يقول الله سبحانه وتعالى .. ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب ارني انظر اليك قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما افاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين )
وحديثنا هنا بإذن الله سيكون عن الجبل الذي كلم الله سبحانه وتعالى عليه موسى عليه السلام .. أعني بذلك جبل الطور ../ جبل سيناء ../ جبل موسى ../ أو جبل الخروج كما تسميه اليهود ( لأن الله سبحانه وتعالى أنزل التوراة على موسى هناك فخرج بالوصايا العشر التي هي أساس الديانة اليهودية .. )
يقول الله عزوجل .. ( وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا )
والطور لغة .. تعني الجبل وفي القرآن الكريم .. غلبت تسمية ( الطور ) على الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام و وقد ورد لفظ الطور في القرآن الكريم 10 مرات ( سبحان الله بعدد الوصايا .. !!! ) وقد أقسم الله تعالى به لما قدسه و بارك فيه كما في قوله تعالى في سورة الطور ( والطور ) ولم يرد من أسماء أخرى لهذا الجبل إلا في موضعين ..
الأول : في قوله تعالى ( وشجرة تخرج من طور سيناء.. ) و سيناء البركة فكأنه قيل جبل البركة عن ابن عباس و قتادة و قيل طور سيناء الجبل المشجر أي كثير الشجر عن الكلبي و قيل هو الجبل الحسن عن عطاء ..
الثاني : في قوله تعالى ( والتين والزيتون ، و طور سينين ) حيث قيل المراد بالتين الجبل الذي عليه دمشق و بالزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس.. و لعل إطلاق اسم الفاكهتين على الجبلين لكونهما منبتيهما وأما المراد بطور سينين الجبل الذي كلم الله تعالى فيه موسى وسينين وسيناء لغتان فيه تعنيان الخير والبركة وهما بلغة النبط .. والله أعلم ..
أين يقع الطور الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام .. ؟!
قبل البحث في ذلك من الجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى سمى المكان الذي كلم فيه موسى عليه السلام بالواد أيضاً كما في قوله تعالى ( اذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ) وقوله في سورة القصص ( فلما أتاها نودي من شاطىء الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ) وذكر الشجرة هنا ووصف البقعة بالمباركة .. يذكرنا بقوله تعالى ( الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية )
فهل كانت الشجرة .. شجرة زيتون ..؟!
إذا كانت كذلك فهي الشجرة التي قال الله عنها ( وشجرة تخرج من طورسيناء تنبت بالدهن وصبغ للاكلين ) وعلى ذلك فالجبل كان كثير الشجر .. وشجر الزيتون خاصة .. !!
هل يقع الجبل في سيناء مصر ..؟!
ليس هناك أي دليل قطعي على أن الطور أو جبل سيناء موجود فيما يعرف الآن بشبه جزيرة " سينـــاء " المصريـة , و سيناء المذكورة في القرآن كما ذكرنا أعلاه تعني البركة والخير ولا يعني ذلك أن مكان الجبل في سيناء وإن مما قرأت أن أحد العرافين في القرن الثالث الميلادي تكهن بوجود الجبل في شبه جزيرة سيناء المصرية فسميت شبه الجزيرة بسيناء منذ ذلك الوقت آخذاً بتسمية التوراة .. Galatians 4:25 mountin of sinai in arabia بما معناه .. جبل سيناء في أرض العرب وقد جاء القرآن الكريم فيما بعد موافقاً لهذه التسمية .. وإن مما ينفي أن يكون الجبل في سيناء المصرية ..
1) أنه ليس من المعقول عند عودة موسى عليه السلام مع أهله الى أرض مصر قادماً من مدين في شمال الحجاز أن يترك طريقه الرئيسي إلى مصر و يتوغل في جنوب سيناء الغير مأهوله قبل أن يتوجه إلى فرعون ..
2) ثم إذا أخذنا بنص التوراة فإنه جغرافياً لم تكن شبه جزيرة سيناء منفصله عن مصر قبل حفر قناة السويس لتكون جزءاً من أرض العرب كما هي عليه الآن .. ؟!!
3) لقد فشلت مراكز الأبحاث المدعومة من الكنيسة في الولايات الأمريكية في إيجاد أي دليل يشير إلى وجــود آثار بشرية أو آثـار لعربات الخيل الفرعونيـة في خليج السويس مما دفع بالبعض إلى إ نكار قضية العبور من الأساس .. !!
أين جبل الطور إذن .. ؟!
لقد انتشرت عبر الشبكة دراسة لباحث آثار يدعى ( رون وايت ) بخصوص قضية العبور وجبل الطور وقد أثارت هذه الدراسة جدلاً واسعاً حيث أيده البعض في اكتشافه أن جبل الطور هو جبل اللوز في تبوك .. في حين عارضه آخرون وقدموا الأدلة على ذلك أيضاً ..
و قبل الخوض في هذه الدراسة .. أو الإشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قد كلم موسى عليه السلام في طريق عودته من أرض مدين في الحجــاز إلى مصر حيث جاءه الأمر بالذهاب إلى فرعون وما أود الإشارة إليه هنا ما جاء في قوله تعالى ( يا بني اسرائيل قد انجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الايمن ) وجانب الطور الأيمن هو حيث كلم الله موسى عليه السلام أول مرة .. ولعل ذلك يكون سبباً في توجه موسى ببني إسرائيل إلى أرض العرب مرة أخرى بغية " الوادي المقدس " حيث أعطاه الله هناك الألواح وأنزل على بني إسرائيل المن و السلوى.. وهذا ما تشير إليه الدراسة ..
الصورة أعلاه تبين طريق العبور كما جاء في هذه الدراسة ..
يتبع ..