[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هوايته المفضلة والقديمة التمددُ على سطح البحر لساعاتِ وساعات
كأنما كان يهرب من البرِ لسطحِ البحر !!!!!!!!
يكرهُ المواجهة لا لأنه ضعيف ..بل لأنه يكرهُ أن يجرح كائناً من كان !!!!!!!!
يظلُ أشهراً يستجمع قواه للحياة في البر وينجح في ذلك ويخرج للبر فيعاصر الحياة وتعصره ...
فطيبته المُفرطة وحُسن نيته - في زمنٍ باتت تُعدُ فيه مثل تلك الخصالِ عنواناً للحُمقِ !!!- تجعل الأمور من حوله تتفاقم وتتعقد وتصل لنهايات مُغلقة فيهرب من المواجهة أو من جرح أحدٍ - كما يعتقد- إلى سطح الماء !!!!!!!!
يُحبُ البحر ومافيه .. بعض المناظر في عُمق البحر شاهدها الآف المرات من قبل إلا أنها مازالت تعجبه وتسلبه لبه !!!
نظارةُ بحرٍ مزودةٍ بأنبوبٍ عمودي عليها متجهٍ للأعلى وزوجٌ من (( الزعانف )) وسكينٌ حادةٌ ملفوفةٌ حول ساقه والنوم على بطنه على سطح الماء كان كل مايحتاجه لينسى البر ومن فيه ومافيه !!!!
وذات نهار وبعد جولة من جولاته الخاسرة في البر والتي ظل أشهراً يستجمع قواه لينتصر فيها
عاد معصوراً لسطح البحر ...
متألماً
نازفاً
رمى بنفسه فوق سطح الماء رمية عنيفة!!!! وظل يسبح ويسبح ويسبح ولا يتوقف إلا ليخلع نظارة البحر ليفرغها من دموعه !!!!!!!!
حتى ابتعد كثيراً عن الشاطيء فأصبح لايرى لاالشاطيء ولا قاع البحر!!! فلا بر ولاقاع بحر ولاسماء مجرد سطح ماء !!!!!
توقف هناك وأغمض عينيه وظل لأكثر من ساعتين ممدداً ودون حراك حتى شعر بتحسن حالته
فأقفل عائداً لمنطقة يرى فيها قاع البحر ..
ظل يسبح ببطء شديدٍ نحو الشاطيء وبدأ القاع يظهر له قليلاً قليلاً ...
وماأن اتضحت الرؤية حتى رأى سمكة ضخمة تتحرك بعنف بجوار صخورٍ في القاع وكأنها عالقة فيها !!!
استغرب كيف تصل سمكةٌ بهذه الضخامة إلى هذا المكان ؟؟؟!!!!!!!
أخرج سكينه الحادة و ملأ رئتيه بالهواء ومال بجسده في الماء وبضربة من(( زعانفه)) التي في قدميه كان بجوار السمكة
اقترب منها وكان توقعه صحيحاً فهي عالقةٌ بين الصخور... ففي فمها بقايا (( جَلبٍ )) لسنارة صيد ٍ ويظهر أن صياداً هاوياً علقت السمكةُ بسنارته فلما قاومته قطع (( الجَلبَ )) وصلته بها !!!
فلما مرت من عند الصخور عَلِقَ (( الجَلبُ )) بها ...
اقترب منها والسمكة تزداد حركة ونفوراً وظل يقترب ويقترب بحذرٍ شديدٍ جداً حتى اقترب بسكينه الحادة من خيشومها واستطاع بكل مهارة واقتدار أن يقطع(( الجلبَ)) ويحرر السمكة فانطلقت مبتعدة عنه وبكل سرعتها نحو العمقِ ولم تكلف نفسها حتى أن ترسل إليه ولو نظرة شكر !!! لكنه لم يغضب من السمكة لأنه اعتاد هذه المواقف في البر كثيراً !!!!!!!!!!
شعر بسعادة بالغة وبراحة عميقة وكأنما هو من تحرر من الصخور ورفع نفسه يريد السطح لكنه توقف فجأة فقد لمحَ شيئاً غريباً بين الصخور !!!
وعاد لينظرَ بين الصخور.. هل مايراه واقعاً أم أنه يحلم؟؟!!!
ظل يحوم حول الصخور ويُمعن النظر َوفي كل مرة يزداد دهشة وذهولاً واستغراباً فما رأه بين الصخور لم يره قط في حياته كلها !!!!
صعدَ إلى سطحِ الماء ليجدد الهواء في رئتيه وعاود الغوص ثانية إلى حيث الصخور وعاود الدوران حولها والنظرفيما رأه بداخلها وقد سكنته الدهشةُ واستوطنهُ الذهول !!!
وللقصةِ - بإذن الله إن كان في العمرِ بقيةٌ - بقية
أحمد النجار [/align]