مساء النرجس والليلك للجميع
.
.
(مع الاعتذار لأمير الشمخي)
وقف حارس المقبرة من بعيد.. يراقب ذلك الكهل الذي دخلها للتو..
مرتدياً حلة سوداء يبدو أنها قد كلّفته ثروة، كان ابيض الشعر والذقن،
ان في منظره ذاك أشبه بنجوم السينما الأمريكية، هكذا تخيل حارس
المقبرة، اتّجه الكهل المتأنّق إلى أحد القبور حاملاً باقة الزهور في يديه
ووقف أمامه والحارس خلفه يراقبه ... يملأه الفضول لمعرفة السبب
الذي يأتي بالكهل كل عام في هذا الوقت، مرتدياً حلة جميلة وراقية.
تمتم الكهل بكلمات غير مفهومة أمام القبر ثم جلس على ركبتيه ..
والحارس يقترب أكثر فأكثر يريد أن يسمع ويرى ما سيفعله الكهل ...
تنهيدة حارة من الكهل ونظرة للسماء الملبدة بالغيوم ... ثم عاد ينظر
للقبر ويربت على التراب الذي يغلّفه .... ثم يقول:
(... قد لا تعلمين مدى تعاستي كل هذه السنين .. وقد لا تهتمين أيضاً ..
بعد أن عشتِ حياة مليئة بالحزن والأسى... أعلم أنني قسوت عليكِ كثيراً..
ولكنك الآن ترقدين بسلام .. تخيلي الأقدار يا صغيرتي .. منذ زمن كنتِ
في كل يوم أمامي تكبرين .. كوردة في بستان أخضر يانع .. وتبدين كنهر صافٍ ..
كاليوم الجميل .. ولم تلقِ منّي غير القسوة والنكران .. والآن .. بيني وبينك طول ذراع ..
ولا أستطيع حتى أن أكلمك .. ولولا خوفي .. لفتحت هذا القبر ورميت
كفنك .. وحضنتك .. وبكيتك كثيراً ....
أحبكِ... هل قلتها لك يوماً؟؟ لا لم أفعل ذلك حتماً .. لم أكن ذلك الرجل
الذي يستطيع أن يقولها .. لماذا لا نعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن نفقدها ؟؟ سؤال كنت
اسمعه ولم أعره اهتماماً قط والآن أشعر به .. لم استمع لصديقي حين
قال لي (لا تبصق في البئر فقد تشرب منه يوما ) لم أفهم ما قاله لي .. ولم أحاول ..
والآن أنا أرتشف بصقاتي كل يوم مع فنجان القهوة .. ذلك الفنجان الذي
كنتِ تحضريه لي كل صباح .. تنتظرين منّي الشكر .. فكنت أوبخك لأنك
وضعتها بشكل مختلف عن ما صوّره لي غروري .. لماذا لم أحضنك يوماً؟؟؟
لماذا لم أقبلك يوماً؟؟ لماذا كنت أقابل كل طلباتك بالرفض؟؟
تخيّلي بأنّي لم أهديكِ أية هدية لعيد ميلادك!! وأنا الآن أهديك كل عام
هدية بذكرى وفاتك ؟!!
أيعقل أن أكون إنسانا أعيش بقلب ينبض.. أم بصخر يتشدق ؟؟
حتى الرجل الذي أحببته .. حرمتك منه .. حرمتك من حبه الذي كان
سينقذك من وحشيتي وقسوتي .. فمتّي كمداً وحسرة عليه ... لن
أطلب منك الصفح .. فأنا لا أستحقه .. فأنا حصانٌ شاخ .. وشاخت
أوصاله .. ولم يعد يصلح إلا لطلقة الرحمة .. وهذا كل ما أرجوه .. فهل
سأحصل عليها يابنتي ؟؟!!!! ....)
(صوت طلقة نارية)
الكهل يتمدد على التراب الرطب بجانب القبر .. والدماء تسيل منه ..
دخان يتصاعد من فوهة بندقية الحارس العجوز ...
( ... هذا ما سألته أيها الكهل .. سأحفر لك قبراً عند قدميها .. فلكم
دهستها دوماً بقدمك ..)
النهاية .................. الأصيـــــــــل
خالص تحياتي،،،
[ALIGN=CENTER][SOUND]http://www.wtv-zone.com/sultryrose/midis/edward.mid" loop=-1[/SOUND][/ALIGN]