أبو عبدالله الحجازي
30-10-2009, 07:50 PM
الحمد لله..
هذه رسالة من أمير نجدي معروف إلى سليمان باشا الذي كان وزيراً للحرب ثم للبحرية في مصر تحت ولاية العثمانيين مقتبسة من الكتاب الماتع والنادر (الدرر السنية في الأجوبة النجدية ص 287-313) الذي جمعه الشيخ عبدالرحمن بن القاسم, رحمهم الله. نبدأ بها لنشر سلسلة من الرسائل الإسلامية النافعة التي يجدر بنا الإعتناء بها ودراستها والإستفادة منها لكي نترجم ما فيها من علم صحيح إلى عمل صالح يبقى لنا وللأجيال القادمة.
الرسالة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين .
من سعود بن عبد العزيز، إلى سليمان باشا ؛ أما بعد : فقد وصل إلينا كتابكم، وفهمنا ما تضمنه من خطابكم، وما ذكرتم من : أن كتابنا المرسل إلى يوسف باشا،على غير ما أمر الله به،ورسوله من الخطاب للمسلمين، بمخاطبة الكفار، والمشركين ؛ وأن هذا حال الضالين، وأسوة الجاهلين، كما قال تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ) [ آل عمران:7] .
فنقول في الجواب عن ذلك : بأننا متبعون ما أمر الله به رسوله، وعبادة المؤمنين، بقوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) [النحل:125] وقوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) [ يوسف :108] وذلك : أن الله أوجب علينا النصح لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن النصح لهم : بيان الحق لهم، بتذكير عالمهم، وتعليم جاهلهم، وجهاد مبطلهم، اولاً بالحجة والبيان، وثانياً بالسيف والسنان، حتى يلتزموا دين الله القويم، ويسلكوا صراطه المستقيم، ويبعدوا عن مشابهة أصحاب الجحيم، وذلك : أن " من تشبه بقوم فهو منهم " كما ورد ذلك عن الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وقد قال تعالى، في كتابه المبين : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) [ آل عمران:105] وقال تعالى، لهذه الأمة : ( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) [ الروم:31-32] .
ومن تلبيس إبليس، ومكيدته لكل جاهل حسيس : أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين، لا يتناول من شابههم من هذه الأمة ، ويقول : إذا استدل عليه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، هذه الآيات : نزلت في المشركين، نزلت في اليهود، نزلت في النصارى ؛ ولسنا منهم ؛ وهذا من أعظم مكائده، وتلبيسه ؛ فأنه فتن بهذه الشبهة كثيراً من الأغبياء والجاهلين ؛ وقد قال بعض السلف - لمن قال له ذلك - مضى القوم وما يعنى به غيركم ؛ وقال بعض العلماء : إن مما يحول بين المرء، وفهم القرآن أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين لا يتناول غيرهم وإنما هو في قوم كانوا فبانوا .
وقد قال الإمام ، الحافظ : سفيان بن عيينة - وهو من أتباع التابعين - من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود ؛ ومن فسد من عبادنا، ففيه شبه من النصارى ؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، وغيرهما، من حديث أبي سعيد الخدري، أنه قال : " لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب، لسلكتموه " قلنا يا رسول الله، اليهود، والنصارى ؟ قال : " فمن " ؟ وهذا لفظ البخاري ؛ والأحاديث، والآثار في هذا المعنى، كثيرة .
وقد قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في قوله تعالى : ( كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم ) الآية [ التوبة:69] قال : ما أشبه الليلة بالبارحة : ( كالذين من قبلكم ) هؤلاء بنو إسرائيل، شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه صلى الله عليه وسلم قال :" والذي نفسي بيده، لتتبعنهم، حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه " فكيف يظن ممن له أدنى تمسك بالعلم، بعد هذه الأدلة الواضحة، والبراهين القاطعة، أن هذه الأمة لا تشابه اليهود والنصارى، ولا تفعل فعلهم، ولا يتناولهم ما توعد الله به اليهود والنصارى، إذا فعلوا مثل فعلهم ؛ ومن أنكر وقوع الشرك، والكفر في هذه الأمة ، فقد خرق الإجماع ، وسلك طريق الغي، والابتداع .
ولسنا بحمد الله : نتبع المتشابه من التنزيل، ولا نخالف ما عليه أئمة السنة من التأويل ؛ فإن الآيات، التي استدللنا بها، على كفر المشرك، وقتاله هي من الآيات المحكمات، في بابها، لا من المتشابهات، واختلف أئمة المسلمين في تأويلها، والحكم بظاهرها، وتفسيرها، بل هي : من الآيات التي لا يعذر أحد من معرفة معناها، وذلك مثل قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء :48] وقوله : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) [ المائدة:72] وقوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية [ التوبة:5] وقوله : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) [ الأنفال :39] .
وأما قولكم : فإنا لله الحمد، على الفطرة الإسلام به، والاعتقادات الصحيحة، ولم نزل بحمده تعالى عليها، عليها نحيا، وعليها نموت، كما قال تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) الآية [ إبراهيم:27] فظاهرنا، وباطننا، بتوحيده تعالى، في ذاته، وصفاته، كما بين في محكم كتابه، قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) [ النساء:36] وقال صلى الله عليه وسلم :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله " وقال صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس " الخ ؛ فتقول :
غاض الوفاء وفاض الجور وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن : ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال ؛ فإذا قال الرجل : أنا مؤمن، أنا مسلم، أنا من أهل السنة والجماعة، وهو من أعداء الإسلام، وأهله، منابذ لهم بقوله، وفعله، لم يصر بذلك مؤمناً، ولا مسلماً، ولا من أهل السنة والجماعة ؛ ويكون كفره، مثل اليهود، فإنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم .
فإن أصل الإسلام : شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ومضمون شهادة ألا إله إلا الله : إلا يعبد إلا الله وحده، فلا يدعى إلا هو، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف إلا منه، ولا يرجى إلا هو ؛ كما قال تعالى : ( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) [ الكهف:110] وقال تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) [ الجن:18] وقال تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) [ المائدة :23] وقال تعالى : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الأخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) [ التوبة :18] .
فكل من دعا مخلوقاً، أو استغاث به، أو جعل فيه نوعاً من الألهية، مثل أن يقول : يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو اقض ديني، أو اشفع لي عند الله، في قضاء حاجتي، أو أنا متوكل على الله وعليك، فهو مشرك في عبادة الله غيره، وإن قال بلسانه : لا إلَه إلا ّ الله، وأنا مسلم ؛ وقد كفّر الصحابة رضي الله عنهم : مانعي الزكاة، وقاتلوهم، وغنموا أموالهم، وسبوا نساءهم، مع إقرارهم بسائر شرائع الإسلام ؛ وذلك : لأن أركان الإسلام، من حقوق لا إلَه إلا ّ الله ؛ كما استدل به أبو بكر الصديق رضي الله عنه، على عمر، حين أشكل عليه قتال مانعي الزكاة، حين قال له : كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلَه إلا ّ الله، فإذا قالوها، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " .
فقال أبو بكر : الزكاة من حقها، والله لو منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله، قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق ؛ أخرجاه في الصحيحين، وغيرهما من كتب الإسلام ؛ فكيف بمن كفر بمعنى لا إلَه إلا ّ الله ؟ وصار الشرك وعبادة غير الله هو دينه، وهو المشهور في بلده ؛ ومن أنكر ذلك عليهم، كفروه، وبدعوه، وقاتلوه ؛ فكيف يكون من هذا فعله، مسلماً من أهل السنة والجماعة ؟! مع منابذته لدين الإسلام، الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، من توحيد الله ، وعبادته وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ؛ إلى غير ذلك : من المجاهرة بالكفر، والمعاصي، واستحلال محارم الله ظاهراً .
فشعائر الكفر بالله، والشرك به، هي الظاهرة عندكم، مثل : بناء القباب على القبور، وايقاد السرج عليها، وتعليق الستور عليها، وزيارتها بما لم يشرعه الله ورسوله، واتخاذها عيدا، وسؤال أصحابها قضاء الحاجات، وتفريج الكربات واغاثة اللهفات، هذا مع : تضييع فرائض الله، التي أمر الله باقامتها، من الصلوات الخمس وغيرها، فمن أراد الصلاة، صلى وحده، ومن تركها، لم ينكر عليه ؛ وكذلك الزكاة ؛ وهذا أمر، قد شاع، وذاع وملأ الأسماع، في كثير من بلاد الشام، والعراق، ومصر، وغير ذلك من البلدان .
وقد حدث ذلك، في هذا البلدان ،كما ذكر ذلك العلماء في مصنفاتهم، من الحنفية، والمالكية والشافعية، والحنابلة، فمن ذلك، ما ذكر أبو الوفاء، بن عقيل الحنبلي، قال : لما صعبت التكاليف، على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع، إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذا لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم ؛ قال وهم عندي كفار، بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وإكرامها بما نهى عنه الشرع، من إيقاد النيران، وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوايج وكتب الرقاع، فيها : يا مولاي أفعل بي كذا، وكذا ،وأخذ تربتها، تبركاً، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر، اقتداء بمن عبد اللات، والعزى .
والويل عندهم : لمن لم يقبل مشهد الكف، ولم يتمسح بآحرة مسجد الملموسة، يوم الأربعاء، ولم يقل الحاملون على جنازتة : أبو بكر الصديق، أو محمد، أو علي، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجاً، بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر انتهى .
فانظر : إلى هذا الإمام ، كيف ذكر حدوث الشرك في وقته ؟ واشتهاره عند العامة الجهال، وتكفيره لهم بذلك ؛ وهو من أهل القرن الخامس، من تلامذة : القاضي أبي يعلى، الحنبلي ؛ ونقل كلامه هذا، غير واحد من أئمة الحنابلة، كأبي الفرج ابن الجوزي، في كتاب : تلبيس إبليس .
وقال الإمام : أبو بكر الطرطوشي، المالكي، لما ذكر حديث أبي واقد الليثي، ولفظه : قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، ونحن حديثوا عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها : ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى . اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم ".
قال الطرطوشي : فانظروا رحمكم الله، أينما وجدتم سدرة، أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمونها، ويرجون البرء والشفاء من قبلها، ويضربون بها المسامير، والخرق، فهي : ذات أنواط، فاقطعوها، انتهى .
فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة، لتعليق الأسلحة، والعكوف حولها، اتخاذ : آلهة مع الله، مع أنهم لا يعبدونها، ولا يسألونها، فما ظنك بالعكوف حول القبر ؟ والدعاء به ودعائه الدعاء عنده، فأي نسبة بالفتنة بشجرة، إلى الفتنة بالقبر، لو كان أهل الشرك، والبدع يعلمون ؟!
وقال الحافظ : أبو محمد، عبد الرحمن بن إسماعيل، المعروف، بأبي شامة، الشافعي، في كتابه : الباعث في إنكار البدع والحوادث .
ومن هذا القسم : أيضاً، ما قد عم به الإبتلاء، من تزيين الشيطان للعامة، تخليق الحيطان، والعمد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد، يحكي لهم حاك : أنه رأي في منامه بها أحداً، ممن شهر بالصلاح، والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسننه ؛ ويظنون : أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا، إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم، بالنذر لها .
وهي ما بين : عيون، وشجر، وحائط، وحجر، وفي مدينة : دمشق، من ذلك مواضع متعددة، كعوينة الحمى، خارج باب توما، والعمود المخلق، داخل الباب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة، خارج باب النصر، في نفس قارعة الطريق، سهل الله قطعها، واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط، التي في الحديث، ثم ساق حديث : أبي واقد الليثي، المتقدم ؛ ثم ذكر : أنه بلغه بعض أهل العلم، ببلاد افريقية، أنه كان إلى جانبه عين تسمى : عين العافية ؛ كان العامة قد افتتنوا بها، يأتونها من الآفاق ؛ فمن تعذر عليه، نكاح أو ولد قال امضوا بي إلى العافية فتعرف فيها الفتنة، فخرج في السحر، فهدمها، وأذن الصبح عليها، ثم قال : اللهم إني هدمتها لك، فلا ترفع لها رأساً ؛ قال : فما رفع رأس، إلى الآن .
قال : وأدهى من ذلك، وأمر، إقدامهم على الطريق السابلة، يجيزون، في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية التي هي من بناء : الجن، في زمن نبي الله سليمان بن داود، عليهما السلام، أو من بناء : ذي القرنين، أو من بناء غيره، مما يؤذن بالتقدم، على ما نقلناه، في كتاب : تاريخ دمشق، وهو الباب الشمالي ؛ ذكر لهم بعض : من لا يوثق به، في شهور سنة ست وثلاثين وستمائة، أنه رأى مناماً، يقتضي : أن ذلك المكان، دفن فيه بعض أهل البيت ؛ وقد أخبرني عنه ثقة : أنه اعترف له أنه افتعل ذلك، فقطعوا طريق المارة فيه، وجعلوا الباب بكماله مسجداً مغصوباً، وقد كان الطريق يضيق بسالكيه، فتضاعف الضيق والحرج ؛ على من دخل، ومن خرج، ضاعف الله نكال من تسبب في بنائه، وأجزل ثواب من أعان على هدمه وإزالة اعتدائه اتباعاً لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدم الضرار مسجد الضرار، انتهى كلامه .
يتبع...
هذه رسالة من أمير نجدي معروف إلى سليمان باشا الذي كان وزيراً للحرب ثم للبحرية في مصر تحت ولاية العثمانيين مقتبسة من الكتاب الماتع والنادر (الدرر السنية في الأجوبة النجدية ص 287-313) الذي جمعه الشيخ عبدالرحمن بن القاسم, رحمهم الله. نبدأ بها لنشر سلسلة من الرسائل الإسلامية النافعة التي يجدر بنا الإعتناء بها ودراستها والإستفادة منها لكي نترجم ما فيها من علم صحيح إلى عمل صالح يبقى لنا وللأجيال القادمة.
الرسالة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين .
من سعود بن عبد العزيز، إلى سليمان باشا ؛ أما بعد : فقد وصل إلينا كتابكم، وفهمنا ما تضمنه من خطابكم، وما ذكرتم من : أن كتابنا المرسل إلى يوسف باشا،على غير ما أمر الله به،ورسوله من الخطاب للمسلمين، بمخاطبة الكفار، والمشركين ؛ وأن هذا حال الضالين، وأسوة الجاهلين، كما قال تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ) [ آل عمران:7] .
فنقول في الجواب عن ذلك : بأننا متبعون ما أمر الله به رسوله، وعبادة المؤمنين، بقوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) [النحل:125] وقوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) [ يوسف :108] وذلك : أن الله أوجب علينا النصح لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن النصح لهم : بيان الحق لهم، بتذكير عالمهم، وتعليم جاهلهم، وجهاد مبطلهم، اولاً بالحجة والبيان، وثانياً بالسيف والسنان، حتى يلتزموا دين الله القويم، ويسلكوا صراطه المستقيم، ويبعدوا عن مشابهة أصحاب الجحيم، وذلك : أن " من تشبه بقوم فهو منهم " كما ورد ذلك عن الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وقد قال تعالى، في كتابه المبين : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) [ آل عمران:105] وقال تعالى، لهذه الأمة : ( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) [ الروم:31-32] .
ومن تلبيس إبليس، ومكيدته لكل جاهل حسيس : أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين، لا يتناول من شابههم من هذه الأمة ، ويقول : إذا استدل عليه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، هذه الآيات : نزلت في المشركين، نزلت في اليهود، نزلت في النصارى ؛ ولسنا منهم ؛ وهذا من أعظم مكائده، وتلبيسه ؛ فأنه فتن بهذه الشبهة كثيراً من الأغبياء والجاهلين ؛ وقد قال بعض السلف - لمن قال له ذلك - مضى القوم وما يعنى به غيركم ؛ وقال بعض العلماء : إن مما يحول بين المرء، وفهم القرآن أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين لا يتناول غيرهم وإنما هو في قوم كانوا فبانوا .
وقد قال الإمام ، الحافظ : سفيان بن عيينة - وهو من أتباع التابعين - من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود ؛ ومن فسد من عبادنا، ففيه شبه من النصارى ؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، وغيرهما، من حديث أبي سعيد الخدري، أنه قال : " لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب، لسلكتموه " قلنا يا رسول الله، اليهود، والنصارى ؟ قال : " فمن " ؟ وهذا لفظ البخاري ؛ والأحاديث، والآثار في هذا المعنى، كثيرة .
وقد قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في قوله تعالى : ( كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم ) الآية [ التوبة:69] قال : ما أشبه الليلة بالبارحة : ( كالذين من قبلكم ) هؤلاء بنو إسرائيل، شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه صلى الله عليه وسلم قال :" والذي نفسي بيده، لتتبعنهم، حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه " فكيف يظن ممن له أدنى تمسك بالعلم، بعد هذه الأدلة الواضحة، والبراهين القاطعة، أن هذه الأمة لا تشابه اليهود والنصارى، ولا تفعل فعلهم، ولا يتناولهم ما توعد الله به اليهود والنصارى، إذا فعلوا مثل فعلهم ؛ ومن أنكر وقوع الشرك، والكفر في هذه الأمة ، فقد خرق الإجماع ، وسلك طريق الغي، والابتداع .
ولسنا بحمد الله : نتبع المتشابه من التنزيل، ولا نخالف ما عليه أئمة السنة من التأويل ؛ فإن الآيات، التي استدللنا بها، على كفر المشرك، وقتاله هي من الآيات المحكمات، في بابها، لا من المتشابهات، واختلف أئمة المسلمين في تأويلها، والحكم بظاهرها، وتفسيرها، بل هي : من الآيات التي لا يعذر أحد من معرفة معناها، وذلك مثل قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء :48] وقوله : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) [ المائدة:72] وقوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية [ التوبة:5] وقوله : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) [ الأنفال :39] .
وأما قولكم : فإنا لله الحمد، على الفطرة الإسلام به، والاعتقادات الصحيحة، ولم نزل بحمده تعالى عليها، عليها نحيا، وعليها نموت، كما قال تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) الآية [ إبراهيم:27] فظاهرنا، وباطننا، بتوحيده تعالى، في ذاته، وصفاته، كما بين في محكم كتابه، قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) [ النساء:36] وقال صلى الله عليه وسلم :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله " وقال صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس " الخ ؛ فتقول :
غاض الوفاء وفاض الجور وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن : ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال ؛ فإذا قال الرجل : أنا مؤمن، أنا مسلم، أنا من أهل السنة والجماعة، وهو من أعداء الإسلام، وأهله، منابذ لهم بقوله، وفعله، لم يصر بذلك مؤمناً، ولا مسلماً، ولا من أهل السنة والجماعة ؛ ويكون كفره، مثل اليهود، فإنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم .
فإن أصل الإسلام : شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ومضمون شهادة ألا إله إلا الله : إلا يعبد إلا الله وحده، فلا يدعى إلا هو، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف إلا منه، ولا يرجى إلا هو ؛ كما قال تعالى : ( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) [ الكهف:110] وقال تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) [ الجن:18] وقال تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) [ المائدة :23] وقال تعالى : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الأخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) [ التوبة :18] .
فكل من دعا مخلوقاً، أو استغاث به، أو جعل فيه نوعاً من الألهية، مثل أن يقول : يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو اقض ديني، أو اشفع لي عند الله، في قضاء حاجتي، أو أنا متوكل على الله وعليك، فهو مشرك في عبادة الله غيره، وإن قال بلسانه : لا إلَه إلا ّ الله، وأنا مسلم ؛ وقد كفّر الصحابة رضي الله عنهم : مانعي الزكاة، وقاتلوهم، وغنموا أموالهم، وسبوا نساءهم، مع إقرارهم بسائر شرائع الإسلام ؛ وذلك : لأن أركان الإسلام، من حقوق لا إلَه إلا ّ الله ؛ كما استدل به أبو بكر الصديق رضي الله عنه، على عمر، حين أشكل عليه قتال مانعي الزكاة، حين قال له : كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلَه إلا ّ الله، فإذا قالوها، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " .
فقال أبو بكر : الزكاة من حقها، والله لو منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله، قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق ؛ أخرجاه في الصحيحين، وغيرهما من كتب الإسلام ؛ فكيف بمن كفر بمعنى لا إلَه إلا ّ الله ؟ وصار الشرك وعبادة غير الله هو دينه، وهو المشهور في بلده ؛ ومن أنكر ذلك عليهم، كفروه، وبدعوه، وقاتلوه ؛ فكيف يكون من هذا فعله، مسلماً من أهل السنة والجماعة ؟! مع منابذته لدين الإسلام، الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، من توحيد الله ، وعبادته وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ؛ إلى غير ذلك : من المجاهرة بالكفر، والمعاصي، واستحلال محارم الله ظاهراً .
فشعائر الكفر بالله، والشرك به، هي الظاهرة عندكم، مثل : بناء القباب على القبور، وايقاد السرج عليها، وتعليق الستور عليها، وزيارتها بما لم يشرعه الله ورسوله، واتخاذها عيدا، وسؤال أصحابها قضاء الحاجات، وتفريج الكربات واغاثة اللهفات، هذا مع : تضييع فرائض الله، التي أمر الله باقامتها، من الصلوات الخمس وغيرها، فمن أراد الصلاة، صلى وحده، ومن تركها، لم ينكر عليه ؛ وكذلك الزكاة ؛ وهذا أمر، قد شاع، وذاع وملأ الأسماع، في كثير من بلاد الشام، والعراق، ومصر، وغير ذلك من البلدان .
وقد حدث ذلك، في هذا البلدان ،كما ذكر ذلك العلماء في مصنفاتهم، من الحنفية، والمالكية والشافعية، والحنابلة، فمن ذلك، ما ذكر أبو الوفاء، بن عقيل الحنبلي، قال : لما صعبت التكاليف، على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع، إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذا لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم ؛ قال وهم عندي كفار، بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وإكرامها بما نهى عنه الشرع، من إيقاد النيران، وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوايج وكتب الرقاع، فيها : يا مولاي أفعل بي كذا، وكذا ،وأخذ تربتها، تبركاً، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر، اقتداء بمن عبد اللات، والعزى .
والويل عندهم : لمن لم يقبل مشهد الكف، ولم يتمسح بآحرة مسجد الملموسة، يوم الأربعاء، ولم يقل الحاملون على جنازتة : أبو بكر الصديق، أو محمد، أو علي، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجاً، بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر انتهى .
فانظر : إلى هذا الإمام ، كيف ذكر حدوث الشرك في وقته ؟ واشتهاره عند العامة الجهال، وتكفيره لهم بذلك ؛ وهو من أهل القرن الخامس، من تلامذة : القاضي أبي يعلى، الحنبلي ؛ ونقل كلامه هذا، غير واحد من أئمة الحنابلة، كأبي الفرج ابن الجوزي، في كتاب : تلبيس إبليس .
وقال الإمام : أبو بكر الطرطوشي، المالكي، لما ذكر حديث أبي واقد الليثي، ولفظه : قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، ونحن حديثوا عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها : ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى . اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم ".
قال الطرطوشي : فانظروا رحمكم الله، أينما وجدتم سدرة، أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمونها، ويرجون البرء والشفاء من قبلها، ويضربون بها المسامير، والخرق، فهي : ذات أنواط، فاقطعوها، انتهى .
فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة، لتعليق الأسلحة، والعكوف حولها، اتخاذ : آلهة مع الله، مع أنهم لا يعبدونها، ولا يسألونها، فما ظنك بالعكوف حول القبر ؟ والدعاء به ودعائه الدعاء عنده، فأي نسبة بالفتنة بشجرة، إلى الفتنة بالقبر، لو كان أهل الشرك، والبدع يعلمون ؟!
وقال الحافظ : أبو محمد، عبد الرحمن بن إسماعيل، المعروف، بأبي شامة، الشافعي، في كتابه : الباعث في إنكار البدع والحوادث .
ومن هذا القسم : أيضاً، ما قد عم به الإبتلاء، من تزيين الشيطان للعامة، تخليق الحيطان، والعمد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد، يحكي لهم حاك : أنه رأي في منامه بها أحداً، ممن شهر بالصلاح، والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسننه ؛ ويظنون : أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا، إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم، بالنذر لها .
وهي ما بين : عيون، وشجر، وحائط، وحجر، وفي مدينة : دمشق، من ذلك مواضع متعددة، كعوينة الحمى، خارج باب توما، والعمود المخلق، داخل الباب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة، خارج باب النصر، في نفس قارعة الطريق، سهل الله قطعها، واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط، التي في الحديث، ثم ساق حديث : أبي واقد الليثي، المتقدم ؛ ثم ذكر : أنه بلغه بعض أهل العلم، ببلاد افريقية، أنه كان إلى جانبه عين تسمى : عين العافية ؛ كان العامة قد افتتنوا بها، يأتونها من الآفاق ؛ فمن تعذر عليه، نكاح أو ولد قال امضوا بي إلى العافية فتعرف فيها الفتنة، فخرج في السحر، فهدمها، وأذن الصبح عليها، ثم قال : اللهم إني هدمتها لك، فلا ترفع لها رأساً ؛ قال : فما رفع رأس، إلى الآن .
قال : وأدهى من ذلك، وأمر، إقدامهم على الطريق السابلة، يجيزون، في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية التي هي من بناء : الجن، في زمن نبي الله سليمان بن داود، عليهما السلام، أو من بناء : ذي القرنين، أو من بناء غيره، مما يؤذن بالتقدم، على ما نقلناه، في كتاب : تاريخ دمشق، وهو الباب الشمالي ؛ ذكر لهم بعض : من لا يوثق به، في شهور سنة ست وثلاثين وستمائة، أنه رأى مناماً، يقتضي : أن ذلك المكان، دفن فيه بعض أهل البيت ؛ وقد أخبرني عنه ثقة : أنه اعترف له أنه افتعل ذلك، فقطعوا طريق المارة فيه، وجعلوا الباب بكماله مسجداً مغصوباً، وقد كان الطريق يضيق بسالكيه، فتضاعف الضيق والحرج ؛ على من دخل، ومن خرج، ضاعف الله نكال من تسبب في بنائه، وأجزل ثواب من أعان على هدمه وإزالة اعتدائه اتباعاً لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدم الضرار مسجد الضرار، انتهى كلامه .
يتبع...