بسم الله الرحمن الرحيم
( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون )
أحبتي في الله ..
الكلمات وحدها لا تكفي لتشف حزني .. والبكاء .. خارت قواه .. فاليوم لا يطفؤ لهيب ألمي ..
و لست هنا لأتقبل العزاء به ولكن أتيت لعله يأنس بدعائكم له في قبره ..
.
.
آه يا سرمد ..
أكنت تخطط للموت ..
وأنت ترسم ملامح ( الرصيف القذر )
تقرأ تعاويذ الفقر لأحلامك الجائعه
و ترقى ( الأرق )
ليخضر قلبك
و تورق روحك
ليبدأ في الموت عمرك ..
فـ يغتالك الرصيف
و تـنام في دمائك ..
و تعطر الأجواء بالذهول
و يبدأ البكاء ..
.
.
.
ليبكيك كل شيء ..
مصحفك الصغير
سجادة صلاتك
ثيابك المعطرة
وسادتك..
كتبك
أقلامك
و ( الحلوى )
في درج مكتبك
.
.
كل شيء يبكيك . .
و ( أنا )
.
.
مازلت أشهق ( موتتك )
آه ..
يا سرمد ..
أما أعتقك صمتك
فقلت ( آه )
والدم يتهدج في وريدك ..
وروحك تستأذنك
فراقك ..
لتسافر بـ ( لا صخب )
كي لا نشعر بك ...
فنستأنف
.. عودتك ..
.
.
عقارب الساعة
تشير إلى منتهى العمر ..
لتكتحل عيناك بالسهر
كأنك تعلم أن نوم طويـل بانتظارك..
كان بائع النوم يسترق النظر
إليك من النافذة ..
ينتظر توقف بكائك
لكن بكاءك طال
طال كثيراً ..
و .. آه ..
لست أدري ..
كيف لأشباح الموت وحيداً تركتك ..
كيف لم أعطر ثيابي بدموعك ..
لم أتنفس ألمك ..
وأنا أسمع بكاءك
زفرتك ..
ارتعاد الألم بأحشاءك ..
أردت يا سرمد ..
أن أضمك في صدري
أمسح بيدي على رأسك لتنام ..
لكنني ..
ما استطعت ..
.
.
حاولت ..
أمسكت بمقبض الباب ..
و وجدتني أفتح باب غرفتي
أحتضن وسادتي ..
وأبكي لبكائك ..
.
.
أكنت تبكي عليك
أم تبكيني ..
أم كنت تبكي
أماً .. ما حملت بك
و أباً .. لم يشهد مولدك
أكنت يا سرمد تبكي صوتك الموؤود ..
و شبابك المهدود ..
أكنت تبكي ( طفلة ) ما لها من مأوى بعد قلبك ..
ورفاقاً ما أزعجهم طول صمتك ..
رحمة الله عليك يا ( سرمد ) ..
كنت تبكــــــي كل البشر .. !!
.
.
الساعة السادسة ..
كان وجهه يفيض مهابه
كأنه أنهار من ( نور ) ..
وعلى جبينه تناثرت حبات العرق
كلؤلؤ منثور ..
يجد في ترتيب غرفته
على غير عادته ..
فقد كانت الفوضى ( حبيبته )
نسيت من دهشتي أن أحييه ..
قلت له ..
و عيني تصافح عينه المتعبه
( أحسن الله عزاءك في الفوضى )
ضحك بحزن ..
وبسرور رفض عرضاً بالمساعده
ثم .. أبعدني عن ( عالمه ) بإبتسامة ..
وأغلق الباب ..
.
.
كأنما أراد أن يودعها
أن يعانق جدرانها الشاحبة
و يقبل أرضيتها الباردة ..
فقد كانت له أكثر من ( وطن )
لشاب ( بلا هويه ) ..
كانت غرفته تضج بالحياة ..
عالماً من إحساسٍ شفاف
ترجمة لخيالٍ مجنون ..
كان موهوباً بالجنون..
مغرماً بـ ( علبة الألوان )
و قد اختار في الرسم أن يفرغ ذاكرته المتعبة
أن يترجم انفعالات قلبه ..
أو كما كان يقول :
( أن يشغل شيطانه )
فرسم له خلف الباب ..
( فتاة مخنوقة بوردة وقد انغرست أشواكها في عنقها فأدمته .. )
وأما السقف فبــ ( خيوط الصوف البيضاء )
تحول إلى شبكة عنكبوت ضخمة
وفي ركنها الأيسر ..
يقبع عنكبوته الصوفي
وقد وضع في كلتا عينيه الواسعتين
صورة له ..
كان يقول لي ..
( انظري إلى العنكبوت يا زاد
إنه ينظر إلي .. )
ثم يضحك بسخرية ..
.
.
كان طفلاً في ثياب رجل
حتى ترجل النور ..
.
.
و خرجت ..
تسابق أنفاسك ..
تجر خلفك ابتسامتك
وحولك هالة من الفرح ..
جعلتك ترفع قدميك عن الأرض وتطير ..
مستعجلاً بـلهفة غادرت ..
إلى الموت يا سرمد مااااا أعجلك .. ؟!
.
.
و لم ينتهي البكاء ..