المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيء من تراثنا الأدبي



أمير الحرف
10-10-2003, 07:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني أخواتي الكرام
تحية طيبة ومزيداً من الإحترام

أما بعد
خطرَ في بالي أن أكتبَ لكم شيئاً ممَّ أعرفه ويجهله’
غيري ، آملاً أن يزيدني علماً وينورني من يعرف’ أكثرَ مني ، فنحن’ ما زلنا تلاميذ’’ في هذا المجالّ ، وما زلنا نحتاج’ الكثير الكثير ، وما نعرفه’ إلا قليلَ القليل ، ولهذا وددت’ أن أفيد
وأستفيد ، في هذا المجال .


كيفَ تحول نثركَ إلى شعراً
----------------------------



القصيدة !!
-------------
هيَّ نوعان : القصيدة العامودية والقصيد الحرّ (( قصيدة التفعيلة )) ، أما القصيدة العامودية : هيَّ ما تأتي شطر’’ بشطر ، على أن يكون هناك رابط’’ بين الشطرين ، فإن لم يوجد هذا الرابط مات الشطر’ الأول .

مثال :
------------
تقول’ هلا كتبتَ بيّ *** مزنَ القلوبِ حتى الصباح

** هنا وجد الرابط بين البيتين وهو ماذا تريد’ بكَ أن تكتبَ بها ، على أن يكون الشطر الثاني بنفس الوزن ، والأجدر بمن هوَّ يكتب’الشعر أن يدرس العروض الشعريه ، حتى يعرف مداخلها ومخارجها .

القصيد الحر
وهوَّ نوعان
------------

أ : القصيدة الحرة :
--------------------

** هيَّ التي لا تنتهي مقاطعها بنفس التفعيلة ، بل ينتقل’ الكاتب’ من مقطع إلى مقطع بتفعيلات’’ مختلفة ، متنقلاً من بحرٍ إلى بحر بنفس الموسيقى ، لأن القصيدة الحرة متى ما فقدت موسيقاها ، أصبحتْ نثراً ومات جمالها .

ب : قصيدة التفعيلة :
-----------------------

** هيَّ ما تنتهي مقاطعها بنفس التفعيلة ، تلتزم بكل شروط القصيد الحر ، ينتقل فيها الكاتب’ من بحرٍ إلى بحر ، بنفس الموسيقى ، فهيَّ دوماً أجمل’ وأقوى من القصيد الحرْ .

** كما يستطيع الكاتب أن يبدل القافية في كلِ مقطع ، بشرط أن تتكرر القافية المستبدلة، فحين ينتقل’ من بحرٍ إلى بحر يكون على نفس القافية المستبدلة حتى إنتهاء المقطع .


كما هو الحال في هذه القصيدة ( قصيدة التفعيلة ))
---------------------------------------------
يوتوبيا



سيدتي أيتها المسافـــــــرة’ في الجسمِ
أيتها المعجونة’ في الدمِ واللحمِ
أيتها المرسلـــــــة كالبطاقـة فـي الوريــد
أيتها النابضة’ في صندوقِ البريد
أيتها00 العالم’ من جديد
سيدتــي أنتــي نجمـة’’ وأنا محتاج’’ للوصــول
وتعاليم’’ وفنّ’ الأصول
وأنتي المسيطرة’ في جميع الفصول
فما منْ حلول
فما لي منْ حلول
فلمسة’’ منكِ تكفي بي أن أطير
فطفل’’ من عطفِ حنانيكِ صار يطير
فزهرة’’ ماتتْ من جاذبيةِ شفتيكِ وتحدد المصير
فما من حرٍطليقٍ وصارَ جماد
وما من نجمٍ بعيدٍ وردَ وعاد
فالثلج’ في العشقِ تحولَ وصار رماد



ما يجب عليك أيها الكاتب’ هنا
----------------------------------

1- يجب على الكاتب أن ينتقل من بحرٍ إلى بحر بنفس الموسيقى ، مبتعداً عن كثرة الكلام ، لأن كثرته’ يجعل’ القصيدة’ نثراً وليس شعر ، وعليهِ أن يلتزم بنفس الموسيقى التي ابتدأ بها ، لأن القصيد الحر من شروطه حتى يصبح شعراً، أن تكون موسيقاه واحده ، مبتعداً عن النشاز .

مثال
-----------

لو قلنا :
تعالي هنا لأقول’ لكِ شيئاً
في خاطري ، أتذكرين الكلام الذي قلته’ لكِ
بأن البناتَ كلها خدم’’عندكِ
لا لا لا
ليسَ هنَّ ؟
كلَّ اللواتي التي قلت’ لكِ يوماً ،
عنهنَّ وصيفات .
أتذكرين ؟
حدقي اليوم
هنَّ لكِ جواري ..

** لو قلنا هذا المقطع بهذه الطريقة أصبح نثراً جميلاً .

*********

** ولكن لو قلناه’ بهذه الطريقة :

حبيبتي حينَ أحبكِ
وحين أهمس’ لكِ
تتساقط’ الأوراق’ خيفةً
تهرول’ حبيباتِ الرملِ ريبةً
تتصحر’ الأنهر’
تتساقط’ المجرات
تتوالد’ الضبا
ذعراً
حين أناديكِ ودادي

***

تعالي لأخبركِ بشيء’’
خدم’’ عندكِ
لالالا
كلَّ اللواتي قلت’ لكِ عنهنَّ وصيفات
حدقي اليوم
جواري ..


هنا يصبح’ شعراً
إنتقلَ الكاتب’ من بحرٍ لبحر على نفس الموسيقى ، مختصراً كلامه’ ’ لأن كثرت الكلام تحول الشعر إلى نثر .

2- من الأفضل للكاتب ، أن ينهي كل مقطعه بنفس القافية ، هذا أفضل له’ وللقصيدة ، حتى تكون’ موسيقاها واحدة ، وهنا
تسمى (( قصيدة التفعيلة )) ، فإذا لم يلتزم سمية بالقصيد الحرّ .

ما يجب عليك أيها الكاتب الإبتعاد عنه
--------------------------------------------

أولا : يجب على الكاتب أن يبتعد عن تكرار نفس المفردة ما بين مقطع ومقطع ، لأن هذا دليل’’ على ضعف الشاعر وقلة مفرداته .

ثانيا : الإبتعاد عن كثرة الواو بالقصيد ، لأن كثرتها تقلل من قدر القصيد ، سواء’’ بالقصيدة العامودية ، أو القصيد الحر (( قصيدة التفعيلة )) .

ثالثا : الإبتعاد عن كثرة الكلام ، (( فخير’ الكلامِ ما قلَّ ودل )) ، الشعر إحساس ، وخيال ، ومفردات ، يستطيع الكاتب أن يعبر من خلال أحاسيسه عما يجيش’ في خافقه ، بكلام مختصر وكلام مفيد ، لأن كثرة الكلام تحول الشعر نثر .

ما هيَّ مقومات القصيدة
------------------------------

القصيدة : هيَّ موضوع ومفردة وخيال ، وأن لا يطغى الخيال في القصيد ، حتى لا يذهب بروح الموضوع ، فهناك قصائد تقرأها لا تفهم عليها شيء .




أرجو أن تعذروني ما هذا إلا إجتهاد’’ ، وددنا أن نضعه’ ما بين أيادي كل شخصٍ ، لديه رغبة التعلم ، آملين أن نفيد وأن نستفيد ، من غيرنا ، والذين هم سبقونا في هذا المجال .

تقبلوا فائق إحترامي

أمير الحرف
10-10-2003, 07:32 PM
الـــــــشـــعـر



اراد ابن رشيق ان يعرف الشعر ويذكر عناصره فقال : انه مكون من اربعة اشياء وهي اللفظ والوزن والمعنى والقافية . وقبله قال ابن قدامة في تعريف الشعر انه قول موزون مقفى يدل على معنى والاسباب المفردات التي يحيط بها الشعر وهي اللفظ والمعنى والوزن والتقفية .
وفي تعريف ابن خلدون : هو الكلام الموزون المقفى ومعناه الذي تكون اوزانه كلها على روي واحد .
والحق ان تعريف الشعر تعريفاً منطقياً غير يسير فالعرضيون او اللفظيون عامة يفهمون من هذا اللفظ صورته الظاهرة في الوزن والقافية اللذين يميزانه عنه النثر . والمناطقة يرون فيه وسيلة مؤثرة تبعث في النفوس انفعالاً ما فنظرو بذلك الى ناحيته المعنوية .
وكذلك فعل الكتاب الغربيون :
فالكاتب ملتن Milton يرد خاصة الشعر في الاكثر الى صورته فيقول فيه "يجب ان يكون بسيطاً شعورياً مؤثراً " وهذا سرد لبعض صفات الشعر وليس تعريف له . ومن المحدثين امثال جوته Goethe ولاندرو Landroh يعدون الشعر فنا ويميزونه بصورته أي بقوة التعبير الفني .
ومنهم من عني بمادة الشعر اكثر من صورته ورأى خاصته في اشتماله على العاطفة والخيال ولعل ورد زورت Wordsorth في مقدمة هؤلاء اذ يقول عن الشعر انه " الحقيقة التي تصل الى القلب بواسطة العاطفة "
ويقول رسكن Ruskin انه "عرض البواعث النبيلة للعواطف النبيلة بواسطة الخيال "
ومنهم من يعرف الشعر تعاريف غامضة كما قال شلي في دفاعه عن الشعر " انه تعبير الخيال "
وكما قال اميرسون " الشعر هو المحاولة الخالدة للتعبير عن روح الاشياء "
واما ماتيو ارنولد فله تعريف مشهور للشعر يقول : ان الشعر هو نقد الحياة في حالات تلائم هذا النقد بتأثير قوانين الحقيقة والجمال الشعريين "
وهناك تعاريف شاملة للشعر مثل تعريف ستدمان Stadman الذي يتناول الصورة والمادة للشعر ويقول " الشعر هو اللغة الخيالية الموزونة التي تعبر عن المعنى الجديد والذوق والفكرة والعاطفة وعن سر الروح البشرية " ..
وعلى هذا يمكن تعريف الشعر بانه الكلام الموزون المقفى الذي يصور العاطفة والعقل .

ينقسم الشعر عند الأمم الى انواع متعدده سنذكرها وسنرى ماعند العرب منها والنوع الذي اقلوا فيه او اكثروا :


1- الشعر التعليمي :

يعتبر قسما من اقسام الشعر الكبرى وهو الشعر الذي من خلالة يتم عرض علم من العلوم ويخلو من عنصري العاطفه والخيال ويسمى عند العرب بالنظم .
وهناك امثله كثيره لهذا الشعر منها قصيدة الشاعر اليوناني القديم ( هيزيودوس) المسماة –الأعمال والايام – وفيها يتحدث حديثاً شعرياً رائعاً عن مواسم الزراعة وانواع المحاصيل .
ثم قصيدة ( طبائع الأشياء ) للشاعر الروماني الكبير ( لوكرشيوس) وهي من القصائد التي استطاع كاتبها ان يحول فيها التفكير الفلسفي الى شعر .
وقد ازدهر هذا النوع من الشعر في تراثنا العربي وقد صيغت كثير من قواعد العلوم بأسلوب شعري يسها معه حفظها وظبط اقسامها وانواعها
فهنالك منظومات في الفقه واصوله , والنحو والصرف والعقيده بل تعداها الى علم الفلك والكيمياء وغيرها
ومن امثلة المنظومات في شعرنا العربي ( الفية ابن مالك ) .


الشعر القصصي او ( الملحمي ) :

عرفت الشعوب هذا النوع من انواع الشعر ففي الادب الأوربي يبرز هذا النوع من الشعر الملحمي الذي كتبت به ملاحم البطولة الاولى مثل ( الألياذة ) و( الأوديسة ) للشاعر اليوناني ( هوميروس). وهناك قول بأنها لعدد كبير من الشعراء ولكن هوميروس جمع تلك الاشعار حيث كان ينشدها في جولاته على المدن اليونانية .
وهناك ( الإنيادة) لفيرجيل شاعر الرومان
وهناك (الشاهنامة) للشاعر الفارسي الفردوسي
وهناك ايضا( المهباراتا ) و ( الرامايانا ) عند الهنود القدماء
اما في ادبنا وتراثنا العربي فليس لدينا ملاحم على النحو الذي رأيناه عند الأمم الأخرى ويرجع ذلك الى ان الوزن الشعري في الشعر العربي اكثر انضباطاً كما ان ميل العرب الى الإيجاز يحول دون قبولهم الى الأطالة الشديدة التي تقتضيها تلك الملاحم . وان ظهرت بعض تلك الملاحم في القرون الوسطى باللغة الدارجة لأعجابه بالبطوله ولحاجته لها . مثل (سيف بن ذي يزن ) (ابي زيد الهلالي ).
اما في العصر الحديث فهناك محاولات من بعض الشعراء لنظم ملحمة ومثال ذلك (الألياذة الأسلامية ) لأحمد محرم , وهي عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاده وصحابته الكرام رضي الله عنهم.


3- الشعر التمثيلي :

وهو الشعر الذي يستخدم في الحوار المسرحي بدلا من النثر او مايقال عنه الشعر الدرامي .
ولفظة دراما مشتقة من الفعل اليوناني ( Drao ) ومعناه ( يعمل او يتحرك ) وبذلك يكون المعنى الحرفي الاشتقاقي لاصطلاح الشعر الدرامي هو الشعر الحركي أي الشعر الذي يكتب به الحوار الذي يلقى مصطحباً بالحركة التمثيلية على المسرح .
وقد ظهر كما سبق في محور المسرحية القديمة لدى اليونان والرومان ثم ظهر في الآداب الأوربية في القرن التاسع عشر
ويعد احمد شوقي اول من كتب المسرحية الشعرية في الادب العربي فمن مسرحياته ( مصرع كليوباترا ) و(مجنون ليلى ) و (عنتره ).
وكان اسلوب شوقي اسلوبا ادبيا راقيا وممن برز في في هذا النوع من الشعر :
عزيز اباظة الذي الف عددا من المسرحيات الشعرية استمد موضوعاتها من التاريخ الاسلامي منها ( العباسية ) و (عبدالرحمن الناصر ) و(غروب الأندلس). ومسرحية شعرية اجتماعية واحده هي ( اوراق الخريف ) .



4- الشعر الغنائي او الوجداني :

وهو الأتجاه السائد في الشعر العربي والشعر العربي قادر على وصف ادق الاحوال النفسية للشاعر الذي يخلص في ابداعه .
هناك اشارات تشير الى ان بداية الشعر الغنائي او الوجداني لدى العرب كان شعر يتغنى به في مواقع عديدة كما كان في الجاهلية في العبادة والعمل والسفر فهناك مايسمى (النصب ) اشارة الى التغني بالشعر فوق الانصاب والهزج الذي كان نوعا من التغني بالشعر الذي يصاحب السير الهاديء للناقة فإذا اسندت الناقة أي عدت عدوا سريعاً تحول الهزج الى مايسمونه بالسناد أي السريع وتطور هذا النوع من الشعر .
قبل ان تختفي ظاهرة التغني بالشعر لتحل محلها ظاهرة الأنشاد ثم ظاهرة الألقاء ثم ظاهرة القراءة العادية والتي وصلت بالنهاية الى القراءة الصامته في الدواوين .
اذا الشعر الغنائيي او الوجداني هو تصوير لوجدان الشاعر وتصوير لأنطباعاته التي تنعكس من عواطفة ومشاعرة وتخيلاته وتجاربة الذاتية .

أمير الحرف
10-10-2003, 07:34 PM
النــثــر


للنثر الادبي انواع عدة منها:
الخطابة – المقالة- القصة – المسرحية – الخاطرة – الوصايا – الرسائل – المقامات – المحاضرات العلمية – السيرة الادبية .


1- المقالة :

هي قطعة نثرية محدودة يعرض فيها كاتبها فكرة من الأفكار او موضوعاً من المواضيع باسلوب أدبي.
هناك من يقول ان ظهور المقالة كفن ادبي لم يكن مرتبطاً بظهور الصحف والمجلات . فقد عرفت قبل ان يخترع فن الطباعة بقرون طويلة .حيث اختارة عدد من الأدباء قالبا فنيا منذ عصر اليونان القدماء وربما كانت اقدم صورة للمقالة هي صورة الشخصيات النمطية كما كتبها الكاتب الاغريقي (تيوفراست) عنوانها (صور نمطية) وفي كل صورة منها يرصد ويحلل السمات المختلفة الانواع من السلوك البشري السليم او المعيب بحيث تعتبر كل صورة تجسيد لنمط من السلوك كسلوك البخيل والكريم والجبان والشجاع والمنافق وغيرها .
وقد كتب الجاحظ رسائل صغيرة مثل(رسالة التربيع والتدوير ) وفعل مثلة السيوطي . وتمثل هذه الرسائل مقالة من المقالات وان لم تحمل نفس الاسم .
وقد كتب الكتاب الغربيون تلك المقالات ليتظمنها كتاب كما فعل الجاحظ .
ثم كانت المقالة الفلسفية ثاني انواع من انواع المقالة ظهورا على خط التاريخ وكان ذلك في عصر النهظة الاوروبية أي في القرن السادس عشر ولدينا من هذا النوع من من المقالات الفلسفية مجموعتان كبيرتان احداهما للفيلسوف الانجليزي (فرنسيس بيكون ) الذي قلب عالم المنطق والتفكير والبحث عن الحقائق راسا على عقب بفضل كتابة المسمى (المقالات ) وهو يتظمن بالفعل مجمعة من المقالات التي اثبت فيها عقم المنطق الشكلي (الأرسطوطاليسي)
الذيس كان يطغى على عقول البشر خلال القرون الوسطى كلها .
واما المجموعة الثانية فتتضمنها اربعة مجلدات كبيرة للفيلسوف الفرنسي (مونتين ) .
ويعد ( ميشال موناتني) الفرنسي اول من استخدم (مصطلح ) المقالة في كتاباته التأملية ....في عام 1580م

اهميتها :
للمقالة مكانة مهمة في الحياة الادبية وخاصة الحديثة وقد زادت اهميتها بانتشار الصحافة فاصبحت بذلك صوتا مسموعا واسلوبا له تأثيره ومكانته .
انواعها :
1- المقالة الذاتية :
وهي المقالة التي تبرز فيها وتبدو ملامح شخصية الكاتب وتكون فيها بارزة وواضحة وهي غالبا ماتمثل تجربة خاصة او موقفا من المواقف التي عاشها الكاتب او مر بها او كان مرتبط بوقوعه .

2- المقالة الموضوعية :
يبرز في المقالة الموضوعية الجانب الموضوعي ويظهر جليا فيها ويختفي الجانب الذاتي . وهذه المقالة تتناول فكرة من الافكار العامة او دعوة حقيقة من الحقائق العلمية والتي تكون محط حديث الكاتب او دعوة الى قضية من القضايا التي يؤمن بها الكاتب او ماقشة مشكلة من مشكلات الحياة والمجتمع .

وليست هناك حدود فاصلة للتفريق بين النوعين فربما اجتمع النوعين في مقالة واحدة ولكنها تسمى وتوصف بالجانب الغالب فيها .

خصائص المقالة :
1- الإيجاز : وهذا الأمر يختلف من كاتب الى آخر ومن مطبوعة الى اخرى فهي تتظمن قدراً مناسباً من المعلومات والافكار بقدر قليل من المساحة والكلمات.

2- سعة موضوعاتها: هذه الميزة الاكثر في المقالة والتي تجعلها تتصدر فنون النثر حيث تتسع لجميع الموضوعات ويتسع قالبها لاحتواء أي فكرة في أي مجال كان ادبي او علمي .

3- الطرافة والجدة : فالمقالة تمتاز بالطرافة غالبا وتمتاز بجذب القراء . وفي صياغة المقال وطريقة عرضه والعنوان الذي يقدمه الكاتب للمقالة كل ذلك يسهم في ايجاد خاصية الطرافة او الجدية .

القصــــة:

وهي حكاية تصور عددا من الشخصيات والاحداث تكتب باسلوب نثري .
وانواع القصة :
اولاً القصة القصيرة :
وهي التي تدور حول حادثة واحدة لشخصية واحدة او عدة شخصيات ةلايتسع المجال فيها لكثرة السرد او تعدد الاحداث.
وتتميز القصة القصيرة بصغر حجمها وسهولة قرائتها في وقت وجيز وتركيزها على حدث معين ..وقد ساعد على انتشارها الصحافة والاذاعة مما يتفق مع طبيعة الايقاع السريع للعصر .

البناء الفني للقصة القصيرة :
ابرز عنصر في البناء الفني للقصة القصيرة هو التركيز .
وبناء عليه سوف نرى في القصة القصيرة الامور التالية :
1- وحدة الانطباع : فهناك انطباع واحد يخرج به القاريء ونوع واحد من الـتأثير الذي ينعكس على القاريء من خلال الهدف الذي سعى اليه الكاتب بعكس الرواية التي تعطي اكثر من انطباع بسبب كثرة الاحداث والشخصيات .
2- وحدة الحدث: القصة القصيره تصور حدث واحد يركز عليه الكاتب وتصوير هذا الحدث ويكون هذا الحدث محدد ويبرز تاثر الكاتب به .
3- وحدة الزمان والمكان : تكون في اطار زمن واحد ومكان واحد ولو تعددت الحوادث لتعددت تبعا لذلك ازمنتها وامكنتها .
4- البناء الفني الخاص : القصة القصيرة رغم صغر حجمها الى ان لديها بدايه ووسط ونهاية . ويمكن نقد الكاتب من خلال ايجاده او اخفاقة لكا عنصر من عناصر البناء الفني للقصة .
5- الإيجاز : وهو ماتتميز به القصة القصيرة عن غيرها الذي يذهب الى الاسهاب والاطالة




************

أمير الحرف
10-10-2003, 07:37 PM
ثانياً الرواية:

هي اطول انواع القصص وتمتاز عن القصة القصيرة بكثرة احداثها وتعدد شخصيات القصة واثاراتها لقضية كبرى او عدد من القضايا التي تعبر عنها من خلال سرد الاحداث .
وفيها الرواية يظهر اسلوب الكاتب وطريقته في ربط الاحداث ونمو الشخصيات وتوضيفهم في الرواية حسب طريقته التي يراها .
وهناك نقاط وخصائص تظهر في الرواية :
1- تعدد الاحداث : ففي الرواية تتعد الاحداث وتسرد بطريقة الروائي وهذه الاحداث تبني عليها الحبكة القصصية للرواية وتنمو الاحداث وتتعدد بحسب نظرة الكاتب .
2- الانطباع : يخرج القاريء بانطباعات عدة من خلال قراءة الرواية بحسب الاحداث والشخصيات .
3- الزمان والمكان : في الرواية قد تتعد الازمنه والامكنه فالحوادث تتعد والازمنه والامكنه ايضاً .
4- البناء الفني للرواية : تتميز ببناءها الفني فبداية الرواية وتسلسل الاحداث وترتيب الشخصيات وظهورهم النهاية تشكل بناء فني للرواية تظهر مدى اجادة الكاتب لسرد الاحداث وتأثير الشخصيات فيها بحسب اسلوبة الفني .
5- الاسهاب والتفصيل : نجد ان الرواية تتمتع بتفصيل الاحداث والاسهاب فيها وتحليلها حسب الكاتب وحسب شخصيات الرواية واحداثها.
6- تعدد الشخصيات : في الرواية تتعدد الشخصيات وتنمو او تختفي حسب تركيبتهم في الرواية ومواقعم منها سواء كانو شخصيات رئيسية او ثانوية فالشخصيات الرئيسية تنمو مع الرواية والثانيوة قد تختفي او تظهر لغرض معين ثم تختفي وهكذا ...


وقد اخذنا فن القصة القصيرة والرواية في ادبنا المعاصر من الادب الاوروبي ففي القصة الطويلة تأثر كثير من الكتاب بالمدرسة الفرنسية كالكاتب – بلزاك- في القصة الطويلة ثم موبسان بنوع خاص في فن القصة القصيرة . وهناك مدرسة اخرى اثرت في القصة وهي المدرسة الروسية وخاصة الكاتب –تشيخوف- الذي يعتبر من اكبر كتاب القصة القصيرة في العالم .


المسرحية :

هي فن من فنون الادب ذات فكرة اساسية يجسدها الكاتب ويبرزها وتجسد هذه الفكرة موضوع او قصة بشخصيات ذات الابعاد المحدده التي تنقل هذه الفكرة او الموضوع .
وكان الادب المسرحي قد ظهر عند اليونانيين القدماء . بنوعين من المسرحية وهي: المأساة وتعبيرها الحديث تراجيديا – والملهاة وتعبيرها الحديث الكوميديا .
وقد تطورت المسرحية فمنذ ان ان كانت تجمع لدى اليونانيين بين الشعر والموسيقى والغناء والرقص فكانت المسرحية اليونانية تجمع بين اجزاء حوارية تمثيلة تتعاقب مع اجزاء غنائية وعند ما بدأت النهضة الاوروبية بسقوط القسطنطينية عام 1453م في ايدي العثمانيين هرب الرهبان حاملين معهم المخطوطات التي التراث اليوناني القديم الى ايطاليا ومنها الى اوروبا كلها واتخاذهما اساساً للنهضة الاوروبية .
وقد اخذنا فن المسرحية من الادب الاوروبي بل وعن ايطاليا بالتحديد وهناك وثيقة تدل على ذلك وهو كتاب بعنوان "ارزة لبنان" الذي يضم اول مسرحيات كتبت بالعربية في عالمنا العربي كله وهي مسرحيات التاجر اللبناني – مارون النقاش- الذي شاهد هذا الفن في ايطاليا اثناء رحلاته اليها وقد مثل مع اصدقائه في بيته اول مسرحية كتبها بالعربية وهي مسرحية (البخيل ) . وكان ذلك سنة 1848م.


انواع المسرحية :
1- المأساة ( التراجيديا ):
وهي مسرحية ذات موضوع جاد ولغة رفيعة تستمد موضوعاتها من البطولات المختلفة ماكان منها واقعياً او اسطورياً او من حياة الملوك والابطال .
وتتميز بالنهاية الحزينة او الفاجعة.
وجمهورها خاص ومتميز وتميل موضوعاتها الى الموضوعات الكبرى في الحياة .
ويرى البعض ان الماساة قد تطورت واختفى مسماها ويظهر بدلا منها الدراما الحديثة بفضل الكاتبين ابسن وبرناردشو في الغرب وتشيكوف في روسيا .

2- الملهاة ( الكوميديا):
وهي مسرحية ذات موضوع واقعي ولغتها بسيطة ومتداولة وهذفها نقد الواقع ومافي الحاضر من مساوىء يراها الكاتب وجمهورها من عامة الناس وتستقي موضوعاتها من الامور اليومية وتهدف الى التسلية والاضحاك وتتميز بالنهاية السعيدة والمفرحة.
فرائد المسرحية الكوميدية – ارستوفانيس- قد اتخذ من فنها وسيلة لنقد بعض نواحي الحياة في عصرة حتى لتكاد تتحول الى مايشبه الهجاء الصريح لزعيم شعبي معاصر له اسمه – كليون -.
كما راح يهاجم ما اخذ في عصره من تحرر فكري فقد هاجم جد الفلسفة اليونانية – سقراط – في احدى كوميدياته هجوما بالغ العنف واتهمه بالدعوة الى الالحاد (أي سقراط) وافساد الاخلاق وذلك في الكوميديا المسماة ( السحب ) الذي يظهر فيها – سقراط- وهو جالس في قفص من السعف ومعلق في سقف المسرح زاعما انه لابد له من الارتفاع فوق الارض لكي يستطيع ان يتفلسف دون ان تمتص الارض رحيق فكره وتجففه .
وقد كان لهذه الكوميديا اثر كبير في تأليب الرأي العام على – سقراط – مما حدا بمحكمة الشعب الى ادانة هذا الفيلسوف والحكم عليه بالاعدام بالسم





الأدب العربي والمذاهب الأدبية

التعريف بالمذاهب

المذهب الكلاسيكي

المذهب الرومانسي

المذهب الواقعي

المذهب الرمزي

أمير الحرف
10-10-2003, 07:39 PM
الــكـتــــابــة



الكتابة في اللغة تتضمن معاني عدة منها:
تصوير اللفظ بالحروف الهجائية (الخط)
جاء في لسان العرب:
كَتَبَ الكتاب معروف والجمع كُتُب وكُتب, كتب بالشيء يكتبه كتباً وكتابة , وكتبه: خطه)

نشأة الكتابة:
تباينت اراء العلماء حول نشأة الكتابة , فبعضهم ارجع فكرتها الاولى الى حوالي ستة الآف سنة في مصر وامريكا الوسطى , وإلى حوالي أربعة الآف سنة
في الصين ويرجحون أن فكرة الكتابة الأولى نشأت عند الفراعنة ثم أخذها الفينيقيون عنهم باعتبارهم صلة الوصل بين العالم آنذاك , فأنضجوا فكرتها
وهذبوها ونقلوها الى العالمين : اليوناني والروماني .
وآخرون يعتبرون مولد الكتابة في اليوم الذي اعتبرت فيه العلامة تمثيلاً موضوعياً , لأن الكتابة على وجه التقريب ايصال فكرة بين شخصين في صورة مادية .
ومنهم من يرجع تاريخ الكتابة الى الأزل , منذ أن كانت أعمال الناس مسجلة قبل وقوعها ومقررة في اللوح المحفوظ حسب علم الله سبحانه وتعالى قبل ان يولد الإنسان أو توجد الحياة الانسانية من أساسها وأن الكتابة من حلي الملائكة , قال تعالى ((كراماً كاتبين , يعلمون ماتفعلون )

وقد مرت الكتابة بمراحل وأدوار أربعة :
1- الدور الصوري الذاتي : حيث تدل الصور فيه على المعاني الذاتيه المحسوسة وهذا الدور كانت الكتابة فيه قاصرة على التعبير في مجالات الحياة.
2- الدور الصوري الرمزي : زيدت صور رمزية تدل على المعاني المعنوية بالإضافة الى الثور الذاتيه
3- الدور المقطعي : وتدل الصورة فيه على اول مقطع من اسمها.
4- الدور الهجائي : وفيع اصبحت تلك المقاطع حروفاً وهو آخر خطوة بلغت اليها الكتابة.

الكتابة في الاصطلاح :
كما جاء في صبح الأعشى : بأنها صناعة روحانية تظهر بآلة جثمانية دالة على المراد بتوسط نظمها.
فالروحانية: هي الألفاظ التي يتخيلها الكاتب في أوهامه ويصور من ضم بعضها الى بعض صورة قائمة في نفسه.
والجثمانية: هي الخط الذي يخطه القلم وتقيد به تلك الصور وتصير بعد أن كانت صورة باطنه معقولة صورة محسوسة ظاهرة.
والآلة : هي القلم
وهذا التحديد يشمل مايسطره القلم مما يصوره الذهن ويتخيله الوهم

وعرف ابن خلدون بقوله : الكتابة من خواص الإنسان التي يتميز بها عن الحيوان , وايضاً فهي تطلع على مافي الضمائر وتتأدى بها الأغراض
الى البلاد البعيدة فتقضى الحاجات.
وعرفها آخرون بقولهم : الكتابة نقوش مخصوصة ذات اصول بها تعرف تأدية الكتابة بالصحة ويقال لها فن رسم الحروف.

وقال أديب اسحاق:الكتابة صناعة يراد بها التعبير عن الخواطر والمحسوسات بوضع صحيح , واسلوب صريح , في ثلاثة اركان :
1- الخاطر المراد ايضاحه وهو الإنشاء.
2- والوضع الذي يبدو به ذلك الإيضاح وهو البيان
3- والكيفيه التي يحصل بها ذلك وهو الأسلوب.

ولايقف تأثير الكتابة عند حال نقل المشاهدات الحسية بل هي تنقل شعور الكاتب وعاوطفه الى نفس القاريء وتصبغه بالصبغه التي يريدها الى حد ما
ومن هنا يظهر مقدار الكتابة في المجتمع والنتائج التي تنتجها على الشعور العام صلاحاً أو فساداً تبعاً لصلاحها أو فسادها لكنها من جهة ثانية تابعة للحياة التي تؤثر عليها وتدفع بها في نهج مخصوص والكتابة وسيلة من وسائل التربية العامة ووسيلة من وسائل ايقاظ الشعور وتنبيه العواطف

وانواعها حسب التقسيمات الغربية :
1- الكتابة في الأشياء الواقعية من دون تخيل أو تصنع أي ( الكتابة في ماهو كائن )
2- الكتابة الخيالية التي يصف بها الكاتب حالة تخيلها في ذهنه يريد الى السعي الى تحقيقها بتقريبها لذهن القارىء وتجليتها أمام عينه أي(الكتابة فيما يجب أن يكون ).
3- الكتابة التي تصف الحياة الواقعية وتدعو الى الفضائل السامية والمثل العليا وتحبب الناس فيهما أي ( التوفيق بين النوع الاول والثاني)

وعلماء اللغة العربية يعتبرون اللغة العربية المثال الوحيد الباقي لمعرفة السبيل التي سلكته الحياة في انشاء اللغة ويرون في طابع العربية الاشتقاقي نتائج هامة
في مصير الثقافة : منها الكشف عن نمو الذهن بتجاوب وجهيه : المحسوس والمعقول.
إن الكلمات العربية لم تزل ذات جذور في الاصوات الطبيعية زإن اللسان العربي لم يزل محتفظاً بنمط نموه نحو أداة بيانية متكاملة منذ ظهور الأنسان حتى الآن . ونحن نعني بظهور الأنسان مرحلة الأنتقال من عبارة هيجان الطبيعة الى الكلمات التي تعبر عن معاني يجيش بها الوجدان كالأنتقال من (أخ) والتي هي عبارة التوجع الى ( الأخ , والأخوة , والإخاء) أو كالإنتقال من ( أن) الى ( أنا) و(الأنانية) .

واللغة العربية من اغزر اللغات , وأدقها تعبيراً وأصحها قياساً , وسعت جميع الأغراض , وتقبلت نتاج الأفكار ولها خصائص سجلتها لها الأيام نذكر منها
1- السعة : التي لاحد لها حتى كادت مفرداتها لاتحصى
2- الأعراب
3- الفرق بين الحركات وغيرها من المعاني
4- الفرق بحرف بين معنيين
5- تناسب الألفاظ والمعاني (دقة التعبير )
6- دلالة بعض الحروف على المعاني
أمثلة مثلاً حرف الحاء إذا وقع آخر الكلمة دل على الظهور والأمتداد والتفريق ...مثل : باح السر , ساح الماء .صاح الرجل فاح الطيب لاح القمر,
شرح الكلام صرح بماينوي , فضح امره
حرف (ش) الشين : في أول الكلمة يدل على التفريق: شتت شملهم , شطر الشيء , شاع الخبر , شف الثوب .
حرف التاء (ت) : إذا جاء ثاني الكلمة دل على القطع : بت الحبل , بتر العضو .
حرف الثاء : إذا كان ثاني الكلمة دل على الإنتشار : بث الخبر بثق النهر (انفجر ماؤه).
أحرف السين والصاد والضاد والطاء : إذا كانت ثاني الكلمة دلت على القطع : حسم , حصد , قص , قطع , قطف .
حرف الغين في أول الكلمة يدل على الإستتار والظلمة والخفاء : غابت الشمس , غاض الماء , غطس السباح , غسق الليل غشيه الأمر , غمره الماء
غرس , غرق , غطى .
حرف النون في أول الكلمة يدل على الظهور والبروز نفث , نفخ , نبت . نبذ , نزف, نزع , نما , نطق .
حرف القاف : في المجموعات التالية يتضمن الاصطدام أو الأنفعال وتقترن بحدوث صوت شديد تصوره القاف في شدتها : قد , قرع , قطع ,
قرع , قذف \ دق شق طق عق طرق .
حرف السين : يدل على الليونة والسهولة : سهل , سلم , سل , سلس , سال , سما , سعد , سكن .

سئل عبدالله بن عباس رضي الله عنه عن أصل الكتابة العربية إنها قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم هل كانت تكتب على هذا الوجه أم لا؟
فقال نعم , فقيل له ممن أخذ ذلك؟ قال من الحارث بن أمية , فقيل ممن أخذه الحارث بن أمية ؟ قال : من عبدالله بن جدعان , فقيل : ممن أخذه عبدالله؟
قال: من الأنبار , فقيل : ممن أخذه الأنبار ؟ قال من طارىء طرأ عليهم من أهل اليمن , فقيل ممن أخذه ذلك الطارىء؟ فقال : من جلجال بن بن الوهم
كاتب وحي هود عليه السلام.
والكتابة العربية هي الطريقة التي يقال لها الكوفية , وكان الناس على ذلك الى زمن الحسن بن مقلة (272 هـ - 328هـ) فإنه نقلها من الطريقة الكوفية الى طريقته وطريقته حسنة كان الناس عليها الى زمن علي بن هلال المعروف بأبن البواب (423 هـ) وهو خطاط مشهور من أهل بغداد فإنه نقلها الى طريقته التي هي غاية في الحسن واللطافة, وكتـّـــاب زماننا هذا على طريقته .
وأما نفس الكتابة فقد قال صلى الله عليه وسلم ( أول ماخلق الله تعالى القلم فجرى بما هو كائن الى يوم الدين ).

يتخلل الكتابة مقومات تعتمد على الذوق وحسن التقسيم والربط بين العبارات
منها علامات الترقيم ويمكن تحديدها بما يلي:
1- النقطة ( . ) : توضع في نهاية الجملة التامة المعنى وكذلك توضع عند انتهاء الكلام .
2- الفاصلة : ( , ) توضع في الأحوال التالية :
أ- بعد لفظ المنادى
ب- بعد الجملتين المرتبطتين في المعنى والإعراب
ت- بين الشرط وجزاء الشرط , والقسم وجواب القسم .
ج- بين المفردات المعطوفة

3- القاطعة ( ,) وتحتها نقطة : توضع في الأحوال التالية :
أ- بعد جملة مابعدها سبب فيها
ب- بين الجملتين المرتبطتين في المعنى دون الإعراب.

4- النقطتان ( : ) توضعان في المواضع التالية:
أ- بين القول والمقول أي الكلام المتكلم به .
ب- بين الشيء وأقسامه وأنواعه.
ت- قبل الأمثلة التي توضح القاعدة .

5- علامة الأستفهام ( ؟ ) : توضع عقب جملة الإستفهام سواء كانت أداته ظاهرة أم مقدرة.

6- علامة الإنفعال أو التعجب ( ! ) توضع في آخر جملة يعبر بها عن فرح أو حزن أو تعجب أو استغاثة أو دعاء أو تأسف.

7- الشرطة ( - ) : توضع في المواضع التالية :
أ- في أول السطر في حال المحاورة بين أثنين إذا استغني عن تكرار اسميهما.
ب- بين العدد والمعدود إذا وقعا في أول السطر.

8- الشرطتان ( -....- ) توضعان لتفصلا جملة معترضة فيتصل ماقبلها بما بعدها.
9- الشولتان المزدوجتان " " توضع بينهما العبارات المنقولة حرفياً من كلام الغير والموضوعة في ثنايا الكلام .
10- القوسان ( ) توضع بينهما عبارات النفسير والدعاء القصير .
11- القوسان المركنان [ ] توضع بينهما زيادة قد يدخلها شخص في جملة اقتبسها

12- علامة الحذف ( ... ) وهي نقط أفقية أقلها ثلاث وتوضع مكان المحذوف من كلام أقتبس







صناعة الكلام


جاء في كتاب الصناعتين :
إذا اردت ان تصنع فأخطر معانيه ببالك , وتنق له كرائم اللفظ, واجعلها على ذكر منك ليقرب عليك تناولها , ولايتعبك طلبها , واعمله مادمت في شباب نشاطك فإذا غشيك الفتور وتخوّنك الملال فأمسك , فإن الكثير مع الملال قليل والنفيس مع الضجر خسيس والخواطر كالينابيع يسقى منها شيء بعد شيء
فتجد حاجتك من الري وتنال اربك من المنفعة فإذا اكثرت عليها نضب ماؤها وقل عنك عناؤها , واعلم ان ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول بالكد والمطالبة . والمجاهدة والمعاودة , وإياك والتوعر فإن التوعر يسلمك الى التعقيد والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويشين الفاظك.
ومن أراد معنى كريما فليلتمس له لفظاص كريماً فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف .
فإذا لم تجد اللفظة واقعة موقعها صائرة الى مستقرها حالة في مركزها متصلة بسلكها بل وجدتها قلقة في موضعها نافرة عن مكانها فلاتكرهها على اغتصاب الاماكن والنزول في غير اوطانها فإنك ان لم تتعاط قريض الشعر المنظوم ولم تتكلف اختيار الكلام المنثور لم يعبك بذلك أحد.
وان تكلفته ولم تكن حاذقاً مطبوعاً ومحكماً بشأنك بصيراً عابك من أنت اقل منه عيباً وزرى عليك من هو دونك .

فإن لم تسمح الطبيعة بنظم الكلام في وهلة وتعصى عليك بعد إجالة الفكرة , فلاتعجل ودع سحابة يومك ولاتضجر , وأمهله سواد ليلتك
وعاوده عند نشاطك , فإنك لاتعدم الإجابة والمؤاتاه فإن تـمـّـنع عليك بذلك - مع ترويح الخاطر وطول الامهال – فتحول من هذه الصناعة الى اشهى الصناعات اليك وأخفها عليك فإنك لم تشتهها ولابينكما نسب , والشيء لايحن الإ الى ماشاكله .
وينبغي أن تعرف أقدار المعاني فتوازن بينها وبين أوزان المستمعين وبين اقدار الحالات , فتجعل لكل طبقة كلاماً ولكل حال مقاماً حتى تنقسم اقدار المعاني على اقدار المقامات واقدار المستمعين على اقدار الحالات )

أمير الحرف
10-10-2003, 07:41 PM
التعبير


التعبير : الصياغة , وترتبط الصياغة بفنون اللغة من نحو وصرف وغيرها وبكل مايتصل بالكلمة المفردة وبالجملة والتركيب وماوراء ذلك من دلالات
وأوضاع تؤثر في طبيعة المعنى والغرض .
واللغة مادة الكتابة والتعهبير بدءاً بالحروف فالكلمات فالعبارات فالجمل فالفقر وانتهاء بالانتاج الأدبي
ومايرافق ذلك من ايقاع موسيقي ومن وسائل تصويرية ومحطات للتوقف ثم الأستئناف أو مايسمى بإخراج الحروف ومعرفة الوقوف.

والحروف هي العناصر التي تتالف منها الكلمة وكلما كانت متآلفة متباعدة المخارج كانت الكلمة مريحة لجهاز النطق ومقبولة ومستساغة لجهاز السمع.
الحرف: هو من كل شيء طرفه وشفيره وحده.
وعند النحاة : ماجاء لمعنى ليس بإسم ولا فعل .

والحرف عند بعض المحدثين له دلالة عضوية يرتبط باعضاء الانسان من بدء تخيل الحرف حتى النطق به فيقول :
ح - صورة الحبل يعني الامتداد والتوصيل مطلقاً.
ر – يعني صورة الراس مكان التفكير ذهنياً.
ف – صورة الفم موضع التعبير صوتياً .

ومادة الحرف الاولى هي الخيال وموضعها القلب والعقل
ومادة الحرف الثانية الهواء وموضعها الفم .
ومادة الحرف الثالثة الحبر والمداد وموضعها القرطاس.

تريب الحروف :
1- الترتيب الأبجدي : وهو عبارة عن ذكر الحروف في كلمات متعاقبة تجمع كل الحروف :
أبجد , هوز , حطي , كلمن , سعفص , قرشت , ثخد , ضظع .

2- الترتيب الألف بائي : وهو المعمول به حالياً وينسب الى عاصم الليثي أو يحيى بن عامر العدواني بتكليف من الحجاج بن يوسف الثقفي وتتميز الحروف فيه لإزالة الإلتباس ودفع الإيهام.
3- الترتيب الصوتي أو الخليلي منسوب الى الخليل بن أحمد الفراهيدي وبناه على تدرج الحروف من اقصى الحق الى الشفتين
والترتيب الخليلي هو ع, ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط د ت ظ ذ ث ر ل ن ف ب م ي و أ .

الكلمات:
والكلمات هي الأعضاء التي تتكون من حروف المباني.
والجمل أجهزة تامه متكونة من كلمات.
والفقر: والقطعة تتألف من فقر متعاونة لتصوير معنى عقلي او وجداني
والعمل الادبي هو البناء المشيد من القطع
وهو بناء من كلمات مختارة مناسبة للمقام .
وهو باقصر عبارة ( التعبير عن تجربة شعورية تعبيراً موحياً ) وفي هذه الجملة القصيرة نرى الكلمات
1- التعبير
2- التجربة
3- الشعور
4- الإيحاء
والتعبير يشير الى الصياغة
التجربة الشعورية التأمل والتأثير بكل ماتقع عليه حواس الانسان من صور واحداث او مايدور في نفسه من خواطر وافكار
ويختلف الناس ايجابية وسلبيه نحو هذه التجارب الشعورية فايجابيون يندفعون الى تصويرها واخراجها الى الحياة عملا فنياً مثيراً وهؤلاء هم الادباء
والشعراء.
وسلبيون لايلقون لها بالاً بل تمر في خيالهم طيفاص عابراً وهؤلاء هم سواد الناس او اغلبيتهم
الشعور تربط النص بعلوم النفس والاجتماع ليسهل فهمه من الناحية النفسية والشعورية وتربط الاديب بمجتمعه والتيارات المعاصرة له باعتبار النص
صورة لوجدان الاديب ومجتمعه معاً.
الإيحاء يتصل بالموسيقى والاصوات في النص ومالها من تاثير مباشر وغير مباشر على الوجدان والشعور للقارىء المتذوق ومايصحب التأثير من متعة ونشوة وهو مايسمى ( بوحي العبارة ) والموسيقى قسمان :
خارجية عائدة للوزن
وداخلية عائدة لانتقاء الألفاظ وتناسقها مع بعضها وإيحاءاتها .


عدة الكاتب


عدة الكاتب تتمثل في ثقافة عامة أهم عناصرها:
اولاً : معرفة علوم العربية ومن هذه العلوم :
1- اللغة
2- النحو وفيه الفت كتب عديدة منها (الكتاب ) لسيبويه , (والمفصل ) للزمخشري , (والكافية) لابن حاجب , و( الكافية الشافيه ) و (التسهيل) و(الالفية) لابن مالك , و( الموجز في النحو ) لابي بكر السراج
3- الصرف
4- البلاغة وفيها ثلاثة علوم المعاني , والبديع , والبيان
5- معرفة القرآن والحديث .
6- معرفة خطب الخطباء.
7- معرفة عادات العرب.

ثانياً : معرفة التاريخ
ثالثاً: معرفة الجغرافيا أو المسالك والممالك.
رابعاً : معرفة فن الوصف .
خامساً: معرفة فن الخط : شكلاً وتوزيع الحروف .
سادساً: معرفة الكتب المشهورة وانواع العلوم والكتب المصنفة فيها. ومنها:
علم الادب وعلومه عشره : اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والعروض والقوافي وقوانين الخط وقوانين القراءة.

أمير الحرف
10-10-2003, 07:42 PM
الأدب




نشأة كلمة - الأدب- في اللغة العربية :
في النصوص الجاهلية لم تظهر هذه الكلمة حتى يخيل الى الناظر ان العرب لم يعرفوها في لغتهم القديمة الى ان نبغت في العصر الاموي
ولكن ذلك لاينفي الكلمة في العصر الجاهلي اذ ان المقرر ان الادب الجاهلي ضاع منه الكثير . وكان وصوله بطريقة الرواية التي اعتمدت على الذاكرة
وهي غير وثيقة الحفظ.
والذي يلفت النظر حقاً ان هذه الكلمة على خفتها وفصاحتها لم ترد في القرآن الكريم على الرغم من ورود معناها في أياته.
تعريفاته:
في لسان العرب اصل الادب الدعاء. ومنه قيل للصنيع يدعي اليه الناس مأدبة . سمي ادباً لأنه يأدب الناس الى المحامد وينهاهم عن المقابح.
وعرفه الاقدمون : بأنه مايؤثر من الشعر والنثر .
وعرفه بعضهم انه الأخذ من كل شيء بطرف.
وعرفه بعضهم انه الكلام الذي يعبر عن العقل والعاطفة.
وعرفة ابن خلدون : المقصود عند اهل اللسان ثمرته وهو الاجادة في فني المنظوم والمنثور على اساليب العرب ومناحيهم .

يقول امرسن: الادب سجل لخير الافكار.
ويقول ستبفورد برك : نريد بالادب افكار الاذكياء ومشاعرهم مكتوبة باسلوب يلذ للقاريء.
ويقول سانت بيف الكاتب الفرنسي الكبير : عن سؤال من هو الاديب؟ قال: هو الكاتب الذي يغني العقل الانساني ويزيد ثروته وهو الذي يعينه للسير قدماً
وهو الذي يكشف حقيقة ادبية ويعرضها واضحة او ينفذ الى العاطفة الخالدة في قلب الانسان فينشرها .
ونعني بالأدب كما عرفه الاروبيون كل مايثير فينا بفضل خصائص صياغته ..احساسيات جمالية او انفعالات عاطفية أو هما معاً.
ومن الواضح ان هذا التعريف يختلف عن بعض التعاريف العربيه التي تقول مثلاً : إن الأدب هو الأخذ من كل شيء بطرف
ونقصد بخصائص الصياغة : الشكل الفني, كأن يكون ملحمة أو قصة أو مقالة أو قصيدة ثم طريقة الأداء اللغوي .
فالكلام العادي لايعتبر ادباً , لأنه ليس له خصائص الأسلوب الادبي اللغوية.
ونقصد بالأحساسيات الجمالية اعتبار الأدب فناً جميلاً , فإذا فقد قيمه الجمالية فقد كونه ادباً أما الأنفعالات العاطفية فلابد أن يتضمن الأدب
حرارة العاطفة وإلا انقلب الى حقائق علمية أو رياضية تخرجه عن كونه أدباً.
وحتى عندما يكون العمل الأدبي قائماً على الفكر يجب ان يتضمن الحرارة القادرة على تحريك وجدان الأنسان.

الملاحظ اننا لانطلق هذه الكلمة ( الادب ) على كل مايطبع أو ينشر فلانسمي التقاويم ادباً ولا الأخبار الجارية في الصحف ادباً,
وذلك لأننا نراها ثم لانعود الي قرآءتها فيما بعد , والأدب يمتاز أول مايمتاز بأننا نعود اليه مراراً ونكرر قراءته إن لم يكن دائماً .
ففي اوقات مناسبة نجدنا في حاجة الى الرجوع اليه لنسد حاجة عقولنا وقلوبنا بما فيه من إذا صالح لانمله مهما نقبل عليه .
وهذه الخاصيه هي التي تسمى خلود الأدب ( Pcrmanence) وعليه فإن الادب هو هذه النصوص الذي يقرؤها الناس مرات ومرات.


والادب له نحل اهم عناصرها :
1- العاطفة
2- الخيال
3- الفكرة
4- الاسلوب
5- الصورة

أمير الحرف
10-10-2003, 07:44 PM
علوم الأدب


وهي عشرة
اللغة , والنحو , الصرف . المعاني , البيان , البديع , العروض , القوافي , قوانين الخط , قوانين القراءة.

اللغة:
فعلم اللغة يهتم بمعرفة الالفاظ معرفة دقيقة فصيحها وغريبها ومترادفها وحقيقتها ومجازها وتضادها وماتلحن به العامة وتغيره عن موضعه وما اختص به الكتاب من الالفاظ الكتابية .

النحو : وهو ميزان العربية والقانون الذي تحكم به في كل صورة من صورها وفيه الفت كتب عديدة قديما وحديثا منها (الكتاب ) لسيبويه , (والمفصل ) للزمخشري , (والكافية) لابن حاجب , و( الكافية الشافيه ) و (التسهيل) و(الالفية) لابن مالك , و( الموجز في النحو ) لابي بكر السراج .


الصرف :
هو المقياس الذي يعرف به الكاتب اصل الكلمة ومافيها من حروف مزيدة فيمكن ان يتصرف فيها بالجمع والتصغير والنسبة ونحو ذلك.

البلاغة :
وفيها ثلاثة علوم المعاني والبيان والبديع ومعرفة هذه العلوم تعين الكاتب على التفريق بين كلام جيد ورديء ولفظ حسن وآخر قبيح.....


أقــســام الأدب
1- الشعر
2- النـثـر

الشعر يعبر عن الحياة كما يحسها الانسان من خلال وجدانه , ولهذا كانت وظيفته الاولى التعبير عن الجوانب الوجدانيه في نفس الانسان وليس معنى ذلك ان الشعر خال من كل اثر للفكر مقصور على العواطف , بل ان الشعر الخالد لابد له من الفكرة النافذة والنظرة العميقة بحيث تاتي الافكار ممتزجه بعواطف الشاعر ملونة بشعوره متصله بتجاربة الذاتية

أمير الحرف
12-10-2003, 01:49 AM
مفهوم القصة القصيرة

بين آراء النقاد ورؤى المبدعين د. عبد العزيز السبيل

امتداداً للآراء الكثيرة والمختلفة حول مفهوم فن القصة القصيرة تستوقفنا "فاليري شو" في رأي أكثر مباشرة، حين أشارت إلى معقولية القول بأن تقديم تعريف محدد للقصة القصيرة أمر مستحيل، وتضيف بأنه لا توجد نظرية يمكن لها أن تشمل الجوانب المتعددة لطبيعة هذا الفن، الذي لا يتميز بشيء محدد، سوى ما يبدو أنه يحقق الغرض السردي في مساحة موجزة نسبياً.

بيتس الناقد "بيتس" أحد المبدعين في فن القصة القصيرة خصوصاً في أول حياته، ثم اتجه بعد ذلك إلى الرواية، وقد أصدر ما يربو على عشرين مجموعة قصصية وعشرين رواية، لكن ما نحن بحاجة إليه ونحن نستعرض بعض مفاهيم القصة القصيرة هو كتابه النقدي الشهير (القصة القصيرة الحديثة 1972م) بعد أن يستعرض بيتس تعريفات مختلفة للقصة القصيرة يصل إلى نتيجة مؤداها أن جميع التعريفات تشترك في مسألة واحدة، وهي أنها جميعاً لا تقود إلى نهاية مقنعة فلا يوجد من بينها ما يمكن أن يشمل جميع القصص القصيرة.

وعلى حد تعبير "سيد جويك" الذي يشير إليه بيتس، فقد أصبحت القصة القصيرة مجموعة أشياء متنوعة، تشمل الحالة والمشهد والشخصية والسرد القصصي، بمعنى أنها مجال لإبراز المواهب الشخصية.. إن القصة القصيرة في النهاية، سواء كانت قصيرة أم طويلة، شاعرية أم إخبارية ذات حبكة فنية أم لا، متماسكة أم واهية مترهلة، فهي أشبه ما يكون بالسائل الذي ينزلق بين اليدين. وبعد أكثر من عقد من الزمن تأتي "سوزان لوهافر" لتشير أنه يصعب أن تختلف مع بيتس في هذا المفهوم.

وحين نصل إلى هذه المرحلة من عدم القدرة على تحديد مفهوم واضح لفن القصة القصيرة نجد بعض النقاد يلجأ إلى طريقة معاكسة من أجل الخروج من مأزق التعريف، فاليري شو مثلاُ تشير أنه من الممكن إعطاء وصف للقصة القصيرة من خلال الإشارة إلى ما لا يمكن أن يكون قصة قصيرة وبهذه الطريقة ستكون هناك مرونة في تحديدها.

وفي هذا الإطار نجد ناقداً آخر هو "سومرس" يتساءل لماذا نبذل مجهوداً لتعريف القصة؟ علينا أن ندرك أن المقال ليس قصة قصيرة، ووصف إحدى الشخصيات ليس قصة قصيرة، بل إن الوصف ليس قصة قصيرة، كما أن الحوار ليس بالضرورة أن يكون قصة قصيرة، وتسجيل أحداث كالمذكرات اليومية أو وصف تفصيلي لسفينة غارقة، لا يكون قصة قصيرة. هنا يستوقفنا قول سومرس عن الحوار (ليس بالضرورة) وهي إشارة مهمة لأن القصة القصيرة يمكن أن تقوم على الحوار فقط كتقنية وحيدة لكن لا يمكن فصله عن مفهوم القصة القصيرة المتعدد.

خواطر في الفن والقصة عباس محمود العقاد في كتابه (خواطر في الفن والقصة) يتبنى نفس المفهوم تقريباً، فبدلاً من تقديم تعريف للقصة القصيرة، يرى أنه من الأسهل تقديم تعريفات سلبية بمعنى معرفة ما لا يشترط للقصة القصيرة للوصول إلى شروطها وبالتالي تعريفها بشكل أكثر تحديداً، فالعقاد يرى أنه لا يشترك في القصة القصيرة العناية برسم الشخصيات بشكل دقيق، فالقصة القصيرة قد تكتفي بعمل واحد فقط لهذه الشخصية، أو يوم واحد من أيامها، كما أنها لا تتناول حوادث متعددة، ولا حتى تفيض في حادثة واحدة، ولا يتوقع أن تطبق مذهباً نفسياً أو اجتماعياً، وأخيراً لا تشترط الحبكة المحكمة في القصة القصيرة.

ويضيف رشاد رشدي إلى هذا المعنى في كتابه الشهير (فن القصة القصيرة) قوله "القصة القصيرة ليست مجرد خبر أو مجموعة أخبار، بل هي حدث ينشأ بالضرورة من موقف معين ويتطور بالضرورة إلى نقطة معينة يكتمل بها معنى الحدث" ومن زاوية الفن الأدبي يتضح أنه بالرغم من ارتباط القصة القصيرة بأصول شعبية فإنها ـ حسب رأي سوزان لوهافر- تمثل ظاهرة خاصة تختلف عن الرواية وعن الملحمة، ومن ناحية نقدية نحن في ا لواقع أمام شكل فني جديد.

ويعبر ماثيوس عن هذه الرؤية بإشاراته إلى أن الفكرة التي يطورها بشكل منطقي شخص يملك حس الشكل وموهبة الأسلوب هو ما نبحث عنه في القصة القصيرة .

ولاشك أن توفر الحس الفني والموهبة، كفيل بمستوى متميز من الإبداع.

بعض التعريفات الحديثة تؤكد أن القصة القصيرة هي التي تهتم بأن تترك أثراً واحداً من خلال التعبير عن مشهد واحد مهم، يشترك فيه عدد قليل من الشخصيات وأحياناً شخصية واحدة، وهذا الشكل يتجه نحو الاختصار في المشهد والتركيز في السرد، ولذلك كما يقول بيرنت غالباً ما يركز كتاب القصة القصيرة في القرنين التاسع عشر والعشرين على شخصية واحدة في مشهد واحد، وبدلاً من تتبع تطور الشخصية يتم التحدث عنها في لحظات محددة.
وبذلك تحقق القصة القصيرة الوحدات الثلاث في المسرح الـكلاسيكي الفـرنسي، وحـدة الحدث ووحدة الزمان ووحدة المكان. وهنا نجد أن القصة القصيرة كما حدد ذلك براندر ماثيوس بوعي كبير في مرحلة مبكرة جداً من تاريخ القصة القصيرة تتعامل مع شخصية واحدة، وحدث واحد، وإحساس واحد، أو مجموعة أحاسيس تتصل بحالة واحدة.

ويأتي الناقد وليام كيني ليؤكد أن القصة القصيرة عادة ما تقوم على حادثة واحدة تمثل أهمية كبيرة للشخصيات. ليلة في الغابة ووصول قاتلين إلى مطعم القرية الصغيرة، مثل هاتين الحادثتين، يمكن أن تكونا نموذجين للقصة القصيرة. ورغم كل هذا تبقى القصة القصيرة ذات تميز في إيقاعها وتكوينها، وهي غالباً ما تعتمد على تركيز الحدث، وقد يكون فيها حدث مفاجئ، مرض قصير، حفل، لقاء بلا غد، بمعنى أن (تصور فترة زمنية قصيرة في حياة أبطالها، ولكنها فترة مشحونة بلحظات مكثفة، تنبي بإيجاز عن ماضي الشخصية وتخطط لمستقبلها) كما تقول نادية كامل في بحث لها عن (الموباسانية في القصة القصيرة).

وقد أشار عز الدين إسماعيل إلى التركيز في معالجة الحدث وطريقة سرده، وفي الموقف وطريقة تصويره صفة أساسية، ويضيف في كتابه "الأدب وفنونه" (ويبلغ التركيز إلى حد أنه لا تستخدم لفظة واحدة يمكن الاستغناء عنها، أو يمكن أن يستبدل بها غيرها، فكل لفظة لابد أن تكون موحية، ولها دورها تماماً، كما هو الشأن في الشعر).

إن عدم وجود تعريف محدد، يعود في جزء منه إلى أن القصة القصيرة مثلها مثل باقي الفنون بدأت في الظهور أولاً ثم حاول النقاد إيجاد مجموعة من النظريات لهذا الفن الجديد. ولذا، ليس غريباً أن نجد من النقاد من يقرر أن ليس ثمة تعريف محدد واضح للقصة القصيرة.

القصة تقترب من الشعر ورغم ارتباط القصة القصيرة الوثيق الصلة بفن الرواية، من حيث اشتراكهما في مجموعة من التقنيات، فإنها في فترة متأخرة أصبحت تقترب من الشعر، وأصبح هناك سؤال مطروح يتمثل في (هل القصة القصيرة أقرب إلى الشعر أم إلى الرواية) وهذا السؤال لم يتم طرحه من قبل النقاد بدءاً، بل إنه جاء نتيجة إنتاج المبدعين الذين أرغموا النقاد على تحويل أنظارهم، من ارتباط القصة بالرواية، إلى ارتباطها بالشعر، الأمر الذي جعل الناقد يرى أن معظم كتاب القصة القصيرة المحدثين يتفقون على أن القصة القصيرة أقرب إلى الشعر منها إلى الرواية.
وعلى المستوى المحلي تم طرح هذا السؤال في مرحلة تاريخية تتمثل في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حين صدر عدد من المجموعات القصصية التي لا تمثل امتداداً للقصة القصيرة قبل ذلك، وإنما تمثل توجها جديداً في كتابة القصة ينحو منحى الشعر من حيث اللغة والغموض. إضافة إلى الإيقاعات الشعرية في بعض الجمل. وقد لاحظ ذلك أستاذنا الدكتور منصور الحازمي حين تحدث عن هذا الجيل (الذي اقتربت لغته من لغة الشعر) حسب تعبيره. ومن السمات البارزة التي لاحظها علي الدميني حين قدم مجموعة عبد العزيز مشري
(الموت على الماء 1979م) الكم الشعري المتدفق من عباراته، أما في مجموعة محمد علوان (الخبز والصمت 1977م) فنقرأ في قصة "يحكى أن"، نكتبها شعرياً دون أن نتدخل في النص:
ظلام حالك
أمواج البحر زبد
وغيوم ولآلئ
ورمال صفراء
تحفر قبراً فوق الشاطئ
صياد يغمض عيناً،
والتبغ حلقات من أحلام مدحورة
ضاقت في الصدر
خرجت دخاناً وهباء
بيد معروقة
يجمع صيداً يخذله
ويعود لستة أفواه مبقورة…

والأمثلة كثيرة في هذا الإطار، وهنا يجدر التأكيد على ما أشار إليه خيري دومة، أنه في الوقت الذي تقترب فيه القصة القصيرة من ذاتية الشاعر ورؤيته الشخصية فإنها لا يمكن أن تتخلى عن نثيرة الرواية وموضوعيتها.

في الوقت الذي بدأت القصة القصيرة تأخذ حيزاً في خارطة الآداب الغربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لم يكن للقصة في أدبنا العربي مع مطلع هذا القرن شأن يذكر، بل كان ينظر إليها على أنها مجموعة من الطرائف المسلية، وقد كانت بعض المجلات تنشر القصص المترجمة تحت عنوان (فكاهات) ولعل هذا الانتقاص من قدر القصة هو الذي جعل محمد حسين هيكل مثلاً، كما يرى بعض النقاد، لم يصرح باسمه حين كتب رواية "زينب" ترفعاً عن أن يعده أدباء عصره رواية حواديت وفكاهات وهو المحامي ذو القيمة الاجتماعية الراقية.
ونجد إن إحدى المقالات سنة 1930م التي أشار إليها سيد حامد النساج في كتابه (تطور فن القصة القصيرة بمصر) تشير إلى أن (الناس إلى حين قريب، كانوا ينظرون إلى القصة بعين السخرية والازدراء ولا يعدونها من الأدب الرفيع شيئاً، بل أغلبهم يظن أنها لهو وعبث).

القصة حاجة اجتماعية ولذا فإن الباب الذي دخلت من خلاله القصة القصيرة إلى الأدب العربي لم يكن بالتأكيد الجانب الفني، فحين ننظر إلى بداية القصة القصيرة في مصر مثلاً، نلاحظ أنها كانت تتوجه بشكل مباشر إلى الإصلاح الاجتماعي، وكان الكتاب يسعون نحو تحقيق هدف أخلاقي لا يخص مصر فقط، بل ينسحب على كافة الأقطار العربية، في بداية نشأة القصة القصيرة فيها، بصرف النظر عن زمن النشأة، بمعنى أن ا لتجربة ذاتها تتكرر في كل قطر تقريباً، وأكدت معظم الدراسات التي تناولت نشأة القصة في الأدب العربي "أنها كانت حاجة اجتماعية قبل أن تكون حاجة فنية، بمعنى أن اضطلاعها بوظيفتها كان أبرز الدوافع إلى كتابتها" على حد تعبير عبد الله أبو هيف.

وحين نبحث عن أصول عربية للقصة القصيرة، نجد في تراثنا الكثير مما يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على تطور فن القصة القصيرة، إلا أننا لا نظفر برؤية واضحة تقرر أن القصة القصيرة امتداد لشكل، أو أشكال تراثية في أدبنا العربي، رغم بعض الآراء التي ترى أنها ترتبط بفن المقامة، في الوقت ذاته نجد ما يؤكد أنها تأثرت بشكل مباشر بالثقافة الغربية من خلال مبدعيها الأوائل، فـ"الطاهر أحمد مكي" مثلاً، يقرر دون تردد بأن القصة القصيرة لم تنشأ من أصل عربي "وإنما ترعرعت بتأثير من الأدب الأوربي مباشرة" وتؤكد آمال فريد أن هذا الأمر "لم يعد موضع جدال؛ فإلى جانب إجماع النقاد والدارسين على ذلك نجد أن جيل رواد القصة القصيرة أمثال محمود تيمور ويحيى حقي ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس… هذا الجيل لا ينكر فضل إدجار ألن بو أو موباسان عليه. ولقد كان محمود تيمور رائد القصة القصيرة، يفخر عندما أطلق عليه النقاد (موباسان القصة العربية)".

القصة في المغرب العربي وإذا كان هذا في المشرق العربي، فإننا نجد أن المحاولات الأولى لكتابة القصة القصيرة في المغرب أيضاً، بدأت بعد الحرب العالمية الأولى، وكان الباعث عليها كما يقول عبد الله كنون "قراءة بعض المترجمات منها، أو الاطلاع عليها في لغتها الأصلية بالنسبة لمن يحسنون لغة أجنبية" ويصل أحمد هيكل إلى نتيجة يؤكد معها " أن القصة القصيرة بصورتها الفنية في الأدب الحديث قد أخذت عن أدب الغرب، ولم تنحدر من التراث أو تتطور عن فن عربي مشابه" كما جاء في كتابه (الأدب القصصي والمسرحي في مصر).

خلال الصفحات السابقة تم استعراض مجموعة من الآراء التي تؤكد أن القصة القصيرة في الأدب العربي لم تكن امتداداً لأشكال عربية تراثية، بل إنها جاءت بتأثير مباشر من الآداب الغربية. وعندما نصل إلى نتيجة كهذه، فإن مفهوم القصة القصيرة في الأدب العربي قد تأثر بشك لكبير بمفهومها في الآداب الغربية أيضاً.

وفوق ذلك يمكن ملاحظة أن القصة القصيرة في أدبنا العربي تأثرت بشكل مباشر بتلك التيارات الفنية التي مرت بها القصة الغربية.

وقد شهدت فترة الستينيات وبداية السبعينات تحولاً في مسيرة القصة القصيرة العربية، وتحديداً في مصر من حيث الاهتمام بهذا الفن، وفي تفسير سوسيولوجي يعلل سمير حجازي (فصول 4:2) هذه الظاهرة بأنها تأتي نتيجة "الأزمات الثقافية والتحولات الاجتماعية غير المحتملة" التي أدت إلى إحساس الكاتب بالاغتراب، الذي أوجد نوعاً من التوتر النفسي، مما جعله يتخذ من القصة القصيرة وسيلة للتعبير؛ لأنها تتميز ببعض الخصائص الفنية، فهي تقوم على "تصوير موقف معين من زاوية معينة، بطريقة تميل إلى الانكماش، وتعتمد على الجمل الوصفية الدقيقة" التي تصور "الواقع الداخلي والخارجي بطريقة تهمل عنصر الزمن وتسلسل الحوادث، والكاتب يصور لنا هذا الموقف بلغة الشاعر المرهف".

ولعل هذا الرأي يقترب إلى حد كبير من واقع القصة القصيرة في عدد من البلدان العربية مع اختلاف نسبي في الفترة الزمنية التي تمر بها، لكنها غالباً حدثت بين عقدي الستينيات والسبعينيات، التي امتازت بانطلاقة فنية جديدة للقصة القصيرة لم تتكئ كثيراً على التراث القصصي في مرحلة سابقة، بل نجد أننا أمام تحول جديد في كتابة القصة يأخذ زوايا واتجاهات متعددة تختلف من كاتب لآخر، من ناحيتي المعالجة والقالب الفني. وهو تحول يرتبط بالتحول الاجتماعي الذي طرأ، ومن الطبيعي أن يكون الفن السردي وتحديداً القصة القصيرة الوسيلة الأفضل للتعبير عن هذه التحولات، لأنها ذات إيقاع سريع ومتجدد.

القصة المحلية وحين النظر إلى القصة المحلية، نجد أن تحولاً بارزاً حدث للقصة القصيرة مع ظهور جيل جديد مبدع لهذا الفن، حدث ذلك ابتداء من منتصف وبداية الثمانينات، وهو جيل لا يمثل امتداداً للجيل السابق، ولم يتأثر به، بل كان تأثره المباشر بالكتاب العرب خارج الوطن. ومن أبرز هؤلاء وهم من جيل واحد تقريباً: جار الله الحميد وعبد العزيز مشري ومحمد علوان وحسين علي حسين، فإبراهيم الناصر وغالب حمزة أبو الفرج ومحمود عيسى المشهدي، لا يمثلون أي حضور في قصص الجيل الجديد.

ويلخص الدكتور منصور الحازمي تجربة هذا الجيل بقوله "لقد اختلفت القصة القصيرة على أيدي هؤلاء الشباب اختلافاً كبيراً عما كانت عليه عند أسلافهم من الواقعيين، لم تعد تعني بالبيئة المادية أو الواقع الحسي، بل باللحظات الشعورية والمواقف النفسية المتوترة، ولم تعد تهتم بالمشاكل الاجتماعية اهتماماً مباشراً، بل بما قد تعكسه هذه المشاكل من أحاسيس ذاتية غامضة، لا تبحث عن حل معين وإن كانت تومئ إليه أحياناً"وهذا يعني بشكل مباشر أن مفهوم القصة القصيرة لدى هؤلاء قد اختلف تماماً عن ذلك المفهوم الذي تبناه أسلافهم.

ولعله يجدر الاحتراز والإضافة ونحن نتحدث عن القصة المحلية بالقول إن ما ذكر آنفاً ينطبق على مجموعة من الكتاب، لكننا نجد في ذات الوقت مجموعة من الكتاب الآخرين من نفس الجيل يمكن أن نعتبرهم امتداداً للجيل السابق من أمثال محمد منصور الشقحاء وعبد الله باقازي وعبد الله سعيد جمعان وخليل الفزيع. وهذا القول يصدق على المجموعات الأولى لكلا الفريقين (بما في ذلك رأي الحازمي السابق) وإلا فإننا وجدنا بعد ذلك تغيراً أو تحولاً في الإنتاج التالي لمعظم هؤلاء، ولعل عبد العزيز مشري رحمه الله أبرز الأمثلة وضوحاً في هذا الإطار، وتعدد المفاهيم لدى الكتاب يمكن استخلاصه من المستويات الفنية المتفاوتة لقصص المجموعة الواحدة لكاتب بعينه. الأمر الذي يتضح منه في غالب الأحوال عدم تبلور مفهوم محدد للقصة القصيرة في ذهن الكاتب ضمن إطار مرحلة معينة. نقول ذلك لإدراكنا أن ثمة تحولات في المفاهيم تحدث لبعض الكتاب من مرحلة إلى أخرى.

القص لدى الكتاب العرب من الملاحظ أن كتاب القصة في عالمنا العربي بشكل عام يعتمدون في كتابتهم على الخبرة الكتابية والقرائية لفن القصة من خلال من سبقهم من الكتاب، وعلى ضوء ذلك يتحدد لديهم مفهوم أو مفاهيم القصة القصيرة، لكن ما هي حصيلتهم النظرية في هذا الفن وتقنياته ومناهجه؟ سؤال جدير بأن يطرح على المبدعين، وإن كان متوقعاً أن معظم الإجابات ستكون نافية لقراءة مكثفة واعية للنظرية القصصية وتقنيتها خصوصاً في بداية مرحلة الكتابة. ليس هذا افتراضاً بل نتيجة تستند بشكل أساسي، على التفاوت الكبير في مستويات الكتابة القصصية لدى الكثير من الكتاب في أرجاء الوطن العربي. ولتأكيد ذلك تجد الإشارة إلى استجواب نشرته مجلة فصول مع ثمانية وعشرين كاتباً للقصة القصيرة في العالم العربي، طرحت عليهم العديد من الأسئلة وكان من بينها السؤال التالي "هل قرأت شيئاً عن أصول هذا الفن القصصي، أو عن طرائق كتابته؟" الملفت للنظر، أن أغلب هؤلاء الكتاب أجابوا بالنفي! ومن بينهم أسماء كبيرة في عالم القصة أمثال إبراهيم أصلان ومجيد طوبيا ونجيب محفوظ ويحيى حقي ويوسف إدريس، فإبراهيم أصلان يقول "لا أظن أن هناك كتباً قرأتها بتأن في هذا الموضوع"، ومجيد طوبيا يقرر "لم أقرأ شيئاً عن أصول هذا الفن القصصي أو عن طرائق كتابته، قبل الممارسة الواعية للكتابة" أما نجيب محفوظ فيجيب عن السؤال بقوله "خلاف ما قرأت عن فن الرواية، لم أقرأ إلا القليل عن فن القصة القصيرة بل وقرأته في سن متأخرة" ويقول يحيى حقي "في أول الأمر لم أقرأ شيئاً عن أصول هذا الفن القصصي، لكن عندما تقدمت قليلاً وكأي إنسان يحترم نفسه، قرأت" ويأتي يوسف إدريس وهو الأكثر التصاقاً بالقصة القصيرة ليقول بصرامة وصراحة "لا، لم أقرأ، إن ما أعرفه بالحس والسليقة والفطرة أجدى مما يمكن أن أقرأه في هذا المجال" وربما لو طرح هذا السؤال على عدد أكبر من كتاب القصة القصيرة في سائر الوطن العربي، لجاءت الإجابات متشابهة، وهذا ما دعا ماهر فهمي أن يقرر في حديث عن بعض كتاب القصة، أن الكثيرين منهم "لديهم رسالة عامة، ويعرفون أن القصة وسيلة لإيصال هذه الرسالة.. لكن قوانين كتابة القصة القصيرة والتركيبات النفسية والفكرية ولحظات تخلقها في النفس البشرية تبقى نادرة"
ولا أتوقع أن كتاب وكاتبات القصة المحليين سيكونون بمنأى عن هذه النتيجة، وهذا ما أكده شفوياً بعض كتاب القصة، وفي لقاء صحفي قال سباعي عثمان "في دنيا الأدب (وهي صفحات ثقافية كان يشرف عليها) اكتشفت موهبة القصة في نفسي، وكان ذلك بالصدفة من خلال زاوية يومية كنا نتبادلها أنا والزملاء في جريدة المدينة" ولعل سباعي عثمان ليس الوحيد، الذي وجد نفسه يكتب قصة دون وعي كامل بفن القصة ومفهومه وتقنياته.

استبيان عام وكم أتمنى أن أقوم باستبيان على المستوى المحلي، يشترك فيه أكبر عدد ممكن من المبدعين والمبدعات يتفضلون فيه بالإجابة على أسئلة عامة حول تجربتهم القصصية بشكل خاص، ورؤاهم حول فن القصة القصيرة، فهذا دون ريب سيقود إلى نتائج تخص الإبداع المحلي.

ولعل سؤالاً يتم طرحه في هذا الإطار، يتصل بالعلاقة المباشرة بين الإبداع وبين دراية المبدع بمفاهيم الفن الذي يبدعه! وبطريقة أخرى "ماذا سيفيد تحديد مفهوم القصة القصيرة بالنسبة للمبدع؟" وهو سؤال طرحه جريدي المنصوري عقب محاضرة لي في نادي الطائف الأدبي حول مفهوم القصة القصيرة، وهذا السؤال يتركز حول العملية الإبداعية نفسها، وهنا يجدر التأكيد على مسألتين أساسيتين، الأولى تتمثل في أن الدراية النظرية وحدها لن تخلق مبدعاً أو إبداعاً، والثانية أن الكاتب الذي يظل أسيراً للتنظير الإبداعي لن ينتج إبداعاً.

إن المبدع يجب أن لا تحده قيود نظرية، ويتوقع منه أن يكون (أكبر من العروض) وفوق تحديد مسالك ودروب الفن. إلا أن ثقافة المبدع بشكل عام تؤثر في إبداعه، ومعرفته بأساليب ونظريات وتقنيات فنه الإبداعي، ستزيد دون ريب من معرفة دهاليز فنه وخباياه وبالتالي تملك ناصيته. وهذا ينتج عنه مزيد من الإبداع.

أمير الحرف
12-10-2003, 01:50 AM
تابع : مفهوم القصة القصيرة

بين آراء النقاد ورؤى المبدعين د. عبد العزيز السبيل
على الرغم من أن السرد واحد من أقدم الفنون، فإن هذا لا يعني أن كل قصة يقل عدد كلماتها، يمكن أن تكون مثالاً لما عرف فيما بعد بالقصة القصيرة.

القصة القصيرة الحديثة (من ناحية مقارنة) جديدة في الأدب، بل إنها أصغر عمراً من الرواية.
لقد تم تأصيلها في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، وبعد خمسين عاماً من ظهورها، بلغت مرحلة النضج في أعمال عدد من الكتاب من أبرزهم "موباسان" و"تشيكوف"، ثم ازدهرت بحيث وصلت إلى أكبر قدر من التعبير المكثف الذي عرفته القصة، وتمثل ذلك في أعمال عدد من الكتاب المحدثين الكبار في بداية ومنتصف القرن العشرين من أمثال "جيمس جويس"
(1882 – 1941م) و"فرانز كافكا" (1888- 1923م)، و"إرنست هيمنجوي" (1898- 1961م) وغيرهم.

إلا أن ثمة إشكالية تتصل بفن القصة القصيرة؛ أصوله، مفهومه، نظرياته، تقنياته… وهي إشكالية لعلها تبرز في هذا الفن أكثر من أي فن أدبي آخر.
وفي الواقع أنه لم تسد نظرية لشكل القصة القصيرة، بل إن معظم سمات هذا الفن جاء بها الممارسون له من الكتاب أمثال "فرانك أكونور" (1903- 1966م) والناقد المبدع "بيتس" (1905- 1974م)، وقبل ذلك "إدجار ألن بو" (1809- 1849م) و"موباسان" (1850- 1893م) وغير هم.

معالم أساسية في البدء يمكن لنا أن نلاحظ أن معظم الكتاب مبدعين ونقاداً يركزون على مسألة السرد والرواية وكأنها التقنية الوحيدة! دون ريب، السرد هو البوابة الرئيسية التي يدلف من خلالها كاتب القصة القصيرة وكذلك الرواية، لكن هناك معالم ودروساً أساسية لا تساعد في رفع المستوى التقني للقصة والرواية فحسب، بل من دونها لا تكون قصة قصيرة إنما تصبح شيئاً آخر.

وليس من الممكن الحديث عن القصة القصيرة بمعزل عن الرواية، فثمة تداخل بينهما، بل إن هناك من يرى أنه من المستحيل تمييز القصة القصيرة من الرواية على أساس معين غاير الطول. إلا أن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد تحديد لطول أي منهما، فالقصة الطويلة والرواية القصيرة، مفهومات للقصص التي – بسبب طولها- لا يمكن تصنيفها على أنها قصة قصيرة أو رواية.

من جانب آخر لا يستطيع أحد أن يقول إن القصة القصيرة أكثر وحدة من الرواية؛ فكل منهما يمكن أن تكون ذات وحدة متساوية، كما أن الأوبريت والملحمة يمكن أن تكونا ذات وحدة متساوية، رغم الفارق الكبير في طول كل منهما. أيضاً لا يمكن لأحد القول إن القصة القصيرة تتعامل مع شخصيات أقل، أو فترة زمنية أقصر من الرواية، وحيث أن هذه هي الحالة الغالبة، فإن القصة ذات الصفحات المحدودة يمكن أن تتناول عدداً كبيراً من الشخصيات خلال أكثر من عقد من الزمن، في حين أن الرواية الطويلة يمكن أن تقصر نفسها على يوم واحد في حياة ثلاث أو أربع شخصيات.

تلك رؤية لبعض النقاد، لكن "براندر ماثيوس" أحد المنظرين الأوائل للقصة القصيرة يؤكد قبل قرن من الزمان (1901م) أن القصة القصيرة لا يمكن أن تكون جزءاً من رواية، كما أنه لا يمكن أن يتوسع فيها كي تشكل رواية. ويؤكد بشكل قاطع بأن القصة القصيرة ليست فصلاً من رواية، أو حتى حادثة أو مشهداً تم استقطاعه من قصة طويلة، لكنها في أحسن أحوالها ما تؤثر في القارئ بحيث إنه يصل إلى قناعة أنها سوف تفسد لو أنها كانت أطول من ذلك، أو لو أنها جاءت على نحو تفصيلي أكبر.

إلا أننا في الأدب العربي نجد عدداً من الكتاب تتداخل قصصهم القصيرة مع أعمالهم الروائية مثل "يحيى الطاهر" و"إبراهيم أصلان" و"محمود الورداني". وقد أشار "خيري دومة" في كتابه (تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة) إلى أن يحيى الطاهر نشر قصصاً قصيرة في مجموعة (الدف والصندوق) ثم أدخلها بعد ذلك في سياق روايته (الطوق والأسورة) وينشر إبراهيم أصلان كثيراً من نصوص (وردية ليل) في الدوريات، ثم يعيد تجميعها وإكمالها لينشرها تحت اسم رواية.

وينشر محمود الورداني بعض قصصه القصيرة في الدوريات وضمن مجموعاته القصصية، ثم يدخلها بعد ذلك في سياق روايته (نوبة رجوع).

أحد القضايا المهمة التي تتعلق بفن القصة القصيرة تتمثل في النظر إليه ضمن إطار المقدار الكمي للكتابة مع إغفال كافة الجوانب الأخرى. نحن على يقين أن القصة القصيرة هي الابن الشرعي أو بشكل أدق يمكن أن تكن الشقيقة الصغرى لفن الرواية، لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن القصة القصيرة رواية يقل عدد كلماتها.

القصة القصيرة لا تحتمل أن تعالج عدداً من القضايا لعدد من الشخصيات عبر أجيال مختلفة؛ لأنها لو فعلت ذلك فلن تكون سوى سرد لأحداث متتابعة، تخلو من التكثيف اللغوي والمعالجة المركزة. الروائي غالباً ما يتناول شخصيات أكثر، وربما يغطي بشكل تفصيلي فترة زمنية طويلة، ويتناول عدة جوانب من الشخصية الواحدة لكن هذا لا يحدث في القصة القصيرة.

ثمة اتفاق أن الروائي وكاتب القصة القصيرة يستخدمان نفس المادة، التي يلتقطانها غالباً من الواقع المعاش الذي يحيط بهما، لكن الاختلاف بينهما إنما يكون في اختيار الصيغة والشكل الأنسب للتعامل مع هذه الأحداث. وهنا يؤكد "الطاهر أحمد مكي" أنه لا قيمة للزمن هنا. وإذا كان (طول الرواية هو الذي يحدد قالبها، كما أن قالب القصة القصيرة يحدد طولها)، فإن في الوقت نفسه (لا يوجد مقياس للطول في القصة القصيرة إلا ذلك المقياس الذي تحدده المادة نفسها، فالروائي قادر على تحويل الثواني إلى دقائق في القراءة، واللحظة إلى تحليلات متأنية) القصة القصيرة تحوي العناصر الأساسية لتقنية الرواية لكنها تأتي بشكل مضغوط ومركز.
العقاد والقصة القصيرة حين يأتي "عباس محمود العقاد" لتعريف القصة القصيرة، نجده يربطها بالرواية لكنه يرى أنها تخالفها. هذه المخالفة ـ حسب رأيه- لا ترجع إلى التفاوت في عدد الصفحات أو السطور أو الإسهاب والإيجاز، وإنما يكون في الموضوع وطريقة التناول.

القصة القصيرة كما يرى "فتحي الإبياري"، تعالج جانباً واحداً من الحياة يقتصر على حادثة واحدة، لا تستغرق فترة طويلة من الزمن، وإن حدث ذلك فإن القصة تفقد قوامها الطبيعي وتصبح نوعاً من الاختصار للرواية.

من جانب آخر، هناك ارتباط عكسي من حيث الإبداع، فـ "ماثيوس" يؤكد في كتابه (فلسفة القصة القصيرة) أن المستوى الكبير الذي تمتاز به الرواية الأمريكية في ذلك الزمن (1901م) يعود الفضل فيه إلى القصة القصيرة، حيث نجد تقريباً أن كل روائي أمريكي تقرأ أعماله من قبل الناطقين بالإنجليزية، قد بدأ ككاتب للقصة القصيرة. وقبل ذلك في سنة 1887م أشار محرر مجلة الناقد إلى كتابة القصة القصيرة والرواية بقوله (كقاعدة يتم إنتاج القصة القصيرة في مرحلة الشباب، في حين أن الرواية إنتاج الخبرة) وهناك العديد من كتاب القصة الذين حاولوا الهروب من القصة القصيرة، من أبرز هؤلاء تشيكوف (1876 – 1941م) ولعله انتقال أو تطور من كتابة القصة القصيرة إلى الرواية. وفي الثلث الأول من هذا القرن نجد أن عدداً من الكتاب العرب تحولوا من كتابة القصة القصيرة إلى الرواية، ومن هؤلاء "أحمد خيري سعيد"، و"محمود طاهر لاشين" و"محمود تيمور" و"يحيى حقي"… كما يشير إلى ذلك "سيد حامد النساج".

وحين ننظر لساحتنا المحلية نجد الأمر ذاته قد حدث مبكراً على يد "أحمد السباعي" مثلاً، وفي فترة لاحقة يبرز "إبراهيم الناصر الحميدان" الذي نجده في إنتاجه السردي يوازن بين الرواية والقصة القصيرة. ومن كتابنا المحليين من بدأ بالقصة القصيرة ثم اتجه بعد ذلك إلى الرواية مع استمرار إنتاجه للقصة القصيرة، من هؤلاء "عبد الله الجفري" و"غالب حمزة أبو الفرج". أما الجيل التالي فنجد منهم عبد العزيز مشري" و"حسن النعمي" و"عبد العزيز الصقعبي".

تعريف القصة القصيرة في محاولة لإعطاء تعريف للقصة القصيرة كتبت الناقدة الأمريكية "برولكس" في مقدمة (أفضل قصص أمريكية 1997م) تقول بأن القصة القصيرة شكل أدبي صعب، يتطلب اهتماماً أكبر من الرواية من أجل السيطرة والتوازن. إنها اختيار المبتدئين في عالم الكتابة، تجذبهم بسبب إيجازها ومظهرها الودود (الخادع) للموضوعات المختصرة، أو وظيفتها المدركة كاختبار حقيقي قبل محاولة كتابة الرواية ذات الخمسمائة صفحة. ولعله يجدر التأكيد أن هذا الرأي ليس على ظاهره فهو لا يجعل القصة القصيرة محطة عبور فقط، بل إنه يؤكد واقعاً عايشناه ولازلنا في حياتنا الأدبية يتمثل في أن الذين كتبوا الرواية مروراً بالقصة القصيرة أقدر على تملك ناصية الكتابة والتعامل مع التقنيات السردية (ولندع الاستثناءات جانباً) لكننا نؤكد أن القصة القصيرة عالم فني متكامل بذاته ومحطة بقاء دائم لكثير من المبدعين. لكنه خادع بإغرائه، فهو مع فارق الإبداع مثل الشعر ينتسب إليه كثيرون ويبدع فيه قليلون، وهي كالشعر:

صعب وطويل سلّمه
إذا ارتقى فيه الذي لايعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمه
لكننا رغم ذلك نؤكد صلة الترابط والأسر السردي بين فني الرواية والقصة القصيرة، ومن النقاد من ينظر إليهما نظرة صراع زمني. فإذا كان القرن التاسع عشر يعتبر قرن الرواية فإن القرن العشرين دون ريب قرن القصة القصيرة، كما يؤكد ذلك الناقد المغربي "نجيب العوفي"، في كتابه (مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية) ويضيف (لقد فقدت الرواية أو كادت تلك الأبهة التقليدية، وذلك الاسترسال النهري الوئيد، وفوجئت بفن جديد مشاغب وآسر، يقاسمها النفوذ ويتخطاها في السباق. بل إن رواية القرن العشرين ذاتها لم تنج من أسر وفتنة هذا الفن الجديد، فإذا بها في أهم نماذجها عبارة عن مونتاج قصصي، أو مجموعة من اللوحات القصصية المتصلة المنفصلة، على غير ذلك المنوال المتلاحم المنسجم الذي نسجت عليه الرواية الكلاسيكية، وهو ما أصبح معروفاً لدى بعض النقاد بـ (الرواية الأبيسودية).

وفي محاولة لتقريب مفهوم القصة القصيرة، يرى بعض النقاد ضرورة اشتمالها على وحدة الموضوع ووحدة الغرض ووحدة الحادثة. فالرواية قد تعطي نظاماً حياً طويلاً ومعقداً، فتضم السيرة الكاملة لإنسان أو مجموعة من الناس، بل قد تضم جيلين أو ثلاثة، أما القصة القصيرة فمن المستحيل عليها أن تفعل ذلك.

وإذا كانت الشخصيات في الرواية تبدأ صغيرة ثم تكبر مع الأحداث، وتتحرك من مشهد لآخر، ومن مكان إلى مكان، كما تقول الروائية "فرجينا وولف" (1882- 1941م)، فإن الأمر يختلف بالنسبة للقصة القصيرة، فالزمن لا يتحرك إلا في إطار ضيق جداً، كما أن الشخصيات لا تتحرك كثيراً ولا يمكن لهم أن يكبروا في السن.
يشير "محمد يوسف نجم" في كتابه (القصة) إلى أن الرواية " تصور فترة كاملة من حياة خاصة أو مجموعة من الحيوات" بينما القصة القصيرة "تتناول قطاعاً أو شريحة أو موقفاً من الحياة" ولذا فإن كاتب القصة القصيرة يتجنب الخوض في تفاصيل الأحداث التي تكون في الرواية، لأنه يعتمد الإيحاء في المقام الأول. وإذا كانت الرواية تعرض لسلسلة من الأحداث الهامة، وفقاً للتدرج التاريخي أو النسق المنطقي فإن القصة القصيرة تبرز صورة واضحة المعالم لقطاع من الحياة من أجل إبراز فكرة معينة. ويضيف إلى أن الفرق الجوهري بين الأقصوصة والقصة (ويعني القصة القصيرة والرواية) أن "الأقصوصة تبني على موجة واحدة الإيقاع، بينما تعتمد القصة على سلسلة من الموجات الموقعة، تتوالى في مدها وجزرها، ولكنها أخيراً تنتظم في وحدة كبيرة كاملة". وهذه عبارات شعرية تؤدي نفس المعنى الذي سبق طرحه من أن القصة القصيرة تركز على حدث واحد، بلغة ورؤية مكثفة، في حين أن الرواية تقوم على سلسلة من الأحداث المتتابعة، وبالتالي يمتد الزمن إلى وقت طويل في الرواية، في حين تكون القصة القصيرة محدودة الزمن جداً.

"شكري عياد" يؤكد في هذا الإطار أنه (من الجائز أن تمتد أحداث القصيرة على زمان طويل) ويمثل لذلك بواحدة من أشهر قصص موباسان ( الحيلة). أما "رشاد" رشدي فيبين أن كاتب القصة القصيرة غير معني بسرد تاريخ حياة كاملة لشخصية من الشخصيات أو إلقاء الضوء على أحداث متعددة، أو التركيز على زوايا متعددة للشخصيات والأحداث، فتلك من مهام كاتب الرواية. أما في القصة القصيرة فإن الكاتب يصور الحدث من زاوية واحدة فقط، ويصور موقفاً محدداً من حياة الفرد.

والاستثناءات مهما كثرت رغم قيمتها الأدبية تظل خارج إطار التصور العام.

تساؤلات حول التعريف لو أردنا تقديم تعريفاً للقصة القصيرة فسنجد أن ثمة طرقاً مختلفة، لكن بأي طريقة تم تعريفها، ستبقى بشكل أساسي فن اتصال موجز، بمعنى أن الشكل الأساسي لها أن تكون محدودة الكلمات، وهذا التعريف في الواقع ينطلق من مفهوم الرواية، ولذلك فإن من أقدم التعريفات للقصة القصيرة ما قدمه مؤصل هذا الفن الشاعر الأمريكي "إدجار ألن بو"، فهو يعرف القصة القصيرة التي أسماها القصة النثرية بطريقة بدائية حيث يرى أنها المروي الذي يمكن أن يقرأ في جلسة واحدة، ورغم بساطة هذا التعبير إلا أنه يخرج من رحم الرواية، التي عادة ما تحتاج إلى فترة أطول في قراءتها.

وقد أثار هذا التعريف بعض النقاد فتساءل "وليام سارويان" أن مشكلة هذا التعريف تكمن في أن بعض القراء يمكنهم الجلوس فترة أطول من الآخرين، ويأتي ويلز ليعطي تعريفاً زمنياً أكثر تحديداً، فيشير إلى أن القصة القصيرة هي التي يمكن قراءتها في مدة تتراوح بين ربع ساعة وثلاثة أرباع الساعة، ثم يضيف إنها حكاية تجمع بين الحقيقة والخيال، وتتسم بالتشويق والإمتاع، وليس من المهم أن تكون إنسانية أو غير إنسانية، تمتلئ بالأفكار التي تثير القارئ، أو تكون سطحية تنسى بعد قراءتها بلحظات، (المهم أن تربط القارئ لمدة تتراوح بين ربع ساعة وخمسين دقيقة، ربما يثير فيه الشعور بالمتعة والرضا) كما جاء في كتاب فن القصة لـ"حسين القباني".

وفي محاولة لإيجاد تعريف أكثر دقة ضمن إطار الكم، نجد "سارويان" نفسه في حديثه عن القصة القصيرة يحدد أن القصة القصيرة ينبغي أن تتراوح كلماتها بين ألفين وخمسمائة كلمة وعشرة آلاف كلمة، فإن قلت عن هذا العدد أصبحت قصة قصيرة جداً، وإن زادت عن ذلك أصبحت قصة قصيرة طويلة، وإن تجاوزت عشرين ألف كلمة أصبحت رواية قصيرة، لكنه بعد ذلك يضيف بأن مثل هذا التحديد، وإن بدا مريحاً لبعض النقاد، فإنه لا معنى له.

وفي نفس الإطار نجد أن ناقداً آخر هو "جرويج" يحدد بأن طول القصة يجب أن يكون حوالي ثلاثة آلاف كلمة، ويرى "بيرنت" أنها أقصر من الرواية، لكنها عادة لا تكون أكثر من خمسة عشر ألف كلمة.

وإذا كانت الصحافة لعبت دوراً كبيراً في تقديم القصة القصيرة للقراء وانتشارها على مساحة جغرافية وثقافية واسعة فإنها حولتها إلى فن محكوم بصياغة محددة، بل رفضت عدداً معيناً من الكلمات؛ كي تناسب مساحة محددة قررتها الصحيفة سلفاً. وقد حدث ذلك في فترة مبكرة في عدد من الصحف الغربية، بل إن ثمة تزامناً تقريبياً بين نشأة الصحافة وانتشار القصة القصيرة، وإن كلاً منهما قد خدم الآخر، ففي الوقت الذي نجد أن الصحافة لعبت دوراً كبيراً في توسيع رقعة قراء القصة القصيرة وزيادة انتشارها على مساحة جغرافية أكبر ومستويات اجتماعية وثقافية مختلفة، فإنها في نفس الوقت فرضت عليها مقداراً كمياً محدداً، نظراً لمحدودية الزوايا والصفحات، واتخذت الصحافة من القصة القصيرة بدلاً عن الرواية، التي كانت تنشرها مسلسلة، لكنها حين رأت أن القارئ ليس بمقدوره المتابعة اليومية أو الأسبوعية الدائمة تحولت إلى القصة القصيرة حيث وجدت فيها البديل الأفضل المناسب للصحيفة السيارة المقروءة في ذات اليوم.

فجر القصة العربية وفي عالمنا العربي، يؤكد يحيى حقي في (فجر القصة المصرية) أن من أسباب تغلب القصة القصيرة على الرواية في مصر مع بداية القرن أن الجرائد اليومية كانت تمثل الطريق الوحيد للنشر، إذ لم تبدأ مطابع كثير في نشر مجاميع قصصية قصيرة، كما أن الجرائد- على حد تعبير حقي- تفضل نشر قصة كاملة مستوعبة الموضوع من أن تنشر قصة مطولة، فالقصة الطويلة (الرواية) حين يتم نشرها على أجزاء عديدة، سيجد القارئ صعوبة في متابعتها، ناهيك أنه التزام قد لا تستطيع الجريدة الوفاء به بشكل منتظم.

وظاهرة نشر الروايات مجزأة لم تنته من الصحافة، ولعل القارئ لا يزال يذكر رواية "إبراهيم شحبي" التي كان ينشرها ملحق الجزيرة الثقافي خلال الفترة الماضية.
حين ننتقل إلى مسألة الكم اللفظي في تعريف القصة القصيرة، فإن هناك جوانب أخرى ترتبط بالمفهوم تستحق وقفات طويلة، لكن سنجد أنها تسير على نفس المنوال، من حيث تعدد مفاهيمها بين النقاد.

القصة القصيرة عند نشأتها ـ مثل بقية الفنون- ظلت متأثرة بنظرية "أرسطو" في التراجيديا التي يرى أنها تمر بالمراحل الثلاث المنطقية؛ البداية والوسط والنهاية، بمعنى أن هناك عملاً كلياً متكاملاً. وهذا الأمر سرى على بقية الفنون الأدبية فيما بعد تقريباً، وحيث أن القصة القصيرة تلتصق بالفن الروائي فقد انتقل هذا المفهوم إليها.

من أهم أساسيات القصة ما عبر عنها "ماثيوس" بشكل موجز حيث قال إن القصة القصيرة لاوجود لها إذا لم يكن هناك قصة تحكى، ويؤكد الناقد "ويت بيرنيت" هذا المعنى في قوله (إني لا أعتقد أنك تستطيع كتابة قصة قصيرة جيدة دون أن يكون في داخلك قصة جيدة.. أفضّل أن يكون لديك شيء تقوله من غير تقنيات القصة، عن أن تملك التقنيات وليس لديك شيء تقوله) والحقيقة أن التأكيد على وجود قصة مسألة متفق عليها تقريباً، لكنها تنبئ عن الرؤية الأساسية للقصة في بداية نشأتها، ولعل "ماثيوس" وهو يؤكد هذا الأساس في القصة القصيرة، يشير بتوقع منه إلى ما ستؤول إليه القصة القصيرة حيث غدت مجموعة من المفاهيم المختلفة، التي من بينها انحرافها من فن القص إلى مسائل تعبيرية كثيرة، ضمن إطار فن التجريب، وهو أمر تتيحه القصة القصيرة أكثر من أي فن أدبي آخر.

القصة فن من لا فن له! هذا الأمر جعل "محمد الشنطي" يقول: (إن القصة القصيرة من أكثر الفنون استعصاء على التنظير والتأطير الشكليين، إلى الحد الذي أدى إلى شيوع القول بأن كل قصة هي تجربة جديدة في التكنيك) ولذلك نجد أن "سارويان" يرى أن القصة القصيرة هي أكثر الفنون الأدبية حرية. هذه الحرية جعلت عدداً من الكتاب يكتب ما شاء كيفما شاء دون الالتفات لأصول الكتابة الفنية لهذا الشكل الكتابي.

ولعل المتابع للإنتاج القصصي على المستوى المحلي يلاحظ هذا الأمر بوضوح في العديد من المجموعات القصـصية المجموعة، وعـشرات القصص المنشورة في الصحافة. لقد أصبحت القصة القصيرة فن من لا فن له، وأصبحت تقترب من بحر الرجز بالنسبة للشعراء، مع فارق الانضباط الإيقاعي في الرجز، والانفلات الفني في القصة القصيرة!

إن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ذلك يتمثل في أن هؤلاء الكتاب المشار إليهم آنفاً غفلوا عن مسألة هامة جداً، وهي أن الحرية التي يتيحها هذا الشكل، وقد لا توجد في أي فن آخر، لا تعني بأي حال من الأحوال انفلات هذا الفن من أي قيود كتابية فنية.

ونظراً لعدم وجود تحديد واضح وصارم لمفهوم القصة القصيرة منذ البدء، فإننا رأينا بعض التحولات في صياغة القصة القصيرة قد حدثت في مرحلة مبكرة. فإذا كانت القصة القصيرة كما أسلفنا تسير في تسلسل منطقي تبدأ بمقدمة لحدث يتطور حتى يصل إلى النهاية ضمن حبكة قصصية تحددها قدرة المبدع، فإن تحولاً في كتابة القصة قد حدث على يد واحد من أبرز روادها وهو "تشيكوف" حيث عمل على إعادة صياغة كتابة للقصة القصيرة، فألغى مقدمة الحدث ونهايته ولم يبق سوى جزء من الحدث دون أن يقود إلى نهاية محددة، فالحبكة بمفهومها التقليدي لم تعد تتوفر في القصة القصيرة. وهذه الظاهرة وجدت في القصة القصيرة في مصر في نهاية السبعينيات، حين حدث تحول في كتابة القصة القصيرة في أعقاب حرب 1967م، أشار إلى ذلك "مراد مبروك" الذي لاحظ بروز ظاهرة تفتيت الحدث واللغة، وتبعثر الحدث في البناء الكلي للقصة، ولم يعد متمركزاً في نقطة معينة.

إضافة إلى ذلك فقد انتفت البداية والنهاية في القصة، وتحولت إلى مجموعة من البنى المتراصة والمتسلسلة تسلسلاً غير منطقي، لكن يوجد بينها الترابطات النفسية ووحدة الشعور. وتمثل هذا النوع من القصص في كتابات "إدوارد الخراط" و"إبراهيم عبد المجيد" و"مجيد طوبيا" وغيرهم.

رغــد
12-10-2003, 02:12 AM
أمير الحرف
رائع جداً
دروس عظيمة تطرحها هنا تستحق التثبيت فعلا
ماأعظم ماتكتب !
عاجزة عن شكرك ..
وتقبلني طالبة في أولى المقاعد بمدرستك ..
فأنا احتاج بصدق لهكذا علم .
أثريت درتنا بهذا الزخم الهائل من الأدب
شكرا مرة ومرات
استمر ..
أتابعك بشغف .
.
رغــد

رحاب
12-10-2003, 03:01 AM
أستاذي المبدع ... أمير الحرف
.
.
تظل كل حروف الكون عاجزة عن شكرك

فالقد منحتنا الادب على طبق من ذهب

سأكون أحد تلاميذك وأظل انهل من مدرستك وكلي شغف لحروفك

دمت على خير وود

hardboy
12-10-2003, 02:18 PM
سلااااام


امير الحرف


اشكر لك جهدك الكبير لاثرائنا بعلومات قيمه جدااااا

لك بصمات مميزه

اتمنى لك خالص التوفيق



لك جزبل الشكر


تحياتى

ملك العالم
13-10-2003, 11:08 AM
امير الحرف .

اشكرك على هذا الدرس الرائع ..

يستحق التميز .

تحياتي لك ..

احد تلاميذك .. :SMIL:

سلمــان
13-10-2003, 11:57 PM
.
الفاضل / أمير الحرف
.
ماكتبته يعد من حاجات الأديب الأساسية
أشكرك كثيراً
نهلت قدر استطاعتي ..
وأعدك بالعودة ..
لأنهل أكثر ..!
.

سلمان

ابوفهد
15-10-2003, 07:53 AM
اخي الحبيب امير الحرف
الله يسعد ايامكم بكل خير

فعلا كم انت امير ايها الامير

فلقد اثريت درة الشعر والخواطر خاصة ومنتديات الدرر عامة

بهذه الدرر الثمينة من المعلومات المهمة والنفيسة

وانني اذ اشكركم جزيل الشكر والثناء على هذا الجهد الرائع

ونظراً لاهمية الموضوع ووجوب المحافظة علية

فقد قمت بنسخ نسخة منه الى درة المعارف

احببت فقط ان اخبركم بذلك

متمنيا لكم التوفيق والنجاح

تحياتي

الرماد الآدمي
15-10-2003, 03:06 PM
امير الحرف
كل ايات الشكر والإعجاب ابعثها لك صداحة ورقراقة على مازودتنا به
كم هائل ووافر من المعلومات تشكر عليه .
تحياتي لك أيها العملاق

أبو خالد
15-10-2003, 10:03 PM
يعطيك العافيه أمير الحرف
حقاً موضوعك قيم جداً
وتشكر عليه

بالتوفيق دائما .

سعد الجريسي
16-10-2003, 03:51 PM
امير الحرف

موضوع ناجح جداً وتقبل مني كل الشكر والتقدير على جهدك الواضح فيه .

تحياتي

فارس الجنوب
16-10-2003, 06:20 PM
اخي امير

رائع باستمرار

ويعطيك الف عافيه

اخوك فارس الجنوب