[align=center](( قل لي من أنت؟! ))
هو عنوان كتاب قديم للمبدع ..
* عبدا لله باجبير *
الكتاب صدر سنة 1986 وطبع أربعة مرات آخر طبعة كانت عام 2001
كتاب في منتهى الروعة والتنوع يدعوك للاستمرار فيه و معرفة المزيد من محتوياته..
دلتني عليه الغالية نوسا وأوشكت على إتمامه بعون الله ..
هنا سأطرح عليكم كل أسبوع فقرة من هذا الكتاب ونناقشها سوياً لنستفيد بإذن الله ونستمتع في نفس الوقت ..
أتمنى أن تتقبلوا الفكرة وتنال اعجاكم..
سأبدأ بالمقدمة وفي كل أسبوع بقوة الله سأطرح عليكم جزء من الكتاب ..
أترككم مع المقدمة ..
**
تتحدث عن نفسك فتقول (( أنا )) ..
تتحدث عن نفسها فتقول (( أنا )) ..
أتحدث عن نفسي فأقول (( أنا )) ..
أي أنا هي أي أنا أنا ؟.
ليس هناك في هذا العالم شخص واحد له ((أنا)) واحدة ..
كل منا متعدد (( الأنا )) بشكل أو بآخر ..
تعال نتحدث عنك من أنت؟
أنت كما أنت .. أو أنت كما في ذاتك كما يقول الفلاسفة ..
وأنت كما تقدم نفسك للآخرين .. وأنت كما ترى نفسك .. وأنت كما يراك الآخرون .. وأنت تقدم نفسك للآخرين كل يوم بشكل مختلف .. أو بوجه مختلف .. فأنت ظريف جداً .. أو ثقيل جداً .. أو جرئ جداً ..أو جبان جداً ..
وبدون جداً فأنت ظريف .. أو ثقيل.. أو جرئ .. أو جبان ..أو بخيل .. أو كريم
أدوار متعددة تقوم بها كل يوم ..
كأنّك ممثل يمثل مسرحية جديدة كل يوم .. حسب نوع النص الذي تمثله ..
ونوع المخرج الذي يخرج المسرحية .. وحسب النظارة أو المتفرجين الذين يدفعون الثمن ليتفرجوا على حضرتك ..
هذا هو وجهك العام .. وجهك الذي تقدمه للآخرين .. ثم يا سيدتي هناك أنت كما ترى نفسك .. في الأغلب أنت ترى نفسك أطيب الناس .. وأكرم الناس .. وأشجع الناس .. وأظرف الناس .. إلى آخره .. أي أنك ترى أنك فريد عصرك .. ووحيد زمانك .. وتدهش لأن الناس لم يعرفوا هذه الحقيقة .. ولم يعاملوك على هذا الأساس .. وأنت تنظر إلى رئيسك في العمل أو مديرك في الشركة على أنه لا يفهمك .. ولا يعطيك قدرك .. وكذلك ترى أصدقائك .. وترى زوجتك ..و أولادك .. أنت إذاً مظلوم .. ولأنك مظلوم فأنت ساخط .. وزعلان .. ومتوتر .. تندب حظك في هذه الدنيا التي لم تقدرك .. ولم تعرف قيمتك وتركت غيرك .. ممن هم دونك قدرة وموهبة يرتفعون كالبالونات في السماء . وأنت واقع على الأرض ..
وكلنا نحس هذا الإحساس بدرجة أو بأخرى .. ولا بأس بهذا إذا لم يتجاوز الحد ويتحول إلى حالة مرضية .. تسمى أحياناً بتضخم (( الأنا )) أو بالتعبير الأبسط (( غرور )) .. وقد يتحول إلى ما يسمى (( بعقدة الاضطهاد))
وهو مرض خطير يخيل للشخص فيه أن العالم كله يضطهده .. وأنه سجين داخل دائرة الاضطهاد ..
أما وجهك الثالث .. فأنت كما يراك الآخرون .. وهذا يتوقف على أشياء كثيرة .. قرب أو بعد الآخر منك أو عنك .. ما لك عنده .. وماله عندك .. ما تأثيره في نفسه من محبة أو كراهية .. من مودة أو نفور .. الدور الذي تلعبه أو لعبته في حياته .. مقاييسه الشخصية و درجة ثقافته .. أشياء كثيرة تحدد المنظور الذي يراك فيه .. أو منه .. وقليل ما تجد شخصين يتفقان على وجهة نظر واحدة في رجل واحد .. خاصة من الجنس الآخر .. إن الحب – وهو أعمى كما تعرف – يجعل الأخرى تراك (( كامل الأوصاف )).. وقد يحدث العكس إذا كانت الأخرى لا تراك بمنظار المحبة .. ولكن بمنظار النفور والضيق والعياذ بالله .. أنت في نظر صديقك غيرك في نظر عدوك .. أنت في نظر طفل صغير غيرك في نظر رجل ناضج .. أنت يا سيدي مائة أو ألف شخص في شخص واحد .. بعدد من تعرف .. ومن تصادق .. ومن تحب .. ومن تكره ..
أما وجهك الرابع .. وجهك الخفي التي لا تعرفه ولا يعرفه الآخرون .. أو أنت في ذاتك .. فهذا هو اللغز الذي لا مفاتيح له .. ومنذ قال سقراط .. اعرف نفسك .. حتى كتابة هذه السطور والإنسان في ذاته هو لغز الألغاز ..
فإذا لم تصدقني فاسأل نفسك .. من أنا ؟
أنك لست مجموعة المقاييس الخارجية .. إنك لست كمية السوائل الكيميائية .. إنك لست هذا (( الجرم )) المحدد الأبعاد .. أنت لست الشعر والجبهة والعينين والفم .. والثوب الأبيض إلى آخره .. أنت شئ آخر .. أنت إذاً لست واحد فلا واحد إلا الله .
أنت أربعة .. والإنسان الذي تتطابق أدواره كلها لم يوجد بعد .. فإذا كان قد وجد فأنا لا أعرفه .. أو لم أقابله .. أو أتمنى أن أقابله .. إنه نوع نادر من البشر .. أندر من العنقاء ( طائر خرافي ) ومن لبن العصفور والخل الوفي .. ومنذ سقراط إلى توماس كارلايل إلى فرويد إلى الآن وهم يحاولون العثور على الشخص المذكور .. وقد قدموا آلاف النظريات لتفسير (( الإنسان )) .. أنت .. وقالوا انه .. وقالوا إنها ..
ويثبت كل يوم أنه لا أنه ولا أنها يمكن أن يصدر بشأنه حكماً واحداً .. لأن الإنسان لا يلعب دوراً واحداً بشخصية واحدة .. لهذا فإنني أقترح أن يصدر للشخص أربع بطاقات هوية .. أو أربعة جوازات سفر .. يختار منها البطاقة أو (( الباسبور )) .. الذي سيمر به هذا اليوم إلى عيون الناس .. أو قلوب الناس .. وليس هذا تزويراً .. إن التزوير هو الموجود الآن ..
فبطاقة الهوية تتحدث عن شخص واحد .. وجواز السفر يتحدث عن رجل واحد .. أو امرأة واحدة .. وقد اتفقنا أنك لست واحداً .. إنك متعدد . على الأقل أربعة .. فمن أنت ؟
إنني أريد أن أتعرف بك .. أن أفهمك .. أن أتحدث إليك .. وصفحات هذا الكتاب كلها محاولة للقرب منك .. للتقرب إليك .. إنني أدق بابك بكل إخلاص لأقدم لك نفسي .. وتقدم لي نفسك فأرجوك .. قل لي من أنت ؟
كانت هذه مقدمة الكتاب وهي تقريباً أطول فقرة في الكتاب ..
سنناقشها سوياً بإذن الله والأسبوع المقبل سننتقل لمحتويات الكتاب ..
أتمنى أن تنال الفكرة إعجابكم ونستمر فيها بتفاعل ..
الموضوع إهداء لــــ (( وجه القمر ))
المحبة دوماً وأبداً ..
(( بسمتـــكم ))
[/align]