المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع عناده ..يرفض تعليم ابناءه حتي لايتركونه ...معاناه واقعيه



الأخيــــــــر
18-10-2002, 11:35 PM
خارج النطاق العمراني والاحياء السكنية عاشت اسرة (غبيشان) مع عائلها داخل الصحراء طوال السبع عشرة سنة الماضية وما زالت هذه الأسرة المكونة من الاب والام وستة من الابناء تعيش في دهاليز الصحراء وبرغم توطين البادية التي انتهجها جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وقيام القيادة الرشيدة بتهيئة جميع الظروف الملائمة للسكن في المدن الحضرية وتقديم كافة الخدمات الضرورية الا ان غبيشان وهو في نهاية العقد السابع من العمر رفض جميع مغريات المدينة والحضارة وابى الا ان يعيش في منأى وعزلة بعيدا عن الناس وبعيدا عن كل وسيلة تجعله يقبل على حياة المدينة وتجعله يعيش في زمن المائة عام الماضية فمع تقدم الزمن ووسائل الحضارة والتنمية الشاملة وفي عصر التقدم العلمي رفض غبيشان دخول ابنائه المدارس ومن السكن داخل المدينة بل وحتى رفض وبشدة ومعارضة شديدة اصدار اثباتات شخصية لابنائه تاركا جميع الامور المستقبلية والمعيشية في علم الغيب بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى وتركهم للمستقبل المجهول.
"الرياض" قامت بزيارة لغبيشان واسرته داخل الصحراء وبرغبة ملحة من ابنائه ووالدتهم لنقل معاناتهم التي دامت اكثر من سبعة عشر عاما.
نقل المعاناة
كانت بداية الموضوع اثر مراجعات عدة لابناء غبيشان لمكتب "الرياض" بمحافظة رياض الخبراء بصحبة خالهم (كيفي) ونقلوا معاناة جميع افراد الاسرة وتذمرهم من تصرفات غبيشان وآرائه المتزمتة والمتشددة تجاه افراد الاسرة، ففي البداية تكونت لدي قناعة خاصة ان المسألة عائلية ويمكن احتواؤها داخل المحيط الاسري ولكن مع الاصرار الكبير للابناء ووالدتهم تفهمت مدى المعاناة التي يعيشونها طوال السنوات الماضية، وحددنا موعداً لزيارتهم داخل الصحراء وعندما جاء الموعد كان الجميع بالانتظار وبصحبتي احد زملائي فبعد مسافة ثلاثين كيلو مترا شمالي محافظة رياض الخبراء وبعد طرق غير جيدة داخل الصحراء وصلنا الى سكن الاسرة الذي هو عبارة عن خيمتين باليتين تحت احد المرتفعات فاستقبلنا في البداية خال الابناء ومن ثم والدتهم التي روت ل "الرياض" تفاصيل معيشتهم البائسة الممزوجة بشخصية غبيشان التي بحد قولهم ساهم في معاناة الاسرة طيلة الاعوام الماضية تقول ام سعد تزوجت غبيشان منذ اكثر من ثلاثين عاما حيث تنقلنا بعدة اماكن واستقر بنا الحال في هذا المكان منذ سبعة عشر عاما ومنها بدأت المعاناة حيث رفض غبيشان السكن داخل المدينة وفضل العيش بالصحراء وتقبلت الامر رغم صعوب
ته وعندما مضت الايام ورزقنا بالاولاد وكبروا رفض غبيشان دخولهم المدرسة وعندما كبروا رفض ايضا وبعناد ان يصدر لهم اثبتات شخصية.
وعن عدد اولادها واعمارهم تقول ام سعد لدي ثلاثة ابناء سعد وعمره 22سنة وعايد عمره 19سنة وتويلي وعمره 14سنة واما البنات فهن ثلاث بنات ترواحت اعمارهن بين الثلاثين والثمانية وعشرين والخامسة عشر فالاولاد والبنات مهتهم جميعا واحدة وهي رعي الغنم. وتقول ام سعد لم تفلح جميع محاولاتي معه ومع الاقربين بضرورة دخول الابناء المدارس وتعليمهم امور دينهم حتى يستطيعوا مواجهة الحياة والمعيشة، فالابناء والبنات لا يقرأون ولا يكتبون ويجهلون غالبية الامور لعدم تعلمهم وعدم اندماجهم مع افراد المجتمع وكثيرا ما يتعرضون للاهانة والضرب من قبل والدهم وذلك بمجرد طلبهم دخول المدرسة فهو كبير بالسن وعنيد وصعب التفاهم معه ولا يريدهم الا بجانبه ورعاية الغنم فقط.
عن معيشتهم داخل الصحراء ومواجهة الصعاب طيلة السنوات الماضية تقول ام سعد المعيشة داخل الصحراء صعبة ومحفوفة بالكثير من المخاطر ففي النهار يقوم الاولاد والبنات برعي الاغنام، اما في الليل فالكل جالس في خيمته ويجمعنا في الليل سراج واحد يستخدمه الجميع فنحن نعيش بدون كهرباء وهذه حياتنا طيلة السنوات الماضية.
معاناة الأبناء
يصف احد الابناء وهو عايد وعمره 19سنة والده بانه شديد المعاملة وكثيرا ما نتعرض للضرب بمجرد طلبنا دخول المدارس ولا يريدنا الا الجلوس بجانبه ورعي الغنم ولا يريدنا ان نعمل في اي مجال كان، ولم تفلح جميع محاولاتنا ، واما اصغر الابناء وهو تويلي وعمره 14سنة ومن خلال حديثنا معه اتضح عدم المامه بمن حوله ويجهل العديد من الامور وحتى امور الصلاة لا يعرفها!!
غبيشان القضية
مع غروب شمس ذلك اليوم عند اسرة غبيشان الذي لم يحضر لذهابه داخل المدينة بسيارته الخاصة اضطررنا للرجوع في اليوم التالي لمقابلته وعندما قابلناه في الغد رحب بنا واجلسنا داخل خيمته البسيطة وعند سؤالنا عن احواله المعيشية قال غبيشان بشخصيته الحادة انا راض بمعيشتي واولادي بجانبي.
وعن عدم دخول ابنائه المدارس قال لا اريد ذلك بتاتا ما دمت على قيد الحياة ولن ادخلهم المدارس واريدهم فقط لرعي الغنم، وعن سبب ذلك قال غبيشان كثير من الناس ادخلوا اولادهم المدارس فذهبوا وتركوهم، لذلك حرصت على عدم دخولهم المدرسة وكذلك لم استخرج بطاقات شخصية لنفس السبب.
وعن نظرته الخاطئة في ذلك اجاب هم ابنائي ولن ادخلهم المدرسة ولا يهمني تذمرهم من ذلك، وعن المستقبل المجهول الذي ينتظرهم اجاب كل ذلك لا يهمني والمهم لدي هو ان يخدموني فقط!
مناشدة المسؤولين
تقول ام سعد ان طباع غبيشان وتصرفاته قد ضيعت افراد الاسرة المشردة، وانا لدي ثلاث بنات واخاف عليهن داخل الصحراء وابنائي جمعيهم يعيشون مرارة الألم فهم معزولون عن المجتمع وممنوعون من دخول المدارس ويعتبرون (مجهولي الهوية) فلا احد يعلم ماذا ينتظرهم في قادم الايام، وناشدت ام سعد المسؤولين ومن يهمهم الامر التدخل لانقاذ شتات الاسرة البائسة واقناع زوجها بترك افكاره المتعنتة فالمعاناة لم تكن وليدة اليوم وانما استمرت فصولها على مدارس سبع عشرة سنة كلها ذهبت ادراج الرياح وكلي ثقة بتفهم المسؤولين وافراد المجتمع لهذه الاسرة المغلوب على امرها.
المحرر
عند طرحنا لهذه القضية ايقنا ان حال هذه الاسرة البائسة ليست مسألة عائلية فقط كما كنا نتصور سابقاً وانما الامر تعدى الى جوانب اجتماعية مختلفة وهدفنا من ذلك هو تقديم العون والمساعدة لهذه الاسرة ونحن على ثقة كبيرة بالمسؤولين وبأهل الخير والجهات ذات العلاقة في تقديم المساعدة وتفهم حال هذه الاسرة التي ظلت طوال السبعة عشر عاما الماضية مشتتة داخل اروقة الصحراء.



المصدر جريده الرياض