lonely girl
27-06-2008, 02:34 PM
بسم لله الرحمن الرحيم
> > والصلاه والسلام على اشرف الخلق اجمعين
> >
> > عبره
> >
> > ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها
> >
> > فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ... أثابك الله ...
> >
> > كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد...
> >
> > سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟
> >
> > وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ ...
> >
> > ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي ...
> >
> > أذن المؤذن لصلاة العشاء ...
> >
> > توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً ...
> >
> > وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء ...
> >
> > وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت ...
> >
> > وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة ...
> >
> > عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ...
> >
> > ومضى السؤال الأول والثاني والثالث ...
> >
> > هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال ...
> >
> > قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح ...
> >
> > لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث ...
> >
> > جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع ...
> >
> > وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر ...
> >
> > ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لاحول ولاقوة إلا بالله ...
> >
> > هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً ...
> >
> > بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب ...
> >
> > - إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر
> >
> > التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي
> >
> > ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب
> >
> > - نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي ...
> >
> > سكتورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه ...
> >
> > - إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم ...
> >
> > - كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً ...
> >
> > التحقنا بعمل واحد ...
> >
> > تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين ...
> >
> > رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن ...
> >
> > عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي ...
> >
> > اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة ...
> >
> > نذهب سوياً ونعود سوياً ...
> >
> > واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء ...
> >
> > - يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا ...
> >
> > خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما ..
> >
> > أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله ...
> >
> > أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله ...
> >
> > لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة ...
> >
> > راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه ...
> >
> > أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه ...
> >
> > وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة ...
> >
> > أما الشاب فقد أحاط به أقاربه ...
> >
> > فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً ...
> >
> > وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه ...
> >
> > سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو ...
> >
> > انصرف الجميع ...
> >
> > عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلاالله، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير ...
> >
> > وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته ...
> >
> > نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ...
> >
> > تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً ...
> >
> > يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه ...
> >
> > يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء ...
> >
> > انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه ...
> >
> > رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟
> >
> > - عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام ، وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ، رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ...
> >
> > - إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي ...
> >
> > قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه ...
> >
> > توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة ...
> >
> > لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً ...
> >
> > قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل ...
> >
> > أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد ، يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ، وجمعت القبور بينهما أمواتاً ...
> >
> > خرجتمن القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفر لهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما ...
> >
> > انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ، والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها ...
> >
> > وأخذت ادعو لهما بالرحمة والمغفرة
> > والصلاه والسلام على اشرف الخلق اجمعين
> >
> > عبره
> >
> > ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها
> >
> > فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ... أثابك الله ...
> >
> > كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد...
> >
> > سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟
> >
> > وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ ...
> >
> > ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي ...
> >
> > أذن المؤذن لصلاة العشاء ...
> >
> > توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً ...
> >
> > وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء ...
> >
> > وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت ...
> >
> > وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة ...
> >
> > عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ...
> >
> > ومضى السؤال الأول والثاني والثالث ...
> >
> > هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال ...
> >
> > قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح ...
> >
> > لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث ...
> >
> > جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع ...
> >
> > وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر ...
> >
> > ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لاحول ولاقوة إلا بالله ...
> >
> > هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً ...
> >
> > بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب ...
> >
> > - إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر
> >
> > التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي
> >
> > ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب
> >
> > - نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي ...
> >
> > سكتورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه ...
> >
> > - إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم ...
> >
> > - كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً ...
> >
> > التحقنا بعمل واحد ...
> >
> > تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين ...
> >
> > رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن ...
> >
> > عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي ...
> >
> > اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة ...
> >
> > نذهب سوياً ونعود سوياً ...
> >
> > واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء ...
> >
> > - يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا ...
> >
> > خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما ..
> >
> > أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله ...
> >
> > أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله ...
> >
> > لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة ...
> >
> > راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه ...
> >
> > أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه ...
> >
> > وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة ...
> >
> > أما الشاب فقد أحاط به أقاربه ...
> >
> > فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً ...
> >
> > وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه ...
> >
> > سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو ...
> >
> > انصرف الجميع ...
> >
> > عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلاالله، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير ...
> >
> > وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته ...
> >
> > نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ...
> >
> > تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً ...
> >
> > يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه ...
> >
> > يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء ...
> >
> > انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه ...
> >
> > رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟
> >
> > - عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام ، وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ، رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ...
> >
> > - إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي ...
> >
> > قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه ...
> >
> > توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة ...
> >
> > لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً ...
> >
> > قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل ...
> >
> > أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد ، يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ، وجمعت القبور بينهما أمواتاً ...
> >
> > خرجتمن القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفر لهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما ...
> >
> > انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ، والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها ...
> >
> > وأخذت ادعو لهما بالرحمة والمغفرة