ابوفهد
29-11-2002, 11:39 PM
هذه خطبة اليوم الجمعة الموافق 24 / 9 / 1423 هـ والتي ألقاها فضيلة الشيخ محمد عبد الله الهبدان نسأل الله أن ينفع بها .
اتمنى ممن فتح الموضوع ان يقرأها كامله ففيها خير كثير باذن الله..
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلمون : حملات مسعورة ، وهجمات مقصودة ، تتابع كالسيل ، وتتوالى كالليل ، من قبل أناس من بني جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ، ويعيشون بيننا ، لتغريب البلاد ، ونشر الفساد، والصد عن سبيل الله تعالى ..واتخذوا في تحقيق ذلك غطاء الترفيه والترويح والتسلية .. فنشأ بسببهم سلوكيات خاطئة ، وأخلاقيات فجة ، وتوجهات فكرية مشبوهة ،وظهرت منكرات لم تكن معهودة في هذه البلاد التي تعد مهوى أفئدة المؤمنين ، ومهبط الوحي من رب العالمين ، وفيها قبلة المسلمين ..فمن تلك الأحداث المأساوية ، والتي تنذر بشرر كالقصر ..ما يحدث في أيام الأعياد ..والتي قلبتها من أيام سرور وفرح ، إلى أيام حزن وترح ، وأصبح الناس يتوجسون خيفة ..بل أصبحت أيام الأعياد هماً جاثماً على قلوب الغيورين على أعراض أمتهم ..فهم يتحسرون على ذلك البذخ الفاحش الذي يحصل في احتفالات العيد ..وهو أمر محرم بنص القرآن ..يقول الله تعالى :{ ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }ويقول سبحانه :{ ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشيطان وكان الشيطان لربه كفورا }
أيها المسلمون : وليت الأمر توقف عند هذا لهان الأمر وما هو بهين ورب الكعبة ..لكن الطامة الكبرى ..والبلية العظمى ..ما يصاحب تلك الاحتفالات من ضياع أخلاقي كبير من خلال مشاهد متعددة ..
فمن تضييع لأعظم شعار الدين بعد الشهادتين ..ألا وهي الصلاة ..ومروراً بأصوات الموسيقى الصاخبة ..وانتهاء باختلاط الرجال بالنساء ..بشكل مقزز للنفوس المؤمنة ..
وقد رأيت من تبعات الاختلاط ما يندى له الجبين ..بل وتحدثت عنه الصحف في ذلك الحين ..تحدثت عما فعله الشباب من نزع العباءات والتراقص مع النساء بالقوة ..وما فعلوه من محاولة انتزاع القبل من أفواههن وخدودهن ..إن اختلاط الرجال بالنساء تحت أي مسمى ..إنما هو مستنقع للرذيلة ..ووسيلة للفاحشة ..وبوابة للفتنة ..
بل هي شرارتها الأولى .. الفاحشة ..وشرارتها الثارات القبلية .. والحروب الأهلية ، لأن العبث بالأعراض لعب بالنار ..
أرى خلل الرماد وميض نار ........... ويوشك أن يكون له اضطرام
فإن النار بالعودين تذكـى .............. وإن الحرب مبدؤها كـلام
أيها المسلمون : وهؤلاء لن يتوقفوا عند حد ..بل هم في كل يوم يبتكرون حيلة ، ويختريعون وسيلة ، فقد كانت البداية مقتصرة على احتفال تقيمه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمنطقة قصر الحكم تقام فيه العرضة فقط ، واحتفال آخر تنظمه الأمانة بحي الملز تقام فيه العرضة ولا يحضرها سواء الرجال !!ومنذ ذلك الحين إلى العام الماضي والأمر في ازدياد من سوء إلى أسوء وبشكل فظيع فقد دعيت المرأة رسمياً لحضور تلك الاحتفالات عبر وسائل الإعلام المختلفة باسم الترفيه عن العائلات ..ثم تطور الأمر إلى المطالبة بمشاركة الجاليات العربية كاللبنانية والسورية في تلك الاحتفالات ، وتقديم رقصات خاصة بهم على أنغام الموسيقى والغناء الفاضح ..ثم أنشئت مسارح كبيرة في الهواء الطلق ، واستقدم بعض سفلة الممثلين للالتقاء بالجنسين ، وتقديم الفقرات السخيفة ..ثم زاد البلاء بلاء فبدلاً أن تكون هذه العروض قاصرة على أماكنها تطور الأمر إلى بث الغناء الصاخب عبر مكبرات الصوت المدوية ، ووسط تغطية تلفازية لعدد من القنوات الفضائية ..وكل أمتى معافى إلا المجاهرون ..يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن من شرار الناس المجاهرين .قالوا يا رسول الله : وما المجاهرون ؟ قال :" الذي يذنب الذنب بالليل فيستره الله عليه فيصبح فيحدث به الناس فيقول فعلت البارحة كذا وكذا فيهتك ستر الله عنه "
وأي تصرف أهوج يفعلون ..يرتكبون ما حرم الله تعالى ثم يشهدون الخلق على أنفسهم!! فنسأل الله السلامة والعافية .
إيها المسلمون : إن هؤلاء يعرضون أمتهم لحلول العقوبات الإلهية ..والكوارث الربانية ..يقول الله تعالى :{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا } وقد تكاثرت أماكن الغناء والعصيان في كل مكان ..فبدلاً من أحياء تلك الليالي بشكر الله تعالى على إتمام الصيام والقيام جاهر هؤلاء بالعصيان ومخالفة الرحمن ، يقول الله تعالى :{و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون }
وإنني لأخشى والله إن استمر الوضع على هذا الحال ..أن يقلب الله أمننا خوفاً ، وغنانا فقرا ، وعزنا ذلا ..لأنه ليس بيننا وبين الله حسب ولا نسب ..إنما هو هذا الدين ..إن أقمناه سلمنا وغنمنا في الدنيا والآخرة ، وإن نحن فرطنا به وتركناه عرضنا أنفسنا للعقوبات الألهية .
أيها المسلمون : إن هذه الاحتفالات بشكلها الحالي ، وما تتضمنه من غناء واختلاط فاحش وتبذير مذموم لهي احتفالات محرمة ، يحرم تنظيمها أو حضورها أو المشاركة فيها وقد أفتت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله بتحريم هذه الاحتفالات ..وإليكم بيانها :
يقول السائل : تقام لدنيا في الأعياد خاصة بعد شهر رمضان ما يسمى بالعرضات الشعبية التي يجتمع فيها الناس ويضربون الطبول فيها حتى ساعة متأخرة من الليل وتستخدم فيها مكبرات الصوت التي تزعج السكان القريبين من مكان الاحتفال ؟ وهذه الاحتفالات ينفق عليها الكثير من الأموال في شراء الذبائح والمأكولات والمشروبات وجلب الفرق التي تقوم بضرب الطبول ونحوها ؟ نرجو إفادتنا عن حكم شرعية ممارسة هذه الأعمال أو المساهمة في إقامتها ..وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ؟
والجواب : وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن العرضة الشعبية التي تقام في يوم عيد الفطر بضرب الطبول إلى وقت متأخر من الليل وإنفاق الأموال فيها عمل منكر لاسيما وأنها بعد شهر عبادة عظيمة وهو شهر رمضان المبارك فينبغي منع إقامة العرضات الشعبية المشتملة على ما ذكر وبالله التوفيق .
أيها المسلمون : إذا كانت اللجنة تحرم هذه الاحتفالات لاشتمالها على العرضات الشعبية وقرع الطبول فكيف يكون الحال إذاً ، وقد تطور الأمر إلى الاختلاط والتفسخ ؟ كيف يكون الحال إذن مع الغناء والطرب واستقدام الممثلين والممثلات ؟
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية:
أيها الأخوة الفضلاء : إن في ديننا فسحة ..فالعيد مناسبة شرعية سعيدة ..يفرح بها المسلمون ويسعدون ، ويوسعون على الأهل والأولاد ..ولكننا محكومون بضوابط شرعية لا يجوز أن نحيد عنها باسم الفرح بالعيد ..فالذي أمرنا بالفرح بالعيد هو الذي نهانا عن الاختلاط والغناء والتبرج والسفور ..وهو الذي منع البذخ والإسراف والتبذير ..وهي محرمات أبدية في الأعياد وغيرها ..
أيها المسلمون : هذه بعض البدائل ..والمقترحات ..والتي يمكن من خلالها الاستغناء عن تلك المهرجانات المحرمة ..وتحقق الهدف المقصود من إدخال الفرحة في قلوب الناس ، وبعث السرور في نفوسهم ..فمن ذلك :
أولاً : أن يقوم أئمة المساجد في أحيائهم باستغلال خيمة الإفطار والأراضي البيضاء المجاورة لهم فيجهزونها بالتعاون مع جماعة المسجد والمحسنين لعمل احتفالات العيد لعدة أيام ، وأن يجتهدوا في توفير الفقرات المناسبة من لعب أطفال ومسابقات ونحوها .
وربما كانت التجربة في مراحلها الأولى متواضعة ، وفيها شيء من القصور ..لكنها مع الوقت ، وبهمم الشباب وتعاونهم بعد توفيق الله ستصبح أكثر جاذبية ، وأبلغ أثراً بإذن الله تعالى .
وتكلفة ثلاثة أيام في العيد ستقل كثيراً عن تكلفة تفطير عشرات الصائمين لثلاثين يوماً ..أليس كذلك ؟ خاصة والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم " فهلا أنفقتم لإدخال الفرحة والبهجة في قلوب المؤمنين .
ثانياً : أن يتم التنسيق بين المؤسسات الخيرية ومكاتب الدعوة التعاونية لإقامة المخيمات الاحتفالية وعمل الاستعدادات اللازمة لها ، ودعوة الناس للمشاركة فيها أسوة بمخيمات الصيف التي تتزامن مع ما يسمى بالتنشيط السياحي .
ثالثاً : على الشباب الصالح في كل مكان أن يقوموا بدور فاعل في جذب الناس إلى البديل المباح من خلال استئجار أكبر عدد ممكن من الاستراحات البارزة في أنحاء مختلفة ومناطق متعددة ووضع برامج ترفيهية بأسلوب جذاب وطريقة مدروسة وتبادل الأفكار والاقتراحات وعقد جلسات خاصة لوضع البرامج قبل الأعياد بفترة كافية .
رابعاً : على مدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية القيام ببعض الأنشطة النسائية في الاستراحات ودعوة الناس إليها والتجربة السابقة أثبتت نجاحها ورغبة الناس فيها .
خامساً : على أهل الخير والإحسان من تجارنا أن يقوموا بدورهم ، وأن يؤدوا رسالتهم في خدمة المجتمع من خلال صناعة الترفيه الشرعي ..فإلى متى يظل شرذمة ممن لهم أغراض فاسدة يتحكمون بصناعة الترفيه ويجبرون الناس على أمر هم له كارهون ..وأقول لكم بكل ثقة إن إقامة أماكن للترفيه خالية من المحاذير ستحقق لكم مكاسب أشبه بالخيال فإن نسبة المحافظين في المجتمع تقارب الثمانين بالمائة ..وكل هؤلاء أن توفر لهم البديل الشرعي فإنهم سيجدون فيه متنفساً لهم ولأهلهم وأبناءهم فهل تجد هذه الكلمات صدوراً رحبة ؟ هذا ما نرجوه .
سادساً : ينبغي لفئة من الشباب أن تتواجد بكثافة في أماكن الاحتفالات الرسمية وغيرها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد السفهاء ومناصحة النساء المتبرجات ودعوة الشباب المنحرف بأسلوب حكيم ، وطرق مناسبة ، وإلا فإن ترك الحبل على الغارب لأولئك سيؤدي إلى مزيد من الإسفاف والمسالك الخلقية الخطيرة .
أيها المسلمون : يجب أن تتحركوا لعلاج قضاياكم ، وحل مشكلاتكم ، فكما قيل في المثل العربي : ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك ،وإن تخل الجميع عن المساهمة في حل المشاكل فإن هذا معناه مزيد من المنكرات والمضايقة في حياتكم فتعاونوا على البر والتقوى وكونوا يداً واحدة أمام العابثين ،وليساهم كل واحد منكم بما يستطيع ..صاحب المال بماله ..وصاحب الفكر بفكره ..وصاحب العمل بعمله ..وبهذا التكاتف والتلاحم والتعاون سيتغير المسار بإذن الواحد القهار ويجد الناس بغيتهم ويحصلوا مقصدهم ويسعدوا في حياتهم .
وأخيراً ..إن لنا في ولاة الأمر كبير أمل وعظيم رجاء بعد الله تعالى في تفهم قضيتنا ..
فلمصلحة من تساق الأمة إلى حياة الدعة واللهو والترف ..ومجالس الرقص والطرب وساحات الاختلاط والمجون ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في تأمين الوظائف لعشرات آلاف من الشباب العاطلين ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في استكمال البنى التحتية في كثير من المناطق والجهات كشق الطرق وتأمين الكهرباء وإيصال المياه ، وتصريف السيول إضافة للمدارس والمستشفيات ونحوها .
يا ولاة الأمر : لقد رأيتم وشاهدتم حالة الفقراء البؤساء وما يعانونه ..ألا تنكسر قلوب هؤلاء عند رأيت هذه الأموال تبعثر بهذه الطريقة وهم لا يجدون ما يسدون به جوع بطونهم ..أو يشترون به ثوباً جديداً يفرحون به ليوم عيدهم ..ألا تتأثر نفوسهم ..أن تنفق هذه الأموال في مثل هذه الأمور ..وهم يعيشون تحت وطأة الديون القاتلة ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في دفع الجوائح والمصائب عن المتضررين بدلاً من إلزام الناس بالتأمين المحرم شرعاً ؟!!
يا ولاة الأمر أيليق أن تشغل الأمة باحتفالات تجاوزت حدود الشرع والأدب والذوق العام بينما إخوة لنا تبقر بطونهم، وتسفك دماؤهم ، وتنتهك أعراضهم في فلسطين وفوق جبال الأفغان والشيشان على أيدي جبابرة العالم وشذاذ الآفاق ..
لقد آن الأوان أن يربى الشعب على هجر حياة الدعة والعبث وتتجنب خيار اللهو واللعب ، و أن يهيأ لمواجهة عدوه المتربص به من كل جانب ، فجيوش الصلبان وبني صهيون لا تقاوم بالمفرقعات النارية ، ولا بالمسارح العلنية ، ولا بامتهان المرأة وإقحامها في أماكن مشبوهة ومراتع موبوءة .
العدو يواجه ويقاوم ويكبت ويدافع بالإيمان بالله وحده ، وإعداد العدة الممكنة ، وصناعة الشباب المجاهد ، وصيانة المرأة عن الابتذال والإسفاف !
وكلنا بعد الله أمل في حكمة القيادة وحسن تفهمها وحرصها على ما فيه رضى الله ومصالح الشعب الذي أو تمنوا على قيادته بكتاب الله وسنة رسوله وبويعوا على ذلك .
اللهم أصلح أحوال المسلمين ..
ملاحظة :
رقم هاتف إدارة التشغيل والصيانة المسؤلة عن الاحتفال هو / 2068125 فاكس 4791416 لمن يرغب بالانكار والنصح ......
وفق الله شيخنا ابا عبدالله وجعلها في موازين حسناته
أســــأل المولى عز وجل ان يحميه من كيد المنافقين
وللجميع خالص تحياتي
اتمنى ممن فتح الموضوع ان يقرأها كامله ففيها خير كثير باذن الله..
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلمون : حملات مسعورة ، وهجمات مقصودة ، تتابع كالسيل ، وتتوالى كالليل ، من قبل أناس من بني جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ، ويعيشون بيننا ، لتغريب البلاد ، ونشر الفساد، والصد عن سبيل الله تعالى ..واتخذوا في تحقيق ذلك غطاء الترفيه والترويح والتسلية .. فنشأ بسببهم سلوكيات خاطئة ، وأخلاقيات فجة ، وتوجهات فكرية مشبوهة ،وظهرت منكرات لم تكن معهودة في هذه البلاد التي تعد مهوى أفئدة المؤمنين ، ومهبط الوحي من رب العالمين ، وفيها قبلة المسلمين ..فمن تلك الأحداث المأساوية ، والتي تنذر بشرر كالقصر ..ما يحدث في أيام الأعياد ..والتي قلبتها من أيام سرور وفرح ، إلى أيام حزن وترح ، وأصبح الناس يتوجسون خيفة ..بل أصبحت أيام الأعياد هماً جاثماً على قلوب الغيورين على أعراض أمتهم ..فهم يتحسرون على ذلك البذخ الفاحش الذي يحصل في احتفالات العيد ..وهو أمر محرم بنص القرآن ..يقول الله تعالى :{ ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }ويقول سبحانه :{ ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشيطان وكان الشيطان لربه كفورا }
أيها المسلمون : وليت الأمر توقف عند هذا لهان الأمر وما هو بهين ورب الكعبة ..لكن الطامة الكبرى ..والبلية العظمى ..ما يصاحب تلك الاحتفالات من ضياع أخلاقي كبير من خلال مشاهد متعددة ..
فمن تضييع لأعظم شعار الدين بعد الشهادتين ..ألا وهي الصلاة ..ومروراً بأصوات الموسيقى الصاخبة ..وانتهاء باختلاط الرجال بالنساء ..بشكل مقزز للنفوس المؤمنة ..
وقد رأيت من تبعات الاختلاط ما يندى له الجبين ..بل وتحدثت عنه الصحف في ذلك الحين ..تحدثت عما فعله الشباب من نزع العباءات والتراقص مع النساء بالقوة ..وما فعلوه من محاولة انتزاع القبل من أفواههن وخدودهن ..إن اختلاط الرجال بالنساء تحت أي مسمى ..إنما هو مستنقع للرذيلة ..ووسيلة للفاحشة ..وبوابة للفتنة ..
بل هي شرارتها الأولى .. الفاحشة ..وشرارتها الثارات القبلية .. والحروب الأهلية ، لأن العبث بالأعراض لعب بالنار ..
أرى خلل الرماد وميض نار ........... ويوشك أن يكون له اضطرام
فإن النار بالعودين تذكـى .............. وإن الحرب مبدؤها كـلام
أيها المسلمون : وهؤلاء لن يتوقفوا عند حد ..بل هم في كل يوم يبتكرون حيلة ، ويختريعون وسيلة ، فقد كانت البداية مقتصرة على احتفال تقيمه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمنطقة قصر الحكم تقام فيه العرضة فقط ، واحتفال آخر تنظمه الأمانة بحي الملز تقام فيه العرضة ولا يحضرها سواء الرجال !!ومنذ ذلك الحين إلى العام الماضي والأمر في ازدياد من سوء إلى أسوء وبشكل فظيع فقد دعيت المرأة رسمياً لحضور تلك الاحتفالات عبر وسائل الإعلام المختلفة باسم الترفيه عن العائلات ..ثم تطور الأمر إلى المطالبة بمشاركة الجاليات العربية كاللبنانية والسورية في تلك الاحتفالات ، وتقديم رقصات خاصة بهم على أنغام الموسيقى والغناء الفاضح ..ثم أنشئت مسارح كبيرة في الهواء الطلق ، واستقدم بعض سفلة الممثلين للالتقاء بالجنسين ، وتقديم الفقرات السخيفة ..ثم زاد البلاء بلاء فبدلاً أن تكون هذه العروض قاصرة على أماكنها تطور الأمر إلى بث الغناء الصاخب عبر مكبرات الصوت المدوية ، ووسط تغطية تلفازية لعدد من القنوات الفضائية ..وكل أمتى معافى إلا المجاهرون ..يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن من شرار الناس المجاهرين .قالوا يا رسول الله : وما المجاهرون ؟ قال :" الذي يذنب الذنب بالليل فيستره الله عليه فيصبح فيحدث به الناس فيقول فعلت البارحة كذا وكذا فيهتك ستر الله عنه "
وأي تصرف أهوج يفعلون ..يرتكبون ما حرم الله تعالى ثم يشهدون الخلق على أنفسهم!! فنسأل الله السلامة والعافية .
إيها المسلمون : إن هؤلاء يعرضون أمتهم لحلول العقوبات الإلهية ..والكوارث الربانية ..يقول الله تعالى :{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا } وقد تكاثرت أماكن الغناء والعصيان في كل مكان ..فبدلاً من أحياء تلك الليالي بشكر الله تعالى على إتمام الصيام والقيام جاهر هؤلاء بالعصيان ومخالفة الرحمن ، يقول الله تعالى :{و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون }
وإنني لأخشى والله إن استمر الوضع على هذا الحال ..أن يقلب الله أمننا خوفاً ، وغنانا فقرا ، وعزنا ذلا ..لأنه ليس بيننا وبين الله حسب ولا نسب ..إنما هو هذا الدين ..إن أقمناه سلمنا وغنمنا في الدنيا والآخرة ، وإن نحن فرطنا به وتركناه عرضنا أنفسنا للعقوبات الألهية .
أيها المسلمون : إن هذه الاحتفالات بشكلها الحالي ، وما تتضمنه من غناء واختلاط فاحش وتبذير مذموم لهي احتفالات محرمة ، يحرم تنظيمها أو حضورها أو المشاركة فيها وقد أفتت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله بتحريم هذه الاحتفالات ..وإليكم بيانها :
يقول السائل : تقام لدنيا في الأعياد خاصة بعد شهر رمضان ما يسمى بالعرضات الشعبية التي يجتمع فيها الناس ويضربون الطبول فيها حتى ساعة متأخرة من الليل وتستخدم فيها مكبرات الصوت التي تزعج السكان القريبين من مكان الاحتفال ؟ وهذه الاحتفالات ينفق عليها الكثير من الأموال في شراء الذبائح والمأكولات والمشروبات وجلب الفرق التي تقوم بضرب الطبول ونحوها ؟ نرجو إفادتنا عن حكم شرعية ممارسة هذه الأعمال أو المساهمة في إقامتها ..وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ؟
والجواب : وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن العرضة الشعبية التي تقام في يوم عيد الفطر بضرب الطبول إلى وقت متأخر من الليل وإنفاق الأموال فيها عمل منكر لاسيما وأنها بعد شهر عبادة عظيمة وهو شهر رمضان المبارك فينبغي منع إقامة العرضات الشعبية المشتملة على ما ذكر وبالله التوفيق .
أيها المسلمون : إذا كانت اللجنة تحرم هذه الاحتفالات لاشتمالها على العرضات الشعبية وقرع الطبول فكيف يكون الحال إذاً ، وقد تطور الأمر إلى الاختلاط والتفسخ ؟ كيف يكون الحال إذن مع الغناء والطرب واستقدام الممثلين والممثلات ؟
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية:
أيها الأخوة الفضلاء : إن في ديننا فسحة ..فالعيد مناسبة شرعية سعيدة ..يفرح بها المسلمون ويسعدون ، ويوسعون على الأهل والأولاد ..ولكننا محكومون بضوابط شرعية لا يجوز أن نحيد عنها باسم الفرح بالعيد ..فالذي أمرنا بالفرح بالعيد هو الذي نهانا عن الاختلاط والغناء والتبرج والسفور ..وهو الذي منع البذخ والإسراف والتبذير ..وهي محرمات أبدية في الأعياد وغيرها ..
أيها المسلمون : هذه بعض البدائل ..والمقترحات ..والتي يمكن من خلالها الاستغناء عن تلك المهرجانات المحرمة ..وتحقق الهدف المقصود من إدخال الفرحة في قلوب الناس ، وبعث السرور في نفوسهم ..فمن ذلك :
أولاً : أن يقوم أئمة المساجد في أحيائهم باستغلال خيمة الإفطار والأراضي البيضاء المجاورة لهم فيجهزونها بالتعاون مع جماعة المسجد والمحسنين لعمل احتفالات العيد لعدة أيام ، وأن يجتهدوا في توفير الفقرات المناسبة من لعب أطفال ومسابقات ونحوها .
وربما كانت التجربة في مراحلها الأولى متواضعة ، وفيها شيء من القصور ..لكنها مع الوقت ، وبهمم الشباب وتعاونهم بعد توفيق الله ستصبح أكثر جاذبية ، وأبلغ أثراً بإذن الله تعالى .
وتكلفة ثلاثة أيام في العيد ستقل كثيراً عن تكلفة تفطير عشرات الصائمين لثلاثين يوماً ..أليس كذلك ؟ خاصة والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم " فهلا أنفقتم لإدخال الفرحة والبهجة في قلوب المؤمنين .
ثانياً : أن يتم التنسيق بين المؤسسات الخيرية ومكاتب الدعوة التعاونية لإقامة المخيمات الاحتفالية وعمل الاستعدادات اللازمة لها ، ودعوة الناس للمشاركة فيها أسوة بمخيمات الصيف التي تتزامن مع ما يسمى بالتنشيط السياحي .
ثالثاً : على الشباب الصالح في كل مكان أن يقوموا بدور فاعل في جذب الناس إلى البديل المباح من خلال استئجار أكبر عدد ممكن من الاستراحات البارزة في أنحاء مختلفة ومناطق متعددة ووضع برامج ترفيهية بأسلوب جذاب وطريقة مدروسة وتبادل الأفكار والاقتراحات وعقد جلسات خاصة لوضع البرامج قبل الأعياد بفترة كافية .
رابعاً : على مدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية القيام ببعض الأنشطة النسائية في الاستراحات ودعوة الناس إليها والتجربة السابقة أثبتت نجاحها ورغبة الناس فيها .
خامساً : على أهل الخير والإحسان من تجارنا أن يقوموا بدورهم ، وأن يؤدوا رسالتهم في خدمة المجتمع من خلال صناعة الترفيه الشرعي ..فإلى متى يظل شرذمة ممن لهم أغراض فاسدة يتحكمون بصناعة الترفيه ويجبرون الناس على أمر هم له كارهون ..وأقول لكم بكل ثقة إن إقامة أماكن للترفيه خالية من المحاذير ستحقق لكم مكاسب أشبه بالخيال فإن نسبة المحافظين في المجتمع تقارب الثمانين بالمائة ..وكل هؤلاء أن توفر لهم البديل الشرعي فإنهم سيجدون فيه متنفساً لهم ولأهلهم وأبناءهم فهل تجد هذه الكلمات صدوراً رحبة ؟ هذا ما نرجوه .
سادساً : ينبغي لفئة من الشباب أن تتواجد بكثافة في أماكن الاحتفالات الرسمية وغيرها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد السفهاء ومناصحة النساء المتبرجات ودعوة الشباب المنحرف بأسلوب حكيم ، وطرق مناسبة ، وإلا فإن ترك الحبل على الغارب لأولئك سيؤدي إلى مزيد من الإسفاف والمسالك الخلقية الخطيرة .
أيها المسلمون : يجب أن تتحركوا لعلاج قضاياكم ، وحل مشكلاتكم ، فكما قيل في المثل العربي : ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك ،وإن تخل الجميع عن المساهمة في حل المشاكل فإن هذا معناه مزيد من المنكرات والمضايقة في حياتكم فتعاونوا على البر والتقوى وكونوا يداً واحدة أمام العابثين ،وليساهم كل واحد منكم بما يستطيع ..صاحب المال بماله ..وصاحب الفكر بفكره ..وصاحب العمل بعمله ..وبهذا التكاتف والتلاحم والتعاون سيتغير المسار بإذن الواحد القهار ويجد الناس بغيتهم ويحصلوا مقصدهم ويسعدوا في حياتهم .
وأخيراً ..إن لنا في ولاة الأمر كبير أمل وعظيم رجاء بعد الله تعالى في تفهم قضيتنا ..
فلمصلحة من تساق الأمة إلى حياة الدعة واللهو والترف ..ومجالس الرقص والطرب وساحات الاختلاط والمجون ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في تأمين الوظائف لعشرات آلاف من الشباب العاطلين ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في استكمال البنى التحتية في كثير من المناطق والجهات كشق الطرق وتأمين الكهرباء وإيصال المياه ، وتصريف السيول إضافة للمدارس والمستشفيات ونحوها .
يا ولاة الأمر : لقد رأيتم وشاهدتم حالة الفقراء البؤساء وما يعانونه ..ألا تنكسر قلوب هؤلاء عند رأيت هذه الأموال تبعثر بهذه الطريقة وهم لا يجدون ما يسدون به جوع بطونهم ..أو يشترون به ثوباً جديداً يفرحون به ليوم عيدهم ..ألا تتأثر نفوسهم ..أن تنفق هذه الأموال في مثل هذه الأمور ..وهم يعيشون تحت وطأة الديون القاتلة ؟
أليس من الأولى أن تنفق هذه الأموال في دفع الجوائح والمصائب عن المتضررين بدلاً من إلزام الناس بالتأمين المحرم شرعاً ؟!!
يا ولاة الأمر أيليق أن تشغل الأمة باحتفالات تجاوزت حدود الشرع والأدب والذوق العام بينما إخوة لنا تبقر بطونهم، وتسفك دماؤهم ، وتنتهك أعراضهم في فلسطين وفوق جبال الأفغان والشيشان على أيدي جبابرة العالم وشذاذ الآفاق ..
لقد آن الأوان أن يربى الشعب على هجر حياة الدعة والعبث وتتجنب خيار اللهو واللعب ، و أن يهيأ لمواجهة عدوه المتربص به من كل جانب ، فجيوش الصلبان وبني صهيون لا تقاوم بالمفرقعات النارية ، ولا بالمسارح العلنية ، ولا بامتهان المرأة وإقحامها في أماكن مشبوهة ومراتع موبوءة .
العدو يواجه ويقاوم ويكبت ويدافع بالإيمان بالله وحده ، وإعداد العدة الممكنة ، وصناعة الشباب المجاهد ، وصيانة المرأة عن الابتذال والإسفاف !
وكلنا بعد الله أمل في حكمة القيادة وحسن تفهمها وحرصها على ما فيه رضى الله ومصالح الشعب الذي أو تمنوا على قيادته بكتاب الله وسنة رسوله وبويعوا على ذلك .
اللهم أصلح أحوال المسلمين ..
ملاحظة :
رقم هاتف إدارة التشغيل والصيانة المسؤلة عن الاحتفال هو / 2068125 فاكس 4791416 لمن يرغب بالانكار والنصح ......
وفق الله شيخنا ابا عبدالله وجعلها في موازين حسناته
أســــأل المولى عز وجل ان يحميه من كيد المنافقين
وللجميع خالص تحياتي