- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 26

الموضوع: أوراق من سيرة مظلمة

  1. #1
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    أوراق من سيرة مظلمة






    إلى المهاجرة التي كانت وراء حضوري إلى هذا الموقع






    هل جربت أن تعري نفسك ؟.. هل فتحت يوما جبهة ضد ذاتك و اخترقت المتاريس التي تختفي خلفها وجعلتها مكشوفة بلا غطاء ؟


    ماذا يصنف فعل كهذا ؟ .. جرأة ؟.. مصالحة ؟.. خصام ؟.. تطهر ؟.. انتحار ؟. ثم ما الذي يدفع الإنسان على الإقدام على مثل هذا الفعل علما أن كل ما ترسب في داخله من خبرة و تجارب لم تعلمه غير إخفائه...

    شهرة ؟.. متعة ؟.. البحث عن انسجام مفقود ؟.. انتقام من نفس مغرورة ....

    كيف يعيش الإنسان حياته بعد أن تنتهي المصارحة وتنزاح عنه الأنظار ؟ ألن يعيش عقدة أخرى مع ذاته ؟ هل يتمكن بعد ذلك من فتح الأبواب ليعود إلى عالمه القديم الذي غادره قبل أن تهب عليه رياح الإعصار ؟..هل يتمكن من العودة إلى الحياة العادية ؟..


    أسئلة كثيرة جالت بخاطري و أنا أفكر في فتح هذا الملف الذي كان محكم الإغلاق في ذاكرتي . تساءلت للمرة الألف عن جدوى ما سأقوم به ، خصوصا أن ذلك ما عاد له أية صلة بحاضري ، و لا أجد أية أهمية لما سأحكيه خصوصا و أن ذلك لم يكن تصرفا معزولا عن ما جرى على ارض الواقع .

    لكني أعود لأتساءل ما إن كانت هناك ظروف مشابهة تتظافر اليوم لتشكل إعصارا جديدا قد يترك هو الآخر ضحايا . و بالتالي تكون هذه الاعترافات تنبيها و تحذيرا لما يمكن أن يحدث ... و أخيرا ما مقدار مسؤوليتي فيما حدث ؟.. ماذا كنت فيما عشته ؟.. ضحية ؟.. جلاد ؟...و الآخرين الذين زجوا بي في ذلك العالم الرهيب هل كانوا هم الآخرين ضحايا ؟...

    مهما يكن فالحكاية ابتدأت عند منتصف طفولتي . لا شئ على الإطلاق كان ينبئ على أني مقدم على إعصار سيعصف بي بلا رحمة ، وسيدمر كل شئ سام فيها
    .
    المحيط الذي نشأت فيه كان على العكس مما كنت مقبل عليه .فالوسط الذي كبرت فيه أصر ومنذ القدم على أن ينتج نوعين من الرجال . الفقهاء و المقاتلين . والرقعة الجغرافية التي عشت فيها حبلت بعشرات الأضرحة و الأولياء . والوسط تميز باحترام شديد لكل ما له صلة بالدين .

    لكن الزمن كان يسير بوثيرة سريعة لم تتمكن الهياكل القديمة على مجاراتها ، و لم تجد بدا من التخلف عن الركب و بالتالي صارت بعد مدة خارج الزمن.

    على العكس من ذلك كانت المدرسة العصرية قد همشت كليا التعليم الديني الذي كان سائدا من قبل . فتغير أسلوب الحياة و انفتاح المجتمع على آفاق جديدة و المكانة الاجتماعية التي صار خريجوها يتمتعون بها ، كل هذا جعل الجميع يتهافت على خدمات المدرسة التي صارت السلم الوحيد للرقي اجتماعيا بالنسبة للفئات الدنيا . و الجميع صار ينظر إليها كمخرج و بالتالي صبغ عليها نوع من القداسة ، غير مهتمين بما يجري داخلها.


    سنواتي الأولى فيها كانت عادية و منسجمة مع الجو الذي عشت فيه من قبل ،و لم أحس بأية قطيعة ،وما حصلته فيها كان متجاوبا مع طموح كائن كانت تطلعاته أكبر من المحيط المعزول لقرية مفقودة في رحاب ضائعة.


    مادة التاريخ كانت رحلات حقيقية إلى عصور الإشراق .

    الأسماء الكبيرة حفرت أعمق مكانة لها في القلوب .وهنا لا بد أن أشير إلى ان مدرس هذه المادة كان استثنائيا بكل المقاييس .ربما كان الوحيد الذي التحق بالمهنة بعد خضوعه لتدريب .

    وهذا يعني أن جل المدرسين صاروا كذلك بالصدفة لأنهم كانوا في تاريخ معين يعرفون القراءة و الكتابة .

    مدرس مادة التاريخ كان قد حمل جديدا بالفعل تمثل في خطاب و تعامل جيد منفتح ، فيه أوسع مكان لطفولة ما كان لها مكانا و لا حضورا في تفكير الكبار .

    الأقسام كانت عبارة عن مخافر ومراكز للتعذيب . و التواطؤ كان يتم من قبل جميع الأطراف . المدرسة والبيت .كل الأهداف كانت نفعية و الغاية تبرر الوسيلة .

    معلم التاريخ كان جزيرة داخل محيط هائج يعرف مناخا قارا . دروسه كانت عروضا مسرحية . كل شئ يستغل بمهارة متناهية .
    الصوت كان يسمع عاليا في لحظات الحسم و اتخاذ القرار ويلين في لحظات الحوار أو التأمل ، و الحركات كانت ترسم بيانات تعبر عن ما يتأجج في الداخل ، اللغة ...
    اذكر أننا كنا نتصايح فرحا حين كان المسلمون يحققون نصرا في غزوة لهم ن كما اذكر أن كل من في القسم بكى حين انهزم المسلمون في أحدى الغزوات
    ..
    إلى ذلك الحين كنت لا أزال أسير في الطريق الصائب .


    لكن حلول السنة النهائية من التعليم الابتدائي بعثرت كل الأوراق وعصف بكل ما ترسب في ذاكرتي من قبل.

    الزمن كان نهاية الستينات و بداية السبعينات . المد التحرري الذي اجتاح العالم الثالث بأسره كان في الأوج .و الأفكار اليسارية التي طبعتها الماركسية كانت قد حققت أوسع انتشار لها حتى أن أي مثقف غير يساري لم تكن لتباح له الفرصة للتعبير عن وجهة نظر معاكسة . و الرجعية و التخلف صارت سمة كل من لا يعتنق الفكر الماركسي .

    بمقابل هذا كان هناك زحف من نوع آخر . الغرب و بعد حربه الاستعمارية ، و بعد ترسيخه للتبعية الاقتصادية عمد إلى شن حرب جديدة عرفت بــ "الغزو الثقافي". وقد هدفت الحرب الجديدة إلى تهميش الثقافات المحلية ودفع الناس إلى تبني الثقافة البديلة على اعتبار أن الأولى متقادمة و لا تساير العصر.

    الرياح كانت تهب من كل صوب ، وأي تقدم لجهة ما اكن يعني تراجع الثقافة الأصلية وتراجعها.

    بالنسبة لي كنت في هذه المرحلة عند نهاية طفولتي الثانية ومقبل على فصل ساخن من مراهقة لم تكن عادية .

    المراهق يواجه أول ما يواجه البحث عن إثبات الذات وإفهام الآخرين انه لم يعد طفلا .

    اعتراف لا ينتزع بسهولة خصوصا إذا كان المطالب بهذا الأخير يظل ينظر لمن هو اصغر منه على انه صغير حتى و لو عمر دهورا . المراهق من اجل أن ينتزع هذا الاعتراف يضطر إلى أن يدوس كل شئ بما في ذلك المثل التي يقدسها الكبار . ومن ثم قد ينفجر صراع قد يضيع فيه كل شئ . لكن ما علاقة هذا بما سبق ؟

    في نهاية مرحلتي الابتدائية كان لي مدرسان .مدرس اللغة العربية وقد كان من دعاة الاشتراكية . ومدرس اللغة الفرنسية وقد كان علمانيا صرفا.


    التغيير الكبير الذي غير مسار حياتي وطبع حياة كل من تتلمذوا هناك في تلك الفترة كان لمعلم اللغة الفرنسية . كان معوقا . عاش في الحضيض فسبب وضاعة مستوى أسرته. وكان من الفئة التي لم تجد أسرته ما تدفعه كرشوة من اجل إخراجه من المدرسة استجابة للنداء الداعي لمقاطعة المدرسة الاستعمارية .

    حين تخرج كمدرس مارس في سلوكه عدوانية لا توصف ، وكراهية لكل موروث . كان قاس وغليظ الطبع . ولأن المجتمع كان هو الآخر عنيفا فقد صار هو المدرس الممتاز مادام يمارس اكبر قدر من العقاب و اشد أنواع القصاص . وبذلك رسم لنفسه سطوة فاقت كل تصور وجعلت كلمته لاتعلوها كلمة
    و آراؤه لا تخضع لأي جدال ، و أفكاره تؤخذ على أنها الحقيقة التي لا تسمو عليها حقيقة أخرى .

    من هذا الموقع انطلق يهدم ما ترسب في العقول ويبشر لمدنيته الجديدة . كان من أشد المعجبين بـ "أتاتورك" . حكى عنه مئات القصص التي تمجده وتنوه بفكره ، وتصور اصطدامه مع الفكر القديم الذي لم يكن غير الإسلام من حكاياته التي لا زالت محفورة في ذاكرتي هذه كمثال.




    "
    تولى زعيم من الزعماء الحكم في إحدى الدول الإسلامية . وانصرف يفكر في تقدم بلاده.لا حظ في هذا الصدد أن الناس لا يعملون و يصرفون كل أوقاتهم جالسين في الأحاديث الفارغة أو في المساجد وينتظرون من الله أن يفعل شيئا من اجلهم . فاستنتج أن الإشكال سببه الدين ، وهو المسؤول عن التأخر و التخلف .

    فكر في حل ثم استدعى جميع من يعتبر عالما لدى عامة الناس . فجمعهم و ذهب بهم إلى سفح جبل . وطلب منهم أن يبذلوا كل ما في وسعهم لكي يتهدم الجبل ، وأمهلهم لبضعة أيام . وهي مدة قضاها العلماء في الذكر و دعوة لله كي يستجيب ويهدم الجبل . وحين انتهت المهلة . عاد الزعيم ووجد الجبل على حاله . فأصدر أوامره للطائرات و الدبابات أن تقصف الجبل . وما هي إلا ساعات حتى كان الجبل قد سوي بالأرض . وبعد ذلك سأل الزعيم العلماء : هل القرآن ودعواتكم هي التي هدمت الجبل ؟

    من ذلك اليوم أمر الزعيم بإغلاق المساجد و تغيير كل شئ بما في ذلك الزي الذي يوحي بالدين أو الماضي.

    "



    تصوروا وقع كلمات و حكايات كهذه في زمن ما كان يحتاج أصلا إلى ذلك ..وتصوروا مدى التأثير الذي يمكن أن يمارسه هذا على أطفال مقبلين على مرحله صعبة كانوا في الأصل يبحثون عن تميز ليثبتوا أنهم ما عادوا صغارا.



    لندع الآن معلم اللغة الفرنسية و لننتقل إلى معلم اللغة العربية

    معلم اللغة العربية لم يكن ليساوي شيئا في ظل تواجد معلم اللغة الفرنسية . فهو لم يكن قاسيا من جهة ، وحتى لو كان العكس ، فقد كنا قد تعلمنا أن نحتقر كل ما يمت لواقعنا بصلة .

    فالإنسان الناجح و الطفل المجتهد كانت الكتب المدرسية تصوره يلبس لباسا عصريا عكس الإنسان البليد و التلميذ المتخلف فهو يلبس جلبابا و يضع على رأسه عمامة أو قلنسوة . أي انه لم يكن سوى نموذج منبعث من تاريخنا وواقعنا . و لهذا ودون أن ندري كان قد ترسخ في دواخلنا احتقار لكل ما يمت لنا بصلة وتعظيم كل ما يفد إلينا من الخارج .

    تأثير معلم اللغة العربية كان ينطلق من أرضية أخرى لكنها أكثر صلابة . لأن ما كان يدعو إليه كان له انعكاس مباشر على أوضاع حياتنا .وتتجاوب مع طموحات واقع بئيس . في كل مناسبة كان يتحدث عن مجتمع تذوب فيه الفوارق الطبقية لتسود العدالة الاجتماعية . أفكار كانت تبهر . لكنها ما عادت مجرد أفكار . صارت طموحا وبديلا لمجتمع يعمه الظلم الذي يزكيه الدين .

    لم نكن ندرك التفاوت الحاصل بين أفكار معلم اللغة الفرنسية ومعلم اللغة العربية . لكن كان هناك إجماع على أن الدين مادة قديمة لا تصلح للعصر




    .............................. ................. يتبع



    السرعة القصوى لا تخلف غير الحطام .

  2. #2
    تاريخ التسجيل : May 2002
    رقم العضوية : 605

    أستاذي القدير






    عمت جمالا

    أظننا نفلح بعض الشيء في التعبير عن أحزاننا

    أمّا إحساس الفرح لا أعرف قد يعبر عنه هذا الرمز !!!







    أستاذي الكبير ..

    أنتظر التتمه بشغف





    دمت بعطاء
    ..............ابنتك


  3. #3
    الصورة الرمزية BackShadow
    تاريخ التسجيل : Feb 2002
    رقم العضوية : 2
    الاقامة : مع كل انسان
    المشاركات : 8,952
    هواياتى : غسل الخطايا
    My SMS : المثل يقول ... الباب اللي يجي منه الريح ... لا تلحسه كله
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 119
    Array





    اسعدتم مساء جميعاً


    عزيزي البقالي

    في البداية احب ان ارحب بك بيننا هنا

    واتمنى ان تستمتع بالمشاركة معنا

    وتأكد باننا كلنا شغف لمتابعة ما ستنثرة من درر بيننا


    واعتقد بانك قد بدأت مباشرة في ابداعاتك


    كلي شوق لمتابعة قصتك .. والتي تمثل قصة جيل كامل



    كما لا يفوتني ان اشكر المهاجرة

    التي كانت قد احسنت الاختيار والدعوة


    اشكرك مره أخرى ..


    مع تحياتي

    كل نهاية ... هي بداية لمرحلة جديدة ، إجعلها أجمل

  4. #4
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    المهاجرة




    شكرا لك على دعوتك الجميلة . واتمنى ان تجد في هذا الاسهام بعض ما توقعتيه مني . و الى اللقاء مع الحلقات الموالية .

  5. #5
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    أوراق من سيرة مظلمة : الجزء الثاني






    القاطرة المجنونة

    ما الذي يمكن أن يشعر به فتى بدوي وهو في طريقه لأول مره إلى المدينة ؟..أكيد أن الإحساس سيكون متقاربا بين مختلف الأشخاص إذا كان الأمر يتعلق بزيارة عابرة . لكن الصورة قد تتغير كليا إن كان ذلك يعني هجرة نهائية .

    ذلك اليوم انتظرته طيلة السنوات التي انصرمت من عمري ، و يمكنني القول أني عشت كل ما قبله من زمن في انتظار حلوله .

    إنهاء الدروس في المدرسة الابتدائية في القرية كان يحتم على من يرغب في المتابعة أن ينتقل إلى مكان آخر بعيدا عن الأسرة و مهد الطفولة . لذا كنت أحس و أنا أقطع المشوار الفاصل بين الماضي و المستقبل أن جدارا غير مرئي كان يرتفع ليفصل وإلى الأبد بين ما عشته و بين ما سأعيشه. لكني لم أدرك قيام فاصل آخر حال بين رؤية طفولية بريئة للوجود وأخرى صاغتها تقلبات عالم حابل بالتغير و المتاهات.

    حب استطلاعي لمعرفة ما يجري في العالم البعيد و تشوقي للغوص في تفاصيله أغشى بصيرتي على حقيقة مفادها أن أجمل صفحة من حياتي كانت تطوى ، و أنه كان يتوجب علي أن أكون حزينا خصوصا وقد كنت مقبلا على ركوب قاطرة مجنونة ستمضي بي قدما على طريق الجحيم.


    أذكر جيدا ماذا كنت ألبس في ذلك السفر الذي احتجت فيه لأمي لآخر مرة مثلما أذكر زيها هي الأخرى .

    أصررت أن أجلس جهة النافذة ، كان يروق لي أن أرى الأشجار و الأعمدة وكل الأشياء تركض إلى الخلف و تتوارى .
    وكنت أترنم بمقاطع لأغنية كانت تذاع في الصباحات التي صارت قديمة .
    أمي رغم صلابتها التي كانت تصل حد الشدة كانت تبدو حزينة تلك اللحظة . ربما كان ذلك من اجلي .
    هل كانت تدرك أننا كنا نقطع آخر مشوار لنا سويا ، وأنها بعد ذلك لن تلقاني و لن تجد أي أثر لبصماتها في حياتي ؟


    لم احتج إلى وقت طويل لكي أتأقلم مع أجواء المدينة . ربما لأني كنت مهيأ لذلك الانتقال منذ زمن بعيد . لكني رغم ذلك أحسست بالفراغ غير أنه لم يصل بي حد التفكير في العودة إلى القرية التي صرت أجد شخوصها بسطاء أكثر مما كان يجب .
    كنت على وشك أن أنسى علمانية مدرس اللغة الفرنسية و اشتراكية مدرس اللغة العربية حين وجدت نفسي في أجواء أخرى .

    الحركات و الأفكار اليسارية كانت قد غزت كل البقاع ووصلت حدا من القوة أنها صارت تطرح و بكل جرأة كل أفكارها بما في ذلك التي تتضارب في العمق مع الحقائق الدينية .

    سمعت من أناس لا يمكن و صفهم بالجنون أفكارا أذهلتني . بقيت مشدوها و أنا اسمع أن لا وجود لشيء اسمه "الله" . و أن هذا الأخير إن ثبت أن له وجود فأكيد أنه خلق هذا الكون ثم نسيه .

    يصعب علي أن أستعيد ردة فعلي على ما سمعته . أذكر أن الخوف داهمني ، وأني أحسست بالإشفاق على أولئك الناس ، و أني تصورت أي عذاب ينتظرهم . غير أني لم أستطع أن أهرب بعيدا . وردة فعلي كانت مجرد إحساس يعقب عادة الصدمات الأولى وبداية مرحلة تراكم طويل .

    لم يكن لي من ملجأ سوى عالمي القديم . لكن مخلفاته التي ركامها داخلي صرت أجدها متهالكة وغير قادرة على تحصيني و السير معي طويلا . كنت أتوقف عند أشياء أخرى افتقدتها في عالمي الجديد . استعيد العلاقة المطبوعة بالروحانية التي أقرأها في الوجوه القديمة . أسترجع الدفء الذي كانت تمنحني إياه جدتي في جلساتها وهي تحكي حكاياتها الغرائبية . أتوقف عند هدوء ووقار الكهول . الطمأنينة التي كانت عليهم في سلوكهم وهم على أبواب المساجد أو قادمين من المصلى . أحاسيس كانت تجعلني أتساءل على ضوء ما سمعت.. أكل أولئك انخدعوا ؟..هل هذا الاكتشاف المتأخر قادر على أن يمنح إحساس مماثلا أو يزيد عن ما عاشه الناس في كل الدهور التي مرت ؟.. وعدم وجود رب أليس يعني أنه لن يكون هناك بعث و بالتالي المصير هو الفقد و الذوبان في عدم مطلق ؟ ..

    عز علي أن أتصور أني سأتحول إلى لا شيء . أردت أن أطرد كل هذه الأفكار التي كانت تحاصرني و تتحول إلى ألسنة لهب على إيقاع تساؤلاتي . وحده مدرس مادت التاريخ من كنت أجد تذكره مفيدا لأنه كان الأقدر على دفعي للصمود ...آه كم كنت في حاجة في تلك اللحظات إلى وجود شخص مثله إلى جانبي ...كم كنت في حاجة إلى كلمة منه .

    في طريقي إلى المحطة الموالية كنت أسمع صفير قاطرة قادمة من بعيد ، وكلما اقتربت أكثر كلما تباعد صدى الأصوات القديمة
    تناهى إلي في ذلك الخضم ما هو أهم من السابق .الأفكار الجديدة أفادت أن "الله" هو مجرد فكرة ابتدعتها الفئات المسيطرة اجتماعيا لصرف أنظار الفئات المحرومة بعيدا عن مصالحها . إذ باعتقاد هذه الفئات بوجود عدالة في عالم آخر سيصرف ذلك نظرها عن المطالبة بتحقيقها في الدنيا ، وبذلك ستهدأ وتحمل مطالبها إلى يوم لن يأتي أبدا . وبذلك ستنفرد هي بخيرات الدنيا.

    حقدي الأعمى على الفئات العليا الذي كان قد ترسب منذ طفولتي البئيسة جعلني أتبنى الفكرة هذه المرة من غير تردد .
    وأذكر أني صرت بعد ذلك أبحث عن تجليات للفكرة على ارض الواقع . أنظر للتعساء الذين يشقون من اجل إطعام سادتهم ويبقون هم جياع .أنظر لأولئك الفيلة التي هي بتلك الضخامة كيف لا تفكر في أن تدوس مروضها الذي هو في حجم حشرة . وعن الشيء الذي يبطأ بصيرتهم وقوتهم و ما الذي يجعلهم يتجهون بشكاياتهم إلى جهة مجهولة .

    اهتزت قناعاتي .. سحرت .. لم ينبهني سوى صفير القاطرة التي كانت في الانتظار .

    تعرفت على "داروين" . أخطر شيء يمكن أن يترتب عن المعرفة هو بلا أدنى شك حين يصير الوسيط الناقل لها أكثر أهمية من قيمة المعرفة نفسها.

    حكاية التحول أو التطور كانت زلزلا حقيقيا في تفكيري .لا أعرف كيف أخذت الفكرة على أنها بديهية مسلم بها لا تناقش . أشياء خطيرة تسارعت في ذهني على إيقاع سرعة القاطرة التي كانت قد أقلعت بعد أن انفتحت أبواب الإلحاد على مصراعيها في وجهي .
    أن يكون الإنسان من شيء آخر غير التراب ، وغير نزوله من السماء فهذا يعني أن آدم وحواء و الشيطان و الملائكة و النجوم و السماوات و الأرض كلها مجرد حكايات في كتب هي من تأليف مؤلف لا علاقة لها بأية قوة

    هكذا كان استنتاجي و أنا أزج بنفسي أو تزج بي نفسي في طريق الجحيم على إيقاع سرعة القاطرة التي كانت قد رفعت من الوثيرة لتصل إلى مستوى خرافي وتتوقف في محطة أخرى .

    تعرفت على قانون الجدل ، قوام الماركسية و عمودها الأساسي الذي انبنت عليه طروحاتها في تفسير التاريخ .

    الحلقة الأولى تبدأ بالمجتمع المشاعي و آخر حلقة في التطور تنتهي في المجتمع الشيوعي . كل شيء يحدده من يمتلك وسائل الإنتاج . وكل طبقة تخلق معها الطبقة النقيضة التي ستكون سبب فنائها . الحلقات متماسكة وعوامل التطور كلها تنهل من مصدر واحد هو انبعاثها من أرض الواقع . لا مجال و لا مكان لتدخل قوة غيبية في تحويل مسار التاريخ . كل شيء محسوب و معروف و بالتالي لا مكان للمعجزات . الطوفان و انحصار البحر وغيرها من المعجزات هي مجرد خيالات ..


    القاطرة كانت قد أقلعت من جديد بعد أن صارت محركاتها تعمل بمصدر طاقة من الداخل . صفيرها صار حدا أكثر مما كان . الركاب الذين كانوا داخلها ما كانوا يسمعون شيئا .ربما لأن مسامعهم و أبصارهم كانت قد تعطلت و صارت مأخوذة بأشياء أخرى .

    أستطيع الآن و أنا أنظر إلى تلك الصور من هذا العلو الشاهق أن استعيد أحاسيسي مثلما انتابتني و أنا أزج بنفسي في تلك الدروب المظلمة .

    تلك الظلمة التي ازدادت قتامة مع تعرفي على أفكار "جوليان هكسلي". الأفكار التي دكت آخر معقل في تفكيري الذي كانت ما تزال فيه بعض الخلايا الحية ..

    بعدها لم تتوقف القاطرة ثانية . سكتها كانت فارغة بل إنها ما عادت تحتاج في الأخير إلى سكة . صارت تمضي في كل اتجاه . في عبورها كانت تأتي على كل شيء . الأخضر و اليابس ولا تخلف وراءها غير الرماد و القحول.

    الطفل البريء الذي كنته كان قد مات داخلي . بأصابعي ضغطت على حلقه . لم تصلني توسلاته لأني ما عدت أسمع . لم ألحظ عيونه وهي تجحظ و تنطق بالرجاء لأني كنت لا أحس .

    مرحلة التراكم كانت قد انتهت . و مرحلة التحول المريعة كانت ملامحها قد بدأت تلوح في الأفق بعد أن تحولت إلى ملحد لا أثر في قلبه لأي شعور بالأيمان





    .............................. .............................. ... يتبع





  6. #6
    الصورة الرمزية المستشار
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 31
    الاقامة : جــده
    المشاركات : 2,365
    هواياتى : بلاي ستيشن
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 49
    Array





    أخي الكريم البقالي ..

    مجرد حضور للترحيب .. والتصفيق من بعيد ..

    شكراً لك .. لإمتعانا بقراءة ما سطرته لنا ..



    ونحن في الإنتظــار ..

  7. #7
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    أوراق من سيرة مظلمة : الجزء الثالث






    أبـــــو لهـــب

    هل كان أبو لهب يعيش صراعا مع ذاته قبل أن يعيش صراعا مع الآخر ؟.. من أين كان يستمد ذلك العداء الذي هو بلا مثيل ؟.. ولمن كان يدين في حربه ؟.. لطموحه الشخصي أم لعشقه للوثنية ؟

    عن أي شيء كانت قهقهاته التي كانت تملأ الأمكنة تعبر ؟ هل الذي كان أمامه كان يستدعي فعلا الضحك أم انه فقط كان يحاول طرد الخوف الذي كان يحاصره ؟.

    حين كان يمشي كيف كانت تبدو خطاه ؟ ..هل كانت قصيرة قصر نظره ؟ .. هل كانت واسعة و سريعة تعبر عن ثقة و إقدام خانه في النهاية ؟ وهل كنت أنا فيما سأحكيه مجرد جسد لروحه التي سافرت عبر العصور لتستوطنه ؟

    كنت قد صرت شيوعيا أو هكذا أعتقد . الأديان بالنسبة لي كانت مجرد غطاء يخفي مصالح النخبة الاجتماعية ومهدئ يسكن أوجاع الفقر و الحرمان الذي كان يسكن جسد الفئة العريضة .وعلى العكس من الكثيرين الذي كانوا قد التحقوا بالتيار فقد كنت أدرك ما معنى أن تكون ماركسيا . الآخرون كانوا يتحدثون عن الدين كأفيون لكنهم في النهاية كانوا يصومون رمضان .

    على هذا الأساس انطلقت في حملة مسعورة همت كل ما له علاقة بالدين . سخرت من القرآن وهزئت من الأحاديث وتهكمت على كل الأسماء التي طالما افتخرت بها وضحكت ممن يعتقد بالبعث . إلا أن تفكيري تركز على محاربة أفكار النخبة .

    كنت لا زلت هادئا ومعتقدا بجدوى اختياري حتى ذلك الوقت . لكن حملة الاعتقالات التي طالت كل القيادات قلبت كل شيء ،وتركت فراغا مهولا لم يمتلئ قط . و الأمل الذي كان يلوح قريبا قد بات بعيدا بعد أن شق طريق المستحيل.

    القيادات التي ظهرت من بعد كانت ضعيفة .وإحساسها بالضعف جعلها تكتفي فقط باحتراف تفصيل ما مضى من التاريخ مع ضبابية شديدة كلما تطرقت للحاضر و المستقبل . و للحفاظ على تواجدها اختارت المواجهة لكن بعيدا عن الجبهة الرئيسية المؤجلة .

    النقاشات التي صارت هي كل شيء لم تنتج غير تباين وجهات النظر التي لم تفرخ بدورها غير فصائل منشقة .
    والنجمية و البطولة صارت أن تتزايد الفصائل في المواقف وإبداء ما يكفي من الدهاء و القوة لمحاصرة المنافسين الذين تحولوا إلى خصوم ..

    بدا كل شيء يتفسخ في لحظة . ونجوم النقاشات اهتدوا إلى شيء آخر و انغمسوا في تحويل الوافدات على التنظيمات إلى منحلات و حتى عاهرات تحت غطاء الدعوة إلى التحرر ومحاربة الموروث وصولا إلى شيوعية الجنس .

    بدأت أحس إحساس خنزير بري فاجأه طلوع الصباح وهو بعيد عن الغابة فاحتار و لم يعرف أي طريق يسلك .

    صرت أدرك أن مبررات ولوج ذلك العالم بدأت تتداعى وتتساقط . و الجسور التي كان يمكن أن تعيدني من حيث أتيت كنت قد دمرتها . كما أن القاطرة التي حملتني حيث كنت لم تكن مجدية ما دام أنها لا تسير إلا في اتجاه وحيد .

    كنت أعي إن النصر لا يمكن أن يتحقق إلا بزحف جماعي . ولأن الجماعة كانت تتفتت فقد شققت طريقا منحرفا داخل الانحراف الكبير.
    اقتنعت أن اشتعال الجبهة التي ارقني خمودها هو حساب خاطئ . وانه قبل ذلك يجب المرور بمعارك أخرى . وان مهاجمة الأفكار التي تصنع الخنوعين يجب أن تحتل الأولوية في أي عمل .

    هل روح أبي لهب كانت قد وصلتني أخيرا ؟ هل كان قلبي قد ختم عليه ؟ ..

    ما سأحكيه حدث في رمضان و بالضبط في نهار ليلة القدر . الوقت كان عصرا . لا يمكن أن أقول انه قد غرر بي . لقد كنت صاحب الفكرة . كنت وبضع شباب . اشترينا قنينة الكحول الخاصة بالمواقد . شربناها . وخرجنا للشارع فاقدي الوعي .و أمعانا في التحدي اتجهنا إلى باب المسجد.

    إن تحدثت في البدء عن خطوات أبي لهب وقهقهاته فلأني كنت أحس إنها هي نفسها التي خطها في سيرته ، لقد كنت أقلدها بشكل دقيق كان سيدهش أبا لهب نفسه . وان كان من شيء احمد الله عليه الآن هو أن الناس كانوا اكبر من طيشي و حماقاتي ..

    حين صحوت لم اذهب إلى المنزل . لم اقصد أي مكان يعرفني الناس فيه . أمسيت امشي و بت امشي وكأني كنت افر من تلك الواقعة التي ظلت تطاردني رغم مرور كل هذه السنين.

    انتبهت و أنا أسير إلى أني ما عدت أستطيع الدفاع عن نفسي ، و أن السرعة القصوى لا يمكن أن تخلف غير الحطام . لكنه لم يكن حطام الآخر هذه المرة ، لقد كان حطامي أنا.. الصور كانت مريعة بين طفل يبكي في قسم التاريخ لكون المسلمين انهزموا في أحد و فتى اسكر في ليلة القدر نهارا ، كان فراغ مهول لا يستطيع أن يملأه حتى الخيال .بين روح يانعة مبتهلة لخالقها وبين أخرى جافة ميتة بالشرك و الكفر السؤال كان يفر من نفسه بسبب قتامة الجواب .

    أكيد أن أمي قد بكت وأنها لزمت البيت لأيام لكونها لم تستطع أن تكشف وجهها للناس بسبب عملتي و مدرس التاريخ أكيد انه لم يصدق ما سمع ولم يجد غير أن يصرح انه لا يعرف تلميذا باسمي . و آخرون الذين يعرفونني لا بد أنهم اندهشوا و أكدوا أني تعرضت لعملية سطو كان ضحيتها ذاكرتي التي زيفت مخزوناتها..

    المعركة الأشرس كانت قد انتقلت إلى داخلي . وبت لا اعرف أي جهة في صارت تحاصر الجهة الأخرى وصرت أجد نفسي أمام سؤال ملح لا يقبل التأجيل ..من أنا ؟

    مجريات الأيام بعد ذلك كانت اشد سوادا ..حين حاولت الهروب لم أجد سوى بابا واحدا ظل مفتوحا في وجهي . انه المخدرات





    .............................. .............................. ... يتبع



  8. #8
    الصورة الرمزية أرسطوالعرب
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 6



    سلام

    تحية برائحة التناقضات......ومسك الحيرة....وعنبر التخبط....وعود الكلمات....

    قد قرأت في صحيفة المدينة ...بإحدى أعدادها الماضية مقالة لكاتب لا أذكر إسمه جيداً...


    إنما كان يتحدث بقسوة - مطلوبة - عن كاتب يتجه إلى كتابة (المذكرات)...

    فكان يمسك بالكاتب جيداً....ثم يضمه بشده...!

    فيرفعه عن الأرض....كي يكون سقوطه سريعاً......والسرعة حتماً ستخلفه حطاماً....

    وأبدى كاتب المقالة وجهة نظره عن كاتب المذكرات ....أن من أهم سماته....

    ألا ينفي عن بطولته السقطات....ولايمجدها في أكثر من سطر !!

    أعجبني بعض ما طرحه....وأضحكني باقي مقالته...

    على أي حال..

    لا أخفيك أيها البقالي....أنني إستمتعت رغماً عني....

    فأنا أحبذ القراءة قبل الفجر وفي أول الصباح.......

    وتتعبني قراءة فترة الظهيرة...


    ولكن أجدني هنا أتذوق طعم الحرف في موضوعك...

    وطعم المعنى في خوفك !!

    ونكهة البقاء في فكرك...!

    وأعدك...

    أم صفحاتك المظلمة هذه ...

    قد أشعلت بعضها شموعاًَ.......فقد أنارت لي أجزاءً لم أتوقع وجودها في جنبات عقلي المظلم....

    وقطعاً .....ستكون لي عودة مع البقية الباقية ......



    ---------

    سيدي......أقل ما يستحقه موضوعك......التقييم للأفضل...والتثبيت كأجمل...

    ---------

    ملاحظة :- لاتغضب مني.......فأنا أكتب لنفسي...أُصلح بها ما أفسدتني به !



    ثامر بن عابد.....الحُر / الأبي

  9. #9
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    أوراق من سيرة مظلمة : الجزء الرابع والأخير






    التــــــــــوبة


    حل زمن الجزر..


    كل مخلفات و رواسب و أصداف الدهور كانت هنا . الرفاق كانوا قد افرغوا الساحات بعد أن خفت أصواتهم . وفي العتمة تجمعوا حول شواهد ورموز و أكمات خلفتها الموجة المنحصرة التي مرت ذات يوم من هنا.


    نشأت مجالس في الواجهة الخلفية التي تطل على الساحة . الجدران كانت مغطاة بأشياء توحي أن تواجدهم خارج الساحة ما هي إلا تلك الخطوة إلى الوراء التي تليها خطوات واسعة إلى الأمام.


    الرموز الكبيرة كانت حاضرة . صور من مختلف المراحل التي رافقت ميلاد رهان تحول إلى وهم . من ماركس إلى لينين ، ومن كمونة باريس إلى هوشي منه مرورا بتشي غيفارا . ومن فتيات نلن النجمة الحمراء إلى سعيدة المنبهي .


    الجو كان يلزمه بعض الدفء ، ولذلك كان لا بد من أشرطة موسيقية ثورية تزيد الطقوس حميمية لعالم النضال داخل الغرف ، ومن ثم كان لابد من أغاني الشيخ عيسى و سعيد المغربي وناس الغيوان


    ولا بأس من بعض الأشعار و الزجل . ولإلغاء الإحساس بالزمن وإعطاء انطباع انك في زمن آخر كان لا بد من المخدرات التي ابتدأت كموضة وانتهت إلى ممارسة يومية و إدمان .


    في هذا الخضم بدأت التدخين وتعرفت على المخدرات . في البدء كانت تمنحني تركيزا مذهلا استغلته في كتاباتي التي كانت قد قطعت شوطها الأول . لكن العكس هو الذي حصل في النهاية . إذ صارت أحاسيسي تتبلد و تفقدني الإحساس بوجود الآخر وأظل فاغرا فمي لساعات غير مدرك لما يجر حولي .


    مفعولها على قلبي ودماغي كان مدمرا . نقلت ثلاث مرات إلى غرفة الإنعاش . ولئن كانت حياتي قد استمرت بعد نوبتي الرابعة فلأن الله أراد ذلك فقط .


    لا زلت أذكر تلك الوجوه التي كانت تحيط بي في تلك الساعة الرهيبة . كنت انظر إليها في يأس متوسلا إليها أن تفعل شيئا ما من اجل إنقاذ حياتي .لكن النظرات كانت صاعقة حين لم المس منها غير إشفاق كان يزيدني تعاسه .


    ما كنت اصدق أني كنت سأبقى لأرى بزوغ الفجر . قلبي كان يخف بشدة . ورأسي كان فيه دوار رهيب . ودمائي كنت أحس أنها تمضي خارج جسمي ، وأنفاسي كانت تتلاحق بعسر شديد .


    كان الموت يحلق في سمائي ، بل كان قد توغل داخلي . تأكدت أني راحل لا محالة . عز علي أن أغادر الدنيا في تلك الحالة . كان لي رجاء . أن يمهلني الله إلى غاية طلوع الفجر . كنت أتمنى أن أرى الشمس للمرة الأخيرة .


    نعم كنت أتمنى أن يمهلني الموت لأرى الليل يسلم مفاتيح الحياة للنهار و بعد ذلك ليفعل ما شاء . ما أصعب أن يموت المرء في بداية الليل .. لكن الله منحني أكثر مما طلبت .


    تجاوزت الأزمة بعد أربع ساعات . و الدرس كان بليغا ومليئا بالعبر . أقلعت عن المخدرات . ولحظة جنوحي إلى التوبة كانت قد بدأت في اليوم نفسه .



    صرت أسأل نفسي . من أنا ؟...

    ملحد ؟.. اقلب كل الوجوه لأجد أني لم أكن في أية لحظة ملحدا حتى في أوج تيهي و اندفاعي ..

    كافر ؟.. ولا هذا أيضا .في كثير من الأوقات كنت أدعو الله وأنا مريض أو وأنا مقبل على شيء مهم ..

    مؤمن ؟.. ما كنت أجد هذا أيضا . كثير من الأشياء قمت بها تدل على أن ذلك السلوك لم يكن سلوك إنسان يخشى الله ..



    يعود السؤال ليهشم رأسي من أنا ؟.. كان يجب أن أكون شيئا ما . لكن أن أكون لا شيء . صعب أن يحس الإنسان انه لا شيء ..

    بدأت الحيرة تحاصرني .. تستبد بي .. تؤرقني .. لو أني اهتديت إلى جواب لهان الأمر .

    لم تغرب عني الحكاية الأخيرة . بل إنها صارت حاضرة بكل قوة داخلي .


    بدا السور هائل يتنامى بيني و بين الرفاق الذين كانوا لا يزالون يعيشون أحلامهم الزائفة . بدأت أكتف أنهم ليسوا سوى ببغاوات يستوطن الفراغ قلوبهم . كل ما يعيشونه فراغ . كل أحالمهم فراغ . كل ما يسيرون اتجاهه فراغ .

    سألت نفسي في أوج ثورتي على نفسي . ما هو الموروث ؟ وكيف يجب أن نفهم الموروث ؟ ..

    لم أكن في حاجة إلى مناهجي القديمة كي احدد الجواب ولا إلى تلك الآلية التي تحدد فيها الاستنتاج .

    قبل أن تحدد أدوات البحث . حددت الجواب بكل بساطة ..

    الموروث هو قيمي التي تميزني عن الأخر . هي منظومات نشأت في علاقات متنوعة أعطت فها ورؤيا . أما كيف أفهم الموروث فلن أبحث بعيدا بقدر ما يجب أن أبحث عن كيف أفهم نفسي .

    تبادر إلى ذهني سؤال و أنا ابحث عن أجوبتي أنه في منظومة الأفكار القديمة التي كنت اعتنقها قبل حين أنه لم يكن هناك مجال للشريعة و القوانين المنزلة . وبالتالي فباستثناء الملكية الفردية وجرائم السرقة و القتل ليس هناك شيء يسمى حلال و شيء حرام . وليس هناك إيمان بالأسرة في المدى البعيد

    عند تحقيق الشيوعية . إلا يعد الزواج من الأخت مباحا ؟ ...


    الجدار الجليدي كان قد تزحزح من مكانه . بدأت أحس أن الروح بدأت تسترجع حياتها . وشعرت أني أخيرا بدأت أفكر .


    كان الوقت قبيل الفجر . لم أكن قد نمت بعد . كنت منشغلا بمسألة الموروث . هل كنت ابحث عن ترميم جسوري التي كنت من قبل قد دمرتها ؟

    علا صوت المؤذن فجأة مكسرا الصمت المطبق على المكان . الصوت كان لشيخ طاعن في السن . نبرته كانت تفيد هذا ، و لذلك كان يصلني بإيقاع خاص تطبعه بصمة النوم . نقلت بصري لما حولي . لم يكن ممكنا أن ترى كل الأشياء . الظلمة كانت لا تزال ناشرة أجنحتها . رفعت رأسي إلى السماء . ضوء النجوم كان يتلألأ مودعا متواعدا على اللقاء في ليل جديد . وخيوط الضياء الأولى كانت قد شقت مسارا ت في كبد السماء التي كانت زرقتها قد انفتحت ..

    بدا صوت المؤذن منسجما مع هذا الفضاء . إذ لا يمكن أن يقبل المرء أن يرتفع في وقت كهذا صوت غير صوت مؤذن ينادي للصلاة .


    بدأت أردد مع المؤذن ألفاظ الأذان ....لا اله إلا الله ...

    تسمرت في مكاني ولم اعرف ما الذي شل حركتي . ثم بدأت خطاي تسير من تلقاء نفسها كفراشة حين تنجذب إلى نور سراج وهاج لا تملك إزاءه أية مقاومة ...

    هل كنت أعيش اللحظة التي سبق أن عشتها حين رفرف الموت في سمائي ؟.. هل كشفت أخيرا الشفرة التي تسمح بفك رموز أمنيتي ؟ ..

    أحسست بجدار هائل تهاوى داخلي . و أنني في كل ما قطعته حتى تلك اللحظة منذ غادرت قريتي إنما كنت احمل القاطرة المجنونة التي ركبتها يوم كنت مغفلا لأعيدها إلى المحطة التي ركبتها منها ..


    وقفت باب المسجد . النفس الأمارة بالسوء لم تتحرك هذه المرة وضعت خطوتي الأولى داخله فأحسست أن كل الماضي الأسود قد خلفت ورائي ، و توهمت أن الشيطان يحترق غيضا .

    لم ينظر إليَّ احد كما كنت أتوقع دوما أو كما كانت تصور لي نفسي المريضة . لم تطالعني الوجوه بذلك الاستفسار الذي كنت أتخيله . المصلون كانوا غارقين في أعماقهم . توضأت و اتجهت إلى قاعة الصلاة ..


    برهبة وقفت بين يدي الله و كأني كنت في يوم البعث منتظرا استلام كتابيه . سلمت.. كبرت .. ثم بدأت في القراءة ومن الوهلة الأولى أحسست أن الله اكبر من أن يضيق بطيش عبد ضعيف مثلي . وانه مختلف عن كل الكائنات و الموجودات بحيث لا يبخل برحمته وعفوه عن متهور تاب إلى رشده ..


    حين سجدت ، تمنيت أن يتوقف الزمن هنا . انزاح عني كل القلق . أحسست أني في أمان .. الأمان الحقيقي الذي بحثت عنه طوال عمري ...

    تضرعت للخالق أن يمنحني توبته ويعفو عني و عن كبائري . ودعوت لؤلئك الضالين أن يهديهم الصراط المستقيم و ينبههم إلى طريق التوبة و المغفرة ...

    حين أنهيت صلاتي وخرجت من القاعة . كان الشيخ العجوز لا زال هناك . ناداني واحتضنني . لم يكن غريبا عني .. بكيت من التأثر وطمأنني بأن الله عفو غفور




    .............................. .... انتهت وإلى لقاء في عمل جديد إن شاء الله



  10. #10
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    باك شادو




    سررت بترحيبك و بأجواء هذا الموقع وحتى بهذه الالوان الهادئة .

    صدقني أني جئت الى هنا لمجرد الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسي ارضاء لابنة لا تتوقف عن المطالبة بالمزيد . لكن تاكد ان موقفي تغير حين انهيت سرد نصي بالرغم اني احس اني لم اثر اهتمام القارء هنا .

    باك شادو

    اعذرني ان كنت لا اجد صيغة الخطاب المناسبة . لكني اعرف اني سعيد بالتعرف عليكم . و ساعود من جديد .

  11. #11
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    المستشار




    اخي

    اسمح لي ان امزح قليلا . فاسمك ذكرني بصديق اصفه دائما بأن نصفه شيطاني و النصف الاخر مشكل من مادة قد تكون من نور او من لهب .
    لكن مستشار الدرر ودته مختلفا رغم الكلمات المعدودة التي تلفظ بها ..

    شكرا لك سيدي على ترحيبك و على قراءتك للنص .

  12. #12
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    ارسطو




    سررت بالتعرف عليك . وما دمت ستعود فسأنتظر لأرى المساحة التي انكشفت بفعل ضياء تلك الشموع التي أوقدت فجاة .

    الى ذلك الحين دمت منيرا .

  13. #13
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 820





    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ألاف القطارات تتحرك يوميا في كل اتجاه من هذه الكرة الأرضية ويتفرج عليها ملايين الناس على جانبي السكك الحديدية .

    ما هي إلا أنابيب مجزأة تنفث الغازات الخانقة المعادية لطبقة الأوزون و تتصل ببعضها بواسطة أذرع حديدية , هذا في نظر من هم خارجها , بينما هي آلة زمنية فارهة تنقل الناس حيث يريدون وتتيح لهم فرصة التفكير والتمتع بالمحطات والمواقع الموجودة على جانبي السكة, وهذا ما فعلته أنت يا سيدي,
    أركبتنا قطارك الفكري وتجولت بنا بين المحطات القابعة في عقولنا جميعا ثم أوصلتنا إلى محطة النهاية وودعتنا بابتسامة وتمنيات السلامة.

    تاريخ الفكر الإنساني حلقات متصلة قد تبدو واسعة وبطيئة ومملة إذا نظرنا لها كما ينظر الناس للقطار ولكنها ليست كذلك لمن هم داخل هذا القطار.

    تجاوزا عن الصيحة البلهاء المشهورة التي تقول ( أنا أفكر إذن أنا موجود ) والتصاقا بنيتشة الذي نسخ المقولة السابقة عندما قال أنا أفكر إذن أنا شقي , والشقاء يا سيدي أصبح من مترادفات الاشتراكية التي تنادي برفع مستوى الفرد الثقافي حتى يتفهم ما يحيط به فيزداد بالتالي شقاؤه .


    نيتشة يرى أن الاشتراكية تزيد من الآم الطبقات الدنيا لأنها ترفع من مستواها الثقافي !!!!
    اسمح لي يا سيدي العزيز أن اتهمك بالانحياز المطلق للنهايات التوافقية التي لا تقتل الذئب ولا تُفني القطيع .
    الإرتكان إلى عفو الله –المقدّر – في آخر العمر طلبا للجنة , يترك مساحات شاسعة للصراع الفكري خلال المراحل السابقة لآخر العمر.


    الطفولة لدينا دائما ما ترتبط بالقرية –الدفء- الأمن – الانتصارات الإسلامية وهي مرحلة قد لا يكون لها ذلك الأثر الكبير في المراحل العمرية اللاحقة ولكنها بلا شك قد لا تهيئ الطفل لمواجهة الأفكار التي ستلج إلى عقلة عندما يبلغ المراهقة .
    الطفل غالبا ما يكون متلقي فقط وقابلا للحشو بينما المراهق يكون نزقا مبارزا تصادميا بسبب كمية الأفكار المختلفة المنابع التي تخترق جمجمته باتجاه مخه الغض.

    المراهقة لديك ارتبطت بالمدينة – الأفكار الجديدة –داروين – الاشتراكية ,لا شك أن فترة الستينات والسبعينات كانت غنية جدا بكم هائل من الفرص المتاحة لتجريب العديد من الأفكار والعقائد وما معلما اللغة العربية ( الاشتراكي) واللغة الفرنسية ( العلماني ) سوى نتاج تلك الفترة الصاخبة.

    هل كانت الاشتراكية شرا بالمطلق , كما فهمت من حروفك ؟


    في تلك الفترة كانت الاشتراكية تسود أكثر من ثلث العالم !!!!
    كانت تنادي بالمساواة والعدالة الاجتماعية وإلغاء الاضطهاد الاجتماعي وانعدام الطبقات التي تكرس استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وصولا إلى توفير حق العمل والراحة والخدمات التعليمية والطبية المجانية .
    مالذي جعل هذه الفكرة النبيلة تنكمش الآن ؟
    الجانب الاقتصادي الذي كان الخاصرة الضعيفة في ذلك البدن القوي .


    كان المؤمل أن يتكفل أسلوب الإنتاج بتغيير النظام الاجتماعي بالكامل وتطويره ولكن وللأسف لم تكن وسائل الإنتاج جاهزة للقيام بهذا الدور العظيم رغم تطورها المتصل منذ بدء الخليقة .
    هذا الفشل لم يكن مقصورا على الاشتراكية التي تعتبر أحدث أساليب الإنتاج عمرا في التاريخ البشري .

    كل النظريات السابقة فشلت أيضا بداية بالنظام المشاعي البدائي ومرورا بالنظام العبودي والاقطاع ووصولا إلى الرأسمالية - التي بدأت بوادر انهيارها تلوح من داخلها مؤخرا – وانتهاءً بالاشتراكية .

    عندما صدع محمد(صلى الله عليه وسلّم) لأمر ربه وجاهر بدعوته توجه ابتداءً إلى الفقراء والعبيد والمستضعفين وهؤلاء هم الوقود التاريخي لأي ثورة , فآخى بينهم ووحد صفوفهم وجعلهم أخوة في الله فلا فرق بين ابيض واسود ولا بين عربي وأعجمي , وهذا ما جعل أشراف قريش ينفرون منه ومن دينه الجديد فاستخدموا الترغيب والترهيب مع المصطفى الذي قاوم ترهيبهم ورفض ترغيبهم حتى لو وضعوا القمر في يمينه والشمس في شماله لأنه لن يرجع عن أمرٍ أمره الله به .
    قاطعوه اقتصاديا واجتماعيا وعندما رغب في حربهم اختار السلاح الاقتصادي في أول معركة إسلامية .

    الاقتصاد دائما وأبدا هو محور النصر والهزيمة .


    لا أريد الإسهاب أكثر في هذا الجانب لأنني لا أريد أن يطغى جانب على الجوانب الأخرى .

    أبا لهب كان عم الرسول (صلى الله عليه وسلّم) ورغم ذلك كان أكثر الناس إيذاء له وكذلك زوجته حمالة الحطب
    أبا طالب عمه الأخر وكافله لم يسلم رغم انه دافع عن الرسول وكان اقرب الناس له
    جبلة بن الايهم ارتد بعد إسلامه وتنصّر لأن ازاره سقط وظهرت عورته وهو يطوف بالبيت الحرام ويسمع الأذان

    ما انتهيت إليه يا سيدي العزيز هي النهاية الوردية التي يحلم بها كل إنسان تجاوز مرحلة الشباب والفتوه .

    هل كانت تجاربك السابقة فاشلة جدا إلى الدرجة التي تجعلك تشطبها من وجدانك ؟

    هل للمراحل الزمنية دور في تشكيل فكر الإنسان؟

    هل الموروث المتراكم خلال الآلاف من سنوات التاريخ الإنساني عبء يثقل كاهل الإنسان الحي الذي لا يتجاوز عمره ال65 عام ؟

    عندما وصل القطار إلى المحطة الأخيرة وهي محطة التوبة سمعت المؤذن يردد لا اله إلا الله وكأنك تسمعه لأول مرة وعندها عدت بنا إلى المحطة الأولى حيث الأضرحة والأولياء والتمسك الشديد بالدين عدنا إذن إلى القرية ولكنك وصلتها كهلا وقد فارقتها صبيا .

    في النهاية لم استطع المرور السلبي والاكتفاء بإلقاء النظر كعادتي عندما وجدت هذا الموضوع الشيق فكتبت ما سبق واطلب منك الصفح إن لم استطع الإلمام بجميع المحاور الأخرى فهذا الموضوع دسم جدا إلى الدرجة التي تجعل سهام الفكر تطيش بين جوانبه .

    كل تقديري واحترامي لقلمك السيّال وفكرك النيّر




    لو كُنتُ أعلمُ أنّ آخر عهدكم ****** يوم الرحيلِ ,فعلتُ مالم أفعلِ




  14. #14
    الصورة الرمزية أرسطوالعرب
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 6



    سلام

    تحية برائحة جنان اللافندر يا سيدي......

    وأخيراً إكتملت حلقات معزوفتك......وكم أسعدنا أن تكون صفحات منتداكم هذا هي النوتة التي أحتضنتها.........

    سيدي....

    أوراق من سيرة مظلمة ......

    قمت بتفصيلها في عدة أجزاء...

    الجزء الأول ولم تعنونه يا سيدي.......وكان (مقدمة)...

    مشاعر البقالي ....الوحيدة المنفصلة عن الماضي.....في مقدمته....

    فهل أنت مؤمن تماماً بعبارتك هذه ...
    ((أسئلة كثيرة جالت بخاطري و أنا أفكر في فتح هذا الملف الذي كان محكم الإغلاق في ذاكرتي . تساءلت للمرة الألف عن جدوى ما سأقوم به ، خصوصا أن ذلك ما عاد له أية صلة بحاضري ، و لا أجد أية أهمية لما سأحكيه خصوصا و أن ذلك لم يكن تصرفا معزولا عن ما جرى على ارض الواقع . ))........؟

    هل حقاً كانت حياتك مجموعة من المراحل المنفصلة عن بعضها لبعض لتمتلك الحق بأن تخبرنا أنه لا صلة بك بهذا الشخص الذي يسكن المذكرات...؟؟
    ** خصوصا أن ذلك ما عاد له أية صلة بحاضري **
    أليست خبرات الإنسان تراكمية يا بقالي...؟

    أليست الخبرات المتراكمة مثل الكتب المرصوصة فوق بعضها البعض...الأحدث في الأعلى والأقدم في الأسفل...

    فهل الكتاب الذي في الأعلى هو الذي يغنيك عن الذي تحته؟؟؟

    إن كان كذلك فلماذا نحتفظ ببقية الكتب؟


    ثم بدأ الجزء الثاني.......وهو مدخل لما سيطرحه البقالي...

    وكان بصورة تبرير لما سيكتبه ....

    ((لكني أعود لأتساءل ما إن كانت هناك ظروف مشابهة تتظافر اليوم لتشكل إعصارا جديدا قد يترك هو الآخر ضحايا . و بالتالي تكون هذه الاعترافات تنبيها و تحذيرا لما يمكن أن يحدث ... و أخيرا ما مقدار مسؤوليتي فيما حدث ؟.. ماذا كنت فيما عشته ؟.. ضحية ؟.. جلاد ؟...و الآخرين الذين زجوا بي في ذلك العالم الرهيب هل كانوا هم الآخرين ضحايا ؟... ))

    ثم يبدأ الجزء الثالث من الأطروحة.....وهي (البيئة)....

    وقد وضح الكاتب ببراعته......أثر البيئة وعطائها سواءً السلبي أو الإيجابي....

    وهذه نقطة يجب التوقف أمامها كثيراً....

    فقراراتنا تتدخل بها - كثيراً - البيئة والمحيط الملامس لنا....

    ثم بدأ جزء جديد ونقطة تحول كبير في حياة الكاتب...

    مرحلة كانت البداية الحقيقية لنموه التخطيطي.....

    حينما بدأ يخطط...معتمداً على التفكير في المتناقضات وجميع الخيارات في نفس الوقت...

    وهذا هو المسبب الحقيقي للتخبط في هذه المرحلة...

    حينما تجد نفسك تحارب خصم خالد....بينما أنت للتو قد حملت سيفك !!!

    فتفكر حينها في جميع الخيارات وجميع الإحتمالات ....

    ثم حلت مرحلة التصادم...

    وهذه إعتمدت كثيراً على المرحلة التي سبقتها...

    فكان الكاتب كمن جمع الحضارات وجميع الديانات والإلحاد وأنوية الشيوعية وجعلها مقدمة للتفكير !!


    وهنا تبادر إلى ذهني سؤال .....

    إن كنت مصدر إلهام نفسك.....وأنت الأرض الخصبة التي تزرع بها حضارتك الشخصية....

    هل تؤمن بالأثر السلبي للغزو الثقافي عليك.........وإن تم إعتباطاً إعتبارها بيئية ضمناً .....؟

    (( المراهق من اجل أن ينتزع هذا الاعتراف يضطر إلى أن يدوس كل شئ بما في ذلك المثل التي يقدسها الكبار . ومن ثم قد ينفجر صراع قد يضيع فيه كل شئ ))

    وأنت هنا تتحدث عن مراهق مضطهد ....ولايحق لك التعميم - مع إحترامي الشديد لك -...

    فالمراهق ...كلمة عامة وتظل أينما وضعتها (مضافاً)...بحاجة إلى مضاف إليه يفسرها...


    وكان من ضمن مرحلة التصادم هذه ...معلم اللغة العربية والفرنسية...

    الذين هما رموز لفكرة تم ترويجها ....فتم إسقاطها في شخصيتين....لأنهما بالفعل أثبتا أحقيتهما بالكينونة...

    فعمد الكاتب إلى إحتوائهما في شخصيتين ....

    ثم أتت مرحلة متقدمة ...كردة فعل غاضبة للفكر المتخبط العائم على المتناقضات...

    وهي مرحلة توحيد الفكر..........والتي تناولها الكاتب في مفهوم الموروث...


    وفي هذه المرحلة كنت تلميذاً....حفظ درسه جيداً وفهمه....


    إنتهى تحليلي للجزء الأول من عملكم الثري....

    أرجو من الله عز وجل ألا يزعجكم طول تحليلي ونقدي....وعشوائية أسئلتي...

    فما أنا إلا تلميذ يجلس في الكرسي الأخير في محاضرتكم هذه....



    [c]---------

    أعدكم - بإذن الله - أني سأغرس طرق تفكيركم وأسلوبكم.....في أقلام طلابي...

    ----------[/c]
    أخوكم....أرسطوالعرب

  15. #15
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 77
    الاقامة : الرياض
    المشاركات : 87
    هواياتى : الرسم بـ الكلمات !
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 23
    Array



    تحية عذبه ,,,

    صباح الفل والكادي




    جميلة هي هذه المفاجأة , لم اصدق حقاً

    شكراً للمهاجرة دعوتك إلى هنا


    سعدت كثيراً للقراءة لك هنا , وساستمر ايضا بالمتابعة هنا و (هناك)


    استاذي الجميل .. [gl] عبدالله البقالي [/gl] ..

    اعذرني , فحروفي تلعثمت أمامك , ولي عودة بانطباعات شتى خلفها نصاك , فلم استطع اتمام البقية , ساتممها واعود

    تحياتي لك مرة اخرى



    ولك محبتي ,,



    نايف


    هو الخوف يا سيّدي , الإلتصاق بحوافّ قلبكَ القاسي , بحثاً عن .. دفء

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الله يسعدك يا جدتو....
    بواسطة صفاء الغدير في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 30-11-2003, 06:20 AM
  2. مذكرات القط زوربا العظيم ...ج 1
    بواسطة قيصر في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 13-11-2003, 10:14 PM
  3. يوميات زوج سعيد جدا ؟؟؟(2)
    بواسطة TOTTII في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-11-2003, 02:22 PM
  4. ~ الوقت هو الحياة ~
    بواسطة الفجر الصادق في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 17-08-2002, 03:05 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط