جميلتي رشـــــا
ممتنة أنا من القلب لهذه الدعوة الكريمة ..
**
هنا عدتــُ إلى ذاكرة ٍ أثقلتـُها بالكثير ..
عدتــُ أرجوها بحنين ٍ لفظ شيء ٍ من الذكرى ..
عدتــُ إلى أول عهدي بـ (( الخيال ))
إلى أول كأس ٍ تشاطرناهـ سويــًا ..
وَ إلى أساطير ٍ أبت يداي إلا أن تسبغ عليها
ماءهـ ..
(( ماء الخيال )) فلا ماء سواهـ يُحيها ..
/
//
آهـ يا رشـا ..
تعودين بي إلى زمني الجميل ..
كنت أنشد أمي في فضوتها أنْ تقصّ علي (( سندريلا ))
لي أن أستعيد المكان وَ المنظر ..
بهدوء وَ على الأرض ..
تجلس القرفصاء وَ أنا في حضنها .. وَ رأسي مسنودٌ إليها
" كان يا ما كان في قديم الزمان وَ سالف العصر وَ الأوان "
هيَ تحكي وَ تستفيض ..
وَ الفتاة التي هيَ أنا تستفيض إما في الخيـــــــال ..
أو الشخير !!
وَ هذه هيَ قصتي الأجمل بدفئها وَ حلمها إلا أنّ الجميع يحفظها
عن ظهر قلب ..
**
القصة الأخرى ..
لـ جدتي
وَ الطريف هوَ أنني تذكرت ولعي بتلكـَ القصة دون أحداثها !!
بالأمس عدتـُ إلى جدتي ..
لا أعلم من أي نافذة قفزت تلكـَ الفتاة ذات الخمس سنوات وَ تملكتني فجأة ..
/
//
سألتها : أتذكرين (( فاطمة بلاوي )) ؟!
ابتـَسمتْ كما لو أن ذاكـَ الفرح الطفوليَّ الذي يملؤني صافح محيــّها ..
وَ بلا استفهام وَ دون أيّ مقدمات استهلت السرد ..
**
(( فاطمة بلاوي ))
فتاة مليئة بالحياة .. شقيــّة جدًا ..
وَ من هنا كان اللقب (( بلاوي )) " جمع بليــّة " بلغة العامّة
في يوم ٍ ما .. ازداد الوزر على والديها .. أعماهما الغضب .. فقررا التخلص منها ..
ليلاً وَ هيَ تنعم بسباتٍ عميق وضعاها داخل صندوق مليء بالحلوى
وَ الثياب وَ الزعفران وَ ذهبا بها بعيدًا عن مسكنها ..
أمام منزل ٍ جديد لا تعرفه استيقظت فاطمة ..
وَ لأن من يقطنه أناس طيبون قرروا أن تكون هذه الفتاة شقيقة جديدة لبناتهم الستة وَ بذلكـَ أصبحت خلفتهم سوية بجارتهم الشريرة التي يهابها الجميع ..
(( الغـــــــــــــــــــــولة ))
ليلا ً وَ قبل النوم كانت الأم تنصح فتياتها وَ فاطمة واحدة منهن ..
بهدوء اخلدن إلى النوم ..
لا تضئن الفوانيس وَ لا تصدرن ما يُزعج جارتنا الغولة !!
- وَ من هيَ هذه الغولة التي لا نضيء الفوانيس من أجلها !!
بصوتٍ ساخر سألت فاطمة إحدى أخواتها ..
أجابتها : (( الغولة )) هيَ جارتنا صاحبة المنزل اللصيق ..
وَ الجميع هنا يهابها ..
لها سبع فتيات في مثل أعمارنا إلا أنّ " ماما " حرجّت علينا الذهاب إليهن أو اللعب معهن ..
فأمهن الغولة قد تأكلنا في أي وقت إن كانت جائعة ..
أومأت فاطمة برأسها حينها وَ خلدت إلى النوم ..
في صباح اليوم التالي ..
خرجت فاطمة مع إخوتها للعب وَ في تلكـَ الأثناء لمحتها الغولة ..
الغولة : اممممممم ثياب جميلة ..
ما اسمكِ يا حُـلوة ؟ " سألت ببراءة مصطنعة "
أنا فاطمة .. " أجابت "
اسم ٌ جميل ..
يا ترى لما لم أرها قبل الآن ؟! " الغولة تحدث نفسها "
- أين تسكنين يا فاطمة ؟!
هناك " أشارت إلى المنزل "
حسنٌ يا حلوتي ..
يبدو أنني سأزوركم هذا المساء !! " أخبرتها بشر"
عادت فاطمة إلى المنزل وَ الجميع يتحدث وَ يسرد حكايا يومه ..
فأخذت تقصُ إليهم أمر تلكـَ المرأة وَ هيئتها المرعبة
صمتت برهة ..
ثم قالت : آهـ تذكرت .. قالت لي أنها ستزورنا هذا المساء !!
عندها أدركـَ الجميع بأنها الغولة ..
عــــمّ السكون أجواء المنزل ..
حالة من الذعر انتابت الجميع ..
وَ الكل يفكر في صمت يا ترى ما العمل ؟!
أين سنخبئ هذهـ الفتاة ؟!
وَ فجأة ..
طق طق طق .. " دُقَ الباب "
- من هناك ؟!
أنا جارتكم الغولة افتحوا لي ..
وَ لأن ما باليد حيلة فتحوا لها الباب ..
دخلت وَ أخذت ترمق من في الداخل بتمعن وَ تقلب ناظريها علــّها تجد ضالتها بينهم ..
صالت وَ جالت في المنزل حتى أعياها التعب وَ لم تجد تلكـَ الفاطمة !!
وَ بعدها ..
عادت أدراجها مضمرة ً العودة عُقبَ نهار ٍ آخر ..
بمجرد أن أفل ظل الغولة ارتعشت أطراف الجميع وَ كأنها تنفض الرعب الذي أثقلتها به تلكـَ الطلة الغير مرحب بها ..
وَ بدأ الجميع البحث عن فاطمة .. يا ترى أين هذه الفتاة ؟!
وَ أخيرًا بعد جهد ٍ مضني ..
وجدوها تلعب ببراءة في بيت ٍ من السعف ..
- آهـٍ منكـِ يا فاطمة .. أأنت هنا ؟! " بتعب قالها أحدهم "
تساءلت " بفرح " : هل ذهبت الغولة ؟
أجابوها " بصوت واحد " : نعم .. وَ لكنها عزمت على العودة في الغد
أين لكـِ أن تختبئي مجددًا ؟!
فكرتْ مليــًا .. من ثم أجابتْ : في البئر ..
في صباح اليوم التالي ..
رأتها الغولة مجددًا .. سألتها : زرتكم بالأمس .. أين كنتـِ ؟
فاطمة : كنت أنتظركِ في بيت السعف ..
الغولة : سأزوركم اليوم انتظريني ..
في المساء ..
دُق الباب مجددًا وَ بالطبع كانت الغولة ..
وَ من جديد أخذت تبحثــُ في المنزل عن فاطمة .. و لكن بلا جدوى !!
وَ في الصباح ..
الغولة : لما لم أركـِ بالأمس يا حلوتي .. أين كنتِ؟
فاطمة : كنتـُ أنتظركـِ في البئر !!
هكذا ..
وَ على هذا الإيقاع الساخر كانت النوتات المسائية تجد سبيلها للهرب من نهاية يخشاها الجميع ..
الغولة تنفثــُ أنفاس رعبها الكريهة وَ فاطمة تباغتها بالغميضّــة ..
استمر الوضع على ما هوَ عليه إلى أنْ أدركت تلكـَ الغولة أن في الأمر السر ..
وَ عندها ..
عزمتـْ على ألا تكون الزائرة في المرة القادمة ..
هذه المرّة وجهت الدعوة إلى فاطمة ..
الغولة " بمكر" : ما رأيك أن تزوريني اليوم يا صغيرتي ؟!
فاطمة : وَ لكن ماما لا تسمح لي بالخروج وحيدة ..
الغولة : إذًا تعاليّ برفقة أخواتك .. بناتي في مثل عمرك وَ سيسعدهم اللعب معكـِ ..
ربما أبتـْ الكنية التي حملتها تلكـَ الفاطمة إلا أن تترك بصمتها عليــّها ..
هاهيَ الشمس تلتف بألق حول خاصرة السماء ..
ترسل خيوطها الذهبية لتداعب أعينــًا اعتادت مصافحة الصباح ..
وَ فاطمة تحاول جاهدة ً إقناع أخواتها بزيارة لمنزل الجارة الغولة !!
خرجت فاطمة برفقة أخواتها ذاكـَ الصباح وَ جميعهن قد ارتدين ثيابــًا حمراء قرمزية جميلة ..
طق طق طق ..
الغولة : من هناك ؟
- أنا فاطمة أتيت لزيارتك برفقة أخواتي ..
- اهااا .. أهلاً وَ سهلاً .. " الغولة بـ انتشاء "
مرحبــًا بكن يا حـُـلوات .. تفضلن
هؤلاء هن بناتي ..
قالت فاطمة : جميلة ثيابهن الخضراء .. أحب هذا اللون ..
مرّ الوقت وَ فاطمة وَ الفتيات يمرحن مع بنات الغولة ..
ومن حين لآخر كانت فاطمة تحاول الانسلال من بينهن خلسة ..
وَ أخيرًا نجحت وَ ذهبت لتراقبَ الغولة ..
وَ إذا بها تراها تلقي الحطب وَ تشعل النار وَ تملئ قدرًا عملاقــًا بالماء وَ هيَ تغني واحدة للإفطار وَ أخرى للغداء وَ فاطمة للعشاء ..
تصمت البرهة وَ من ثم تعود لمواصلة الغناء ..
ذعرت فاطمة بعد أن رأت ما رأت ..
وَعلمت أنّ إحداهن لا محالة ستكون أضحية ذاك المساء ..
أخذت تفكر وَ تفكر في سبيل للخلاص من تلكـَ الورطة ..
وَ في تلكـَ الأثناء .. أخذت أحدى فتيات الغولة تجذبها من فستانها
-هيا يا فاطمة تعالي وَ العبي معنا ..
وَ من ثم سألتها : ماذا تأكلين ؟!
أجابت : إنها حلوى ..
سألتها الفتاة : هل لي بقليل ٍ منها ..
أجابت فاطمة : بالطبع ..
كادت تمد يدها إلى الفتاة وَ فجأة لمعت فكرة ما في أفق فكرها ..
قالت : اممممم .. سأعطيكِ كل مالدي من حلوى بشرط ..
الفتاة : وَ ماهو ؟
فاطمة : أن تبادليني أنا وَ أخواتي الثياب ..
الفتاة : حسنــًا سأخبر أخواتي ..
وَ تم لفاطمة ما أرادت ..
وما أن أظلمت السماء حتى أغلقت الغولة باب منزلها لتجعل فاطمة وَ أخواتها حبساء دارها..
كانت ظلمة الليل الشديدة تعمي الغولة .. لذا لم تستطع التميز بين الملامح وَ أخذت تلتقط كل فتاة برداء أحمر تجري في فنائها ..
كان الفتيات يصرخن لا تأكلينا يا ماما نحن بناتك .. إلا أن تلكـَ الغولة لم تستمع لأي عويل أو نداء سوى نداء الجوع
الذي يسيطر عليـّها !!
طبخت الغولة طعامها ..
وَ بدأت التلذذ بـصنيعة يديها إلى أن ابتلعت خاتم أحدى فتياتها
مع جملة الطعام دون أن تنتبه لتختنق بعدها ..
وَ هكذا ماتت الغولة وَ عادت فاطمة برفقة أخواتها إلى المنزل
كما لو أنْ شيئــًا لم يكن ..
وَ
توته توته خلصت الحتوته