تتملكني شجاعة العزلة ..
ألا يكفي هذا المنفى ليرضي غرور انعزاليتي تلك !
مؤلمٌ جداً هو احساسي بفقدان الاحساس..
وحيدةٌ كعاتي .. !
لا .. لستُ وحيدةُ فلدي من الألمِ ما يكفي ليُؤانس وحدتي ..

استغرقُتُ كثيراً حتى أدركتُ أنني مجرد هاربة .. ولا استطيع التوقف عن الهروب أبداً ..
وعلى هذه الأريكة أرمي جسدي الذي لم أعد قادرةً على التعرفِ اليه !
واحتضن قميصَ والدي لأستنشِقَ ما تبقى من عبقه الذي يُحيي بقايا روحي المحتضرة !
أحاوِلُ أن احفظ ما تبقى من تلك الرائحه , فأنا أعلم بأنها حتماً ستزول ..

أٌدرِكُ تماماً أنني تغيّرت.. !
وأعترقُ بأنني " ماعُدتُ أعرفنـي " !
لا شئ حقاً يدور داخل رأسي ..
وقلبي الصغير ليسَ الا عضواً حيوياً يضخُّ الدم الى باقي أجزاء جسدي المُعتل..!
ذلك القلب الذي بات لا يأبهُ لشئ ..! لا يأبَهُ لأحد !
ولكنني أضلُّ ممتنةً كونه لم يتوقف حتى الآن عن أداء عمله كجهاز ضخٍّ لا أكثر !

لا أريد الرجوع الى الماضي ولا أريدُ التعرف الى أيِّ أحدٍ فيه !
أريد احراقَ ثلاثٌ وعشرون عاماً من المعاناة ! فقد تجاوز هذا الاستياءُ حدّه وضِقتُ ذرعاً بمحاولاتِ مداراته !
ما أوسَع الفجوةَ بيني وبينهم ! فلا شئ يوجعني أكثر من ذاكرتي الواهنه !
فأنا لا أذكُر سوى أنني جُرِحتُ لا أكثر !
و أن الناس حولي لم يكونوا سوى "ضجيج "
ما عادت تستهويني التفاصيل ! ولم تكن يوماً ضمن حصادِ ذاكرتي ..

حاولتُ مراراُ أن اتذكر شيئاً من تفاصيل ذلك الماضي المؤلم ولكنه غير موجود !
..
أليسَ جميلاً أن تستيقظَ ذاتَ يومٍ بلا ذكريات..؟!
أن لا يربطك بماضيكَ سوى جِسرٍ من الورقِ الذي كتبته وشكّلتَهُ كما تريد أن تراه !
هل سأصِلُ الى هذه المرحلةِ لاحقاً !
لا أعلم !
جميلٌ هو جهلنا بالغيب ! والأجمل أنني غداً لن أتذكر شيئاً مما كتبت !