المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضايا المجتمع جمانة شغالة إندونيسية (( قصة هزتني فأحببت أن تشاركوني‎ ))



ابو تركي 1976
29-04-2011, 11:48 AM
جمانة شغالة إندونيسية



جمانة شغالة إندونيسية . وهي زوجة السائق الخاص لإحدى العائلات . كنت أراها عند صديقة لي . ودائما أراها متعبة وتعمل بتباطؤ . فقد بلغت من العمر الخامسة والخمسين . ثم أصيبت بمرض السكري .



سألت صديقتي مرة : أما آن لهذه المسكينة أن ترتاح ؟؟ أجابت : أولادها بالجامعة , كان الله في عونها .


آخر مرة سألت عن جمانة : ابتسمت صديقتي وقالت : جمانة ارتاحت وجلست في منزلها . قلت يحق لها فقد تعبت كثيرا ً . لمعت عينا صديقتي ببريق غريب تفاجأت منه . وابتسمتْ ابتسامة أغرب . قلت : ما وراءك ؟ قالت : جمانة حققت هدفها , فهدأ بالها واطمأنت نفسها فتوقفت عن العمل .


قلت : وما كان هدفها ؟ تعليم أولادها ؟ هل تخرجوا ؟


ذهبتْ إلى أحد الأدراج وأخرجتْ منه صورة مسجد جميل أنيق صغير كتب على حَجَر رخامي كبير في مقدمته عبارة بالخط الأسود : مسجد جمانة !!


قلت ُ : ما هذا ؟ قالت : هذا هو هدف جمانة الذي حققته .


لقد كان هدفها أن تبني مسجدا ً من تعبها وعرقها ليكون صدقة جارية لها وبركة في حياتها وبعد مماتها .


"""""""""""""""""""""


عندما سمعت الخبر دارت بي الدنيا ولفت . وصغرت نفسي أمام عيني . أحسست أنني قزمة أمام عملاق : اسمه جمانة الشغالة ... جمانةالشغالة وضعت لنفسها أهدافا ً سامية نبيلة أخروية وليس مجرد هدف أو حلم حلمت به وتقاعست ثم تمنت أن يفتح الله لها أبواب الرزق لتحققه . بل أتبعت الهدف سعيا ً حثيثا ً , وعملا ً دؤوبا ً . وهمة لا تنقطع .


و أنا الآن أتساءل : إذا كان هذا هو هدف شغالة أمية غير عربية . فما هي أهدافنا نحن العرب الذين نقرأ القرآن بمهارة ونفهم ما فيه . نحن الذين تعلمنا . وأنعم الله علينا بنعم كثيرة . ما هي أهدافنا ؟؟؟؟


ـــ بناء منزل أكبر من منزل أختي !


ـــ شراء سيارة أفخم من سيارة أخي !


ــــ توسيع تجارتي


ــــ تعليم أولادي الطب والهندسة ليقولوا : أم الطبيب وأم المهندس .


ــــ التخريب على صاحبتي , أو نسيبتي , أو قريبتي ,أو جارتي , أو كلهن . وإفساد هنائها , وإظهارها بأنها فاشلة وأنني أنجح منها !


ــــ هدفي الأكبر حاليا ً عرس قريبتي القادم : سأرتدي فيه أغلى الملبوسات وسأتزين بأثمن المجوهرات .. حتى أبدو فيه أجمل الحاضرات .!


ــ شغلي الشاغل وجل اهتمامي أن أقبع في منزلي : أمضغ اللبان وأتشدق بالكلام على هاتف أو نت , وأصرخ بوجه جمانة أخرى أحتقرها وأهينها بعقلي الفارغ


ونفسي المريضة . ومن يدري !! قد تكون عند الله أفضل مني وأرفع منزلة !


"""""""""""""""""""""""


تعسا ً لنا ولأهدافنا تعسا ً لنا ولحضارتنا المزيفة تعسا ً لعقولنا التي تعفنت وتجرثمت وتآكلت !!!!!


""""""""""""""""""""""""


قصة جمانة جرتني لموضوع هام جدا ً . جعلتني أتفكر في الموازين .. والمفاضلات : مَن ْ أفضل ُ مِنْ مَن ْ ؟؟؟


بعبارة أخرى : مَن الخاسر ؟؟ ومَن الرابح ؟؟


هناك موازين الدنيا وهي حسية , مرئية , مادية , آنية . وهناك موازين الآخرة وهي موازين أخروية , إيمانية , غيبية . من سيحدد الرابح والخاسر ؟؟


لنشاهد هذه الأمثلة :


*سمية أم عمار : يعذبها أبو جهل حتى تموت . والرسول صلى الله عليه وسلم يصبرهم ويقول : صبرا ً آل ياسر فإن موعدكم الجنة .


*صهيب بن سنان أعطى قريش كل ما يملك ليهاجر ويلحق برسول الله فيقول له الحبيب المصطفى : ربح البيع يا أبا يحيي !!


*ابن ملحان : يدخل الرمح في ظهره فيخرج من بين ثدييه فيقول فرحا ً : فزت ورب الكعبة .


*ذو البجادين : أخذ عمُه كل أمواله . وعندما مات وأدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره قال : اللهم إني أمسيت عنه راضيا ً فارض َعنه . يقول ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة .



هؤلاء في نظر أهل الدنيا خاسرون . ولكن بموازين الآخرة ربحوا الفردوس الأعلى .


لو نظرنا إلى قصة ماشطة ابنة الفرعون . فقد آمنت بالله ربا ً فألقاها فرعون المتأله في الزيت المغلي مع أبنائها , وما تراجعت عن عقيدتها .


في موازين أهل الدنيا : ربح الفرعون وخسرت الماشطة .أما موازين الآخرة فتقول غير ذلك .



في الحديث الشريف : مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال: ما هذه الرائحة يا جبريل ؟ قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها .



تعبق رائحة الماشطة في السماء والفراعنة يتجلجلون في أصل الجحيم . وأحيانا ً يكون الربح في الدنيا هو عين الخسارة في الآخرة .. فكل ربح من حرام هو خسارة مهما كبر وعظم .

في قصة الغلام والساحر والملك . قصة أصحاب الأخدود , كلنا نعرفها .

قال الملك : باسم رب الغلام . مات الغلام . إلا إن الناس صاحوا صيحة واحدة : آمنا برب الغلام .

لقد ربح الملك ومات الغلام . ولكن ربحه كان عين الخسارة حتى في الدنيا قبل الآخرة . فقد خسر ملكه وشعبه وكل شيء . وربح الغلام .

ولو عدنا إلى قصة جمانة : في موازين دار الفناء جمانة خاسرة : خسرت صحتها , وأرهقتها في العمل لتبني مسجدا ً لا يعود عليها في الدنيا بربح أو ريع . ولكن ميزان دار البقاء يقول أن جمانة هي الرابح الأكبر . فقد جعلت لنفسها صدقة جارية تدر عليها الربح الوفير بعد مماتها .. حيث ستأتيها الأرباح تتوالى .. مادام المسجد قائما ً يرفع فيه ذكرُ الله . ويمجدُ فيه اسمه .

أما الخاسرة الحقيقية فهي التي تجلس لتحتقر جمانة وأمثالها , تظلمهم وتسومهم سوء العذاب . فتمنع عنهم الخير وحتى حقوقهم تمنعها . وتجلب لهم البؤس والشقاء . من تفعل ذلك خاسرة حتى ولو كان بين يديها خدم و حشم وتحت تصرفها المليارات . ولن ينفعها كل ذلك شيئا .

ما نفع فرعونَ موسى تأليهُه لنفسه : فأغرقه الله في اليم . وحشره في جهنم وجعله عبرة وموعظة للناس في الدنيا .

ما نفع قارون َ أموالُه التي تنوء بحمل مفاتيحها العصبة أولو القوة .. فخسف الله به وبداره الأرض .


لن ينفعنا يوم القيامة مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . القلب السليم هو إخلاص النية وتحديد الهدف . أن تكون النية لله والهدف هو الآخرة . {{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ}} (الشورى 20)

فأي حرث نريد ؟ حرث الدنيا أم الآخرة ؟

{{منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة }}. استغرب الصحابة وقال بعضهم : ما كنا نعلم أن بيننا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية .


فماذا نريد ؟

علينا أن نحدد هدفنا ومسارنا . علينا تحديد الغاية والاتجاه . فالاتجاه الصحيح هو التوجه إلى الله فهو الغاية وهو الهدف . ولو كان الهدف لغير الله فلن تنفعنا عبادتنا ولو كانت أمثال أُحُد . لن تنفعنا صلاتنا ولا صيامنا ولا صدقاتنا ستكون سرابا ً ووهما ً .

فهيا بنا نفر إلى الله . دعونا نفر من نوايا مهزوزة , وأهداف مشوشة , وتكالب على الدنيا إلى نوايا ثابتة , وأهداف محددة علوية , وتفان ٍ في طلب الآخرة . دعونا نفر من كبريائنا وعنجهيتنا من مظاهر الدنيا التي أكلت قلوبنا من جاهلية عفنة سيطرت على عقولنا .

هيا بنا نفر إلى الله .. عسى أن يقبلنا ويرفع قدرنا ويُعلي شأننا .

اعجبتني من ايميلي فاردت مشاركتي الفائده ...دعواااتكم