المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفق قلم 1424هـ .... عبدالرحمن صالح العشماوي



ابوفهد
06-03-2003, 01:00 AM
اخواني واخواتي
يسعد الله مساكم بكل خير

لقد ابدع كعادته الدكتور عبدالرحمن صالح العشماوي في هذا المقال

الرائع والذي كتبه في جريدة الجزيرة اليوم الاربعاء 2-1-1424هـ

بمناسبة رحيل عام 1423هـ وقدوم عام 1424هـ

احببت ان تشاركوني الفائدة بما سطره قلم هذا الرجل الرائع

واليكم المقال :


دفق قلم 1424هـ
عبدالرحمن صالح العشماوي

آه من غفلتنا نحن البشر، يمرُّ بنا الزَّمان ونحن عن مروره غافلون، لا نشعر بتلك النداءات المتكررة كل يوم التي يبعث بها إلينا آخر كلِّ نهارٍ من أعمارنا، قائلاً: يا ابن آدم إني راحلٌ عنك ولن أعود إليك أبداً، راحلٌ عنك بما سوَّدت به صفحاتي من أقوالك وأفعالك، راحلٌ عنك بما حمَّلتني من أعمالك التي سأحتفظ بها حتى ألقاك هناك، يوم يقوم الناس لربِّ العباد، حيث أعرضها عليك - بإذن الله عَرْضاً سوف يُدْهشك ويفاجئك، لأنك ستراه صوتاً وصورةً لا مجال لإنكاره أبداً.

لكأنني بكل يوم يرحل عنا يردد على مسامعنا قوله تعالى: {مّا لٌهّذّا الكٌتّابٌ لا يٍغّادٌرٍ صّغٌيرّةْ وّلا كّبٌيرّةْ إلاَّ أّحًصّاهّا وّوّجّدٍوا مّا عّمٌلٍوا حّاضٌرْا وّلا يّظًلٌمٍ رّبٍَكّ أّحّدْا}

هل سمعنا ما تردده الأيام من هذه النداءات الواضحة الصريحة؟

{وّوّجّدٍوا مّا عّمٌلٍوا حّاضٌرْا} هنا تعبير قرآني صريح أن كل ما عمله ابن آدم في هذه الدنيا سيجده {حّاضٌرْا} أمامه صوتا وصورة، وهل بعد ذلك من موعظة لمن يخاف يوم الوعيد؟

اللهم إنا نسألك قلوباً حيَّةً، وعقولاً واعيةً، ونفوسا لوَّامةً، تذكرنا بك دائماً حتى لا ترحل بنا غفلتنا في سراديبها فلا نصحو إلا على أعمالنا التي تعرض علينا عرضا كاملاً يوم الحساب.

الأيام ترحل، وما يرحل يومٌ حتى ينادي ابن آدم مذكراً محذِّراً من عواقب الغفلة والضَّياع، ومنبها إلى الخطورة القصوى التي تتمثَّل في الانشغال بمظاهر الحياة الدنيا ولذائذها عن القيام بما أمر الله به من عبادته وطاعته.

والأرض تكاد تحدثنا بلسان حالها عن سوء الغفلة واللهو من بني آدم الذين يملأون جنباتها بضجيجهم ولعبهم ولهوهم، لكأني ببقاع الأرض تقول لنا: ويحكم أيها الغافلون لا تنسوا أبداً أنني سأحدِّث عنكم حديثاً صريحاً واضحاً يوم القيامة، وسأعرض بالصوت والصورة أعمالكم وأقوالكم.أما تقرأون قول الله تعالى: { إذّا زٍلًزٌلّتٌ الأّرًضٍ زٌلًزّالّهّا، وّأّخًرّجّتٌ الأّرًضٍ أّثًقّالّهّا، وّقّالّ الإنسّانٍ مّا لّهّا، يّوًمّئٌذُ تٍحّدٌَثٍ أّخًبّارّهّا، بٌأّنَّ رّبَّكّ أّوًحّى" لّهّا}؟

هل تأملتم معاني هذه الآيات الواضحات؟

هل وقفتم عند قوله تعالى: {يّوًمّئٌذُ تٍحّدٌَثٍ أّخًبّارّهّا}؟

هل علمتم أنني سأحدِّث بكل ما رأيت؟

آه من غفلتنا نحن البشر عن هذا الرحيل المستمر للزمن، ها نحن أولاء نستقبل هذا العام الجديد 1424ه، رقم آخر ستتعوَّد على نطقه ألسنتنا، وعلى كتابته أقلامنا، بعد أن عوَّدناها عاماً كاملاً على نطق وكتابة رقم آخر، ثم ماذا؟

تبدأ رحلة عمر جديدة، ويفتح العام الجديد سجلاته البيضاء لنبدأ الكتابة فيها بأعمالنا وأقوالنا، فهل فكرنا جيداً في نوع ما سنكتبه في صفحات هذا السجلِّ الجديد؟

كم نحن بحاجةٍ إلى أن نحاسب أنفسنا حساباً صريحاً واضحاً، وكم نحن بحاجة إلى تصحيح ما يحتاج إلى التصحيح من أقوالنا وأفعالنا ومواقفنا، وإلى تجديد العلاقة بخالقنا الذي يقدِّر سير الليل والنهار، وتعاقُبَ الأعوام، ويعلم ما أسررنا في الليل وجرحنا بالنهار.

عام مضى يلوِّح بيديه لنا مودِّعاً وداعاً لا لقاء بعده في هذه الحياة الدنيا، وإنما هو لقاءٌ حاصلٌ لا محالة هنالك يوم لا ينفع مال ولا بنون.وعام أتى يلوِّح بيديه لنا مرحِّباً بلقائنا في رحلةٍ جديدةٍ يدعونا فيها إلى صداقةٍ حميمةٍ قائمة على الصدق والحبِّ والعمل الصالح والقول الطيِّب والخُلُق الحسن، وإلى علاقةٍ متميزة بخالق المكان والزمان والإنسان، الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، وبالنهار ليتوب مسيء اللّيل، عام جديد يرسم لنا أرقامه المتناسقة على لوحةٍ الزمن «1424هـ» بعد أن مُسحت من تلك اللوحة تلك الأرقام التي عشنا معها عاماً كاملاً «1423هـ»، فما أحوجنا الى يقظة الضمير.


إشـــــارة:

كفى بك أن تكذِّب ما يقال ....... بفعلك حين تضطرب الفَعَالُ


مع تمنياتي لكم بحياتي سعيدة

وكل عـــام وانتـم من الله اقـــرب

عبدالله الكناني
06-03-2003, 01:14 PM
جزاك الله خير اخ ابو فهد

وجزى الدكتور عبدالرحمن العشماوي خير الجزاء على ماكتب


هذا الرجل في الحقيقه كلماته شعرا ونثرا توقظ الضمير وتسترعي الإنتباه

فسبحان من يسّرله البيان


سلام