مانفك كَثيرٌ من المُنادينَ بأهمية التفاؤلِ والنظرِ للأمورِ من خِلالِ عَدسِةٍ بيضاء ورؤيةِ نصفِ الكأسِ الملأن يُرَغِّبُونَ الناسَ في فِعلِ ذلك لأن ذلك هو السلوكُ الصحيحُ والخطوة الصائبة لحلِ أي مُعضلةٍ كائنةً ماكانت , وأعترفُ أني حاولتُ ذَلِك وأنا أُقَلِبُ الفِكرَ في أحبِ البقاعِ إلى قلبي مدينتي التي حوت بين جنبيها كُلَ تفاصيلِ حياتي جِدّة .. , وكمواطِنٍ عادي فَقدَ -أو كاد - ثِقتهُ بأي وَعدٍ لمسؤولِ بتحَسُنِ الأوضاعِ وأي وَعدٍ بحلولٍ لأي مشكلة تَمرُ بها مدينة جدة والقضاء عليها واجتثاثها من جِذورها , وصارَ يرى في الوعَدِ العرقوبي وَعيداً شديداً بتفاقمِ الوضعِ وفي التصريحِ تَصريحاً لطُغمةٍ فاسدةٍ بالعبورِ للمالِ العامِ عَبرَ خُطةٍ كريهةٍ للقضاء عليه واجتثاثه من جذورهِ ..!!

لمواطنِ صارَ مَصدرَ معلوماته الموثوق والوحيد هو مايراه بأم عينيه أينما أدارَ عينيه في جِدة .. , صحيحٌ أن هذا المواطن لايملكُ مَعرفةً تامةً بالأسباب الحقيقية لهذه الأوضاع الغريبة في مَدينة جدة ومن هو المسؤول الحقيقي في كُلِ ذلك , ولايعلمُ بالضبط مايبذلهُ المُخلصونَ لتصحيحِ هذه الأوضاع ولايدري حَجمَ مايواجههم من أرثٍ كَريهٍ من الفسادِ المتراكم لعقودٍ مضت والذي - أي الفساد - بات كائناً حياً مُفِكراً عبقرياً يملكُ من القُدرة المُذهلة على البقاء باستراتيجياتٍ من الصَعبِ - إن لم يكن من المستحيل - مواجهتها دُفعةً واحدةً والقضاء عليها بزمنٍ يسير .. , كُل الذي يدريه هذا المواطن هو مايعانيه عند تعامله مع أي جِهازٍ من أجهزةٍ الدولة - ودون استثناء - في مدينة جدة , وكأن جِدة - حقاً - مَدينةٌ تُغرِدُ خارجَ سِربِ المُدنِ السعودية !!!

لايفهمُ هذا المواطن حُججاً كقلةِ أعدادِ منسوبي جِهازٍ ما مُناطٌ بهم خِدمةُ أعدادٍ لاحَصرَ لها من المواطنين والوافدين , لاتُقنعهُ ( أسطوانة) الإمكانات المحدودة في ظِلِ ميزانيات الخير والرخاء والبركة في عَهدِ رُجلٍ يسيرُ الخيرُ معه حيث سار , كما أنه باتت لاتُعجبه لعبة تقاذفِ الكُرة التي احترفها الكَتيرُ من المسؤولين في جِدة عند حُدوثِ أمرٍ ما حتى يُخيلُ إليه أن جُلَ اهتمامِ المسؤول لاحَلَ المُشكلة بل قذفها بعيداً عنه لشخصٍ آخر مُمارساً بذلك حِيلة سَمجة من أقدم الحيلِ المكشوفة ..

ولايجدُ تفسيراً مَنطقياً لكثيرٍ من القصورِ القاتلِ وضعف أو انعدامِ المُتابعة في كثيرٍ من أجهزةِ الدولةِ ومؤسساتها في مدينة جدة !!!!

وصارَ هذا المواطنِ يتمنى - ومن كُل قلبه - أن يصدُرَ قانونٌ يمنعُ بَعضَ المسؤولين من السُكنى في كوكبِ المريخِ واستخدام كبسولاتهم الفضائية التي تقذفهم من سَكنهِم المريخي على كُراسيهم في مكاتبهم على كوكبِ الأرض , وأن يُجبرَوا على السَكنِ معنا ليشاهدَوا بأم أعينهم مايحدثُ في كوكبِ الأرضِ وفي مدينة جِدة تحديداً من تجاوزات وانتهاكاتٍ وتقصيرٍ وإهمالٍ وعَبثٍ له علاقة بأجهزتهم أو مؤسساتهم التي يُديروها , بل ليتهم يُبصروا عند توقفهم عن الحضور لمكاتبهم قَذفاً من كَوكبِ المَريخِ مايحدثُ في مباني مؤسساتهم التي يُديروها من أمورٍ لن يرضىهم أن يتعرضَوا لعُشرها لو كان أحدهم مواطناً عادياً مراجعاً عندهم ..!!!

أُحاولُ - جاهداً - وكمواطنٍ أن أُبقي البسمةً على شفتي عندما أسمعُ عَن مَشروعٍ حيوي ما في مَدينةِ جِدة وتأبى البَسمةُ إلا رحيلاً آذِنةً لجحافلِ العُبوسِ احتلال تَضاريسِ وجهي عندما أتذكرُ الكثير من المشاريع -البسمات - والتي خُصِصَ لها من الميزانية مايكفي لعدة مشاريع مثلها وأجودَ منها وأتذكرُ الوقتَ الطويلَ الذي تحتاجهُ هذه المشاريع لترى النور ( الأيامُ باتت في جِدة ثلاثةُ أنواع , أيامُ الله { خمسين ألف سنةٍ مما تعدون } , وأيام الناس ذات الأربعِ والعشرين ساعةً , وأيام مقاولي المشاريع في جدة والتي لايعلمُ عَدها إلا الله !! ) , ثم بعد كُل ذلك قد يَفشل المشروعُ بعد أيامٍ من افتتاحه ونتمنى لو أن الحال كان باقٍ على ماكان عليه قبل هذا المشروع !!! أي بَسمةٍ بعد ذلك تقوى على البقاء ؟!!!

الأمرُ الوحيد الذي قد يُعينُ - المواطنَ - على رؤية نِصفِ كأس جِدة الملأن ( والحمدلله أنهم لم يسرقوا الكأس حتى الآن ) هو يَقينه أن جِدة وعلى الرغم من وداعتها وشاعريتها وأنها كطفلٍ يغفو ببراءة بين أحضانِ البحرِ أنها أقوى وأصلب وأشد مما يتخيلُ مُتخيل وأنها صامدةٌ صُموداً سيعينُ رجالاً شَعارهم الًصِدقَ والإخلاص كخالد الفيصل على تَحقيق مايسعونَ إليه إن وجدوا من كُلِ فَردٍ من أفراد جِدة الحُب عوناً صادقاً ورغبةً حقيقيةً في نَفعِ جِدة ..



أعانكَ اللهُ يادائمَ السيفِ على حِملك الثقيل ...

رجاء :

افتحوا جِيم جِدة أو ضموها أو اكسروها ولكن - رجوتكم - لاتجعلوا بالفسادِ الجيمَ شيناً فتصبحُ جدة ( شِدةً ) يُعاني أهلُهُا الأَمَرَّينِ فيها ...



أحمد النجار