فى ليلة من ليالى الشتاء
على طرف المدينة الآمنة
بيت يطل على مزرعة شاسعة يتخللها طريق متعرج
على جانبيه اشجار متفرقة ومتنوعة ينساب الى وسط المدينة
حيث الحياة بمختلف شؤونها وحركتها واضواءها وضوضاءها
الضوء هادئ خافت .. الفراش وثير دافئ
غرفة رحبة رومانسية بسيطة فى الطابق الثانى
نصف الليل الاول .. صوت الريح يلامس زجاج النافذة
استلقت (طيف ) على سريرها شاردة محلقة فى عالم بعيد
وفى يدها على صدرها رواية اوشكت على الانتهاء من قراءتها ...
ابتسمت .. تذكرت قول امها : يا طيف انتبهى .. فلتسبق عينك
موضع قدمك , عند كل خطوة . فانى مشفقة ودائمة الخوف عليك .
كم احبك يا امى .... وسبحان من ملأ قلبك بالحنان والرحمة
------
آه .. اريد ان انام
اللهم بك وضعت جنبى وبك ارفعه ..
لكن ترى اليس كل ما يكتب فى هذه الروايات
محض افكار وخيال لاناس ينشدون المثالية والحب والخير
او ينثرون بين ايدينا خلاصات تجارب حياة ورؤية قد تصيب
او تخيب بحسب خيالهم وثقافتهم وفكرهم بل واحيانا اغراضهم الخفية
اليس فى واقع حياة الناس ما هو اغرب واعجب مما يكتبون
فلماذا نتعلق بهذه الحكايات يا ترى !!؟
اريد ان انام ..
لبيك امى ساحاول .. ان تسبق عينى موضع قدمى عند كل خطوة
لكن اليس ذلك كله بتوفيق مدبر الامر .. فكيف لى واين مفرى
من قدر الا بلطف الرحمن وعنايته ..
ربى وفقنى لما تحب وجنبنى الزلل واعذنى من شر خلقك
ماذا يريد منى هذا الشاب ( عمر ) !!
ولما يلاحقنى بعينيه اثناء المحاضرات خلسة
غريب .. عمر هذا !!
يؤرقنى صمته وحزنه .. رغم وسامته واهتمامه بنفسه
لا .. لا
لا شأن لى به , ولا بغيره
هناك امور اهم الآن .. لكن يبدو عليه الاتزان والعقل والاخلاق الطيبة
هذا نادر فى شباب هذه الايام
لماذا ينظر الىّ هكذ ا دون بقية زميلاتنا
آه .. نعم فكثيرا ما تقول كهينة وغيرها اننى جميلة ورقيقة وجذابة و... غرور ؟!
اريد ان انام .........
أذان الفجر اقترب , وبعد لم انم ..
يجب ان ابقى يقظة حتى اصلى واوقظ ابى وامى للصلاة
فتحت طيف روايتها تريد اكمالها ..
آه لكن عمر ليس ثريا كغيره من هؤلاء المترفين
لا بأس .. لا شأن لى به
عينى تسبق موضع قدمى يا امى -- عاشق
-------
السماء مشرقة اليوم على غير عادتها في الشتاء
النسيم العليل يبهج النفوس وبخاصة نفس طيف
فمزاجها يتقلب حسب جو السماء
انتهت المحاضرة
لملمت طيف اوراقها وهمت بالالتحاق برفيقاتها
_عفوا .. آنسة طيف ,,,,
استدارت خلفها ترى من يناديها
كان عمر
معقول ؟؟ ماذا يريد مني؟
اقترب متمهلا .. ومع كل خطوة كانت نبضات قلبها تزداد
رغبت في الانصراف وتجاهله لكن رجليها
تسمرتا خفضت رأسها لتخفي حياءها ودهشتها
وفي رأسها تتنافس الخواطر - كهينة