المفتي: عبدالرحمن بن عبدالخالق اليوسف


الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فمن يسر الله له زواج امرأتين فإنه يجب عليه العدل بينهما في النفقة والمبيت، وقد حذر النبي من الميل مع زوجة دون الأخرى فقال : "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" (رواه أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه، وصححه شيخنا الألباني).

من أجل ذلك وعظ الله عباده بأن يكتفوا بواحدة إذا خافوا الجور والميل، فقال تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} [النساء:3]، أي أن لا تميلوا.

وحذر سبحانه من الميل والظلم، فقال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلّقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً} [النساء:129].

والواجب على كل أب أن يعدل بين أولاده سواءً كانوا من زوجة واحدة أو من زوجات شتى، لأن العدل فريضة، وقد قال : "اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم"، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله ، فقال: إني نحلت -أي أعطيت- ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله : "أكلُّ ولدك نحلته مثل هذا؟" فقال: لا، فقال رسول الله : "فأرجعه"، وفي رواية: فقال رسول الله : "أفعلت هذا بولدك كلهم؟" قال: لا، قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" فرجع أبي، فرد تلك الصدقة، وفي رواية: فقال رسول الله : "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟" قال: نعم، قال: "أكلّهم وهبت له مثل هذا؟" قال: لا، قال: "فلا تشهدني على جور". وفي رواية: "لا تشهدني على جور"، وفي رواية: "أشهد على هذا غيري!" ثم قال : "أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟" قال بلى، قال: "فلا إذاً" (متفق عليه).
وأما تعيير إنسان بقومه أو بلده فهو من الكبائر، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} [الحجرات:11].

فعلى هذا الزوج الذي يسر الله له زوجة ثانية أن يعدل بينهما، وعلى كل والد أن يعدل بين أولاده، وأما سب الآخرين وتعييرهم بمسمى أوطانهم أو قومهم فإنه من الفسوق ورقة الدين، وسقوط الأخلاق، فكيف إذا كان مع الأهل والزوجة.

نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع الشبكة السلفية