[c]
تنهيدة بدء
"الكتابة فعل مقاومة الموت"
.... رضوى عاشور ....
.... .... .... .... .... .... ....
تهدئة للنفس المستريعة على حتمية الفناء**
[/c]
روحي,
لن أشكو هذه المرة الألم الذي يجري منكِ مجرى الدم من الجسد, حتى تأصل في صدري مثل شجرة بدأت بذرة بالكاد تلامس سطح التربة, لكنها تفتقت عن جذير دس نفسه في قشرة الأرض وشققها ليتفرع ويغدو للأرض رمز جرح أبدي ونذير وجع جديد, وهكذا غدا لي الألم فبعد أن جرَّحني نامياً, لن يمكنني تخليصكِ منه دون تجريح صدري به اقتلاعاً.
ولن أحكي قصتي مع ذاكرة الوفاء التي لا تهدأ حتى تفتح لي على الأمس نوافذ تشع ضوءاً فيما مضى كان أنا.
ولن أكتب عن همجية ليلٍ ظلمته تطفلت وخيمت تضرب أطنابها على تخوم الوجع فيني؛ فأنا ما عدت أنا, وقلبي لم يعد إلا راهباً يتعبد في دير الصدق وحيدا, وما بصدري اليوم ليس غير ثورة تمرد جديد على الألم, على الوجع, وعلى روحي التي لم تعد تشبهني, ثلاثتهم توطنوا الصدر واستباحوا كل ثنية كانت خاوية إلا من فراشة حلم ترف حول نجمة, ثلاثتكم أصبحتم واحداً... كلكم أنتِ.
فيا أنتِ, كيف أنختِ رَحْـلَ صبركِ, ودفعتِه ثمن سلمٍ مع الألم ووجع الجرح؟
كيف وقد عرفتِ أنكِ حتى وإن اعتدتهما لن يكفيَـكِ برد السلم حرهما, ولن يخضع لبياض رايته جرحٌ لم يزل فاغر عن سائلٍ قان؟
كيف وأنتِ تعرفين أنهما كدودة تلتهم على مهل أطراف جرح مفتوح, فلا تـُـبقي أخيراً إلا على جزء من هيكل ربما يكون لي يوماً ما؟!
مرة أخرى هزيمة, وفَقـْدٌ يخسف الأرض من أمامي..
وفقدانكِ أنتِ فناء- ــي - .... .
الصدع الممتد يكاد يشق الأرض من تحتي إلى شقين, وعلى حافة الفناء أقف حيث الوَحْدَة لم تزل موجودة, ولا مفر من السقوط إلا أن يُـسْرى بي, أن تحملني سحابة, أو يأخذني إعصار في دوامته....
إلا أن... تحدث معجزة فأرى شيئاً غير الذي أراه الآن!
هاأنتِ تجرعينني خذلانكِ لي بتروٍ, مستشعرة لذة عدو تاق للنيل من خصمه ردحاً من الزمن, وذي اللحظة يكون له ما أراد وينسى أن دوره ينتهي عند هذا الحد, أو ربما يتذكر ذلك أخيراً فيشبع روحه العطشى لحظات حياة أخيرة!
ذات توحد بيننا, عندما كنتُ آمن على فراشات الحلم معكِ, كنت أرى الحياة تنيناً يتربص بي وبكِ في كل مرة كنا نطلب الشمس عناقاً يغسلنا طهراً, نوراً, وحقيقة..
لأزفر فراشة حلم نثرتِ الكحل على أجنحتها ولونتِـها ثم نفختِ فيها منكِ لتطير..
كنا نلون العالم من حولنا..
نطلق فراشة ويلحقها التنين بلهب, لكنها تنجو ترتفع عنه وتطير, أليست منكِ ؟
كيف لا تنجو إذاً!
وهاأنتِ الآن,
هادنتِ الألم و خان, تركتِ للوجع أمر تطبيب الجرح, فاستحلتِ في صدري إلى فوهة بركان, وما يبقى سوى الرماد في كل مكان..
حتى الحياة هجرتنا فلم يعد لها مأرب في روح استسلمت للخذلان ...
[c] .... الشمـــــــــــس .... [/c]
.... .... .... .... .... .... .... .... .... .... ....
**عنوان هذا النص عبارة اقتبستها من "خرافية سرايا بنت الغول" للكاتب الفلسطيني "إميل حبيبي"