قصة حب طويلة .. أنتهت بملكة ولا أروع .. وبدأ التجهيز لليلة
المنشودة .. للزواج ..
الكل منشغل للإعداد ..
هو .. وهي ..
ينبض قلبه بها .. وينبض قلبها به .. هذا حالهما ..
وقبل الزواج بأسبوع ..
يضطر أن يسافر في رحلة عمل مهمة لمدة يومين فقط ..
أوصلته للمطار .. تعانقا وعيون كلاهما تفيض حباً وشغفاً وشوق للقاء
المرتقب .. أعطته ساعة أثرية صغيرة على شكل ميدالية بداخلها صورة
لها .. وذهب ،،
أثناء الرحلة .. ساءت الأحوال الجوية .. وحصل خلل في الطائرة ..
وحدث ما يخشاه كل مسافر ..
وقعت الطائرة في البحر .. واحترقت .. ونجى هو بأعجوبة كبيرة ..
واسطتاع بعد محاولات مضنية الوصول لشاطئ جزيرة صغيرة في المحيط
الهادي ..
ومرت الأيام ..
وبدأ اليأس يتسلل إلى قلبه ..
كان كل يوم يمر بمثابة دهر بأكمله ..
ويحاول أن يمنّي نفسه بالأمل ..
ومرت الأيام .. والشهور .. وهو لا يدري عن العالم بأكمله ..
عائش عالم خاص في هذه الجزيرة الموحشة .. يأكل جوز الهند الذي
يجده هنا وهناك .. ويشرب من ماء المطر الذي يهطل وبغزارة كل
مساء ..
وأوشكت السنة الرابعة على الإنتهـــاء .. ومازال الوضع كما هو ..
كانت صورتها معه كل ليلة .. يناجيها ويبكي لها .. ويحاول أن يمني
نفسه بالآمال ..
حاول كثيراً فعل شيء .. ولكن ..
الواقع أصعب من الأحلام ..
وذات مساء اهتدى لفكرة بسيطة .. وقام بجمع الكثير من أعمدة
الأشجار من الجزيرة .. ولفها بحبال إلى ان جعل منها مركباً صغيراً
يحمله إلى المجهول ..
وقرر الرحيل في هذا المحيط على ان يعيش وحيداً يرتقب نجاة من
سراب ..
وأدرك أن الموت في المحيط أهون عليه كثيراً من الموت في الجزيرة ..
وفعلاً ..
بدأت المركبة الصغيرة بالإبحار .. وبدأت تقاوم الأمواج العاتية في الليالية
الحالكة ..
وفي إحدى ليالي هذه الرحلة ..
أعياه التعب .. فأخذته غفوة بعد أن هدأ الموج ..
وفي الصباح ..
أفاق على صوت باخرة كبيرة تمر بجواره ..
كان الإرهاق قد أخذ منه ما أخذ .. لدرجة أنه لم يستطيع أن ينادي أو
يصيح لهم ..
واستجمع قواه ليلوح لهم بيده ..
وبدأ اليأس يدب إلى قلبه ..
فقد أصبحت الباخرة تبتعد رويداً رويداً ..
وصدفة رأوه من خلال منظار للمراقبة .. وعادوا إليه ..
ياله من موقف ..
وحملوه ..
وبالمستشفى تم الإتصال على عمله وحضرت فرقة منهم ..
لم يصدقوا ما رأوه ..
أتصل أحد زملائه بها .. بحبيبته .. ونقل إليها الخبر ..
وأغشي عليها من هول المفاجأة ..
وفي اليوم التالي تقرر عمل حفلة صغيرة في مقر عمله ..
وهنا تسائل أين هي .. أستحضر ..
قالوا له بلا شك أنها آتية ..
وكان بإنتظارها ..
وفجأة دخل عليه رجل غريب الملامح ..
وعرفه بنفسه ..
وقال أنه ..
زوج حبيبته ..
ولكم أن تتصوروا موقفه حينها ..
وقال هذا الزواج انها أرادت أن تحضر ولكنه منعها خوفاً على مشاعره
ومشاعرها ..
وتركه وخرج ..
نظر من الشباك وإذا بها في السيارة تبكي بكاء مر .. وتحاول أن تدخل
إليه ..
ولكن زوجها منعها وادخلها السيارة .. وذهبا ..
حزن شديد ألم به ..
لقد كان عائش معها طوال السنين في الجزيرة ..
ولا يتوقع أن تكون لغيره ..
عاد من أجلها هي فقط .. فقط ..
فليس لديه أهل ..
هي كل ما تبقى له من هذه الدنيا ..
وفي المساء ..
قرر أن يزروها في منزلها ..
وفعلاً ..
ذهب إليها وحاول ان يكون رسمياً نوعاً ما ..
أخذته وتجولت معه في أرجاء المنزل ..
أعطته صورة بسيطة لما حدث في غيابه ..
سألها ..
عن جامعتها ..
أخبرته أنها تركت كل شيء منذ أن رحل ..
سألها عن إبنتها ..
فقالت انها نائمة مع أبيها ..
وهنا قال لها انه حضر ليسلمها الساعة التي توجد بها الصورة التي
عاشت معه طوال هذه السنين ..
لأنها ملك عائلتها .. فقد قالت له عندما سلمتها إياه انها لجدها وتحتفظ
بها هدية منه ..
فسلمها إياها وقال انه لا بد ان تبقى مع العائلة لانه اصبح غريب ..
قاومت نفسها وأخذته إلى الحوش وأرته السيارة .. سيارتهما ..
وطلبت منه أن يأخذها ..
كان كلاهما يقاوم سيل جارف من الألم والعواطف .. والحب الذي ثار
بداخلهما ..
الحب الكبير ..
وأخذ السيارة وخرج ..
كان الجو ممطراً ..
حاولت أن تدخل المنزل .. ولكن .. ما الذي دهاها ..
شيء أكبر من أن تصفه .. إحساس صعب .. صعب ..
لقد ثار بداخلها حبه ..
حبه الذي لم تعلن له عنه الآن عندما قابلته ..
أمعقول أن لا تقول له ما بداخلها ..
أربع سنوات من الحرمان .. وتستقبله بهذه الطريقة ؟؟
صرخت حينها ..
وانطلقت تعدو إلى المجهول .. إلى الشارع الذي ذهب معه ..
تعدو ونحيبها يقطع سكون الليل ..
وكان هو لم يبتعد كثيراً أيضاً ..
كان يبكي داخل السيارة .. ولا يدري ماذا يفعل ..
واذا بها آتية إليها ..
والمطر قد أختلط بدموعها الصادقة ..
نزل إليها واستقبلها وضمها إليه ضمة شوق وحنين ..
ضمة يتيم فقط أهله لسنين ..
ضمة تساوي وحشة الليالي وشوقه إليها وكل ذلك ..
بكت بين ذراعيه وأخذت تقول له ..
انا احبك .. أحبك .. لقد قالوا لي انك مت .. فكذبتهم ..
تجرعت مر الليالي سنوات في غيابك ..
ولا أعرف كيف أصف لك كيف تم زواجي ..
ولكن ..
أنت تعرف كل ما بداخلي ..
قالت له الكثير والكثير ..
وبادلها نفس الشعور .. وبعد أن هدأت ..
قال لها .. عليك أن تعودي الآن لمنزلك ..
فإنني اسمع صراخ ابنتك .. فهي في حاجة لوجودك معها ..
وأوصلها المنزل ..
وغادر ..
إخوتي ..
لو كان كل منا مكانه .. أو مكانها ..
وحصل له نفس ما حصل لهذا الرجل ..
ماذا سيفعل ؟؟
وكيف سيتصرف ؟؟
بعيداً عن المثالية ؟؟ ومن نظرة واقعية ؟؟
تحياتي للجميع ،،
القصة المذكورة لفلم أمريكي اسمه cast away
للمثل توم هانكس والمثلة هيلن هانت ..