تَرجَلَ الضابِطُ من سيارَتهِ وسألَ الواقفينِ عِندَ الحادِثِ المروري : منْ مِنكما أبا سُندس ؟
أجابَ أحدهُم : أنا هو ..
أمسَكَهُ الضابِطُ مِنْ يَدهِ وتَنحى بِهِ جانِباً وقالَ لَهُ بصوتٍ مُنخَفِضٍ : اتصلتْ بي غَزَلٌ وابلغَتني عَنْ الحادِثِ وحَضرَتُ رَغمَ أني في إجازَةٍ لكني لاأعصي لغَزَلٍ أمراً .. , كيفَ وَقعَ الحادِثُ ؟
أجابَ أبو سُندُسٍ : لم اتنبه للإشارَةِ الحمراء ووقعَ الحادِثُ ..
اقتَرَبَ الضابِطُ مِنه وسألهُ : أنتَ مخمور ؟!!
أجابَ أبو سُندسٍ بَخَجَلٍ : ليسَ كثيراً إنما هو كأسٌ واحِدٌ شَربتَهُ قَبلَ أن أخرَجَ من منزلي ..
تَبَسَمَ الضابِطُ وقالَ لَه : إن كان لَديكَ سائقٌ خاصٌ دَعه يحضرُ الآن وانصرِفْ أنتَ حتى لاتكونَ قضيةَ سُكر..
اتصلَ أبو سندس بسائقِهِ الخاص وماأن حَضَرَ السائقُ حتى فَتَحَ أبو سُندس باب سيارَتهِ وأخرَجَ مِنها صندوقاً ووضعهُ في سيارة السائق وقَبلَ أن ينصَرِفَ شَكَرَ الضابِطَ ووعَدَه بأن سيرُدُ لَهُ هذا المَعرَوفَ قريباً ..
تَبسَمَ الضابِطُ وقال : غَزَلٌ أكبر مُعروفٍ أسديتهُ لي , قابلتُها في سَهرَةٍ في مَنزلِ أبي سامي وعَلمِتُ مِنها أن كُل الفتياتِ في هذه السهرَة حَضَرنَ عَنْ طَريقكَ ..
وبالمُناسَبةِ لَقد كُنتُ مَعها قبلَ أمس ٍ واحتفلنا سويةً بعيدِ ميلادها ..
قُدْ بَحَذرٍ أرجوك ..
ماإن انطَلَقَ أبو سُندسٍ بسيارة السائقِ حتى صاحَ في الضابِطِ صاحِبُ السيارَة الثانية في الحادثِ : أين سيذهب ؟!!!
نَظرَ الضابِطُ نحو الرَجُلِ نَظرَة قويةً وتوجَه نَحوه وقالَ لَه : أورَاقُكَ لو سَمحت ..
أعطاهُ الأوراقَ وهو يُزمجِرُ غاضباً مُطالِباً بتفسيرِ ماحَدث !!!
لم يُجبِه الضابِطُ ورَفَع ( كَرتاً ) شخصياً للرَجُلِ كانَ بين الأوراقِ وسأله مُستنكِراً : أستاذ دكتور وصاحِبُ مَعهدِ إعداد القادة وتقودُ بهذا التهور ؟!! لم ترَ الإشارَة الحَمراء ؟!!! أكنتَ مخمَوراً ؟!!! سنُصبِحُ في زَمنِ القوادِ الفاسدين إن كانوا سيخرجوا من تَحت يَدِ أمثالِكَ ..!!!
صاحَ الرَجُلُ : الذي سَمحتَ لَهُ بالانِصرافِ هو من تجاوزَ الإشارَة الحمراء وليس أنا ...
أنت مُتواطىءٌ مَعهُ وسوفَ أوصِلُ الأمَرَ للمسؤولين أعِدُكَ بذلِك..
صَرَخَ فيه الضابِط : وتشكِكُ في النظامِ أيضاَ ؟!!!
ستُعاقَبُ عَلى ذَلِكَ أعِدُكَ بذلك ..
التفَتْ الضابِطُ نحو السائقِ البديل وطَلبَ مِنهُ أوراقَهُ واتَجه لجهازِ الاتصالِ في سيارَته ..
نَظَرَ أبو سُندُسٍ من مرآة سيارَته ورأى خَلفهُ الرَجُلَ في الحادِث : يرفَعُ يدَه للسماء ويهزها بَغضبٍ شديدٍ ..
وعادَ للحَديثِ في هاتِفه المحمول : ضابطُكِ هذا شرِسٌ للغاية ..
بالمُناسَبَةِ ياغَزَل : عِيدُ ميلادَكِ الذي كان قَبلَ أمس أليس عيد ميلادَكِ الخامِسَ هذا الشهر ؟!!!
.
.

تنبيه

القوادُ في عنوانِ القَصَةِ مضمومة القاف وهي جَمعُ الجمعِ لكلمة قائد وليست مفتوحَةَ القاف التي جَمعها على قوادين ..


وأعوذُ باللهِ أن أقولَ أن الزمنَ صارَ زَمَن القَواد .. بفَتحِ القاف ..
.
.
هَمسةٌ بين يدي قِصة :
إن شعَرتَ أنَك تُغَرِدُ خارِجَ السرب وأن الخُرقَ اتسَعَ كَثيراً على الرَاقِعِ فلا تسمح لليأسِ أن يتمَكنَ مِنك , وارفَع عَقيرَتَكَ في وجهِ الباطِلِ وقلْ :
يامَعشَرَ المُفسدينَ ادخلوا مغارَتِكم لايحطمِنكمُ الحَقُ وجنودَهُ وهم يشعرون ..

.
.
أحمَدُ النَجار