المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درري في رمضان 18/9/1429 هـ ( طائر الدرر )



طائر الدرر
18-09-2008, 10:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع اليوم عن الصبر

الصبر هو نصف الإيمان، وذلك لأن الإيمان نصفه صبر والنصف الآخر شكر، وقد ذُكِر الصبر

في القرآن في تسعين موضعاً في موطن المدح والثناء والأمر به، وهو واجب بإجماع الأمة، وهو أنواع:

1. الصبر على طاعة الله، وهو أفضلها.

2. الصبر عن معصية الله عز وجل، وهو يلي النوع الأول في الفضل.

3. الصبر على امتحان الله عز وجل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب، وبيعه، وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، ولا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، أما صبره عن المعصية، فصبر اختيار ورضا، ومحاربة النفس، ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة، فإنه كان شاباً، وداعية الشباب إليها قوية، وعَزَباً ليس له ما يعوضه ويبرد شهوته، وغريباً والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه مَنْ بين أصحابه ومعارفه وأهله، ومملوكاً والمملوك أيضاً ليس له وازع كوازع الحر، والمرأة جميلة، وذات منصب، وهي سيدته، وقد غاب الرقيب، وهي الداعية له إلى نفسها، والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار، ومع هذه الدواعي كلها صبر اختياراً وإيثاراً لما عند الله، وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه؟!

وكان يقول: الصبر على أداء الطاعات أكمل من الصبر على اجتناب المحرَّمات وأفضل، فإن مصلحة فعل الطاعة أحب إلى الشارع من مصلحة ترك المعصية، ومفسدة عدم الطاعة أبغض إليه وأكره من مفسدة وجود المعصية).1

وما قاله شيخ الإسلام هو الحق، فقد قرن الله بين الصبر والإيمان والعمل، حيث قال في سورة العصر: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"، ولهذا قال الشافعي رحمه الله: لو لم ينزل من القرآن إلا هذه السورة لكانت كافية وحجة على الأمة.

والدليل على ذلك أن كثيراً من الخلق يسهل عليهم الصبر على المصائب والبلايا وعن المعاصي، ولكن قليل منهم من يصبر على طاعة الله عز وجل، بل من الناس من يصبر على المعاصي ويتحمل من أجلها ما لا يتحمل معشار معشاره على طاعة الله عز وجل.

قال المزني رحمه الله: (سمعتُ الشافعي رحمه الله يقول: رأيتُ بالمدينة ـ المنورة ـ أربع عجائب، رأيتُ جَدَّة بنت إحدى وعشرين سنة، ورأيتُ رجلاً فلسه القاضي في مدين نَوَى، ورأيتُ شيخاً قد أتى عليه تسعون سنة، يدور نهاره أجمع حافياً راجلاً على القينات يعلمهن الغناء، فإذا أتى الصلاة صلى قاعداً، ونسيتُ الرابعة).2

وشاهدنا في قوله: "ورأيتُ شيخاً قد أتى عليه تسعون.." إلخ.

وما تعجب منه الشافعي، وحق له أن يعد ذلك من العجائب، مُشاهَد، فإنك تجد البائع واقفاً في سوقه من الصباح إلى المساء لا يفتر ولا يقعد، وكذلك مشجع الكرة يقف على رجل واحدة ويصيح بملء فيه ويدخل الملعب قبل ثلاث ساعات من موعد المباراة، وتجد الفنان يقيم الحفلة إلى مشارف الصبح، والمصلي يخرج من المسجد يقف يتكلم في أمور الدنيا الساعة والساعتين، وغيرُهم كثير، فإذا استغرقت الصلاة ربع ساعة، أواطمأن الإمامُ في ركوعه وسجوده قليلاً، قامت الدنيا ولم تقعد، وتضجَّر الناسُ، واشتكوا، ومنهم من يشكو الإمام إلى المسؤولين وإلى لجنة المسجد، ورفع في وجه الإمام كلمة الحق التي يريدون بها باطلاً: "من أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف.." الحديث.

وكأن الصحابة رضوان الله عليهم الذين كان يؤمهم الرسول صلى الله عليه وسلم في المغرب أحياناً بالأعراف والصافات، والذين أمهم أبوبكر الصديق مرة بالبقرة كلها في صلاة الصبح، والذين كثيراً ما كان يؤمهم عمر في الصبح بيوسف، وهود، والنحل، ليس فيهم مريض ولا ضعيف؟

وتثريب الرسول صلى الله عليه وسلم على معاذ رضي الله عنه لأنه كان يصلي معه العشاء ثم يذهب ليؤم قومه بعد ذلك، وقد أمهم يوماً بالبقرة في الركعة الأولى من العشاء، وبالقمر في الثانية، وعندما خرج أعرابي من صلاته نال منه معاذ بأنه منافق! ومن أجل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال.

اعلم أخي الكريم أن الخشوع في الصلاة هو سرها ومقصودها، وأن الاطمئنان في الركوع والسجود هو فرض في الصلاة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمن لم يطمئن في صلاته حيث كان ينقرها كما ينقر الديك الحب، وكما يفعل ذلك كثير من المصلين اليوم: "صلِّ، فإنك لم تصلِّ" ثلاث مرات، وقد جاء في الأثر: "كم من مصلٍّ سبعين ـ وفي رواية ثمانين ـ سنة، ليس له من صلاته شيء، ربما أكمل ركوعها ولم يكمل سجودها، أوأكمل سجودها ولم يكمل ركوعها".

واللهَ أسألُ أن يرزقنا الصبر على الطاعة، وأن يحبِّب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا وجميع إخواننا المسلمين من الراشدين، ونسألك اللهم حبَّك، وحبَّ من يحبك، وحبَّ عمل يقرِّبنا إلى حبك،

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ألنشمي
18-09-2008, 12:03 PM
000
00
0

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خيرا اخي الغالي طائر الدرر

وكتب لك الاجر والثواب



واللهَ أسألُ أن يرزقنا الصبر على الطاعة، وأن يحبِّب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا وجميع إخواننا المسلمين من الراشدين، ونسألك اللهم حبَّك، وحبَّ من يحبك، وحبَّ عمل يقرِّبنا إلى حبك،

اللهم امين 000اللهم امين



نفع الله بهذا الطرح القيم




دمت بحفظ الرحمن

أبو الخنساء
18-09-2008, 10:56 PM
جزلك الله خيرا اخي في الله طائر الدرر على طرحك الرائع

اسأل الله ان يكتب لك الاجر والمثوبة ويبارك في جهودك ويجعلك مباركا اين ما كنت

بحق موضوع رائع

نعم اخي كم نحن بحاجة الى الصبر ونحن في شهر الصبر

حري بالمسلم ان يربي نفسه على الصبر في هذا الشهر الفضيل

فالنفوس مقبلة على الخير والمحرض على المعصية مصفد فعلينا ان نشعل في نفوسنا عمل الخير والصبر عليه حتى نتعود على ذلك وتألفه النفس وقبل ذلك يرتفع منسوب الايمان في القلب

اللهم ارزقنا صبرا على طاعتك وصبرا عن معصيتك

شكر الله لك اخي في الله جهدك