أحبتي الدرر اليوم موضوعنا عن ( ربِّ العالمين ) من سورة الفاتحة
لماذا قال الله تعالى : (ربِّ ) ؟ ولماذا ( العالمين ) بالذات؟
1. لماذا ( ربِّ ) ؟
قبل الخوض في تفاصيل لماذا ؟ ، لا بد من معرفة معنى الربُّ ..
فالربّ: المالك ، والسيد ، والمرّبي ، والقيّم ، والمنعم .
وربُّ العالمين : مالكهم وسيدهم ومربيهم ، والمنعم عليهم.
ومالك الشخص وسيده ومربيه أحق بالحمد وأولى به من غيره .
وبُدئ بالرب ، لأن له التصرف في المسود والمملوك والعابد بما أراد من خير أو شر.
وهنا لِمَ اختار الله تعالى ( رب ) ، ولم يختر اسماً أو وصفاً آخر من أسمائه وصفاته؟؟؟؟ كما فعل تعالى في مواطن أخرى من الكتاب العزيز ، فقد قال في موطن : ( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض )/ الأنعام ، وفي موطن آخر : ( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) /فاطر
وقال في موطن ثالث : ( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض )/سبأ.
والجواب : أن كل اختيار يناسب سياق السورة التي ورد فيها ، فقد ذكر الله تعالى في سورة فاطر أنه فطر السماوات والأرض ، وابتدأها وأحدث ذواتها من العدم الصرف ، ثم ذكر أنه خلقها ، أي : قدّرها وصوّرها على غير مثال سابق. والخلْق في اللغة قد يكون بمعنى الإنشاء ، وابراز العين من العدم الصرف إلى الوجود ، وهذا لا يكون إلا لله [وقد] يكون بمعنى التقدير والتصوير ، لذلك يسمى صانع الأديم ونحوه الخالق ، لأنه يقدر . قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام : ( أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير )/ آل عمران. أي: أصوّر وأصنع.
فالله هو الموجد للسماوات والأرض ، وهو المصوّر المقدّر لها على غير مثال سابق ، وهو مالكها ومالك ما فيها .
جاء في تفسير الرازي : أنه تعالى لم يقل : الحمد لله خالق العالمين ، بل (الحمد لله رب العالمين ) والسبب فيه أن الناس أطبقوا على أن الحوادث مفتقرة إلى الموجد والمحدث حال حدوثها ( خلقها) ، لكنهم اختلفوا في أنها حال بقائها ، هل تبقى محتاجة إلى المُبقي أم لا ؟
فقال قوم : الشيء حال بقائه يستغني عن السبب ، والمربي هو القائم ببقاء الشيء وإصلاح حاله حال بقائه. فقوله : ( رب العالمين ) تنبيه على أن جميع العالمين ، مفتقره إليه حال بقائها ، والمقصود أن افتقارها إلى الموجد في حال حدوثها ، أمر متفق عليه. أما افتقارها إلى المبقي والمربي حال بقائها هو الذي وقف فيه الخلاف ، فخصه سبحانه بالذكر ، تنبيها على أن كل ما سوى الله فإنه لا يستغنى عنه لا في حال حدوثه ولا في حال بقائه...
هذا إلى جانب أن قوله تعالى : (رب العالمين ) مناسب لقوله فيما بعد : ( اهدنا الصراط المستقيم ) ، لأن المهمة الأولى للمربي هي الهداية ، ولذلك اقترنت الهداية بلفظ الرب في القرآن كثيراً . من ذلك قوله : ( قل إنني هداني ربي إلى صراطٍ مستقيم)/الأنعام ، (إن معي ربي سيهدين )/الشعراء. (عسى ربي أن يهديني سواء السبيل)/ القصص. وغيرها.
انتهى الحديث عن ( ربِّ ) ولنكمل الحديث في المرة القادمة عن (العالمين ) ... بإذن الله
أجمل وأرق أمنياتي
الأمــــل