المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تعرف كل شيء عن ( جــــوته )



الوجيه
14-12-2003, 03:18 AM
http://www.albayan.co.ae/albayan/culture/2000/issue45/photos/26.gif


في مدينة روما كان الكل يعرفه على انه (فيليبو) الرسام الاجنبي الذي لا يمل من زيارة المسارح والمقاهي والمطاعم الشعبية, وفي مدينة فينيسيا كان يدعي انه تاجر من احدى مدن الجرمان البعيدة, وفي نابولي كان يدعي بانه احد النبلاء الروس, وفي صقلية التي قضى بها فترة طويلة واحبها بعمق, فكان يدعي بانه مجرد رسام جاء للتعرف (على المعالم الحضارية والفنية.. ولتغيير الجلد).


انه الفيلسوف والشاعر والكاتب والفنان الالماني الكبير يوهان فولفجان جوته (1749 ــ 1832) الذي اختفى على حين غفلة في وسطه الالماني وسافر سرا الى ايطاليا عام 1786 ليعانق مدنها الجميلة معانقة الحرية وليتصافح مع الراحة في رحلته الشهيرة التي اعتبرها بمثابة استعادة للذكرى والتقاء الحقيقة (لتحقق توازنا عاطفيا وجماليا) لمفكر لا يكف عن الاستكشاف.


كان عمره انذاك 37 عاما وفي اوج شهرته بعد ان اصدر كتابه الرائع (الام فرتر) وانتمائه لحركة العاصفة والاندفاع الاحتجاجية.


كان جوته يحمل آمالا عريضة لرحلته هذه التي تميزت بالطابع الفني, فقد استعان بثلاثة من أصدقائه الرسامين, حيث شاركه كل واحد منهم في مرحلة واحدة من مراحلها, وقد قضى اتفاقه معهم على ان يمتلك الرسوم نظير اجر متفق عليه, فتكوّن لديه فريق عمل متكامل تمكن من خلاله انجاز ما كان يطمح لتحقيقه.


يقول جوته في مذكراته الرومانية (فقط في روما كنت اشعر عن العديد من الأشياء التي تريد مني ان اكون انسان حقيقي).


لقد تحدثت رسوماته ويومياته عن الجمال الذي تذوقته العين وادركه العقل, فتجسد في الرسم, وتسطر في الكلمات على انه مدرك ومتفوق, فالألوان المائية وخطوط قلم الرصاص الحادة التي استخدمها في رسوماته ظلت متفوقة وان كانت هادئة, الا انها مسكونة بحركة عنيفة عرف كيف يختارها ليصوغ منها الجمالي الذي ظل يتبنيه طيلة حياته, ويظهره بمحبة وعمق وهذا ما يفسر فهمه لضرورة الفن ولصنعة الخيال عند الفنان والتي اعتبرها بمثابة القدرة الرئيسية الرابعة في حياته الروحية والتي تكمل الشعور الذي يستند على الذاكرة ويعطي التفكير امكانية معرفة العالم بواسطة الخبرة, فهو من جانب اظهر ما لدور الخيال عند الفنان من أهمية, ومن جانب اخر عارض ان يكون هذا الخيال مطلق في رومانطيقيته, ذلك انه اعتبر الخيال مجرد وسيلة للدخول في اعماق الاشياء وليس للابتعاد عن الواقع.


وهو بهذه الاراء انتقد بحدة مواقف الرومانطيقين المتعصبين من مسألة الخيال فيقول (العمل الفني كبيرا او صغيرا كل شيء فيه يقود الى الفهم) وهكذا نرى بأن المفهوم الفكري بالنسبة لجوته في العمل الفني هو الأساس المطلوب, وهذا لا يعني انه لم يهتم بالشكل, فالعديد من اعماله التشكيلية التي أنجزها في روما وصقلية تؤكد هذه الناحية اذ يعتقد جازما بان (المحتوى يحمل الشكل معه على الدوام) والشكل لديه شيء موضوعي, وهو بالتالي لا يتحدد فقط حسب هوى الفنان بل حسب الظروف الاجتماعية والبيئية والنفسية التي يولد فيها ذلك الفنان.


وتنعكس مثل هذه الآراء في خبرته العملية التي مكنته من اختيار زاوية للمنظر, فقد ترجم افكاره ورؤاه بيسر ومرونة وبخطوط قوية تمتلك رشاقة فائقة, ناقلا فعل الحركة لسطوحه بدون افتعال او افتقار عما كان يريد التعبير عنه, وهو ما تعكسه حياته آنذاك التي كانت حافلة بالأحداث التاريخية بدءا من حرب السبع سنوات التي عاصرها وهو صبي صغير وانطبعت في ذاكرته بعض أحداثها.


رسم التنوعات بين الناس في الحياة الواقعية وعمقها النفسي, كما اظهر التنوع في التأليف, فجمع أجزاء اللوحة الصغيرة بوحدة متكاملة بهدف إعطاء وقع خطي او لوني لمجمل اجزاء اللوحة, فجاءت رسوماته قوية التعبير, متجاوزة مجرد امتلاك الكفاءة المهنية في الرسم فاضاف لعبقريته موهبة وهو يقول (العبقرية حتى تكون خصبة ومعطاءة لابد ان تمتلك فكرا منظما ومثقفا, ودراية طويلة, لان العمل الفني ينطوي على جانب تقني صرف, لا يمتلكه المرء حق التملك الا بالتمرين والممارسة).


ولما كان مجبولا على الدراسة, فقد شغف بدراسة الرسم دراسة اكاديمية لانه كان يعي ان لكل فن ادواته وتقنياته الخاصة به وما يجوز رسمه قد لا تجوز كتابته لقد درس فن الرسم على يد الفنان الألماني (ادم فردريك ايز) وهو تلميذ لاستاذ الآثار ومؤرخ الفن الشهير (فنكلمان) والذي نشر عنه جوته كتابا عام 1805 بعنوان (فنكلمان وعصره).


كما ان كتاباته في علم الجمال واشهرها (الصدق والمطابقة الحقيقية في الفن) والذي كتبه عام 1798 وكذلك كتاب (جامع التحف والمقربون منه) الذي كتبه عام 1799 توضح بان الواقعية في الفن كما يراها, لم تكن ابدا مسألة شكلية, فقد ربط من خلالها ما بين أهم المفاهيم الجمالية وبين أهم مسائل عصره, فقد اكد جوته على (ان الفن مرتبط بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاي مجتمع) وان (الانتاج الفني القيّم مثله مثل الخطابة القيّمة, فهو نتيجة للظروف المعيشية لان الكاتب والفنان كالرجل العملي, لا يخلق تلك الظروف التي ولد فيها والتي ينشط من خلالها, ذلك ان اعظم عبقري معرض للفشل في العديد من نتاجاته وذلك بسبب طبيعة عصره الذي يعيشه, وعلى العكس من ذلك فقد ينجح في بعضها بفضل ظروف معينة, فلا يمكننا التوقع بظهور كاتب قومي عظيم الا عند امة وصلت الى مستوى معين من التطور).


انه يرى بأنه من المستحيل معالجة الفن عن الحياة والواقع, وهو كان على الدوام يربط بين انحطاط ونهوض الفن مباشرة بالظروف المعيشية لحياة الناس اينما كانوا.


لقد كانت مفاهيمه في الفترة التي عاش فيها بإيطاليا موجهة ضد النزعة الكلاسيكية للقرن السابع عشر وخاصة ضد المقاييس الجمالية التجريبية متأثرا كما ذكرنا بحركة العاصفة والاندفاع الادبية الشهيرة التي ظهرت في فترة السبعينيات من القرن الثامن عشر حيث كانت الثقافة الاوروبية امام منعطف كبير شهد انهيار كامل وبلا رجعة للنظام الاقطاعي, الا انه وبعد انتهاء رحلته الى ايطاليا اعاد النظر في الكثير من ارائه الجمالية, وتنكر لمبادىء العاصفة والاندفاع وكتب يقول (كانت الحقبة التاريخية التي كتب فيها اسخيل وسوفوكول ويوربيد مختلفة كليا, كانت الروح العظيمة يتخللها باعثا الطموح الى الأعظم والروعة في كل شيء, وفي ايامنا التعسة هذه حيث تفتقر الى الرائع فبأي الحواس يمكننا استيعابه؟


وقد انطلق من مفاهيمه هذه متأثرا بالتطورات التي كانت تشهدها اوروبا من ناحية وعن طريق احساسه بضرورة تهذيب الشكل الفني الذي يمكن تجنيب فن الحياة المعاصرة كل ما هو سيء وقبيح, كما ان سفرته مكنته من معالجة مسألة الحد الفاصل بين الشكل الملحمي والشكل الدراماتيكي في الشكل الفني, وهو الأمر الذي أدى به فيما بعد الى الكلاسيكية والتي رأى من خلالها عملية الابتعاد عن صوفيي الثقافة المسيحية وانظمة حكمها المطلقة, وقد كتب بهذا الصدد يقول (رمادية ايها الصديق كل النظريات, وخضراء هي شجرة الحياة الذهبية).


جوته الذي توطدت علاقته بالفيلسوف الالماني (هردر) والذي كان له الأثر الكبير على التحولات الفكرية والفنية التي عاشها بعد سفرته الشهيرة الى ايطاليا, فقد كان (هردر) قد وجهه نحو قراءة الكتب المقدسة ومسرحيات شكسبير وقراءة الشعر العربي والذي كان العديد من الشعراء الألمان يبدون اهتماما متزايدا به, فتعرف جوته على القرآن الكريم وترجم عدة آيات قرآنية, كما اطلع على الشعر الجاهلي, وبالذات على المعلقات السبعة التي وصفها بأنها كنوز عظيمة, وقام بترجمتها الى الالمانية عن الانجليزية. كما تعرف على الشعر الاسلامي واطلع على شعر الفردوسي والمعري, وانعكس هذا التأثير في ديوانه المعنون (الديوان الشرقي) الذي يعتبر قمة شعر جوته الغنائي, ولم يكن ما جذب جوته الى الشرق هو (غموض الشرق وسحره) في المقام الاول, بل انه ادرك بان ما يربط الشرق والغرب هو نزوع الى حياة الانسانية الرحبة.


وتوجه جوته نحو الشرق في سياق بحثه عن معرفة انسانية شاملة, والتي تمثل النموذج المشرق على خصب التفاعل بين الثقافات المختلفة, وتبرز قدرته الفائقة في المزج الرائع بين تطلعاته الشعرية وتأملاته الفلسفية, لتجسد تلك الكتابات المخزون الثقافي العميق والواسع, والذي قاده الى تأليف قصائد اكثر فيها من الكلام عن الصحراء والقوافل والابل وفراق الاحبة, والفروسية, كما تحدث عن علاقات المحبين بالروح نفسها التي تحدث فيها عمر ابن ربيعة في أشعاره.


لقد حرق العديد من رسائله واوراقه الشخصية التي تخص زيارته الى ايطاليا وخاصة تلك التي توصف علاقته السرية بساحرته الرومانية الجميلة الفتاة الامية التي تدعى (ندرما) والتي تعرف عليها بإحدى المطاعم الشعبية. وكتاب (ماريوزابيري) محاولة لإعادة بناء تلك الاوراق المحروقة والتي بقي بعضها محفوظا في خزانته في فايمار بين العديد من اوراقه الأخرى التي تحمل العديد من الآراء والمفاهيم غير المعروفة لهذا الفيلسوف والمفكر والشاعر والرسام.


----------


آمل ان يضيف الموضوع لكم فائده

مع عاطر التحية

شروق
15-12-2003, 02:49 AM
بالطبع اضاف لنا فائدة
لأول مرة أقرأ عنه
شكرا لك

alkatb
15-12-2003, 04:22 PM
ليسمح لي إستاذ الكلمة (( الطاووس )) بأن أضيف

يعتبر (( جيته !! ))
أمير الشعراء الألمان
فهو يرى أن الأدب يولد من التوتر ... يولد من الأحتكاك المستمر
والتي يتفجر منها الشعر .
لذلك يجب أن يكون الفنان في هذه الحالة الساخنة وإلا تجمد ومات
وقد أحب جيته إبنة صاحب فندق وكان يقول : أتمنى أن أشرب السم من يدها !
وقال : نحن الذين نطرد أنفسنا من جنتنا هي جنتي وأنا لا ألقي بنفسي خارج أبواب بيتها الساحر!

ثم أحب سيدة متزوجة وأما لثمانية أطفال وبعث لها بعشرين ألف خطاب !
ثم أحب عاملة في أحد المصانع وعاشت معه وكانت تحب الموسيقى والرقص والشعر .
ثم تزوج فتاة أنقذته من الموت أثناء الحملة الفرنسية على ألمانيا وفتح الزواج شهيته للحب !
وعندما بلغ الرابعة والسبعين من عمره تقدم لسيدة تصغره بعشرين عاما فرفضته . وقال ضاحكا حزينا صريحا : معك حق لقد نسيت أن أنظر إلى وجهي في المرآة

عزيزي الطاووس حبذا لو تنزل موضوع بعنوان (( أضف إلى معلوماتك )) وتتحفنا بما لديك من شخصيات ويتم أضافتها أيضا من الجميع ولدي الكثير من الشخصيات التي سيتم كتابتها في الموضوع الذي سوف تطرحه فشد الهمة والله معك
شكرا ســـــــــــيدي الوجية على ما تتحفنا به دائما لك مني أرق التحيات

الوجيه
20-12-2003, 12:43 PM
شروق

اهلا بك وسرني كثيرا مرورك

تحياتي

الوجيه
22-12-2003, 01:34 PM
الاستاذ الموقر ابو معتصم

اشكرك اخي للاضافه واهلا بك
جوته.. العاصفة والتيار


ولد جوهان فولف جانج جوته !!"Goethe" في 28 أغسطس سنة 1749 في فرانكفورت المطلة على نهر "الماين".

كان والده مستشارًا للقيصر فكان رجلاً متعلمًا، طموحًا وكثير الأسفار.

وكان لأم جوته وأخته من بعدها أثر بالغ في حياته وقد قال جوته واصفًا أثر عائلته عليه:

- لقد ورثت عن أبي النظرة العميقة الجادة للحياة، وورثت عن أمي استمتاعها بالطبيعة النضرة والحياة!

عند بلوغ جوته السادسة عشرة من عمره رحل إلى "لايبزج" لكي يدرس هناك الحقوق إلا أن هذا النوع من العلوم الجافة لم يكن ليناسب هذه الروح المبدعة المتمردة فكان أن أخذ دروسًا في الرسم وأيضًا درس كتابات "فينكل مان" والتي ساهمت في تعريفه بالمعايير الفنية للحضارة اليونانية الرومانية القديمة.

رحل جوته بعد ذلك إلى "ستراسبرج" كي يتم بها دراسة الحقوق حيث كانت هذه الرحلة نقطة تحول في حياته كشاعر وفنان إذ إنه التقى أثناء هذه الرحلة بالشاعر هردر وكذا إحساسه بالحب لأول مرة في حياته.

لقد اعتنى هردر بأن يقدم لجوته الكيان الحقيقي للشعر فأوضح له أن الشعر الحقيقي يجب أن يكون ناتجًا عن تجربة خاصة حتى لا يكون صناعيًا متكلفًا.

إلى جانب ذلك جعله هردر يتذوق الجمال الحقيقي للأدب الشعبي.

هذه الأسس التي لقنها هردر لجوته وتجربة إحساسة بالحب لأول مرة جعلت ينابيع الفن تتدفق بداخله ويكتب قصائد تفيض بالمشاعر والأحاسيس.

بعد هذه الرحلة عاد جوته ثانية إلى بلدته (فرانكفورت) حيث أخذ يمارس مهنة المحاماة وأثناء إقامته في (فيتسير) التقي بحبه الثاني إلا أن هذه المرة أخذ شكل المأساة حيث أنه قد احب خطيبة أحد أصدقائه الأمر الذي دعاه إلى كتابه رائعته (آلام فارتر) حيث كانت تحكي هذه الرواية نفس تجربته الشخصية فقد عاش بطل هذه الرواية نفس تجربة جوته إلا أنه أقدم في النهاية على الانتحار.

لاقت هذه الرواية نجاحاً كبيراً حتى وقتنا هذا و بلغ تأثيرها أن أقدم كثير من الشباب على الانتحار ناهجين مسار بطل الرواية البائس (فارتر).

سافر جوته بعد ذلك إلى سويسرا ومنها إلى (فايمر) و هناك وطد صلتة القوية الطاهرة بالسيدة شارلوت فون ستاين والتي كانت أم لسبعة أطفال. وقد وصف جوته هذه العلاقة (لقد كانت علاقة مقدسة طاهرة حتى أن الكلمات لا تستطيع أن تعبر عنها).

وكما تعودنا تفجر هذه العلاقة ينابيع الفن عند جوته فيكتب كثيراً من أعماله الناجحة منها: ايفيغينيا، فيلهلم مايستر، ومقدمة لجمونت.

وكما نلاحظ فإن جوته في مختلف مداخل حياته يعيش مثل النحل إذ أن إنتاجها دائما ذو قيمة عالية مع اختلاف مصادره والبيئة التي يعيش فيها.

كان جوته في هذه المرحلة من اتباع الاتجاه الأدبى السائد في ذلك العصر (العاصفة والتيار).

وكان يمثل الثورة على اتجاه آخر سابق له ويسمي ب (عصر التنوير) حيث كان هذا الاتجاه يبرز العقل في كل نواحيه أو كما يطلق عليه (عصر الدليل المادي) فعلى الإنسان أن لا يؤمن بشيء إلا إذا كان يمكن إقامة الدليل على وجوده.

أما الاتجاه الذي كان جوته أحد اتباعه (العاصفة والتيار) كان يقدم المشاعر والأحاسيس على كل الاعتبارات ويعطى حرية التعبير اهتماما كبيراً.

فإذا نظرنا ملياً إلى هذا الاتجاه وجدناه اكثر ما يناسب مرحلة الشباب بما فيها من انطلاق وحرية وقدرة على التعبير والتغير وبما أن ذلك التيار صادف مرحلة الشباب عند جوته فكان من الضروري أن يكون هو من أهم المنتمين لة والمنتجين فيه.

إلا أنه وما كاد جوته يترك مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج حتى شعر انه بحاجة لدافع جديد ومحرك لفنه وهذا ما كان في رحلته إلى إيطاليا.

لقد حدث في هذه الرحلة ما قلب حياه جوته رأسا على عقب فتحول جوته من الاتجاه الأدبي (العاصفة والتيار ) إلى (الكلاسيكية).

و(الكلاسيكية) اتجاه يطلق على الأعمال الأدبية التي تسير على نهج الحضارة الرومانية اليونانية القديمة والتي كانت تتسم بالكمال الأدبي البسيط والغير متكلف.

وفي هذه الرحلة أحتك جوته بالأدب والفن الروماني اليوناني القديم واتخذ من أدباءه مثله العليا مثل هومر ، سوفكليز.

وهناك أتم جوته عمله الأدبي (إيجمونت) وكتب أعمال أخرى وأهتم أيضاً بكثير من أبحاث علم النباتات.

صداقة قوية

بعد رحلة جوته إلى إيطاليا التقي ب"شيللر" والذي كان يصغره بحوالي 10 سنوات إلا أن أواصر الصداقة لم تجمع بينهم في ذلك الوقت فلقد كان جوته منتمياً للاتجاه الكلاسيكي وكان شيللر منتمياً لإتجاه (العاصفة والتيار).

ولم يلبث أن يجمع القدر بينهما مرة أخرى في صداقة قوية كان من نتاجها العمل الأدبي (إكسين) الذي جمع بين عقل حر متفتح على العالم يعشق الضيعة بكل ما فيها من تمرد وتهور وجمال وبين عقل هو أقرب ما يكون للنموذجية في الفكر والرأي والروح والعمل.

وفي هذه الأثناء عاود جوته العمل في الجزء الأول من رائعته (فاوست) والتي انهي الجزء الأول منها بعد موت شيللر في 1808 ثم انتهي من الجزء الثاني منها في عام وفاته 1832 حيث كتب في هذه الفترة أروع الأعمال مثل (الديوان الغربي والشرقي) والذي تأثر فيه بالأدب والفكر العربي والفارسي والإسلامي وكتب أيضاً (الأنساب المختارة) وغيرها من الأعمال.

مات جوته وحيداً بعد موت زوجته وولده ودُفن إلى جانب شيللر في (فايمر).

وكتب على شاهد قبره

"وعلى شاهد قبرك سيقرأ الناس :

إنك كنت بحق إنساناً"

جوتة وسحر الشرق

كان جوتة كثير التأمل في فنه ودائب السعي إلى معرفة كنهة وقد عثر في خطاب لة إلى (الكسندر فون هومبولت) عما يتمكن ان نسميه المفهوم الملخص لشخصة قائلاً:

" صحيح أنني في حياتي الطويلة أنشأت ما أنشأت وأنجزت ما أنجزت من أعمال، قد يحق لي على كل حال أن أفخر بها. وإذا أردت الصدق مع النفس أقول إنه لم يكن من شئ خاص بي (في عملية الإبداع) إلا الميل والقدرة على المشاهدة والاستمتاع والتمييز والاختيار، وبث الحياة فيما شاهدته وسمعته بشيء من روح، وبالتعبير عنه بشيء من مهارة. إنني لا أدين مطلقاً بأعمالي إلى حكمتي أنا بل أدين بها إلى آلاف من الأشياء والأشخاص غيري قدموا إلى المادة لـ"إنشاء" هذه الأعمال.

فكما نرى موهبة جوته لم تأت من فراغ وإنما ظهرت عن طريق كثرة البحث وحب المعرفة والتعطش إلى العلم والإطلاع على ما أنتجه الآخرين من تجارب.

كان من أكثر ما ميز جوته عن كثير من أدباء الغرب الإطلاع على الأدب العربي الثري وألف ديوان سبق ذكره (الديوان العربي الشرقي) بل اكثر من ذلك فكتب مسرحية عن (محمد صلى الله عليه وسلم) وصفه فيها بأنه جاء بأفكار عالمية جديدة ليشيع السلام والمساواة والإخاء في العالم حتى إنة قال في الإسلام :

يا لحماقة البشر عندما

يصر كل منا على رأيه

إذا كان الإسلام معناه

أن نسلم امرنا لله

فعلى الإسلام نعيش ونموت كلنا

تأثر جوته بالفكر الأدبي العربي فبعد ترجمة جوته مسرحية (محمد) لفولتير بدأ في كتابه مسرحية عن محمد صلى الله عليه وسلم إلا انه لم يتم كتابتها وقد وجدت بعد وفاته مخطوطات بها مشاهد من هذه المسرحية والتي يظهر منها ان جوته أراد أن يكتب نصاً منصفاً عن هذه الشخصية العربية الإسلامية العالمية حتى إنه صور النبي صلى الله عليه وسلم هادياً للبشر في صورة نهر يبدأ التدفق رقيقاً هادئاً ثم لا يلبث أن يندفع في شكل سيل عارم آخذاً معه البشرية نحو النهر المحيط (رمز الألوهية).

فيقول:

وهكذا يحمل إخوانه

أحبائه وصغاره

إلى الخالق المنتظر

بقلب عاصف بالسرور

ويتضح مما سبق لنا أن جوته كان مهتماً بالثقافات المختلف منها الإيطالية والفرنسية والإنجليزية واليونانية وحتى الصينية، ويرجع اهتمامه بالأدب الشرقي خاصة إلى الظروف السياسية الموجودة في عصره حيث انهارت المملكة الألمانية وتفككت بعد اجتياح نابليون للبلاد وانهارت في العام ذاته بروسيا عسكرياً وأخلاقيا فأصبح الطريق أمام نابليون ممهداً لدخول برلين دون ادني مقاومة مما ترك أثرا سلبياً على جوته الأمر الذي دعاه لأن يتواجد فكرياً في مكان آخر بعيداً عن هذه البيئة المدمرة حتى انه كتب قصيدة بعنوان (الهجرة) فقال فيها:

"الشمال والجنوب أقطارها تتصدع وعروضها تزول، وممالكها تنار

اهرب ، اهرب أنت إلى المشرق الطهور،

واستنشق الهواء المعبق بعطر الآباء".

وهذا ما حدث،فقد أنشغل جوته بالأدب الشرقي ومنها الأدب الصيني والفارسي بل والعربي أيضاً.

وكان قد تعرف على الشاعر الفارسي (حافظ الشيرازى) من خلال الترجمة الألمانية التي قام بها المستشرق (هامر بورغشتال)ـ لبعض قصائد حافظ وعندما قرأها امتلأت نفسه إعجاباً بقوة الشعر الفارسي فقال مادحا حافظ:

فلتكن الكلمة هي العروس،

ولتكن الروح هي العريس

من ينشد في مدح حافظ

فقد شهد هذا العرس

وكذا قرأ جوته لشعراء فارسيين آخرين منهم: الفردوسي، جلال الدين الرومي وأيضًا السعدي. أما اهتمامه بالآداب العربية فلم يكن بالشيء الحديث فقد قرأ جوته لكثير من شعراء الجاهلية مثل امرئ القيس، طرفة بن العبد، زهير بن أبي سلمى، عنتره بن شداد وأيضًا عمرو بن كلثوم.

كما أن جوته لم يكتفي بالقراءة في الشعر العربي فقط بل قرأ أيضًا في النحو والصرف فقد كانت روحه متعطشة دائمًا للعلم والمعرفة خارج حدود المكان والزمان حتى أنه توجد مخطوطات حاول فيها جوته محاكاة وتقليد الخط العربي.

أما عن (الديوان الغربي الشرقي)، (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) فلم يظهر فيه الأثر العربي فقط على شعر جوته وإنما ظهر فيه أيضًا بعض الكلمات العربية حتى أن جوته الحق بالديوان فصلاً ضخمًا يتضمن معلومات شارحة لموضوعاته و معلومات عن الشعر الفارسي والعربي حتى يستطيع القارئ الألماني أن يفهم هذا العمل.

والأكثر دليلاً على ذلك استخدام جوته لكلمة (ديوان) وهي كلمة عربية ذات أصل فارسي وغير شائعة الاستخدام في اللغة الألمانية مما يؤكد رغبته في إضفاء الروح العربية على هذا العمل.

ظهرت أولى طبعات الديوان عام 1819 وقسمة جوته إلى أثنى عشر سفرًا.

الشادي ، حافظ ، الحب ، التأمل ، الحزن ، الحكم ، تيمور ، زليخة ، الساقي، الأمثال، الفارسي ، والفردوس.

ويظهر في هذا الديوان الكثير من التشبيهات العربية والغريبة في نفس الوقت على القارئ الألماني وأيضًا الكثير من القرآن لغة ومضمونًا:

مثل قصيدته:

"لله المشرق، ولله المغرب،

والشمال والجنوب،

يستقران في سلام يديه"

ونراه أيضًا يصف الجنه وشهداء المسلمون والرسول (صلى الله عليه وسلم) فيقول:

"إن موتاه يجب أن يحزنوا على الأعداء لأنهم يرقدون بلا عودة

أما إخواننا فلا يجب أن نحزن عليهم

إنهم يتجولون في السماء".

ويقول أيضًا واصفًا حوريات الجنة (الحور العين)

"وتهب الآن رياح لطيفة من الشرق

يقودها حوريات الجنة،

تجد المتعة في النظر إليهن، بالطبع النظرة إليهن كافية"

ونجد أيضًا في سفر (زليخة) وهو أضخم الاسفار في الديوان العديد من الكلمات العربية مثل: الهدهد والبلبل ويكتبها جوته على صورتها العربية فيقول مثلاً:

"أسرع، يا هدهد،

أسرع إلى الحبيبة،

وبشرها بأني، دائمًا لها وأبدًا،

ألم تكن في الأيام الخوالي،

رسول غرام بين سليمان الحكيم وملكة سبأ؟".

و قرأ جوته أيضًا لبعض الشعراء المسلمين فيذكر في قصائد ديوان أسماء "جميل بثينة" و"مجنون ليلى "و"المتنبي"، لذا فإذا كان الشيرازي هو النبع الأول الذي أرشد جوته في إنتاج هذا العمل الأدبي الضخم إلا أن الأدب العربي ولا شك كان من أهم المصادر التي ساعدت جوته على إتمامه.

المراجع:

- تاريخ الأدب لـ هاينرش هارفوتر

- جوته العبقرية العالمية الفكرة والإشراف "فارس يواكيم"

Petals
28-12-2003, 01:34 AM
فعلا قراءه رائعه لشخصيه مثل جيته أو جوته..

كما أرى في اختلاف كتابة اسمه.. ;)

اضافة صغيرة..

ظهر مايسمى بنزعة الحب الغير متبادل منذ سنة 1774 م.
مع صدور رواية جيته

The Sorrow Of Young Wherther


حيث تنتهي بقتل Whether لنفسه حينما يعرف أنه لن يحظى بمن يحب.

وقد منعت الرواية في كل من الدنمارك والنرويج لفترة بسبب زيادة حالات الإنتحار بسبب الرواية.

من أقوال جيته:

" He who can not draw on three thousand years is living from hand to mouth"


منقوله من رواية:

Sophie's World

By

Jostein Gaarder

غريب مايمكن أن تفعله رواية ! :266: