صباح الخير
ابنتي .. حبيبتي حنان .. يتم تسجيلها الآن لبدء الدراسه في المنتصف الأول للسنه الدراسيه القادمه.
ياااااااااااااااااااااااااااه .. وكمان ياااااااااااااااه.
كم هي سريعة هذه الحياة!!!
بالأمس .. فقط بالأمس كأني بها وهي تحاول الوقوف على رجليها لأول مره .. وكأني أمسك بيدها وهي تخطو خطواتها الأولى محاولة التدرب على المشي.
تاته .. تااااته .. ايوه شطوره بابا حنان .. يللا تعالي هنا .. امشي بابا امشي.
أيام ثم أتركها دون أن أمسك بها وأنتظرها في زاوية ما في المنزل وهي تجر نفسها إلى أحضاني .. أترقبها وهي تهرول متجهة لدراعي المفتوحتين لأضمها إلى صدري كما فعل قبلها أخوها أحمد وبعدها رضا .. رحلة ممتعه لأب مثلي لا يدرك لذتها إلا من جربها.
قبل زواجي, كانت مثل هذه اللحضات هي "أقصى" طموحاتي .. غريب .. صح؟؟
أذكر جيدا تلك "اللّمه" والحضنه التي استقبلت بها صغيرتي .. وأذكر أيضا أنني حمدت الله كثيرا على بلوغي أقصى آمالي في حياتي كأب .. وهنيئا لكل رجل بلغ هذا الإنجاز العظيم.
وتصفيق حار على إنجاز غير مسبوق .. مني كأب صبور يدرب ابنته على المشي ومنها لأنها تغلبت على تحد ضخم انتصرت فيه على قوى الجاذبية الأرضيه لتصل بعزيمتها وإصرارها وبجهدها هي إلى أحضان أغلى بشر عندها في الوجود .. أباها.
فديتك بروحي يا حبيبتي.
اليوم وأنت تخبريني وكلك بهجة وسرور بأن "الملف العلاقي" الأخضر قد اكتملت أوراقه بما فيها الفحوصات الطبيه والمعلومات الشخصيه ... بعد مشاوير مكوكيه قامت بها أمك .. (تماما كما فعلت أنا عند تسجيلك في الروضه) .. بين الدوائر والمراكز اتباعا لتعليمات رسميه .. تخبريني وكأنك تبشريني بانتهاء ولادة عسيره "تكلكلت" بالنجاح.
ولكن لماذا لا أبدو سعيدا بهذا النبأ والخبر العظيم؟
الملف العلاقي الأخضر "حق" بنتي حبيبتي حنان لتسجيلها في المدرسه قد اكتمل .. هذا خبر سعيد جدا كخبر ولادتك يا ملاكي .. ولكني بدلا من أفرح وأرقص أصبحت في حالة غضب شديده اشمئز منها من حولي.
ما ذنبهم؟ وما ذنبك؟ وما ذنب المجتمع؟
لأول مره تمنيت منك أن تكذبي علي يا صغيرتي .. تمنيت لو لزمت الصمت ولم تخبريني بأن أمك (جزاها الله خير على كل شيئ تفعله من أجلي وأجلكم) لم تعاود نفس الخطأ وترتكب نفس الغش رغم تحذيري لها من قبل.
أعلم يا حناني أنني وأمك جاهدنا كي نستخلص منك عينة "البراز" لاستكمال اجراءاتك الصحيه عندما كنت أحاول تسجيلك في الروضه .. وبذلنا سويا قصارى جهدنا نحن الإثنين في إقناعك كي تساعدينا والتلطف علينا بعينة صغيرة ولكن لم تستجيبي .. فاضطرت أمك دون علمي بأن تسترجي أخوك رضا .. وهو الصغير الذي يكون في قمة سعادته عندما يلبّي حاجة بطنه في تهريب ما يغص به .. أذكر أننا احتفلنا جميعا عندما بدأ رضا اعتماده على نفسه في قضاء حاجته .. كان بعد كل مرة يخرج منها من بيت الراحة يرفع يده انتصارا .. يفعل ذلك لأنه أخيرا تخلص من حفاظته التي لازمته أطول من غيره من الأطفال.
(أكتب وأنا أبتسم عندما أتذكره وهو يحاول أن يسحبني من يدي ليريني عملته السودا حتى أبدي له رضاي وسعادتي في إنجازه الكبير .. وأنا الذي كنت دائما أؤنبه على تمسكه بالحفاظه)
إذا يا حنان أصبح هذا الصغير المسكين مصدر "عينات" لك متى ما دعت الضروره .. وهو لا يعلم أن هذا غش وخداع لا يجب أن يتعلّمه من هو في سنه .. أنت يا بنيّتي كان ولا بد أن تتعاوني مع أمك مع أن ما هو مطلوب منك لم يكن بصعوبة وخطورة ما سحبوا منك من كمية دم بريء وأنت التي لم تبدي شعور بالألم حينما فعلوا.
تخبريني وأنت تضحكين بأن رضا أنقذك هذه المرة أيضا .. يا له من أخ وفي .. ويا لك من غشاشة صغيره!!
ماذا أفعل معك يا أم حنان الآن؟
خوفي من أن أمهات في طول وعرض البلاد غشاشات .. سامحك الله .. ألم تتذكري القول "من غشّنا ليس منا"؟
أم هو غش أبيض؟
-------------
سامي