المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايه من العصر العباسي



الوجيه
03-12-2003, 02:29 PM
...

وذكر القاضى أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمى عن شيخ من التجار قال: كان لى على بعض الأمراء مال كثير فماطلنى ومنعنى حقى، وجعل كلما جئت أطالبه حجبنى عنه ويأمر غلمانه يؤذوننى، فاشتكيت عليه إلى الوزير فلم يفد ذلك شيئا، وإلى أولياء الأمر من الدولة فلم يقطعوا منه شيئا، وما زاده ذلك إلا منعا وجحودا، فأيست من المال الذى عليه ودخلنى هم من جهته

فبينما أنا كذلك وأنا حائر إلى من أشتكى إذ قال لى رجل ألا تأتى فلانا الخياط إمام مسجد هناك، فقلت وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟ فقال لى هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه، فاذهب إليه لعلك أن تجد عنده فرجا

قال: فقصدته غير محتفل فى أمره، فذكرت له حاجتى ومالى وما لقيت من هذا الظالم، فقام معى، فحين عاينه الأمير قام إليه وأكرمه واحترمه وبادر إلى قضاء حقى الذى عليه، فأعطانيه كاملا، من غير أن يكون منه إلى الأمير كبير أمر غير أنه قال له ادفع إلى هذا الرجل حقه وإلا أذنت، فتغير لون الأمير ودفع إلى حقى

قال التاجر: فعجبت من ذلك الخياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف انطاع ذلك الأمير له! ثم إنى عرضت عليه شيئا من المال فلم يقبل منى شيئا، وقال لو أردت هذا لكان لى من الأموال ما لا يحصى. فسألته عن خبره وذكرت له تعجبى منه وألححت عليه. فقال إن سبب ذلك أنه كان عندنا فى جوارنا أمير تركى من أعالى الدولة، وهو شاب حسن، فمر به ذات يوم امرأة حسناء قد خرجت من الحمام وعليها ثياب مرتفة ذات قيمة، فقام إليها وهو سكران فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله وهى تأبى عليه وتصيح بأعلى صوتها: يا مسلمين أنا امرأة ذات زوج وهذا الرجل يريدنى على نفسى ويدخلنى منزله، وقد حلف زوجى بالطلاق أن لا أبيت فى غير منزله، ومتى بت ها هنا طلقت منه ولحقنى بسبب ذلك عار لا تدحضه الأيام ولا تغسله المدامع. قال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه وأردت خلاص المرأة من يديه فضربنى بدبوس في يده فشج رأسى وغلب المرأة على نفسها وأدخلها منزله قهرا. فرجعت أنا فغسلت الدم عنى وعصبت رأسى وصليت بالناس العشاء، ثم قلت للجماعة إن هذا قد فعل ما قد علمتم فقوموا معى إليه لننكر عليه ونخلص المرأة منه، فقام الناس معى فهجمنا عليه داره فثار إلينا فى جماعة من غلمانه بأيديهم العصى والدبابيس يضربون الناس، وقصدنى هو من بينهم فضربنى ضربا شديدا مبرحا حتى أدمانى، وأخرجنا من منزله ونحن فى غاية الإهانة

فرجعت إلى منزلى وأنا لا أهتدى إلى الطريق من شدة الوجع وكثرة الدماء، فنمت على فراشى فلم يأخذنى نوم، وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده فى الليل لترجع فتبيت فى منزلها حتى لا يقع على زوجها الطلاق. فألهمت أن أؤذن الصبح فى أثناء الليل لكى يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله فتذهب إلى منزل زوجها. فصعدت المنارة وجعلت أنظر إلى باب داره وأنا أتكلم على عادتى قبل الأذان هل أرى المرأة قد خرجت، ثم أذنت فلم تخرج، ثم صممت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة حتى يتحقق الصباح

فبينا أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا، إذ امتلأت الطريق فرسانا ورجالة وهم يقولون أين الذى أذن هذه الساعة، فقلت ها أنا ذا، وأنا أريد أن يعينونى عليه، فقال انزل فنزلت، فقال أجب أمير المؤمنين

فأخذونى وذهبوا بى لا أملك من نفسى شيئا حتى أدخلونى عليه، فلما رأيته (المعتضد) جالسا فى مقام الخلافة ارتعدت من الخوف وفزعت فزعا شديدا، فقال ادن فدنوت، فقال لى: ليسكن روعك وليهدأ قلبك، وما زال يلاطفنى حتى اطمأننت وذهب خوفى

فقال أنت الذى أذنت هذه الساعة؟ قلت نعم يا أمير المؤمنين. فقال ما حملك على أن أذنت هذه الساعة وقد بقى من الليل أكثر مما مضى منه؛ فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلى وغيرهم؟ فقلت يؤمننى أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبرى، فقال أنت آمن، فذكرت له القصة

قال: فغضب غضبا شديدا، وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته على أى حالة كانا، فأحضرا سريعا، فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات ومعهن ثقة من جهته أيضا، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو والصفح عنها والإحسان إليها فإنها مكرهة ومعذورة. ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال له كم لك من الرزق وكم عندك من المال وكم عندك من الجوار والزوجات؟ فذكر له شيئا كثيرا، فقال له ويحك، أما كفاك ما أنعم الله به عليك حتى انتهكت حرمة الله وتعديت حدوده وتجرأت على السلطان، وما كفاك ذلك أيضا حتى عمدت إلى رجل أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر فضربته وأهنته وأدميته؟ فلم يكن له جواب، فأمر به فجعل فى رجله قيد وفى عنقه غل، ثم أمر به فأدخل فى جوالق، ثم أمر به فضرب بالدبابيس ضربا شديدا حتى خفت، ثم أمر به فألقى فى دجلة، فكان ذلك آخر العهد به

ثم أمر بدرا صاحب الشرطة أن يحتاط على ما فى داره من الحواصل والأموال التى كان يتناولها من بيت المال، ثم قال لذلك الرجل الصالح الخياط: كلما رأيت منكرا صغيرا كان أو كبيرا، ولو على هذا وأشار إلى صاحب الشرطة، فأعلمنى؛ فإن اتفق اجتماعك بى وإلا فعلى ما بينى وبينك الأذان، فأذن فى أى وقت كان أو فى مثل وقتك هذا

قال: فلهذا لا آمر أحدا من هؤلاء الدولة بشىء إلا امتثلوه، ولا أنهاهم عن شىء إلا تركوه، خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذن فى مثل تلك الساعة إلى الآن

...




ابن كثير
البداية والنهاية

----


تحياتي

doli
17-12-2003, 02:03 AM
صحيح اللي إختشوا ماتو



ناس ماتيجي إلا بالعين الحمرا





قصه حلوه وفيها العجب يوضع سرة في أضعف خلقة







تسلم على النقل

الوجيه
29-12-2003, 12:10 PM
وانت تسلمي دولي

ويا هلابك

وتقبلي عاطر تحياتي