في مثل هذا الوقت من العام الماضي ..قال لها كل عام وأنت حبيبتي..
وأنت وجعِ وعذابي..شوقي وحنيني..
كل عام وأنت فاتنة قلبي ..وسراج دربي ..ونظر عيني..
ابتسمت بخجل وهي تكاد تطير فرحا مما تسمعه ممن ملك قلبها ..
_أهذا كله لي ..؟؟
_ليتني أتقن كل اللغات لأقول لك في كل لغة..كل عام وأنت حبيبتي..
_ولكنني لا أريده بكل اللغات ..أريدها بلغة واحدة ..لغة قلبك هي وحدها التي تغريني.
–أذن بلغة قلبي ..وعقلي ..وروحي ..كل عام وأنت حبيبتي ..
قدمت له هدية جميلة وتمنت أن تعجبه ..علبة جميلة معقودة بشريط أحمر مخملي..تفوح منها رائحة.. عطرها
نظر إليها بود واحتضن علبتها..
- ألن تفتحها ..؟؟
_متأكد أنها ستعجبني طالما لمستها يداك..
فتح العلبة وهو يبتسم لها ..كانت عبارة عن وردة حمراء وبطاقة صغيرة كتبت عليها ..
..................أحبك للابد..............
– لم تقدم لي من قبل كروعة هذه الهدية..لن اسمح لنفسي أن يشغلها شيء عنك..ولن اسمح لأقداري أن تعبث بي هذه المرة وتبعدك عني..ففي بعدك عني نهايتي..
ذرفت دمعة وهي تستمع لحديثه الذي توجها به أميرة حب لم يشهدها لم يشهدها التاريخ من قبل.
_ لا تبكي ..لا أريد لعيناك أن تعرف طريق الدموع..لأنها إن عرفت ذلك
فلا استحق الحياة ..
_ كفى بالله عليك ..فقلبي المتعب لم يعرف يوما طريقا للسعادة..لكن منذ عرفتك وتبدلت أحواله ..
– حسنا سأكف عن الحديث على ألا تبعدي عيناك عني فالنظر إليهما حياتي..
_ولكن لم تخبريني ماذا يوجد بالعلبة الأخرى؟؟
- إنها هدية أتمنى ألا اهديها لك يوما..
_هدية لي ..هل هذا لغز ؟؟ دعيني أراها..
فتح العلبة الأخرى وإذا بها سكين لمع على قزحيه عينه وهو ينظر إليه..ذهل مما رأى حينها.
_ أتودين قتلي..؟
- لا ولكن هذا ما سأفعله إن خنت قلبي الذي منحك كل الود والإخلاص.. سأقتلك..ولكنني سأمنحك خلودا على أوراقي وفي قلبي ..إنها صفقة عادلة..
قهقه بصوت مرتفع ..
- أذن عليك برميها منذ الآن لأنني لن أخن قلبا كقلبك..ماذا أريد اكثر من عشق امرأة مثلك..؟؟
ومرت الأيام وهي تنعم بقربة وحبه وإخلاصه الذي اعتقدت انه سيدوم ..وان من هو مثله صعب أن تعرف الخيانة طريقة..
ولم يمر العام إلا وحاله يتبدل ..ذاك القلب المحب ..وتلك الروح الحالمة الخاطبة ودها ورضاها..كل شيء تبدل ..ليرمي بنفسه تحت أقدام امرأة أخرى..
يا لقسوة الأقدار أن تمنحك كل شيء في لحظة وتسلبك كل شيء في اللحظة التالية..أن تمنحك غيمه ناصعة البياض لتمتطيها وتحلق معه عاليا ..ثم لا تلبث أن تبددها لتلقي بك في قاع الجحيم ..
بكت وبكت ..كل يوم كان يمر عمرا يضاف إلى عمرها الذي تحول لخريف قاتل لا يرحم..
عمر باهت شاحب لا حياة فيه سوى الذكرى القاتلة .. الآلاف التساؤلات تقتلها صباح مساء .. لكنها لم تجرؤ يوما على سؤاله لماذا فعل ذلك ؟
لتعود من جديد تسأل ..لماذا ولماذا ..لكنها كانت على أمل بعودته المحتومة ..عودته حينما يدرك أي قلب كانت ..وأي إخلاص ووفاء قدمته له..
وانحنت لها الأقدار ..سمعت ذات يوم تهالكت به طرق خفيف على بابها ..نهضت لتفتحه بتهالك عهدته منذ خيانته لها..فتحت بابها لتجده وجها لوجه.
أرتعد قلبها ..أعادها القدر لنقطة البداية..تلاحقت ضربات قلبها وهي تنظر إلى عيناه مازلت على ودها القديم .. كان شديد الإعياء ..انطفأ بريق عيناه..وخف زهوه بقلبه..
أعاد وقوفه أمامها يوم احتفلت معه بذكرى حبهم الأول ..قاطع صمتها بصوته الخافت..
– ألا تدعوني للدخول؟؟
_ تفضل ..هل اجرؤ على منعك..
دخل وبات يتأمل بيتها البسيط ..كل شيء في مكانه..وكما عهده..لم يتبدل شيء..تذكر كل مكان وماذا قال لها فيه..
لم يتغير شيء ..كأنني ما غادرته يوما .. أتذكرين ؟؟ هنا أخبرتك أول مرة أنني احبك..وهنا لمست يدك الدافئة..وهنا ..وهنا..
وصمت..
– اكمل..هنا احتفلنا بالعام الأول لحبنا ..وهنا قدمت لك هدية ..أخبرتك
بأنني سأضل على حبك للابد..
_وهل مازلت على حبي؟؟
- ليس لك الحق بسؤالي عن مشاعري ..
_ اعلم بأنني قد أخطأت ..أعلم بأنني جرحتك ..
_جرحك لم يكن جرحا ..بل كان قتلاً..أعدمت بمقصلة خيانتك قلب لم يمنحك سوى الحب والوفاء ألم تسأل نفسك يوما ما لجرم الذي ارتكبته بحقك لتفعل هذا بي؟
ولأول مرة منذ عرفته تلمح بريق الدموع في عيناه التي أحبت النظر إليهما..أوشكت أن تتخاذل .
_اغفري لي ..أعلم بأنني مازلت بقلبك..وانك لم تكرهيني..امنحيني فرصتي ..لأعود لجسدي وروحي وإنسانيتي ..كل شيء غادرني حالم ابتعدت عنك..وكأنك كنت لي الحياة..
– الحب قادر على الحياة كل يوم من جديد إلا عندما تخيم عليه الخيانة والغدر ..
امسك بكفها الخائفة ..
– فرصة واحدة أعوضك بها عما فعلته بك..ضميني إليك واغمضي عيناك ..تذكري كما كنا سعيدين..
بكت على كتفه وهي تتذكر كل شيء ..حبه الزائف..خيانته القاتلة..وعودته التي انتظرتها طويلا..
نظرت إلى علبتها القديمة ..حاولت التراجع عن قسم اقسمته يوما ..لكن كبريائها الجريح ..وقلبها النازف منعاها من ذلك ..
اقتربت من علبتها الصغيرة والدموع تبلل وجنتيها .. أمسكت بسكينها..وغرسته في صدره..
نظرت إليه وهو غارق في دمائه ..
- هذا لأجل قلبي الذي لم تعرفه..سأظل أحبك للأبد..
أدارت موسيقى قد عشقا الاستماع إليها.. رقصت وحدها هذه المرة ..رقصة أخيرة ..إنها رقصة الموت..
حملت أمتعتها ..ألقت بوردة حمراء على جسده ..وغادرت المكان لبداية جديدة ..
[c]
..النهايـــــة..
عزيزي القارئ..عزيزتي القارئة..
نرجو التعامل مع الموضوع على انه نص أدبي بحت ..فالخيانة ليست صفة مطلقة لجنس دون الآخر ..
وللجميع أجمل تحية..
[/c]