طوت السيدة صفاء الجريدة بعد إنتهائها من القراءة ثم رفعت صوتها قائلة .. كريمة .. كريمة .. أقبلت كريمة مسرعة وهى تقول .. نعم يا سيدتى .. سألتها السيدة صفاء .. هل إستيقظت جميلة؟ .. أجابتها كريمة .. ليس بعد يا سيدتى .. مازالت نائمة .. نظرت السيدة صفاء إلى ساعتها التى أشارت إلى الواحدة والنصف ظهرا ثم قالت .. حسنا يا كريمة تفضلى أنت..


مضت نحو الساعة قبل أن تظهر جميلة وهى تهبط درجات السلم قائلة .. كريمة حضرى لى الإفطار .. ثم إبتسمت حين وقع نظرها على السيدة صفاء وقالت .. صباح الخير يا أمى .. أجابتها أمها .. أى صباح .. إن الساعة تقترب من الثالثة عصرا .. ضحكت جميلة قائلة .. ليس على أن أستيقظ مبكرا يا أمى .. ثم نظرت حولها وقالت بسخرية .. أين الطبيبة العبقرية ؟ نظرت لها والدتها بعتاب وهى تقول .. أنت تعرفين أنها تذهب مبكرا إلى المستشفى .. أجابتها جميلة .. أرأيت انها تتصرف بغرابة .. تذهب إلى المستشفى مبكرا كالموظفين رغم انها ابنة صاحب المستشفى .. لا أدرى ما الذى تحاول إثباته هذه الفتاة ؟ .. تنهدت والدتها وقالت .. إنها نسخة طبق الأصل من والدها رحمه الله لقد كان يهتم بعمله كثيرا وكان طبيبا ناجحا ومحبوبا من الجميع .. أجابتها جميلة .. أعلم القصة كلها يا أمى .. وقد وقع الطبيب الكبير الأرمل فى حب الممرضة الجميلة ثم تزوجها وأنجب فتاة جميلة اسمها جميلة ... يااه يا أمى كانت حياتنا ستصبح أكثر روعة لولا وجود تلك الفتاة .. نظرت لها والدتها ثم قالت .. لا أدرى لماذا تكرهين ندى إلى هذه الدرجة ..ان الفتاة لم تسىء إليك إطلاقا بل تحبك كثيرا .. ضحكت جميلة قائلة .. أتصدقين هذه الفتاة .. إنها تتصنع ذلك وهى تكرهنا بالتأكيد .. أجابتها أمها .. لا يا ابنتى .. لقد ربيتها منذ كانت فى الثامنة من عمرها ولم أفرق بينكما أبدا بل أنت التى كنت تسيئين معاملتها دائما وتغارين منها .. قاطعتها جميلة مستنكرة .. أنا أغار منها ... ثم لمست خصلات شعرها الأشقر فى زهو وهى تقول .. لماذا .. هل هى أجمل منى؟ .. أنا أجمل منها مائة مرة .. أجابتها والدتها .. ولكنها متفوقة وطبيبة ناجحة ومحبوبة من الجميع بعكسك أنت فشلت فى الحصول على الثانوية العامة .. ولا تعملين شيئا نافعا .. ولا تهتمين إلا بمظهرك وتبذير النقود فيما لا يفيد .. ابتسمت جميلة فى برود قائلة .. وماذا فى هذا يا أمى .. إننى صغيرة وثرية ومن حقى التمتع بحياتى وشبابى .. آه تذكرت إننى بحاجة لبعض النقود ... تنهدت والدتها فى ضيق .. لا يوجد نقود الآن .. إذا أردتى اذهبى إلى أختك فى المستشفى .. قامت جميلة وهى تقول .. حسنا يا أمى .. سأذهب ..


انتهت الدكتورة ندى من المرور على بعض الحالات فى المستشفى قبل أن تتوقف أمام إحدى الحجرات ثم طرقت الباب بلطف قبل أن تدخل وعلى وجهها إبتسامة ملائكية تنير وجهها الصبوح وهى تقول .. صباح الخير .. كيف حالك الآن ؟ .. إلتفت إليها الشاب الممدد فى الفراش تلف ذراعه وصدره الضمادات .. وإبتسم قائلا .. الحمد لله .. الفضل لك يا دكتورة .. أجابته بل الفضل لله سبحانه .. قد كتب لك النجاة .. أجابها .. الحمد لله .. ولكن الله قد جعل شفائى على يديك بعد ذلك الحادث .. نظرت ندى إلى التقارير الطبية الخاصة به ثم إبتسمت له قائلة .. حمدا لله على سلامتك .. بإمكانك مغادرة المستشفى قريبا إن شاء الله .. بعد إذنك .. توجهت لباب الحجرة .. إستوقفها الشاب قائلا .. دكتورة .. إلتفتت له ندى .. أجابها .. هل يمكننى التحدث إليك قليلا إذا سمحتى ..


أوقفت جميلة سيارتها أمام المستشفى .. ثم نزلت منها وتوجهت إلى مبنى الإدارة وإتجهت لمكتب الدكتورة ندى ولكنها لم تجد أحدا هناك ثم توجهت إلى حجرة الممرضات فاستقبلتها الممرضة فاطمة قائلة .. أهلا آنسة جميلة .. قالت جميلة .. أين هى ؟ .. أجابتها فاطمة .. الدكتورة ندى تمر على بعض الحالات وهى الآن عند الأستاذ حسين كامل و .. قاطعتها جميلة .. حسين كامل .. رجل الأعمال المعروف .. المليونير .. أجابتها فاطمة .. نعم هو .. لقد أصيب فى حادث سيارة منذ عدة أيام وقد أجرت له الدكتورة ندى عملية جراحية ناجحة و .. قاطعته جميلة قائلة .. أين هو ؟ أجابتها فاطمة فى الحجرة رقم 20 تركتها جميلة وتوجهت إلى الحجرة رقم 20 ومن ثم فتحتها دون استئذان وهى تقول .. ندى .. لقد .. ثم قطعت عبارتها فجأة وهى تقول ..آسفة .. هل قاطعتكما؟ .. ابتسمت لها ندى وهى تقول .. أهلا جميلة .. ثم عرفت كلا من جميلة والأستاذ حسين ببعضهما .. إبتسمت جميلة للأستاذ حسين قائلة .. الأستاذ حسين كامل غنى عن التعريف .. تشرفت بمعرفتك كثيرا .. إبتسم لها بهدوء قبل أن ينقل بصره لندى قائلا .. أشكرك ثانية يا دكتورة .. إحتقن وجه جميلة غضبا كونه تجاهلها على هذا النحو وكاد لسانها يسبقها كعادتها لولا دخول الممرضة فاطمة وهى تقول للأستاذ حسين .. موعد الحقنة .. جذبت ندى جميلة من يدها بلطف و إستأذنت الأستاذ حسين وخرجتا من الحجرة ..

ابتسم حسين قائلا لفاطمة .. إن الدكتورة ندى ماهرة جدا .. إبتسمت فاطمة قائلة .. نعم الدكتورة ندى لا مثيل لها فهى كاسمها رقيقة وطيبة لا تغضب أحد أبدا ولا تتعالى على أحد بعكس اختها المتعجرفة هذه تلك التى كانت معها منذ قليل .. إنها مغرورة جدا ولا أحد يحبها أبدا أما الدكتورة ندى فهى ملكة القلوب هنا فعلا .. ثم تنحنحت فاطمة بحرج وقالت .. لابد أننى تسببت لك بصداع فأنا ثرثارة جدا ولا أجد حلا لذلك .. بعد إذنك .. إبتسم حسين وشرد ببصره بعيدا..

أغلقت ندى باب حجرة مكتبها ثم إبتسمت لجميلة وهى تقول .. أهلا يا جميلة .. هل كنتى تريدين شيئا .. نظرت لها جميلة بإحتقار وهى تقول .. إنها مستشفى والدى ومن حقى ان آتى فى أى وقت .. إبتسمت لها ندى قائلة .. بالطبع يا أختى هى مستشفاك أيضا .. نظرت لها جميلة بغيظ قبل أن تخرج من حقيبتها علبة السجائر وأشعلت إحدى السجائر ونقثت دخانها ببطء .. نظرت لها ندى مندهشة وهى تقول .. ألم تتوقفى عن هذه العادة البشعة بعد يا جميلة؟ .. أتريدين قتل نفسك ؟ .. إبتسمت جميلة بسخرية وهى تقول .. توقفى عن هذا التمثيل وهل تهمك صحتى حقا .. أنا لا أصدقك .. إن كان باستطاعتك خداع أمى فأنتى لا تخدعينى أنا أعرف أنك تكرهينا .. تنهدت ندى قائلة .. لا أدرى ما الذى يدفعك لقول هذا .. أنا أحبكما كثيرا أمك هى أمى وأنتى اختى الصغيرة و .. قاطعتها جميلة قائلة .. كفى عن لعب دور الملاك البرىء .. أنا أعلم أنك تغارين منى لانى أجمل منك .. أم تظنين اننى أصدقك حين تنتقدين ملابسى بحجة اننى أغضب الله .. أم تريدينى أن أرتدى الحجاب مثلك لأبدو كالعجائز .. كلا اننى أريد الإستمتاع بحياتى وأنت لا سلطة لك على أبدا .. هل تفهمين ؟ .. نظرت لها ندى ثم قالت .. هل أنهيت كلامك .. نظرت لها جميلة بتلذذ المنتصر ثم قالت .. أريد نقود .. أجابتها ندى .. بامكانك الذهاب للحسابات خذى ما تريدين .. نظرت لها جميلة بتعالى ونفثت دخان سيجارتها فى وجهها قبل أن تخرج من مكتبها .. هزت ندى رأسها فى أسف وهى تقول .. هداك الله يا جميلة .. هداك الله ..


فى صباح اليوم التالى .. إستيقظت جميلة فى العاشرة صباحا خلاف عادتها وتزينت طويلا أمام المرآة قبل أن تنزل وتركب سيارتها متجهة إلى المستشفى .. ثم توجهت مباشرة إلى هدفها .. الحجرة رقم 20 .. طرقت الباب بخفة ودخلت مباشرة وبادرت حسين قائلة .. صباح الخير يا حسين .. نظر لها حسين مندهشا لفترة قبل أن يقول .. أهلا آنسة جميلة .. قالت له بدلال .. أنا لا أفضل الألقاب يا حسين .. أجابها فى حزم .. أنا أفضلها يا آنسة جميلة .. رمقته بنظرة غاضبة سرعان ما زالت وهى تقول فى نعومة .. كيف حالك الآن .. هل يعتنون بك جيدا ؟ .. إذا ضايقك أحد هنا أخبرنى وأنا أقوم بطرده على الفور .. نظر لها قليلا قبل أن يقول .. بالعكس الجميع هنا لطفاء ولا يتدخلون فيما لا يعنيهم .. صمت لحظة قبل أن يقول .. أين الدكتورة ندى؟ .. تغير وجه جميلة قائلة .. ولماذا تريدها؟ .. أجابها .. إنها طبيبتى .. أجابته جميلة .. ربما تكون فى القسم المجانى الذى تقضى فيه معظم وقتها .. لا أدرى لماذا أنشأ والدى هذا القسم اللعين .. إننا نقوم بالصرف عليه بلا مقابل .. وتلك الحمقاء تتمسك بهذا القسم ولا تريد إغلاقه .. نظر لها حسين قائلا .. إن الدكتورة ندى إنسانة عظيمة ذات قلب كبير .. قاطعته جميلة .. بل هى حمقاء لا تعرف كيف تدير مستشفى بهذه الضخامة .. ولولا أننى لا أفهم شيئا بالأمور الإدارية لما جعلتها تتولى إدارة المستشفى أبدا .. صمت حسين وشرد ببصره قليلا ثم سألها .. هل تقيمان معا ؟ .. أجابته .. نعم إننا نسكن فى فيلا كبيرة بحى راقى كما نملك أيضا .. قاطعها حسين قائلا .. هل يمكنك إعطائى عنوان الفيلا .. إبتسمت جميلة وهى تفكر ان خطتها قد نجحت تماما ولم تستغرق حتى الوقت الذى حددته لها ..


عادت جميلة إلى البيت وهى تطير من السعادة وما أن رأت والدتها حتى إحتضنتها بسعادة وهى تقول .. باركى لى يا أمى .. هنئينى .. سألتها أمها .. ماذا حدث ؟.. أجابتها .. غدا سيأتى حسين كامل رجل الأعمال المليونير .. هل تعرفينه يا أمى ؟ .. سيأتى لخطبتى غدا .. أنا سعيدة يا أمى .. سأكون زوجة مليونير وسألف الدنيا و .. قاطعتها والدتها قائلة .. هل قال لك شيئا؟ .. أجابتها .. لا يا أمى لقد طلب منى تحديد موعد له لمقابلتك .. ولكنى أعرف انه لم يستطع مقاومة جمالى .. أعرف ذلك جيدا يا أمى ..


فى المساء أخبرت السيدة صفاء ندى بالخبر عند عودتها من المستشفى .. قالت ندى بسعادة .. حقا يا أمى .. ألف مبروك .. لقد سعدت لها كثيرا .. احتضنتها السيدة صفاء بحب وقالت .. بارك الله فيك يا ابنتى .. العاقبة عندك إن شاء الله .. أرجو أن تكونى موجودة بجوارى وقتها يا ابنتى .. ابتسمت ندى قائلة .. بالطبع يا أمى بالطبع .. ولكن أين جميلة ؟ .. أجابتها .. لقد ذهبت لشراء فستان جديد .. أجابتها ندى .. حسنا يا أمى .. سأذهب لحجرتى لأنى متعبة .. باركى لجميلة حين تعود .. تصبحين على خير ..


ظلت جميلة طوال النهار تتزين فى حين ذهبت ندى إلى عملها على ان تعود مبكرا لتلحق بالمقابلة كما وعدت السيدة صفاء .. وفى الثامنة مساء حضر السيد حسين فى موعده تماما على الرغم من أنه خرج من المستشفى فى اليوم ذاته .. وقابلته كلا من السيدة صفاء والدكتورة ندى بترحاب وجلس ثلاثتهم يتحدثون قبل أن تنزل جميلة وهى تتبختر فى ثوب حريرى لامع يكشف مفاتنها ومدت يدها بدلال لحسين الذى سلم عليها ببرود قبل أن يتوجه بحديثه إلى السيدة صفاء قائلا .. يسعدنى يا صفاء هانم أن أتقدم لطلب يد ابنتك .. إزدادت إبتسامة جميلة ثقة وهى ترتكن على ظهر مقعدها .. وابتسمت السيدة صفاء قائلة .. إنه لشرف لنا يا أستاذ حسين .. إبتسم حسين بدوره قائلا .. بل الشرف كله لى أنا يا سيدتى ..
ثم نظر نحو الدكتورة ندى قائلا .. وما رأيك يا دكتورة ؟ .. عقدت جميلة حاجبيها فى غضب قائلة .. وما دخلها بهذا الشأن .. إنه أمر يخصنى أنا وأمى فقط .. خفضت ندى عينيها فى خجل .. وقالت السيدة صفاء .. ماهذا الذى تقولينه يا جميلة؟ .. فى حين نقل حسين نظره بينهن وهو يقول .. معذرة يا سيدتى أليست الدكتورة ندى ابنتك ؟ .. أجابته السيدة صفاء .. بل هى كابنتى وأكثر .. ولكنها ابنة زوجى الراحل ... تنحنح حسين قائلا .. أنا آسف يا سيدتى .. يبدو أننى ارتكبت خطأ فادحا .. فى الواقع لقد جئت طالبا ليد الدكتورة ندى .. شهقت جميلة ونظرت له صفاء بدهشة فى حين إحمر وجه ندى خجلا .. قبل أن تقوم جميلة بغضب قائلة .. ماهذا الذى تقوله؟ .. نظر لها حسين قائلا .. يبدو أنه حصل سوء تفاهم .. نظرت له جميلة بغيظ ثم توجهت لندى وجذبتها من ذراعها فى عنف وهى تقول .. ماذا فعلت أيتها الساحرة ؟ كيف سرقتيه منى .. كيف ؟ .. قامت السيدة صفاء وجذبت جميلة بعيدا عن ندى وهى تقول .. هل جننتى يا جميلة ؟ .. أجابتها فى ثورة .. أرأيتى يا أمى ؟ لقد سرقته منى .. أجابتها والدتها فى حزم .. هيا اذهبى إلى غرفتك الآن .. هيا .. نظرت جميلة بحقد نحو ندى وهى تقول .. سأجعلك تدفعين الثمن أيتها اللعينة .. ثم توجهت لحجرتها بخطوات غاضبة .. فى حين نظرت السيدة صفاء إلى الأستاذ حسين قائلة .. أنا آسفة يا أستاذ حسين .. أجابها .. بل أنا الذى أعتذر عن هذا الخطأ الفادح .. أرجو أن تسامحينى .. ثم توجه نحو ندى قائلا .. أرجو أن تسامحينى أيضا يا دكتورة فلم أكن أقصد ذلك .. كما أرجو أن تفكرى بعرضى جيدا عندما تهدأ الأمور .. هزت ندى رأسها دون أن ترفع له عينيها ..


إنصرف الأستاذ حسين وبقيت كلا من السيدة صفاء وندى تجلسان فى صمت قبل أن تقول السيدة صفاء لندى .. يا ابنتى أرجو ألا تغضبى من جميلة .. إن الموقف كان فوق إحتمالها .. اعذريها .. نظرت لها ندى وهى تقول .. أنا لا أغضب من جميلة أبدا فهى أختى .. بعد إذنك سأذهب لغرفتى لاستريح قليلا .. قالت السيدة صفاء بتأثر .. إنتظرى يا ابنتى ..


فى حجرتها كانت جميلة تدور وتدور كالأسد الهائج وهى تردد .. الساحرة .. اللعينة .. السارقة .. لقد سرقته منى .. لابد أن أنتقم منها .. لابد أن تختفى من الوجود .. وأشعلت احدى السجائر ونفثت دخانها فى عصبية وبدأ عقلها الشيطانى فى التفكير .. ومن ثم لمعت عيناها حين وجدت الحل .. فتحت باب حجرتها ونادت على كريمة وعندما جائتها قالت لها .. احضرى لى أنبوب غاز جديد .. فقد نفذ الغاز من السخان .. أجابتها كريمة .. ولكنى قمت بتغييره منذ أيام و .. قاطعتها فى ثورة .. نفذى ما آمرك به وأحضريه الآن .. أسرعت كريمة لتنفيذ الأمر ثم جائتها تحمل أنبوب الغاز .. قالت لها جميلة .. اتركيه هنا .. بعد إنصراف كريمة قامت جميلة بجر الأنبوب حتى حجرة ندى وأخفته خلف أحد الستائر الكبيرة وقامت بفتح الأنبوب ثم خرجت من الحجرة مسرعة ..


همت بالنزول على درجات السلم فوجدت والدتها وهى تحتضن ندى بتأثر .. فنزلت السلم بصوت مسموع ثم قالت دون أن تلتفت لهما .. سوف أخرج مع بعض الأصدقاء . وخرجت وأغلقت الباب ورائها فى عنف ..

دخلت ندى حجرتها وألقت بجسدها على فراشها فى إنهاك .. قبل أن يرن جرس الهاتف وحين ردت ندى أخبروها أنهم بحاجة إليها فى المستشفى لوصول حالة عاجلة .. قامت ندى مرة أخرى واستعدت للخروج وفتحت باب حجرتها فوجدت السيدة صفاء التى بادرتها قائلة .. إلى أين يا ابنتى؟ .. أجابتها ندى .. لقد اتصلوا بى فى المستشفى يجب أن أذهب الآن .. قالت لها السيدة صفاء .. أنا أشعر بصداع شديد يا ابنتى هل أجد عندك دواء ما .. قالت لها ندى .. انك مرهقة .. يجب ان تحصلى على قسط من النوم .. أجابتها .. لا أستطيع يا ندى .. اجابتها ندى وهى تخرج أحد الأقراص من الدرج .. خذى هذا القرص سيساعدك على النوم .. ثم ذهبت ندى للمستشفى على الفور ..


عادت جميلة إلى البيت .. ثم جلست على أحد المقاعد وأشعلت سيجارتها بتلذذ وهى تنظر إلى الساعة وتفكر إنها الآن فى عداد الأموات أخيرا .. ولن يكون أمام حسين سوى الزواج بى أنا .. ثم رفعت صوتها قائلة .. كريمة .. كريمة .. جائتها كريمة قائلة .. نعم يا سيدتى .. سألتها جميلة .. هل نامت ندى ؟ .. أجابتها .. لا لقد ذهبت إلى المستشفى .. سألتها جميلة غاضبة .. متى ؟ .. أجابتها .. بعد أن خرجت بقليل .. نظرت جميلة نحو غرفة ندى فى غيظ وهى تقول .. لم تنم فى غرفتها إذن .. أجابتها كريمة .. لا .. السيدة صفاء تنام بها .. إتسعت عينا جميلة وهى تقول .. ماذا .. أمى .. وجرت على درجات السلم وفتحت باب الحجرة .. ثم أخذت تسعل بقوة وألقت بسيجارتها بعيدا .. وأخذت تهز أمها فى عنف قائلة .. أمى .. أمى .. ردى على يا أمى .. لا تموتى أرجوك.. ونسيت جميلة أن سيجارتها كانت مشتعلة وما هى إلا لحظات واشتعلت النيران فى الحجرة ..


خرجت ندى من حجرة العمليات بعد إجراء إحدى العمليات .. وما ان دخلت مكتبها .. حتى دخلت فاطمة وقد تغير وجهها وهى تقول .. دكتورة ندى .. مصيبة يا دكتورة .. مصيبة ..


إنحدرت الدموع ساخنة على وجنتى ندى والطبيب يخبرها أنهم عجزوا عن إنقاذ السيدة صفاء وانها توفت نتيجة الإختناق بالغاز قبل إندلاع الحريق .. مسحت ندى دموعها وسألته .. وجميلة .. ماذا عن جميلة ؟ .. أجابها .. إن حالتها خطرة وحروقها شديدة خاصة فى وجهها .. وبحاجة لعلاج طويل جدا .. أجابته ندى .. أرجوك يا دكتور .. اسمح لى بنقل جميلة إلى مستشفانا لتكون تحت رعايتى .. نظر لها الطبيب قليلا قبل أن يهز رأسه موافقا ..


ظلت ندى شهورا تتابع علاج جميلة بالمستشفى وتقضى معظم وقتها معها .. وفى أحد الأيام بينما كانت ندى تجلس بجوار جميلة فإذا بها تفيق وتتمتم بخفوت .. أمى .. أمى .. لقد قتلتها .. لقد قتلت أمى .. سامحينى يا أمى .. أمسكت ندى بيدى جميلة وهى تقول .. جميلة حبيبتى .. هل تسمعينى ؟ .. نظرت لها جميلة وهى تقول .. أرأيتى يا ندى .. لقد إنتقم الله لك منى .. وقد قتلت أمى بيدى .. قتلتها .. ثم أجهشت بالبكاء .. ربتت ندى على يديها قائلة .. ترفقى بنفسك يا جميلة .. لقد تلاعب بك الشيطان .. إستغفرى الله يا جميلة .. ادعى الله أن يسامحك يا أختى .. تمتمت جميلة من بين دموعها .. وهل سيغفر الله لى .. أنا مجرمة .. قاتلة .. لن يغفر الله لى أبدا .. لقد عاقبنى وإنتقم منى .. قبلت ندى وجه جميلة المحترق وقالت .. يا حبيبتى .. إن الله يغفر الذنوب جميعا .. إستغفريه يا جميلة .. تمتمت جميلة وهى تبكى .. أستغفر الله العظيم .. أدعى لى يا أختى .. قالت لها ندى .. سأدعو الله لك يا أختى .. وسأساعدك حتى يكتب لك الشفاء .. وبعدها سنجرى لك جراحة لتعيد لك جمالك و .. قاطعتها جميلة قائلة .. لا يا ندى .. لم أعد أريد هذا الجمال .. أريد الله أن يسامحنى .. أريد أن أرتدى الحجاب أريد أن أصلى أريد أن أكون مثلك .. طاهرة .. نقية .. سامحينى يا أختى .. سامحينى ..


دخلت ندى مكتبها ففوجئت بحسين كامل يتحدث مع فاطمة التى إنسحبت من المكتب فور دخول ندى .. بادرها حسين قائلا .. البقاء لله .. لقد جئت لتعزيتك فور علمى بعد رجوعى من السفر .. أجابته ندى .. انه قضاء الله .. سألها حسين .. وكيف حال أختك ؟ .. أجابته .. الحمد لله .. إنها تتحسن .. وما زلت أتابعها .. شفاها الله .. إرتفعا حاجبا حسين فى دهشة قائلا .. بعد كل ما فعلته بك .. لقد كانت تنوى قتلك .. أجابته ندى .. من فضلك يا أستاذ حسين .. إنها أختى .. ولن يغير ذلك شىء .. ستظل أختى الصغيرة التى أحبها وأصبحت مسؤولة عنها بعد رحيل أمنا .. هز حسين رأسه وإبتسم وهو يقول .. إنك إنسانة رائعة .. وأنا مازلت أتمنى أن توافقى على الزواج بى .. أجابته ندى .. لن أستطيع التفكير فى الزواج قبل أن أطمئن على أختى .. نظر لها حسين قائلا .. إن لك قلبا من ذهب .. أجابته ندى .. إن قلبى خلقه الرحمن لا يهمنى أن يكون ذهبا المهم أن يمتلىء بالرحمة والحب والحنان .. فتح حسين باب مكتبها ثم قال .. سأذهب الآن ولكنى لن أفقد الأمل أن توافقى ذات يوم .. وسأنتظر ذلك اليوم .. ثم إنصرف من مكتبها ..

وقفت ندى بالقرب من النافذة .. ثم نظرت إلى السماء وقالت .. يارب .. إملأ قلبى بحبك .. وإمنحنى القدرة على التسامح والعفو عمن أساء لى .. يارب .. يا رحمن .. يا من خلقت لى هذا القلب .. إجعله ينبض بالحب للناس أجمعين ..