بعد الإنتهاء من صلاة الفجر جلس بجواري صديق لي وبعد السلام والسؤال عن الحال اخبرني بأنه يبحث عني من الساعة الواحدة صباحاً إلى قبيل صلاة الفجر وحاول الإتصال بي دون جدوى _ لأن عندي طبع لاأستطيع التخلص منه وهو إغلاقي لجميع هواتفي الثابت منها والمحمول قبل النوم_
ثم طلبت منه إن كان هناك متسع من الوقت لديه أن ينتظر حتى نفرغ مما نحن فيه ثم سأدعوه بعدها لتناول طعام الأفطار معي في منزلي فوافق مشكوراً ..........................
وأثناء تناولنا للشاي بعد الأفطار اخبرته وعلى استحياء بأنني قد لاحظت أنه طوال هذه الفترة لم يتحدث معي في الأمر الذي كان يبحث عني لأجله !!!!
وفجأة وضع كوب الشاي من يده ونظر للأرض واربد وجهه فوضعت أنا ايضاً كوب الشاي ارضاً وقلت له : عسى خير؟
قال : أحمد .. أتذكر قبل فترة تجاوزت العامين ذهبت معك لمكتبة جامعة الملك عبدالعزيز المركزية وكنت تبحث عن موضوع له علاقة بالجن والشياطين ؟
قلت :كأنني أذكر ذلك , ولكن ماعلاقة ذلك ببحثك عني وماعلاقته بما يظهر على وجهك الآن ؟؟!!
ثم بدأ الحديث قائلاً :
لي أخت متزوجة وتسكن مع زوجها في منزل بعيد عنا ونظراً لظروف عمل زوجها فأنه ومعظم الوقت على سفر .....
واليوم وعند أذان صلاة المغرب اتصلت بي أختي من هاتفها المحمول باكية منهارة مضطربة متلعثمة افهم منها كلمة وتغيب عني كلمات كل الذي فهمته منها أنها تريد مني الحضور لبيت جارتها الآن لكي أخذها من هناك وبسرعة ولما فقدت الأمل في فهم شيْ منها وهي على هذا الحال ركبت سيارتي أسرعت متجهاً إليها ولما وصلت بيتها اتصلت مخبراً إياها بأنني عند البيت وطلبت منها النزول فجاء ردها كالصاعقة بأنها لاتستطيع النزول فصعدت اسابق الريح ولاتكاد تحملني قدماي فوجدت فتاة واقفة على الدرج بجوار بيت أختي وأشارت لي بالدخول فدخلت ووجدت أختي ملقاة على أريكة وهي تنتفض وتتنفس بصعوبة بالغة فرميت نفسي عندها واحتضنتها وسألتها ماذا حل بك ؟؟؟؟!!!!
ازداد بكأها ونحيبها وشهيقها وفقدت القدرة على الحديث فتوجهت بالحديث لجارتها قائلاً :مالذي حدث ؟
ردت علي باكية : والله لا أعلم سمعت طرقاً شديداً على الباب فنظرت من العين التي في الباب فرأيت أختك واقفة مرتجفة باكية تنظر كل برهة لباب بيتها ثم تعاود الألتصاق ببابي وطرقه بشدة ففتحت لها الباب وكانت دون حجاب وشعرت كأن شعرها كان واقفاً وعيناهاجامدة لاتطرف يملأها الرعب ويسكنها الخوف فسألتها نفس السؤال الذي سألتها إياه وكل ما أخذته منها كان عبارة عن إشارة مرتجفة لباب بيتها وباءت كل محاولاتي بالفشل وكل الذي استطعت فعله أنني استطعت إقناعها بالأتصال ببيت أهلها أو بأي أحد من أهلها فوافقت على الأتصال بك وها أنت تقف أمامها فهل استطعت معرفة مابها !!!!
طلبت من أختي مفتاح بيتها حتى نرجع لبيتها وأحاول تهدئتها هناك وبالتالي معرفة ماحصل .
إلا أنني وما أكملت حرف التاء من كلمة بيت حتى صرخت :لا لا لا البيت لا لا الله يخليك لاتدخل البيت الله يخليك الله ...وانخرطت في بكاء أبكاني معها فقلت لها باكياً: ماذا في البيت ؟!! فقالت البيت لالالا
فقلت لها : على الأقل أحضر لك حجابك لكي نذهب من هنا فبادرت جارتها قائلة: أمكثوا هنا أنا أذهب لحجرة أخرى , فشكرتها وأعلمتها بضرورة أخذ أختي للمستشفى فقالت : نحضر لها الطبيب هنا .
استغربت تمسك الجارة بنا وأدهشني بريق الخوف في عينيها ..فقلت في نفسي لعل ما أصاب أختي قد أخافها ولاتريد البقاء لوحدها ... فقلت لها : هل تمانعين في المجيء معنا للمستشفى ؟
مالمحته في عينيها أكد صدق ما فكرت به فقالت :نعم ..لحظات حتى أعطي أبي المقعد علاجه وأخبره بأنني سأذهب معكم .
ولما سمعت كلمة مقعد اعتذرت لها وبشدة على ماتسببنا به من إزعاج لإبيها المريض فقالت بنبرة حزن إنه لايسمع ولايتكلم!!!أوشك قلبي أن يذوب حزناً لحالها حتى أختي لاحظت ولثوان معدودة بأنها قد أرسلت لها نظرة حانية مشفقة ممزوجة بتلك النظرة المرعوبة _ عجيب أنت أيها الأنسان_
وفي السيارة وما أن ابتعدنا عن البيت حتى سمعت أختي تقول :
سلطان لا داعي للمستشفى!!!!
فقلت لها فقط نطمئن عليك ,فكررت قولتها لاداعي
فقلت أخبريني مالذي حدث ؟
اعتدلت في جلستها فعرفت فيها أختي القوية التي أعرفها ودنت منا جارتها فغمرني إحساس جارف بأن هذه المخلوقة هي ألطف ماشاهدت وأطيب من التقيت وفيها من البراءة ما لو وزع على أهل الأرض لكفاهم .............................. .......
بدأت أختي الحديث : تعلم أن سامي كثير السفر وأنني أمكث في البيت ..فقاطعتها قائلاً :وحيدة أعلم ذلك مالذي حدث .
قالت : اليوم وقبل الغروب بقليل وكنت جالسة أشاهد التلفاز لم أشعر إلا وسامي فوق رأسي فطرت من الفرح واحتضنته ولاحظت أن وجهه شاحب على غير العادة وقلت في نفسي هذه وعثاء السفر..
وأردت أن أسأله عن سر عودته المبكرة إلا أني خشيت أن أفتح باباً للشيطان فيوسوس له ( آه لماذا يضايقها حضوري المبكر ) فسكت ...
صاحت جارتها هند مالذي حدث ؟؟؟؟
عادت أختي للحديث : قال لي سامي أنا متعب وأريد النوم الآن وإذا استيقظت نتحدث في كل شيء .
فسبقته لحجرة النوم وأدرت له جهاز التكييف وأعددت له الفراش وبدل ملابسه وغط في نوم عميق .
ثم أغلقت الباب خلفي وعدت لحجرة التلفاز ...
وفجأة رن هاتفي المحمول فنظرت إليه فإذا به رقم هاتف سامي المحمول فتبسمت وقلت في نفسي لعله يريد شيئاً ولم أجب على الهاتف بل توجهت لحجرة النوم ...وبدأ صوتها بالإرتجاف ثم عادت للبكاء ثانية فصرخت فيها ماذا حدث مالذي شاهديته في حجرة النوم ؟؟ قاطعتني جارتها قائلة وبلهجة الخبير العارف أكملي ياهند .
قالت أختي :وجدت الحجرة خالية ولا أثر لسامي فقلت لابد وأنه في حجرة أخرى فطفقت أبحث في كل البيت ولم أجد سامي فتملكني الرعب ثم تذكرت أن هاتفي المحمول يرن وأن الرقم الذي يتصل علي هورقم سامي .. ففتحت الخط وبادرته على الفور أين أنت ياسامي وماهذا المزاح الثقيل ؟؟؟!!!!
فجاءت نبرة سامي تحمل معها كل مافي الدنيا من استغراب قائلاً : ألا تعلمين أين أنا , وأي مزاح ثقيل تقصدين ؟؟!! عموماً سوف أتأخر لفترة غير محدودة فلا تقلقي وفجأة انقطع الأتصال فعاودت الأتصال على هاتفه المحمول ولكنه كان مغلق ثم عدت للبحث في البيت جاءت عيني صدفة على الباب فرأيت المزلاج الأضافي والذي ركبه سامي زيادة في إشعاري بالأمان مغلق ومن الداخل فسامي لم يخرج من البيت ..وعدت للبحث ولم أجد سامي إلا أنني وأثناء بحثي رأيت سامي جالساً على نفس الأريكة التي كنت أجلس عليها ولكن وما أن أقتربت منه (وعادت أختي للبكاء والنحيب والإرتجاف )
ولكن جارتها أكملت حتى أختفى !!!!
نظرت للجارة بالمرآة فرأيتها قد اسندت ظهرها للمقعد وأخذت في البكاء .....
فسألتها ومالذي أدراك ؟؟؟
قالت : إن البيت مسكون وأنا قد مر علي أضعاف أضعاف مامر على أختك وقد أعتدت على ذلك .
وسألتها وقد تملكني الفضول : أنا آسف لعل ما سأقوله فيه تدخل فيما لايعنيني... لماذا أنت صابرة على كل ذلك ؟!
فالمنازل كثيرة ومتوفرة !!!!
بدأت الجارة تخرج أنفاس من أنفها وهي تحاول جاهدة مقاومة البكاء دون فائدة فبكت بكاءاً حاراً وأجابت بصوت مختنق بالبكاء :والله مالبيد حيلة ..
شعرت بالحرج الشديد ففضولي فاق الحد فبدأت في الأعتذار ..إلا أن أختي قاطعت سيل إعتذاري قائلة : اصبري فالله عادل لايحب الظلم وسينصرك ولو بعد حين .
هدأت الجارة عند سماع كلام أختي وضحكت وقالت أجل هكذا نريد هند (الله الله كم هي رائعة تلك الجارة)
ثم توجهت الجارة لي بالحديث :
كان أبي غنياً وكان لديه ولد ُ واحدُ وبنتُ واحدةُ هي أنا وماتت أمي وتولى أبي تربيتنا ولم يتزوج بعد أمي خوفاً علينا من زوجة الأب وأغدق علينا الدلال بلا حد ولما كبرنا وكبر أبي قام أبي بتوكيل أخي وكالة عامة على كل أمواله وبدأ أخي بالتصرف بغرابة وبفظاظة لم نعهدها به من قبل ثم طلب من أبي أن يزوجه بفتاة كان على علاقة معها فرفض أبي رفضاً قاطعاً وفي أحد الأيام زارنا في البيت رجل غريب عرفنا بنفسه قائلاً : أنا والد لمى (صديقة أخي وزوجته حالياً) !!! استغرب أبي حضوره وبادره بالقول : لقد علمت متأخراً بعلاقة أبني ببنتك وأعلم أنك غاضب لذلك ولكنني أعدك بأن يبتعد أبني عنها ... فقال الرجل :أليس حراماً ذلك ؟؟ قال أبي : عين الحرام.
قال الرجل : مادمت تعلم ذلك فلماذا تريد تفريق قلبين قد تعلقا ببعضهما !!!!
نظر أبي اإلى الرجل نظرة قوية (فقد عرف أبي مع أي نوعية من الرجال يتحدث)وطلب منه إكمال مافي يده من عصير والخروج فوراً على أن يبتعد ويبعد أبنته عن أخي ,وفعلاً خرج الرجل ولم ينبس ببنت شفه.......
وفي أحد الأيام دعى أبي أخي وقال له أريد الأطلاع على جميع الحسابات لجميع الأملاك ,غضب أخي غضباً شديداً وصاح في وجه أبي ألاتثق في أتقصد أنني لص حاول أبي إفهامه عكس ذلك إلا أنه خرج مغاضباً .
وبعد يومين قرر أبي العودة لإدارة أعماله بنفسه وخرج متجهاً إلى أكبر مؤسساته إلا أنه عاد منها محمولاً على الأكتاف مشلولاً شلالاً كاملاً .... وعلمت فيما بعد بأنه قد وجد في مكتبه مديراً عاماً ذاك الرجل الذي طرده من بيته قبل مدة ش
وقد أخبره ذاك الرجل بأن أبنه قد تزوج من يحب وأن كل ما يملك قد قدمه أبنه مهراً لإبنته
ثم تسارعت الأحداث حتى أمرت أخي زوجته بالتخلص من أبي وقد فعل فقام بإستئجار هذا البيت لنا وأسكننا فيه وكنت كلما أخبرته بما أشاهده في البيت يغضب ويهددني بإلقاء أبي في دار للعجزة وإلقائي في الشارع أو يهدد بقطع مايلقيه لي ولأبي من فتات بالكاد يكفي متطلباتنا الأساسية ....وتريد مني الأنتقال لبيت آخر........................... ....
ثم ذهبت بأختي بعد أن أوصلنا جارتها لبيتها المسكون وعجبت لها كيف استطاعت فتح باب السيارة والترجل منها ودخول ذاك البيت الملعون _ من قال أن النساء أضعف خلق الله إنسانا _
ذهبت بأختي لبيت أمي ..................
وماكاد سلطان يكمل حديثه حتى رن هاتفه المحمول وكان على الطرف الآخر أخ زوج أخته سامي يخبره بأن سامي قد مات في حادث سير عصر أمس ..........
قدمت التعازي لسامي ثم وادعني وانصرف ............النهاية
بالطبع هذه القصة ليست حقيقية وقد قمت بتأليفها الآن ودون سابق إعدادبعد دخولي المنتدى فرحاً بعودته |324|
وأهديها بكل حياء وتواضع للعضوة الرائعة المشرقة دوماً الشمس
ولجميع أعضاء الدرر الكرام
ودمتم آمنين
أحمد النجار