تشعُرين - أحياناً - أن روحكِ والتي حَرِصتِ طويلاً على أن تجعليها بستاناً مُعشوشباً أخضراً يعجُ بالعطر والطيرِ والحُبِ والأمل ...
تشعُرين - أحياناً - أن ثمةَ أيدٍ استطاعتْ - وعلى غَفلةٍ منكِ - أن تُرسلَ الألمُ ليُصبِحَ - وعلى رغمٍ منكِ - بُستانياً لبُستانِ روحكِ ...!!!
فتشعُرين - دائماً - أن ثمة أشياء تدور في بستانكِ ..
عُشبُ بُستانكِ يوماً بعدَ يومٍ بعدَ يوم يميلُ نحو الاصفرار ..
أشجارُ بستانكِ تختفي
دونٍ إخطار ..
فراشاتُ بُستانكِ ماتنفكُ تعودُ الواحدة تلو الأخرى لشرنقاتها الممُزقة , فتنطوي فيها على نفسها حتى تسقطُ أجنحتها وتموت ...
طيورُ بستانكِ تُصبُحُ عجماء لاتَنبسُ ببنتِ مِنقار ... ريشها صار قيداً من حَديدٍ فلا تقوى معه على الطيران ..
ماءُ بُستانِكِ صارَ يشربُ نفسهُ حتى انتهى , فلما انتهى صارَ يشربُ روحكِ الجفافُ البغيض ..
وردُ بُستانكِ صارَ شوكاً يخشى - كروحكِ المُبعثرةَ - الشك ...
نسماتُ الهواء العليلِ ماصرتَ تعرفُ الطَريقَ إلى بُستانكِ , وحدها حُرقةُ الشمسِ تحتكرُ الطريق ..
سنديانة أحلامكِ في وسطِ بُستانكِ تساقطَ عنها ورقُ أمانيكِ الطفولية , فصارتْ جرداء تبكي حتى صوت حَفيفِ الورق ..
أغصانُ السنديانة تيبستْ فاستحالتْ أصابعَ عَجوزٍ هدها الدهرُ حتى رفعتْ يدها تستغيثُ ... ولامُغيث ..
تقفين تحت السنديانة مُثخنةٌ جِراحاً بعد ولادةٍ مُتعسرةٍ لطفلِ الوجعِ , فتهزين إليكِ جِذعَ السنديانةِ فتُساقِط عليكِ حَسراتٍ جَنية ...
وتلمحين آهاتكِ ألفَ حرباء بغيضةٍ تتلون بألفِ لونٍ ولونٍ وكلُ ألوانها أسودَ قاتم !!! يالكثرة درجاتِ اللون الأسودِ في بستانكِ !!!!
لاتتركُ كُلُ حرباء منها غُصنَ أملٍ مازالَ يقاومُ اليأس لتحيله أسوداً قاتماً , لاتتركُ الغُصنَ إلا وهي مُمسكةً بُغصنٍ آخر ..
فتشعُرين - دائماً - أن روحكِ والتي حَرِصتِ طويلاً على أن تجعليها بستاناً مُعشوشباً أخضراً يعجُ بالعطر والطيرِ والحُبِ والأمل ...
صارتْ مًحميةً للوجعِ وللألم وللآه وكأنما كانت ستنقرضُ لولا بُستانَ روحكِ ....
.
.
هذا ماتشعرينَ بهِ ..
.
.
ولكني أُقسِمُ لكِ أن بستان روحكِ مازالَ أخضراً رائعاً , ومازالُ مُعشوشباً أخضراً يعجُ بالعطر والطيرِ والحُبِ والأمل ...
.
.
أتعلمين ؟
نتمنى - كثيراً - أن نُفِكك صورةَ حياتنا ونجعلها قِطعاً كَقِطعِ ( البازال ) , ونرسمُ صورةً لحياتنا أجملَ وأحلى , ونعيدُ تركيبَ القِطعِ لنكونَ صورة حياتنا الجديدة ..
أتعلمين مالمشكلة ؟
المُشكلةُ أن قَطِعِ ( البازال) ذات الأطراف المُستقيمة والزوايا الحادة لاتصلحُ إلا أن تكونَ في الأطراف ...
والمُشكلةُ الأكبرُ أنه ليسَ نحنُ من يَصنعَ هذه القِطع ...!!!!
نحنُ نِلدُ بإطارٍ ثابتٍ لصورة حياتنا , نستطيعُ - وبشكلٍ محدودٍ - أن نُغيرَ بعضَ تفاصيلِ الصورة لتُصبِحَ أجمل وأحلى ...
.
.
هل تأذّنُ لي مولاتي بجولةٍ قصيرة ؟
هاتي يمينكِ مولاتي
رافقيني – مهجتي – في جولةٍ
ليستْ كباقي الجولاتِ ..
في رحلةٍ تجوبُ الأرضَ حُباً
في رحلةٍ تخوضُ البحرَ حُزناً
في رحلةٍ تزورُ العُمرَ حُلماً
وتستقي منه أحلى ذكرياتِ
هاتي يمينكِ مولاتي
أتأذني مولاتي ؟
هذا الجِدارُ المتهدمُ الأرجاءِ
خلفه - مولاتي – حياتي ..
اعبري البابَ فَضلاَ
مولاتي مهلاً
أنتِ قبلي أدخلي
Ladies First
تَعستْ خُطاي وتعست
إن قبلكِ دخلت ..
أترين هذه مولاتي ؟
هذي الوردُ البيضُ
تُراقصُ الطيرَ على أنغامِ أحلى الأغنياتِ
نعم هذه
تلك التي باتت تغارُ الآنَ من ثناياكِ ..
هذي ابتساماتي
هذي ضحكاتي
أترين تلكمُ الوردات الوردية
نعم تلك التي كالتي على خديكِ تنمو
عندما تخجلين
من همسةِ حُبٍ
أوقُبلةٍ خاطفةٍ شقية ...
أترينها ؟
تلك أمنياتي
انظري مولاتي
أترينَ ذاك الشجر ؟
نعم ذاك يامن يُشبهكِ القمر
خلفه يختبون
ألفُ طفلٍ حالمٍ
تلك مولاتي
طفولاتي ..
.
.
.
هكذا انتهت رحلتي
أفنخرجُ الآن مولاتي ..؟
.
.
أنخرجُ مولاتي ؟
هذه كلُ حياتي ..
.
.
أرجوكِ مولاتي ...
.
.
أحمدي مهلاً
مازلتُ أرغبُ في البقاء
مازلتُ لم أكتشفْ – بعدُ - سرَ الشقاء
ذاك الذي ألقاه في عينيكَ
تلك التي باتت ليَّ الأرضَ والسماء ..
لم أكتشفْ – بعدُ – حزناً ساكناً صوتك
ياكلَ حياتي ..
أرجوكِ مولاتي
أرجوكِ مولاتي
لنخرج الآن
أرجوكِ مولاتي ...
.
.
أتراهُ قد أغناك الهرب ؟!!
أتظنُ أن تلكمُ البسمات المُرهقات
تلكم الضحكات الزائفات
ذاك التخفي خلفَ قناعِ الفرحِ
سيشفي الجراح ؟!!!
لم تطمسْ الحُزنَ يوماً
كلُ الآتِ الطرب ..
لم يأتْ ظلامُ الليلِ
يوماً بالصباح ..
.
.
مولاتي ...
.
.
أحمدي
هات أنتَ الآن يمينك ياحياتي
أنظر فديتك
أترى تلك الثقوب
أظنها طعناتِ غدرٍ
أحمدَ أرجوك قُل لي :
متى عن الثقةِ العمياء تتوب ؟!!
ماذا يانبض قلبي تنتظر ؟!!
طعنةً عمياء منها تذوبُ
وتحتضر !!!
أنظر مولاي أنت وسيدي
هذا الذي قد لَطخَ يدي
أهي دموعٌ أم دماء ؟!!!
أتظنُ أن أحداً لكل ذلك يستحق ؟!!
أتظنُ أن بين القلوبِ قلباً
جديراً لأجله قلبُك ينسحق ؟!!
كم أحبك أحمدي ... !!!
وتلكمُ الأكوامُ الثقيلة
تلك التي أثقلت كاهلَ حياتك الجميلة ..
أتراهنُ أحمدي؟
ليس فيها كوماً يخصك ..
ليس فيها همك
إنما هي هموم غيرك
تحملها
وتسيرُ بها مسافاتٍ طويلة ..
آه ياحياتي
أغضبتك ؟
سامح رجوتك طفلتك ..
مولاتي
أنتِ أنتِ حياتي
فيكِ ألملمُ كُلَ أشتاتي
فيكِ كل أمنياتي
كل ضحكاتي
بين يديكِ طفلتي أودعتُ حياتي ..
أحبكِ
أحبكِ
أحبكِ
مولاتي ..