المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ونجعلهم الوارثين



shadow hearts
14-11-2003, 03:29 PM
في الماضي كنا ننادي الويل للأعداء

واليوم .... صرنا ننادي من ينهض لنصرة الأعداء !! فماذا دهانا ؟

وكيف تحولت المعايير وانقلبت الموازين خلال هذه الحقبة الزمنية

القصيرة ؟! حتى أضحى الاستنفار فيها لحرب الأولياء ، بدلاً من شن

المزيد من الهجمات على الأعداء !!

إنها مؤامرة كبيرة ، ولعبة قذرة يصعب على عامة الشعوب المسكينة

استيعابها أو الإحاطة بها ..

إذ كيف يمكن لهذه الشعوب البسيطة أن تصدق يوماً أن

يكون الراعي هو المتآمر !

أو أن يكون الحارس هو السارق !

أو أن تكون الخيانة هي الدافع لرفع شعار الأمانة !

أو أنّ من ينصر الحق يُنبذ وتُشوه صورته في الإعلام

ومن ينصر الباطل يُمجّد ويُمدح وتُنشر صورته في صدر صفحات

الجرائد ووسائل الإعلام !!


إنها المهزلة بكل معانيها !! أن تُساق خير أمةٍ أخرجت للناس في أذيال

شرار الأمم ، بسبب أذناب العمالة التي تربعت فوق كراسي العرش

وأدارت أضخم المشروعات التجارية التي شهدها العصر الحديث ..

والتي جعلت من الشعوب سلعةً رخيصة يوزعها أعداء الله كيفما شاءوا

كهبات وعطيات على أشد العملاء نذالة وخيانة وولاءً لهم ، ثم

يأمرونهم بعد ذلك برفع شعارات الوطنية ، ورفض نداءات الهزيمة ،

كي تلمع صورتهم لدى عامة البسطاء من شعوبهم !!


وتزداد الدهشة حين تحظى هذه الشرذمة الحقيرة بالتأييد لدى بعض

المخدوعين ، مما يجعلك توقن أن التضليل لم يعد بصورته المبسطة

التي يمكن التعامل معها أو النجاح في إزالتها بعرض القليل من الحقائق

فحسب ، وإنما صار معقداً ومركباً بصورة يكاد يستحيل معها إعمال

العقل أو الإقناع ..

إذ وصل الحال بهؤلاء البسطاء إلى حد أن جعلهم

يدينون بالولاء لذابحيهم ، ويتمنون طول البقاء لمن كان سبباً في شقائهم

وتعريهم !!


إنها أعجوبة الزمان ، وأضحوكة الأمم أن تهيم الشعوب على وجهها

لا تدري وليها من عدوها ، ولا تعـلم شـيئاً عن الأخطـار المحيطـة

بها أو المخططات التي تنخر لاقتلاع جذور كيانها ، وتستهدف مسخها

ومحو هويتها ..

حتى إذا ما وقعت عليهم الطامة ، وحلت بهم الكارثة ،

تساءلوا بدهشة عن أسباب وقوع الحادثة ، وما السبيل للنجاة من تلك

الكارثة ، وكأنهم لم يكونوا المعنيين يوماُ بمواجهة الحقيقة الدامغة ،

والوقوف بقوة أمام زحف كل طاغية ، والأخذ على يديه ، كي لا يُلقي

بمصير أمته في الهاوية !!


أما وقد نخرت في جسد أمتهم كافة الأمراض والأوبئة ، فلم يجدِ معها

الدواء بعد استشراء الداء ولم ينجع معها الكي ، بعد استفحال الغي ،

فإن سنن الله الكونية تأبى أن يبقى هذا المسلسل الهزيل آخذاً في

الاستمرار والهذيان ، وسوف تأتي الرياح بما تشتهي أنفس المؤمنين ،

وتلفظه لأول مرة أنفس الظالمين !!

إذ ستلقي بهم عند أول هبوب لها في مزبلة التاريخ ..

كي يلعنهم كل لاعن ٍ، ويزدريهم كل مؤمنٍ ، ثم لن

يلبث الأمر إلا يسيراً حتى يُنفض الغبار عن كثير من الحقائق التي

طمست طوال حقبٍ مظلمة من الزمان ، وسوف تشرق الأرض بنور

هذا الدين ، يرفع لواءه أناسٌ تجردوا له ، بعدما جعلوا الدنيا وراء

ظهورهم أو تحت أقدامهم ، وأسلموا وجوههم خير إسلامٍ لمليكهم ،

فمكنهم حسبما اقتضت سنة التمكين ...


( وكذلكَ نمنُّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم

الوارثين )