[align=center]
أفْصِحي، أنتِ أيَّتُها الجُمْجُمَة
أدونيس





عالَمٌ يُصلَبُ اليومَ ، آخَرُ يُنكِرُ: مَنْ منهما الآنَ يخرجُ
من جرحِهِ وَ يدخلُ في جرحنا؟
أتُراه السؤالُ انتهاكٌ؟
أتُرى سَكْرةُ البحثِ كفرٌ؟ وماذا
لَوْ تَنوَّرْتُ حبِّيَ، وأحطتُ بصحرائهِ؟ وماذا
لو أسَرْتُ المَلائكَ في شَهقاتي، وساءلتُها،
و انحنيتُ على ظلماتي،
وتشرَّدْتُ فيها،
وَساءلتُها؟!

شَهَواتي تُجَنُّ،
وَ مِن أين يأتي لِروحيَ هذا الشَّقاءْ؟
و أنا مِنكُما،أيَّها العالَمانِ
، وألبُسُ ما تَلبسانِ –
الرِّداءَ الذي نَسجتْهُ النبوَّاتُ
و استخلصتْهُ السَّماءْ؟

الرَّقيمُ ، وَ في الكَهفِ ماءٌ تَحجَّر ..
عُرْيٌ يَتلألأ في لَيْلِ يُوضاسَ.
هذا ذَهَبُ الأقدمينَ، وهذا
ذَهَبُ المحدثينَ – الكواكبُ مِن فِضَّةٍ ،
وَ التعاليمُ مِن فِضَّةٍ ،
وَ السياسَةُ مِن فِضَّةٍ ..

مَا الذي يُولِمُ العقْلَ للقتْلِ في شَرْقِهِ المتوسِّطِ ،
في القُدسِ ، بين جنائن بغدادَ ،
أو في دِمشق وبيروتَ وَالقاهِره؟

ما الذي يَتبقَّى ، مَا الذي يتلاشى ، ما الذي
يتقطَّر من هذه الذَّاكرهْ؟

مَنْ سَيَجرُؤ في هذه اللحظةِ الغَسَقيةِ،
في هذه اللحظةِ – المُفترَقْ ،
أنْ يُجاهِرَ: كلا
لم يكن ضَوْؤناغيرَ وَهْمٍ ، وَ لسنا سِوى
بَشَرٍ مِنْ وَرَقْ ..

فَلَكٌ مِن دَمٍ
الهبوطُ - يدُ الغَيبِ مَمْدودةٌ
لا أظنُّ يَدَ الغَيْبِ إلا دمًا


**

رايَةُ الوقتِ حَمراءُ سَوداءُ - ماذا؟
مَنْ يَخيطُ الكَفَنَ للفراغِ ، لهذا الفَراغ - الوطنْ؟
أتُرانا تعِبْنا مِن رِياحِ البقَاءْ ،
مِن وجودٍ خَفيفٍ على أرضِنا ، وَمِن ثِقَلٍ في
السَّماءْ؟

**

فلَكٌ مِن دَمٍ
الهبوطُ - يَدُ الغَيْبِ مَمْدودةٌ
لا أظنُّ يَدَ الغَيْبِ إلا دَمًا


أتُرى أرضُنا
تتخبَّأ ، مِن أوَّل ،
في سريرةِ غَيْبٍ؟
قُلْ لشِعركَ: أغمَضتُ عَيْنيَّ،
حَتَّى أرَى .

[align=left]
تنبأ أيـُّها الأعمى
برلين ، نيسان 2002[/align]
[/align]