السَجينة


ماأن سَمعِتْهُ يُعالِجُ البابَ بالمفتاحِ ليفتَحَهُ حَتى قَفزتْ جامِعةً أطفالها خَلفها وكأنها تَحميهم مِن خَطَرٍ وشيك !!
نَظرَنحو الجَمعِ المرعوبِ شزراً ودَخلَ حُجرَتَهُ ونابَ صوتُ إغلاقِ البابِ العنيفِ عَنْ صُراخَهِ المُعتاد ..
تَحسستْ الكَدماتِ الزرقاء على وجهها وأمرتْ أطفالها بالتزامِ الهدوء التام .. , ساعَة وقَطَعَ صوتَ صَمتهم قهقهةُ أبيهم وقد تمكَنَ الخَمرُ مِن امتطاء ظَهرِ شراسَتهِ ليُحيلهُ حَملاً وديعاً وماإن فَرغَ الخَمرُ مِنهُ حتى أسلمَ رَسنَهُ لكَفِ النومِ ..
لحظاتٌ وخرجتْ مِن الحُجرَةِ خيوطُ دُخانٍ مُعلِنَةً عَنْ حَريقٍ فيها .. , عَلمِتْ الأُمُ أن سيجارة الوحَشِ حاولتْ تَقليدهُ بعد أن نامَ وتركها مُشتَعِلَةً فبدأتْ تَحرِقُ - كما يفعَلُ هو - ماحولها ..إلا أن ماحولها لم يكن مِثلها يترَمَدُ بصمتٍ بلْ قررَ ألا يحتَرِقَ وحده , نظرتْ في وجوهِ أطفالها الأبرياء فهم من جعلها تترمَدُ وحيدةً وبصمت ...
خرجتْ ألسِنةُ النارِ مِن الحُجرِةِ وكأنها تُعِلنُ أن العَبَثَ مَعَها يَعني العَبَث بالحياةِ كُلها .., نَظرَتْ نَحو الحُجرَةِ المُشتَعَلِةِ مفزوعَةً ولم يَخطُرْ ببالها - على رَغمِ وجعها - أن تغتَنِمَ الفُرصَةَ فتَوثِقُ أقفالَ بابِ الحُجرةِ المُغلقِ على الوحش المُسجى فيها لتأخذَ النارُ لها بثأرِها مِنِه وتحرِقُ ذاكَ القيد البغيض الذي أدمى عُنقها .. بل ركضتْ نحوه ودفعَتهُ بقدمِها ودخلتْ الحجرة وأيقظَتهُ وجرتهُ جراً للخارجِ وجمعتْ أولادها - أهم أغراضها في المَنزلِ - وفرتْ مِن النارِلاخوفاً مِنها فهي مُذ تزوجَتْ الوحشَ السكيرَ وهي تعيشُ فيها بل خوفاً على صغارها..
في الطَريقِ اجتمَعَ الناسُ والمنزِلُ يَحتَرِقُ , نَظرَ الزوجُ بغضبٍ نحو زوجَتهِ وصرخَ فيها : يابلهاء ألم تتمكني منْ إطفاء النارِ وهي مازلتْ في بدايتها أو عَلى ألأقل أن تَحملي مَعَكِ قَبلَ الفرارِ بعضاً مِن أغراضنا الهامة ؟!!!
لاذت - كعادتِها - بالصمتِ ونظرتْ نحوه وكأن عيناها تقولُ لَه : أسمِعتَ قَطُ عَن سَجينٍ يحمي سَجنَه ؟!!!

.
.

الآن سَمِعنا نَحنُ - أيتها الملاك - عن سَجينٍ أنقذَ حياةَ سجَانِهِ ..

*
*
*


رو ... ( منسية ) !!!


كادتْ أن تَطيرَ فَرَحاً عِندَما نَزَلَ زوجَها مِنْ السيارَة مُسرِعاً ليفتَحَ لَها بابَ السيارَة لتنزِلَ مِنها ومَا أن وضَعَتْ قَدمَها الأولى عَلى الأرضِ حتى سَمعِتهُ يقولُ بقَرَفٍ واضِحٍ : البابُ تَعَطَلَ وسأُصلِحِهُ في أَقرَبِ وَقَتٍ !!!

*
*
*

(.......)


مَذْ قَتَلَ أحَدهُم أحَلامُكِ ماعادَ يَروقُ لَكِ إلا قَتل أحلامِ الآخرَين ..!!!
.
.

أحمد النجار