المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى نستفيد من رمضان



rose-sh
07-08-2011, 05:04 PM
هاقد أقبل رمضان وكلنا يسعى في هذا الشهر إلى التقرب إلى الله تبارك وتعالى في هذا الشهر بشتى العبادات، وتجد أن الناس يتقربون إلى الله عز وجل في هذا الشهر بالصلاة، فتجد منهم من يجتهد في صلاة التراويح، ومنهم من يصلي صلاة التهجد آخر الليل، ومنهم من يكثر من قراءة القرآن وهذا أمر جيد، ولكن نريد رمضان هذا السنة، أن نهتم أكثر بالكيف لا الكم، ونقصد بذلك، أن نهتم بالتدبر في العبادة، ونحرص على الخشوع فيها، حتى نستفيد منها أكثر استفادة ممكنة.



إن رمضان هو موسم العبادة والطاعة، والمراهق بطبيعته يميل بفطرته إلى عبادة الله عز وجل، (وهو ما يحسه الإنسان على على وجه الخصوص في حالة الشعور بالذنب، أو في حال الشدة، والخطر، فيتوجه إلى الله خالقه لفك كربته، وحل أزمته وقد وصف الله حال الكفار عند الشدة بأنهم يتوجهون إليه وحده ويجأرون بالدعاء



{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ



إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)



وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ



فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}



[لقمان: 31-32].



فالمراهق عواطفه جياشة، وأحاسيسه مرهفة، فهو كثير الخوف، سريع الشعور بالذنب والإحساس بالضعف، يتجه إلى المسجد أحيانًا، ويحافظ على الصلوات والنوافل ويكثر من الدعاء والأوراد والأذكار)



[المراهقون، عبد العزيز النغيمشي، ص(39-40)، بتصرف].



وحينما نتكلم عن العبادة في شهر رمضان،فنجد أن الصلاة من أهم العبادات التي يفعلها المرء في رمضان، لوجود صلاة التراويح وصلاة التهجد، وقبل كل ذلك الصلوات الخمس، ولذا نريد أن تكون الصلاة في رمضان هذا العام لها طعم آخر من خلال التدبر والخشوع فيها.



ما هو الخشوع؟



الخشوع في اللغة: (الانخفاض والذل والسكون؛ قال تعالى:



{وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: ١٠٨]؛



أي: سكنت وذلت وخضعت، ومنه وصف الأرض بالخشوع،وهو يبسها وانخفاضها وعدم ارتفاعها بالري والنبات:



{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: ٣٩])



[مدارج السالكين، ابن القيم، (1/520)].



الخشوع عند العظماء:



هل تعرف ما هو الخشوع عند عظماء الأمة من الصحابة والتابعين؟



إن هؤلاء السادة قد اغترفت ألسنتهم التي رطبها ذكر رب العالمين، من قلوبهم التي خشعت للرحمن في حب وإخبات، فأظهرت لنا عباراتهم حقيقة الخشوع للعظيم الجليل؛



فقال بعضهم: (http://www.ataaalkhayer.com/)



(الخشوع هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل والجمعية عليه،وقيل: الخشوع خمود نيران الشهوة، وسكون دخان الصدور، وإشراق نور التعظيم في القلب، وقال الجنيد: الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب)



[مدارج السالكين، ابن القيم، (1/521)].



وقال الشيخ السعدي: (http://www.ataaalkhayer.com/)



(والخشوع في الصلاة هو حضور القلب بين يدي الله تعالى، مستحضرًا لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، متأدبًا بين يدي ربه، مستحضرًا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أول صلاته إلى آخرها، فتنتفي بذلك الوساوس والأفكار الردية، وهذا روح الصلاة، والمقصود منها، وهو الذي يُكتب للعبد، فالصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب، وإن كانت مثابًا عليها، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها)



[تفسير السعدي، (1/547)].



الخشوع بين الزيف والحقيقة:



إن حقيقة الخشوع أيها الشاب هو أن يفيض القلب بالتعظيم والهيبة من ذي الجلال والإكرام عز وجل، ليفيض على جوارح العبد، فتستكين عند وقوفه بين يدي ربه في الصلاة، وقد نجد بعض الشباب يظنون الخشوع في طأطأة لرؤوس، وحني الرقاب، وتكسر المشية.وهنا يأتي طبيب القلوب ابن القيم ليبدد تلك الأوهام، ويميز صدق الخشوع الحقيقي من زيف الخشوع المتكلف،



فيقول رحمه الله: (http://www.ataaalkhayer.com/)



(والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق، أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء؛ فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل، والحب والحياء، وشهود نعم الله وجناياته هو؛ فيخشع القلب لا محالة، فيتبعه خشوع الجوارح.



وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعًا وتكلفًا، والقلب غير خاشع،



وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق!!



قيل له: وما خشوع النفاق؟



قال: أن يُرى الجسد خاشعًا والقلب غير خاشع.



فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره؛ فانجلى الصدر وأشرق فيه نور العظمة، فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حشي به، وخمدت الجوارح، وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه فصار مخبتًا له.



والمخبت: المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء،



فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض، التي يجري إليها الماء فيستقر فيها، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالًا وذلًّا وانكسارًا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه)



[الروح، ابن القيم، ص(232)].



وقد أجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب، وثمرته على الجوارح،



وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:



(التقوى ها هنا)،



وأشار إلى صدره ثلاث مرات [رواه مسلم]،



ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلًا طأطأ رقبته في الصلاة،



فقال: (يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب)



[إحياء علوم الدين، الغزالي، (2/483)].



وقد يتساءل البعض أنهم يحاولون بشتى الطرق الخشوع في الصلاة والتركيز فيها ولكنهم، لا يجدوا أثرًا لهذا الجهد!!



والجواب على هذا يكمن في توضيح طريق حيازة الخشوع وهو:



التوبة من الذنوب والمعاصي:



لاشك أن الذنوب تمثل عائقًا في طريق الخشوع والتدبر في الصلاة، فلا تيأس أبدًا من التوبة إلى الله تبارك وتعالى، مهما بلغت ومهما عظمت معاصيك، ولك في قاتل المائة نفس عبرة وعظة، (فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:



(كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُل على راهب، فأتاه، فقال: إني قتلت تسعة وتسعين نفسًا فهل لي من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمل به المائة.ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فُدل على رجل عالم، فقال: إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ فقال العالم: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب،



فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله،



وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط.



فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم،



فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له،



فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة



[رواه مسلم].



فهذا الرجل لم يفعل خيرًا قط ولكنه فقط نوى التوبة إلى الله عز وجل،



فغفر الله تعالى له وأدخله الجنة.




ـ إن الهدف في رمضان هو الكيف وليس الكم، بأن تهتم بكيفية تأدية العبادة، وليس عدد مرات تكرارها.



ـ حتى تحصل على الخشوع،



لابد لك من أن تزيل كل الموانع التي تحول دون الوصول لذلك الهدف،



وتتمثل في الآتي:



ـ أن تتوب من الذنوب والمعاصي.



ـ أن تحاول أن تتدبر معنى الكلام الذي تقوله،



فمثلًا إذا كنت في صلاة التراويح، عليك أن تركز في القرآن الذي يُتلى عليك.



ـ لا تقبل إلى الصلاة وأنت تريد أن تقضي حاجتك،



فمثل هذه الأمور قاطعة للخشوع في الصلاة.


المصادر:
·إحياء علوم الدين، الغزالي.
·المراهقون، عبد العزيز النغيمشي.
·الروح، ابن القيم.
·تفسير السعدي.
·مدارج السالكين، ابن القيم.

أبو الخنساء
10-08-2011, 10:44 PM
جزاك الله خيرا اخي على هذا الطرح المؤصل الرائع

اسأل الله ان ينفع به ويكتب لك الاجر والمثوبة ويرفع قدرك