَّاب بن أسيد، وكان رجوعه إلى المدينة ودخوله فيها لست ليال بقيت من ذي القعدة سنة 8 هـ‏.

    إلى هنا وتنتهي حلقتنا لهذا اليوم .. على أن ألقاكم غداً إنشاء الله ..
    في حلقة جديدة من حلقات السيرة النبوية ...

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،[/frame]
    [align=center][/align]

  2. #2
    الصورة الرمزية عمر باعقيل
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    رقم العضوية : 2302
    الاقامة : جــــدة
    المشاركات : 11,830
    هواياتى : الانترنت - الرسم
    My SMS : تدري وش معنى كرامه .. ؟ يعني انسان يترك انسان من اجل حبه واحترامه..!! تدري وش ذل الكرامه ...؟ انك تخ
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 552
    Array



    اخي الحبيب / الاصيل
    على ماتقدمة للسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
    يعطيك الله العافية على مجهودك هذا وجزاك الله كل خير
    دمت اخي الكريم في احسن حال

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. صورة الرسول صلى الله عليه وسلم .. سبحان الخالق ..!!
    بواسطة امير الورد في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 27-03-2004, 11:35 AM
  2. كيف نتأثر ونحفظ القرآن عقليا وجسديا
    بواسطة أعــز النــاس في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-01-2004, 09:16 PM
  3. ~*~ العباده الربانيّــــه والعباده الرمضانيه ~*~
    بواسطة رمز في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-12-2003, 11:39 AM
  4. وقفة في فن الدعوة....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-11-2003, 05:19 PM
  5. منافق..منافقة..منافقون..منافقات..!!!!!!!
    بواسطة الطبيبةالداعية في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-04-2002, 11:12 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط