المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجحيم الان .



عبدالله البقالي
31-07-2003, 02:23 PM
كم سنة مرت به وهو هنا ؟.. و أي شئ مهول ذاك الذي كان ثمنه أحلى سنوات عمره ..؟ حلم سرمدي أم سراب خادع ؟..وهم تستر بجلالب الواقع أم حقيقة شقت طريق المستحيل ؟
يتساءل , يمارس وظيفته الوحيدة التي امتهنها منذ عقود خلت , والمقرونة دوما بقياس مختلف المسافات لأبعاد المكان. وحدة القياس تختلف كل مرة .فحينا تكون خطوة قد تطول أو تقصر ,واخرى انامله او راحة يده و أخرى باطن قدمه ..

عملياته تلك جعلته على دراية تامة بأدق تفاصيل المكان دونما حاجة الى الكوة الضيقة المنتصبة في أعلى الجحر , و التي ان كانت قد ضنت عليه بالنور , فقد جادت عليه بالبرودة او الحرارة والحشرات .و مع ذلك فقد كان لهذه الأشياء دورا مهما . فعلى الأقل كانت تمكنه من معرفة تعاقب الفصول في العالم الخارجي .لكن ماذا يجديه ذلك ان كان عمره بشطريه المنصرم والمتبقى قد صودرا منه . و أنه يعيش فيما يعيش أياما و سنوات مزيفة . ؟
صوت مرتل سورة الكهف يأتيه خافتا على غير عادته و يقطع حبل تفكيره. من المخطئ ؟..لقد واظب هذا المرتل على ترتيل هذه السورة في نفس التوقيت من صبيحة كل يوم جمعة على امتادا عشرين سنة . لكن في تلك اللحظة لم يكن قد انقضى أسبوع بكامله على ترتيل المرة الأخيرة ..
ينتابه الشك ..ينادي زميلا له في جحر مجاور .يكرر النداء ثانية وثالثة ورابعة .. تنطلق صيحات التأبين من جحور متفاوتة البعد . يقرفص تحت الكوة و يخترق نفقا مداه عشرين سنة من الظلمة و الرهبة والخوف .يعبره السؤال . كم كانوا في البداية و كم صاروا الآن ؟....
انه يستطيع أن يتذكر بتجل تام أن الرحلة كانت في بدايتها مغرية .. رياح المد كانت تعصف بقوة تجاه الشطآن . كان من السباقين الذين جروا الى هناك . ابهرته الامواج العاتية . كانت مختلفة تلك المرة
, فيها مزيج من الألوان و ان كان الأحمر يغلب عليها .اقتربوا أكثر ..شدتهم اليها .. أمعنوا النظر ..رأوا على بسائطها انعكاسات لصور شتى .أطفالا متحلقين حول صحون فارغة ..سلاليم بلا أدراج..راكضين اتجاه خطوط وهمية ..
لمس الموج , تحول الى بساط , ركبه . لم يكن وحده .رجالا عتاة كانوا ... في عيونهم أمل وعلى محياهم عزم واصرار وفي جوفهم ظمأ راكمته الدهور . انطلقوا مع الموج الكاسح . مجالات كثيرة اخترقوها ..قلاع وحصون ..حدران وأسلاك..جميعها تهاوت وتلاشت . وفي غمرة الزحف انفتحت أفواه أسطورية انصبوا داخلها مع الموج ليقطعوا رحلة امتد مسارها عبر تقاطع الوجود و العدم ليفرغوا في النهاية في صقع لم يكونوا وحدهم من جهلوا موقعه . أشياء مريعة مرت بهم في رحلتهم .سئلوا أشياء كثيرة ..عن علاقتهم بالبحر ..عن اجتياح الموج للقلاع والقماقم ..لم يجيبوا بشئ لأنهم لم يعرفوا من كان السباق لعشق الآخر هم أم البحر ؟
صيحات التأبين تقطع حبل تفكيره من جديد ..سقط مرتل سورة الكهف ..وقف ينظر الى انهيار تحصينات ما عادت قادرة على الصمود في وجه سؤال ملح ..
ماذا يفعا المقاتل حين يصاب في معركة ؟...هل ينزوي لركن آمن يضمد فيه جراحه و يتحسس المنفذ الذي قد يتسرب عبره الموت أم يتابع القتال بضراوة و شراسة بلا مثيل ..؟ هل يتمكن منه نداء الحياة ويسحبه الى الخلف حيث وجوه يحبها تقف في انتظار عودته أم أن الاحساس بالألم يحوله الى ثور هائج يدفعه باصرار نحو متاريس عدوه باحثا عن طلقة رحمة ..؟أي النوعين هو اذن ..؟
يتوقف عند منتصف الجحر شاخصا ببصره في الجدران ... قلبه يخفق بشدة ..أنفاسه تتلاحق بسرعة .. دماؤه تفور . ثور هائج هو اذن . أين ماتريس عدوه ؟؟.. انها تبدأمن هنا , من هذا الجدار . يتجه صوبه , يهوي عليه بملء يديه , يضرب ويضرب ويضرب .. تخور قواه , ينهار ملتصقا بالجدار و يردد بلوعة ..
ارجوكم .
افتحوا أبواب الجحيم كي ألقي بنفسي فيه ... افتحوا أبواب الجحيم كي أنصهر في حممه .. افتحوا .. افتحوا .. افتحوا ..
صوت قوي يأتيه عبر الكوة. آسفون .. لم نبخل عليك بشئ .. ليس لدينا أكثر مما أنت فيه الآن .. انك في أعلى مراتب الجحيم .

عابده لله
31-07-2003, 03:07 PM
.


.

أقف تحية ً لكلماتك سيدي ...


مجرد قراءتي لسطورك ... الهمني الكثير..



قمة في الإبداع والعطاء...

ومهما قالت كلماتي........ فهي حقأ مقصرة ...



ماذا يفعا المقاتل حين يصاب في معركة ؟...هل ينزوي لركن آمن يضمد فيه جراحه و يتحسس المنفذ الذي قد يتسرب عبره الموت أم يتابع القتال بضراوة و شراسة بلا مثيل ..؟ هل يتمكن منه نداء الحياة ويسحبه الى الخلف حيث وجوه يحبها تقف في انتظار عودته أم أن الاحساس بالألم يحوله الى ثور هائج يدفعه باصرار نحو متاريس عدوه باحثا عن طلقة رحمة ..؟أي النوعين هو اذن ..؟


صدقأ تعجز كلماتي وأقف مشدوهةً أمام

إبداعك سيدي....... ولا أملك سوى

إنبهاري ... وتصفيقي الحاد لشخصكم الكريم..

دمت بخير سيدي ....

الشمس
06-08-2003, 03:24 PM
إرهاب
هذه أول فكرة قفزت أمام عيني عندما أنهيت قراءة نصك..
هكذا -بنصك-بوسعنا أن نفسر سر ركضهم وراء الموت بالاندفاع وبالإيمان الغريبين.

لست هنا لأقول هذا فحسب .. بل لأشاغب أيضاً ;)

أرى في هذا النص الرمز يجعله زاخراً بالسحر يبقى مسيطراً على ذهن القارئ تدور فيه مفردات
مثل الموج، اللون الأحمر، الرجال العتاة، والجحيم الذي يريد
كذلك الرمزية كما نعرف تتيح مجالاً أكبر للتأويل

سأتكلم عن صياغة النص من وجهة نظري:

الاستهلال:
بحديث تخاطب به الشخصية نفسها يوحي لنا بحدث يعرفه الراوي ولا نعرفه نحن.


زاوية الرؤية: (وجهة النظر)
هنا الراوي متعدد:مقدم المشهد يتكلم بصيغة الغائب،والشخصية نفسها تتحدث..
وفي هذه الصيغة وكما هو واضح في النص يختلط الوصف بالذكريات وبالأحلام... نجد ذلك في :
"كم سنة مرت به وهو هنا ؟.. و أي شئ مهول ذاك الذي كان ثمنه أحلى سنوات عمره ..؟ حلم سرمدي أم سراب خادع
؟..وهم تستر بجلالب الواقع أم حقيقة شقت طريق المستحيل ؟
يتساءل , يمارس وظيفته الوحيدة التي امتهنها منذ عقود خلت , والمقرونة دوما بقياس مختلف المسافات لأبعاد المكان.
وحدة القياس تختلف كل مرة .فحينا تكون خطوة قد تطول أو تقصر ,واخرى انامله او راحة يده و أخرى باطن قدمه .."

وتساؤله هذا يمكن لنا أن نعتبره "منولوج داخلي" حيث تخاطب الشخصية نفسها.

وفي هذه الصيغة أيضا يتداخل زمن القصة وزمن السرد كما ورد هنا:
"انه يستطيع أن يتذكر بتجل تام أن الرحلة كانت في بدايتها مغرية .. رياح المد كانت تعصف بقوة تجاه الشطآن . كان من

السباقين الذين جروا الى هناك..."

كما تتداخل الوقائع حيث يصعب التمييز بين ماهو في ذهن الشخصية وبين ماهو في الواقع المادي الحاصل أمامها... وهذا مايلغي حضور علامتي التنصيص عندما يكون الحديث للشخصية وليس للراوي.

وتكشف هذه الصيغة أيضاً الصراع النفسي والعقلي بشكل مباشر من خلال الشخصية.



الوصف:
الوصف برأيي كان خرافياً، وتخلله تحريك لأحداث القصة ، ولست أرى بأنه يحتاج إلى حس عالٍ كي يتخيل كمية الضوء المار من تلك الكوة، أو حتى هيئة الأسير يقضي وقته بقياس المسافات، هناك مساحات متاحة لأن يملأها القارئ بخياله، عيناه كيف تتحرك، ماذا يلبس، وغيره.



العنوان:
أتى في الأخير لأنني لم أستطع إدراك المغزى منه إلا بعد فراغي من النص
يتبع الرد الأخير من الصوت القوي وكأنه إجابة على التساؤل الذي ورد في معرض النص
"أي النوعين هو اذن ..؟ "



ملاحظة بسيطة على:" أين ماتريس عدوه ؟؟"
إن كان ماتريس اسماً ..لماذا لك تستغني عن الاسم وتكتفي بالصفة "عدوه"

هذا كل شيء
شكراً لك ':

عبدالله البقالي
14-08-2003, 12:00 AM
شكرا لوقوفك على حوافي هذا النص .

اتمنى ان تشاركينا ببعض اعمالك في هذا المنتدى .

أرسطوالعرب
24-08-2003, 03:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
(*مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد*)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
أبي......قرأت وسأقرأ عليك فيما بعد....
الآن أود أن أسألك عن ذاك المارد ...ساكن كُل القلوب....الجحيم

سيدي......كُل شخص يخشى الجحيم يتزخرف أمامه ويتلوى كأفعى أمامه

يقترب منه وينفث حوله......ثم يتراجع قليلاً وينتصب ليكمل رقصه !!!

سؤالي...

من سيقتل الجحيم في القلوب.................؟!!

((*سألت عنترة عن أمري.....فسألني ألم يجدوا له إجابة حتى هذا العصر؟!!*))

وميض الإنفلات
الحياة إضاءة مُبتكرة لبعض الكلام
---------
.....:- الأمل المُقوس .......تعريف وجدته في بضاعة قديمة ولم أعرف المُعرف!!!
----------
تـ....حياتيhttp://www.mahroom.net/avatar.php?userid=3451&dateline=1034101628