المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موزار سالييري - بوشكين - قراءة [مسرحية]



MoStWaNtEd
27-08-2012, 03:56 PM
http://www.marefa.org/images/thumb/2/2b/AleksandrPushkin.jpg/200px-AleksandrPushkin.jpg

تنبيه! هناك ذكر لبعض أحداث المسرحية...



"خلال أول عرض ل"دون جيوفاني"، حين أنصت الجمهور كله – المليء بالخبراء المدهوشين – بنشوة موسيقى موزار، أطلق شخصٌ ما صفيراً. التفت الجميع إلى مصدر الصوت بإزدراء، ورأوا سالييري الشهير يغادر القاعة في غضب، وقد أكلته الغيرة. وتوفي سالييري بعد ثماني سنوات تقريباً. وقالت إحدى المجلات الألمانية إن سالييري – على فراش الموت – قد اعترف بجريمته الرهيبة في تسميم موزار العظيم. فأي رجل غيور يطلق صيحة استهجان من "دون جيوفاني" كان قادراً على تسميم صانع هذه الموسيقى"

الأخبار التي تداولتها الصحف الأوروبية حول اعتراف سالييري وهو على فراش الموت تسميم موزار حفزت بوشكين لكتابة مسرحيته عن الحسد واكتملت في عام 1830 وهي مسرحية قصيرة عبارة عن مشهدين فقط.



---


تبدأ الغيرة فيما يبدو في إعتراض الشخص على "هبة الله" لشخص آخر. أي حسد ينبت عميقاً في النفس التي تشعر بأنها في أقصى حدود عطائها لن تجاري غيرها - صاحبة الموهبة- . الشعور بعدم العدالة يخنق الشخص ويغرقه في توجيه اللائمة على العالم من حوله. إنه أعطى كل ما عنده للشئ الذي يحب، إلا أن الموهبة تنقصه، لا تنقصه! بل اختارت طريقاً غير طريقه هو! اختارت – فيما يظن – شخصاً ليس أهلاً بها.

لذا كان استهلال سالييري هنا بديعاً...

"يقولون: لا عدالة هنا على الأرض.

لكن لا شئ – في الآخرة."

فهنا – عندما قال جملته – كان سالييري يركن في حجرة يتذكر بعدها طريقه الملئ بالعقبات، أمانته للموسيقى، عمله الذي لم يكن أبداً لغرض الشهرة فقط بل لأجل الارتقاء بالموسيقي لما هو أسمى من البشر. لهذا اعترض سالييري على الأقدار وتصريفها ليس لأنها أخطأته وحسب، بل لأنها أصابت أيضاً "العابث، الطائش اللامبالي.." موزار. إن بوشكين يزرع بذرة الحسد ويماشي نموها في صدر شخصية سالييري. ابتدأ معارضاً للأقدار، فتفسير سبب اعتراضه في معاناته، وصبره، وأمانته – هذا "العاشق الغيور، الراهب الورع" – ومن ثم تكبر هذه البذرة شيئاً عندما وقعت الموهبة عند العابث موزار أي حتى ظلمته في اختيارها لحاملها.

ويعطي بوشكين مباشرة في – في تسلسل جميل – لمحة عن عبث موزار بعد دخوله المفاجئ على سالييري ومعه عازف كمان عجوز من الحانة يعزف بشكل بائس نغمة من "دون جيوفاني" حتى ينفجر موزار ضاحكاً. ويلتزم بوشكين بجدية سالييري للفن في إنكاره عبث موزار وعدم الضحك معه حتى أنه طرد العجوز،



إن سالييري مؤمن بموهبة موزار وهو كذلك مؤمن من أنه لا يستحق هذه الموهبة. هذا ما حده لقول "أنت يا موزار إله، دون أن تدري، ولكني أدري"... في لامبالاة الآخر تتأجج النفس، وتضترم نار الغيرة والحسد لتأكله. ما يقتله أنه هو وحده يعرف الحقيقة هذه، يعرف مدى موهبة موزار – مدى خطورتها على الفن !

فكيف اختار الحاسد طريق الموت؟ ولم يكتفي مثلاً بالتخريب، أو مناغصة معيشة المحسود؟ في هذا تكمن جمال هذه المسرحية – على الأقل بالنسبة لي – لأن البذرة التي زرعها بوشكين في نفس سالييري أورقت هنا وأينعت...

http://www.alanba.com.kw/AbsoluteNMNEW/articlefiles/NM/234917-03.jpg

قال موزار في اعتراضه عن قضية بومارشيه في دسه السم لأحد الأشخاص..

"لقد كان عبقرياً،

مثلك ومثلي.

والخسة والعبقرية متنافرتان"

ما الذي نفهمه هنا؟ سالييري ليس عبقرياً؟ لقد استطاع بوشكين أن يصور حسد وغيرة سالييري في أعظم صورة عندما ارتضى صفات الجهل والعبث والسذاجة لموزار فجعل منه مسخاً لا يرحم "مفعم بالحسد. حسد عميق أليم"



-----



- هذه المسرحية هي الوحيدة التي عرضت وبوشكين مازال على قيد الحياة في سانت بطرسبرج 1832.

- ألهمت بيتر شافير في كتابة مسرحيته، واعتمد المخرج ميلوش فورمان على عمل شافير في الفيلم الحائز على جائزة الأوسكار Amadeus.

- ظهرت هذه المسرحية كأوبرا 1897 وضع موسيقاها ريمسكي كورسكاف.

-----

المصادر:

· موزار وسالييري – بوشكين ترجمة رفعت سلَام

· مقدمة بوريس جودونوف – بوشكين ترجمة نبيل معلا