حكــــــــاية طفـلين
كانت لحظات أحبتنا واحببناها ..
كنا نسرقها من الزمن .. قبل ان تسرقنا عمرنا ..
أضحك .. ألعب .. أجري .. أسقط ..
فتعينني على النهوض والخوف في عيناك ..دون أن تضحك علي ..!
ثم ...
تسقط انت ..لكنني أضحك عليك .. وأجري مبتعدة كي لا تلحقني وتضربني ..
أمازحك .. وأستغل الفرص لأهزمك .. فلا تغضب ..
بل تعجبك ضحكتي ... وأنا طفلة تهوى الإنتصار .. عليك أنت بالذات ..!
أستعطفك لتعطيني ما بيديك من حلوى وغيرها ..فتعطيني ..لأنك تحبني..!
وأبكي حين تحاول أن تأخذ ما بيدي .. فلا تثور علي وتضربني ..
أتشاجر معك .. واتركك ..لأذهب للبيت .. فلا تلحقني ..
بل تأتي البيت لتسأل عن أخي .. وتراني ..
ترسل لي بسماتك .. فأخرج لك لساني مستاءة ..
فتضحك على طفولتي العنيدة ..!
لم يمانع أحدا من حولنا .. هذه الطفولة وهذه الشقاوة ..
بل كان الكل مطمئنا بتواجدي معك وحولك ..
مر الزمن .. وهكذا تمر أيامنا ...
مزاح .. عراك .. لعب ..
شجار .. تنافس .. حلوى ..
رمال .. حصى ..بيوت خشبية .. نظرات شقية ..
ولم نعي أنفسنا ..
إلا بنظرات مركزة حولي ...
لا تخرجي كثيراً من البيت .. لا تجلسي مع أصدقاء أخيك ..
كفي عن الشقاوة .. فأنت اليوم لست طفلة ..
كفاك لعبا بالرمل .. كفاك جريا في الحارات ..
وكفاك ..وكفاك .. حتى كرهت معها كفاني ..!
صراع مع نفسي هزمني ...
وضغوط من حولي علمتني ..و قيدتني ..!
فتعودت على الجلوس في البيت ..
أقرأ كتاب .. أو أكتب حب ..
وتناسيت لذة الشقاوة في الحارات ..
وكرهت اتساخ يداي بالرمل ..!
وحين ألتقيك صدفة ..
يلفني الخجل من رأسي حتى أخمص قدامي ..
وكأنه لم يكن بيننا سنين من الطفولة الشقية ..
كم أنت رجل جذاب
وكم أنا انثى فاتنة ..
ولو أعلم يا أيها الطفل الشقي .. بأنك ستصبح في يوم ..
كل هذه الرجولة التي أرى ..
لتصرفت معك كطفلة مؤدبة ..
لأعطيتك كل الحلوى ..
لأعطيتك دميتي .. وحصالة نقودي ..
ولما شكوت عجرفتك وأنا أبكي لأمي ..!
والآن ...
أنا .. أعتذر منك تصرفاتي الهمجية والغجرية ..
كم كان جميل عفوك وحلمك معي ..
ليتك كنت تضربني ..
تزجرني .. ولكنك لم تفعل ..!
ياأنت ...؟؟
لماذا لم تفعل ..؟
مالذي كان يمنعك من ضربي ..
أو تركي أبكي غرقى في بحر دموعي ؟؟
الآن ..
الآن فهمت...
وعرفت معنى حنانك علي حينها ... ؟
سيدي ..
تبهرني رجولتك ..اليوم ..
ياطفل الأمس ..!
رغـــد (F)