تَحتَ مبنى مكونٍ من ثلاثةِ أدوارٍ وقَفَ ناظِراً نحو الطابقِ الثاني فيها يصرخُ باكياً متوسلاً : أرجوك أرجوووووووووووك أتوسلُ إليك أُقبلُ قَدميك .... أعِدُكَ أنها ستكونُ آخِرَ مرة ... والله لن أُزعِجَكَ ثانية .. , أرجووووووووووووك آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..خَمسُ دقائقَ فقط لاأكثر , أُعاهِدكَ بذلك ...خُذ مني ماتشاء ولكن لاتتركني هكذا أرجووووووووك أتوسلُ إليك ..

.

.

.



في الطابقِ الثاني شخصٌ كَريهُ المَنظر معَ ضيفٍ له , سألهُ الضيفُ : من هذا المُزِعجُ ؟!!

أجابَ الكَريهُ : هذا مُعتَقلٌ سابقٌ كُنتُ أتولى تَعذيبَهُ بشَكلِ شِبه يومي لعشرِ سنواتٍ مضتْ ليتوبَ عَنْ فِكرِهِ المُنحرفِ الهدام , وبعدَ نَجاحِ الثورةِ الخرقاء أُطِلقَ سراحهُ وهو يأتي كُلَ يومٍ تحتَ منزلي يريدُ مني تَعذيبه فيظهرُ أنه أدمنَ على التعذيب ..!!!

طأطأ الضيفُ رأسهُ واخترقَ سَمعهُ صوتُ المُزعِجِ في الأسفلِ يُهددُ بأنهُ وبأنه سيكتبُ مقالاً ضِدَ الحُكومةِ سيفضحُ فيه أينَ تَذهَبُ أموالُ الدولةِ إن لم يُحققْ له الكَريهُ مطلبه ..!!

.

.

.



بعد فَتـرةٍ نَزَلَ الضيفُ واتجه نحو سيارته وسَمِعَ المُزعَجَ يبكي وهو على الأرضِ ويصرخُ :

بدأتُ بالتفكيرِ ثانيةً , لاأريدُ التفكير لاأريدُ التفكير لاأريدُ التفكير ..!!!



أحمد النجار