[align=center]كتبت هذا الموضوع في اكثر من منتدى وفي اعتقادي ان هناك من اطلع عليه ولكن في ألأعادة إفادة ولدينا نوع من البشر لا يتعلمون الى من التكرار .[/align]
[align=center]للمديح سببان أولهما ان يفعل (المادح)ذلك لدنيا يريد ان يصيبها ولتطلعات ذاتية يريد تحقيقها ويعتقد ان (الممدوح)سيساعده على تنفيذ بعض أو كل المطامح والرغبات إذا ما استطاع أن يكسب عطفه وأن يحظى منه بعين الرضى ويطلق عادة على هذا النوع من المديح كلمة(النفاق)والمنافق يطبل ويزمر بدون كلل ولا ملل ويصفق ويرقص بدون حياء في سبيل مآربه ولا يحول دون ذلك صلابة الحقيقة وجلاؤها أو اتزان المنطق ورجاحته او كرامة النفس واحترامها فهو لا يعي ايا من تلك المعاني ولا يرى من ورائها نفعا ملموسا او جدوى اقتصادية تذكر فالمهم أن يوصل الى غايته ويحقق مطلبه والغاية عنده تبرر الوسيلة.
ومنافق اليوم هو منافق الغد وأن تغيرت الظروف وتبدل الأفراد لأن ولاءه هو لمصلحته الشخصية يلهث خلفها ولو كانت في احضان الشيطان.
وهذا النوع الساقط من البشر جدير بالمحاربة والمطاردة لأنه في واقع الحال لا يربو عن كونه مرضا ينخر في كيان المجتمع ويقضي على فضائله وقيمه ويؤدي به الى هاوية انعدام الرؤية وضياع التقويم السليم ولأنه يشجع اصحاب النفوس الضعيفة وما اكثرهم على التمادي في اخطائهم والمغالاة في شذوذهم والاستهتار بكل الركائز والقناعات مطلقا عفريت غطرستهم من قمقمة ليبذر الفساد أينما حلوا ورحلوا.
وثاني الأسباب التي تدفع احدهم الى كيل المديح لهذا اوذاك من الناس يكون عادة مبنيا على حسن النية والرغبة في تشجيع الكفاءات والأعمال المثمرة ولكن هذا سرعان ما ينقلب الى ضده عندما يبتعد المادح عن مجهر الموضوعية الفاحص فهو يغالي في اوصافه ويبالغ في ثنائه حتى يتحول الأمر الى مجرد تزلف وتملق وكذب وافتراء بمنأى عن اسلوب التقييم المتزن الذي يضع كل شيء في اطاره الصحيح ويبرز المحاسن في حجمها الحقيقي مع اليقين التام بأن البطل (الممدوح)ليس معصوما من الخطأ وأن شروط المنطق تفرض سلبيات مع الايجابيات.
إن المبالغة في الثناء والمديح تخرج عن مسار احقاق حق فلان وإبراز عطائه الصحيح الى منحدر السطحيات والاسفاف وأود العقل واهدار الحقيقة..وهذا النوع السقيم من المديح ينفخ في(الممدوح)الغرور الذي ينتشر كالغاز السام ليخنق كل مفيد ونافع ويقود في كل الأحوال الى الشعور بالتميز والتفرد وكل هذه امور بالغة الخطورة على العطاء الجيد والتقويم الصحيح والقرار السليم.
والمتهمون بأنهم ينتقدون بقسوة هذا اوذاك من البشر لأغراض شخصية بحته او لرغبة في البروز والظهور هؤلاء المتهمون إن ثبتت عليهم التهمة وهم عموما قلائل ونادرون في زمن كثر فيه المطبلون والراقصون يمثلون من حيث لا يشعرون قدرا بسيطا من الاتزان اللازم ويقرعون من حيث لا يعلمون جرس الانذار بالخطر الماحق بأن اطنان المديح قد حجبت الرؤية وخنقت المنطق وأثقلت لسان الحقيقة.
ولست هنا بمؤيد للانتقاد الجارح او التهجمات الشخصية ولكني اقول ان هذا الانتقاد ردة فعل مبالغ فيها لأسلوب المديح المبتذل وبالتالي يكون الوجه الاخر للعملة الرديئة التي رخص سوقها وتأبى النفوس الكريمة أن تتعامل بها.
ولا شك ان ظاهرة المديح تنمو وتترعرع عادة في المجتمعات المتخلفة وذلك نتيجة لانعدام الوعي الجماعي الذي يستطيع أن يميز بين الغث والسمين ويضع الأمور في اطرها السليمة.
وظاهرة المديح والتملق تجد تربتها الخصبة في اللامبالاة والجهل والفوضى الفكرية وكلها خصائص للمجتمعات التي تعاني من وطأة التخلف وسطحية الاهتمامات.
ويسقط الرجل مهما بلغ علما ومركزا وعطاء في مستنقعات التفاهة والاسفاف عندما يلجأ الى اسلوب المديح المسرف الذي لا يستند على موضوعية في التقويم او رغبة في التحقق ويتحول العملاق المتمكن الى قزم متهالك عندما يفقد احترامه لنفسه ويسكب ماء وجهه ليسقي به غرور (الممدوح)هنا او هناك.
ولنا في الهدي الاسلامي القدوة والمثل الأعلى فنجد الاطار الصحيح الذي يحفظ للانسان كرامته وللمسيرة فعاليتها وللعطاء اصالته حيث يقول المصطفى عليه الصلاة وأتم التسليم(احثوا في وجوه المداحين التراب)..!!
تحياتي[/align]