مرحباً
.
.
.
.
نسمات حب نوّرت وجه السماء.. راح يلتهم رسالتها بالقراءة بلهفة وشوق.. كتبت تقول:
سأعود اليوم بعد طول غياب، سأعود في المساء .. بين صافرة القطار، سأكون اليوم بين أحضانك، وأنام في حجرك كما كنت لتحكي لي قصة قبل النوم كم أشتاق إليك .. انتظرني ..
لم يكمل بقية الرسالة من شدة فرحه وسروره .. أخذ يقفز كالأطفال فوق فراشه، فاليوم ستنتهي آلامه .. رحلة شقاء استمرت طويلاً دون أن يسمع منها أو عنها أي خبر.. بقي ينتظرها طويلاً واليوم تنتهي رحلة الانتظار .. بين دخان القطار.
خرج من بيته مسرعا إلى السوق .. واشترى حلة أنيقة تليق بالمناسبة الرائعة التي تنتظره.
ورجع إلى البيت .. واغتسل .. وتعطر بالعطر الذي تحب أن تستنشقه على صدره .. وارتدى حلته الجديدة .. صفف شعره كما كانت تحب أن تراه .. ووقف أمام المرآة، انه وسيم اليوم جداً وجذاب، كان يقول ذلك في نفسه، كان الفرح الذي بداخله والسعادة التي يشعر بها .. تضفي عليه أناقة وجمالاً بلا حدود.
خرج من البيت ثانية إلى محطة القطار .. وفي طريقة توقف عند بائع للزهور، واشترى باقة كبيرة تضم زهر الليلك والياسمين، زهور أجمعا على حبها.. وانطلق.. أخذ يتذكر في طريقة كل ذكرياتهما معاً، وكيف كان الحب الذي يجمعهما يكفي لأن يغطي وجه الكون كطوفان.
وصل إلى المحطة، وجد أعداداً هائلة من الناس، فابتسم وقال في نفسه مازحاً: كل هؤلاء جاءوا ليستقبلوها معي!
اختار جهة مرتفعة من المحطة، حتى يستطيع رؤيتها بوضوح وبسرعة أيضاً.
من بعيد لاح دخان القطار وصوت صفيره المميز، ومع كل متر يقتربه القطار، كانت دقات قلبه تزيد ألف دقة، واقترب القطار أكثر وأكثر، وهو ينتظر.
وقف القطار تماماً وبدأ الناس بالنزول، وراح يراقب باهتمام كل من يخرج من بوابات القطار، واختلط بسمعة أصوات صيحات الناس وفرحهم وضحكاتهم وظل يراقب .. ويراقب ويراقب.
أربع ساعات مرّت .. فرغ الرصيف من الناس تماماً وهو مازال يجلس في مكانه، ثانياً قدميه نحو صدره ويسند رأسة بكفيه على ركبتيه، لم يشعر بنفسه أبداً ولم يدر بنفسه إلا وهو يقف أمام أحد العاملين بالمحطة وهو يقول: هل فرغ القطار؟؟!
العامل: منذ أكثر من ساعتين.
هو: هل أنت متأكد؟؟!
العامل: بالطبع أنا متأكد
هو: هل رأيت القطار فارغاً بنفسك
العامل: ما هذا الجنون .. أنا أعمل هنا منذ أكثر من 15 عاماً ولم أصادف مجنوناً مثلك.
فرّت دمعة من عينيه أحس بها خيطاً من نار، يكوي وجنتيه بشدة، عاد أدراجه وألم الدنيا في صدره، يجر قدمه جراً ، لم يكن يعرف ماذا جرى، لماذا لم تأت، هل جاءت ولم يراها، مستحيـــــــــل، لقد كان قلبه يراقب قبل عينيه، إذا لماذا.؟؟؟؟!!!
يبدوا أن القطار قد فاتها، وستلحق بالقطار القادم. قطع حبل أفكاره أصوات زغاريد وفرح قادمة من بيت جاره، يبدوا أن ابنته منى قد وصلت اليوم، هز رأسه في أسى ودخل إلى بيته.. حلّ ربطة عنقه وأخرج الرسالة من جيب وجلس على طرف الفراش يعيد قراءتها، وهنا أصابته الفاجعة وعرف .. عرف لماذا لم تظهر حبيبته اليوم في المحطة .. فالرسالة كُتب في نهايتها
التوقيع
ابنتك (منى )
[c]
النهاية،،، :bhrt:
[/c]
تحياتي،،