[ALIGN=CENTER]


الإسم "مصر" وليس "إيجيبتوس"



قال تعالى : "إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ماأنزل الله بها من سلطان ، إن يتبعون إلا الهوى وماتهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى" (النجم 23) .. صدق الله العظيم .

لو ألقينا نظرة على الجدول الدورى للعناصر ، نجد أن بعض المعادن أخذت أسماءها من أسماء بعض البلاد مثل "الجرمانيوم" من ألمانيا Germany . وشذ فى ذلك معدن الفضة Argentum) باللغة اللاتينيه) حيث أعطى إسمه لبلد هى الأرجنتين . أما باقى بلاد الدنيا فقد أخذت أسماءها من أسماء من إكتشفوها أو حكموها ، أو من تاريخ أرضها و تاريخ سكانها ونشاطهم وعقائدهم .

ونعلم جميعا أن نوح عليه السلام هو أبو البشرية جميعها بعد الطوفان المشهور . وتأكدت هذه الحقيقة التاريخية بما جاء فى التوراة وبما جاء بعد ذلك مصدقا لها فى القرآن الكريم . ولم يختلف على تلك الحقيقة عالم واحد من علماء التاريخ والجنس البشرى . وقال تعالى فى هذا الشأن : "وجعلنا ذريته هم الباقين" (الصافات 77) ، أى لم يجعل الله لأحد ممن كان مع نوح فى سفينته من المؤمنين نسلا ولا عقبا سواه . وأصبح بذلك كل من على وجه الأرض من سائر أجناس بنى آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة : سام وحام ويافث – بعد غرق إبنه "يام" لعمله غير الصالح لقول الله تعالى : "قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح .. " (هود 46) . وكلمة "اليم" فى اللغة العربية كما هى فى العبرية وفى اللغة المصرية القديمة مشتقة من إسم هذا الولد العاق وكأنما أراد الله سبحانه وتعالى التذكرة بعاقبة العقوق .



وجاء إسم مصر من أسلاف حام ابن نوح عليه السلام ، وتم تعريف أرضها بأرض حام كما جاء فى أسفار العهد القديم (التوراة) ، ويعنى ذلك أن الموطن الأول للجنس الحامى هو مصر، وهذا يتفق مع مااتفق عليه عدد غير قليل من العلماء المحدثين .

وارتبط لفظ حام لغويا وتاريخيا باللفظ المصرى القديم "خيم" أو "كيم" khem أو kem الذى تم إطلاقه على الجزء الخصيب المنزرع بأرض مصر ويعنى باللغة المصرية القديمة : الأرض السوداء تمييزا له عن الجزء غير الخصيب من أرضها الذى كان يسمى بلغتها القديمة "تا-دشر" dshrt ويعنى البلاد الحمراء أى الصحراء ، وهى أصل كلمة deserere باللاتينية ومنها كلمة desert بالإنجليزية . وبمناسبة الكلام عن حام نذكر أن البلدة التى تسمى أخميم Akhmim حاليا بمحافظة أسيوط تشير فى لفظها واشتقاقه إلى لفظ "خيم" السابق إيضاحه .

أما مصر بوجهيها القبلى والبحرى وبصحرائها شرقا وغربا كان يطلق عليها اللفظ "مصر" إسما لها ، وهو مشتق من إسم "مصرائيم" Misraim ابن حام ابن نوح عليه السلام ، حيث كان هو ونسله أول سلالة بشرية سكنت أرض مصر كلها . ومصرائيم ينطق بالعبرية Mitsri-im وهو ابن حام كما جاء فى سفر التكوين 6:10 بالعهد القديم ، وجاء فى دائرة المعارف الصادرة عن جامعة كولومبيا ، وفى قاموس إيستون الإنجيلى وقاموس سميث الإنجيلى : أن مصرائيم ابن حام ابن نوح هو الشخص الذى تم تسمية أرض مصر كلها بإسمه ، وكان ينطق إسمها باللغة المصرية القديمة "مشر" md-r ، أى "مصر" .

وإسم "مصر" له تاريخ وأصل مشرف ، وهى التى ظلت محور التاريخ العالمى لأكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عام ، وأصبحت بعد ذلك قلعة للعالم الإسلامى ، وستبقى بإذن الله هى "مصر" – مصر المحروسة .. التى كرمها الله تعالى بذكر إسمها فى ثلاثة مواضع بالقرآن الكريم ، وكأنما يريد أن يذكرنا بنسبتها إلى "مصرائيم" ابن حام ابن نوح عليه السلام . إذن فكيف أتتنا الكلمة "إيجيبت" Egypt إسما لبلدنا الحبيب ، وهى التى لاصلة لها لغة أو تاريخا بالكلمة الجميلة "مصر" .. فاللفظ "إيجيبت" مشتق من اللفظ الإغريقى "إيجيبتوس" Aegyptus الذى تفرع عنه لفظ "قبط" و "أقباط" إشارة لسكان مصر وليس إشارة للبلد نفسه .. !! .

يقول بعض من يتمسك باللفظ "فبط" أن اللفظ الإغريقى "إيجيبتوس" هو الذى تم إشتقاقه من اللفظ المصرى القديم "حا-كا-بتاح" Hw-ka-Ptah ، أى مكان روح الإله بتاح الذى كان يعبد فى بلدة منف عاصمة مصر فى عهد الدولة القديمة .. ثم يقول هؤلاء البعض أن الإغريق وجدوا صعوبة فى نطق حرف H فى أول اللفظ المصرى وآخره فنطقوه "إيجيبتوس" ، ثم ألغى هؤلاء البعض بعضا من حروفه وشوهوه تماما ليصبح "قبط" Ka-Pat . فهل هذا تفسير شافى يقبله المنطق البسيط .. وبفرض صحة هذا التفسير فلماذا نلتصق نحن سكان مصر مسيحيون ومسلمون بهذا اللفظ وننتسب إليه .. هل هو تقديسا وعشقا لهذا الإله "بتاح" ..!!.



وأقول هنا أن الرأى الصائب فى هذا اللفظ "إيجيبتوس" ومنه بعد ذلك للأسف "إيجيبت" Egypt أنه لفظ إغريقى من الرأس حتى الحافر ، حيث كان "إيجيبتوس" حاكما لمصر أعطى لسوء الحظ إسمه لها ، وهو ابن بيلوس Belus ، والأخ الشقيق لدانوس Danaus الذى كان يحكم ليبيا . والحدوتة التى اشتهرت عن "إيجيبتوس" ، أنه كان أبا لخمسين ذكرا ، أراد أن يزوجهم لبنات أخيه الخمسين على غير رضاهم ورضى أبيهم دانوس ، فاتفق الأب مع بناته على ذبحهم ليلة الزفاف ، ونجا واحد منهم فقط فانتقم لإخوته وقتل عمه دانوس .. ومرجعنا قى ذلك هو دائرة معارف اليونان القديمة ، كما يمكن الوصول إلى تلك المعلومات بسهولة بأى آلية للبحث على شبكة معلومات الإنترنت . وفى علم اللغة وأصل الكلمات نجد أن كلمة "إيجيبتوس" تعنى Supine Goat أى التيس الخامل .

وإذا علمنا أن الحدوتة السابقة عن "إيجيبتوس" هذا كانت من وحى خيال هوميروس فى أسطورته التى ألفها فى وقت يقع بين عامى 1600 ، 1200 قبل الميلاد ، حيث كان حلم هوميروس والحلم الإغريقى القديم بصفة عامة هو الإستيلاء على مصر ، وتحقق ذلك بالفعل على يد الإسكندر الأكبر بعد ذلك فى عام 313 قبل الميلاد ، فأطلق البطالمة لفظ "إيجيبتوس" على مصر وسكانها من وحى أسطورة هوميروس المشار إليها .

وإذا علمنا أن نسب هذا "الإيجيبتوس" ابن بيلوس يمتد من جهة أمه فى أساطير اليونان القديمة إلى "زيوس" ، الذى نصب نفسه ملكا على كل آلهة الإغريق ، بعد أن اغتصب العرش من أبيه "خرونوس" ، وأصبحت كلمته هى العليا فى مجلس آلهة الأولمب .. !! .

إذا علمنا كل ذلك .. ألا يصبح من حقنا كمصريين نعتز ببلدنا "مصر" بمحو هذا اللفظ "إيجيبت" Egypt فى كل المحافل الدولية ونقول Arab Republic of Misr بدلا من Arab Republic of Egypt ، ويقول إخواننا المسيحيون – إن اقتنعوا : الكنيسة المصرية الأرثوذكسية بدلا من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية . فكلمة مصر لها معنى وناريخ مشرف . أقله هو إنتسابنا إلى مصرائيم ابن حام الذى آمن برسالة جده نوح عليه السلام ، وسار على منهجه فى الإيمان بالله .. وذلك بدلا من إنتسابنا إلى هذا التيس الخامل "إيجيبتوس" فى الأسطورة اليونانية ، أو انتسابنا إلى هذا الإله الذى يسمى "بتاح" ، فلا معنى لذلك أبدا ، ولاصلة له بأى تاريخ مشرف لا للمصريين ولا للعرب .
[/ALIGN]