Oscar
01-03-2008, 02:16 AM
اضحك تطلع الصورة حلوة ..
شاكر حسين
و أنت تقود التاكسي ..
لا بد أن تصادفهم يوما، أحيانـًا تشعر أن حكاياتهم مرايا تعكس يومياتك العادية ..
إذا التقيتهم ، ارخِ لهم سمعك، فلعلك تجد نفسك في تفاصيل قصصهم
من يدري؟ - ربما
..
http://www.dorarr.ws/forum/uploaded/4335/Taxi2.jpg
أكثر ما يحيرني هو هذا الزحام المتلاطم ، الذي يمخر عباب الشوارع ..
يحيرني من أين يأتي كل هؤلاء البشر, ويحيرني أكثر- وأنا أبحث عن رزقي على
التاكسي- أنني لا ألتقط من هؤلاء إلا أشخاصـًا لا بد أن يكونوا، أو تكون لديهم ، قصصٌ ما تستحق أن تروى ، وأحيانـًا
قصص أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة ..
قال لي أحد الركاب - ذات نهار- بعد أن كنت أشرت معجبـًا إلى سيارة فارهة عبرت بقربنا:
" اسمع ..
أجمل الأشياء هي تلك التي لا نستطيع الحصول عليها "
كانت حكمة لم يسطرها أفلاطون ، بل راكب عابر، رثّ الثياب، تبدو عليه وعثاء الفقر
والحاجة، لكنها حكمة فائقة الجودة ..
" فكر معي جيدًا..
لو أنك استطعت امتلاكها فستكون شيئـًا عاديـًا بعد شهر على الأكثر ستفقد سحرها الذي
تراه الآن و لذلك فخير لك أن تراها جميلة هكذا من بعيد "
أشعل سيجارة من نوع رخيص وأضاف:
" كم شيئـًا جميلًا تملك ولا تشعر بلذته !!
الأشياء الجميلة تبلى مع الاستخدام ، تماما كهذه السيجارة "
كانت حكمة أخرى ، أمهرها الراكب توقيعه قبل أن أنزله إلى بغيته ..
أفكر أحيانـًا ..
كيف أننا نتسرع في إطلاق الأحكام على الأشخاص تبعـًا لمظاهرهم ، أو نتبنى مواقف
متعجلة لم نتريث في إصدارها ..
زبون آخر قال لي: " انظر دائمـًا إلى الجانب المضيء ..
دع عنك الجزء الفارغ من الكأس ، أنا لا أتفلسف الآن - إنها طريقة الحياة الفضلى ،
وَ إلا فإنك ستعيش في أزمة لا تنتهي "
لم يمهلني فرصة الاجابة - قبل أن أهمَّ بتسفيه رأيه قال :
" أعرف أن حديثي لم يعجبك ..
اعطني فرصة لأشرح لك - خذ على سبيل المثال أزمة الغلاء الأخيرة ..
لن أشتت ذهنك كثيًرا، دعني أسألك عن أكثر السلع التي كثر الحديث عنها ، فكر معي ..
ما هي هذه السلع ؟! - أنا اقول لك: الارز والحليب والخبز ..
أنت ترى أنه لا يمكن العثور وسط هذه المعمعة على أي زاوية إيجابية هنا- أليس كذلك!
خطأ يا صديقي ، هنا أتمايز أنا وَ أنت - أنا أرى جانبـًا إيجابيـًا ..
تقول لي ما هو؟ حسنا ، أجيبك: فكر معي ، فكر جيدًا - ما هي أبرز المشاكل الصحية
التي يعاني منها المجتمع؟! - السمنة أليس كذلك ! حسنـًا ..
هِبْ أننا ( بطلنا ) الكبسة ..
مسحناها من القائمة ، تخيل أننا لم نعد نتناول الألبان ومشتقاتها ( القشطة والجبن بأنواعه وما تدخل
هذه الأشياء في تكوينه مثل الجاتوهات والمعجنات وخلافه ) أضف إلى ذلك
أننا لم نعد نتناول الخبز، وتجنبنا الكربوهيدرات العالية والسعرات الهائلة التي يحتويها ..
ألا تعتقد أننا عندئذ سنتخلص بشكل نهائي من داء السمنة هذا ؟ ثمة عامل ايجابي اذاً..
ألست معي ؟ - ليس هذا وحسب ..
أفترض مثلًا أننا ودعنا السمنة إلى غير رجعة .. الإحصاءات تقول أن نصف
المجتمع يعاني من البدانة .. - كم سنوفر إذن؟
تخيل معي ..
زوجتك لن تكتسب سنويـًا لحمـًا وشحمـًا قدره 10 كيلوات ، وهنا فائدة اقتصادية ..
إذ لن تسمع منها بعد الآن: (حبيبي ملابسي ضاقت علي وديني السوق أجيب ملابس جديدة)
هي أيضـًا لن تشغل رأسك بإعلانات أجهزة ومستحضرات التنحيف - وما أكثرها -
التي تكلف الشيء الفلاني ..
ثمة ميزة ثالثة: هذه المرأة التي ابتليت بالزواج بها ، لن تصبح السبب الرئيسي
لتخريب مساعدات السيارة الجديدة التي دفعت دم قلبك ثمنـًا لها ، بسبب الأحمال الزائدة ( بالطبع الأحمال
الزائدة هنا هي زوجتك المصون و كمية الشحوم التي تكسو جسدها الرشيق ) ..
هل أزيدك من الشعر بيتـًا ؟! أظنك اكتفيت ..
وأعتقد أنك رأيت كيف أن حتى أكلح الأمور سوداوية يمكننا أن نحيلها إلى أحلام ناصعة
البياض - يا أخي اضحك تطلع الصورة حلوة "
هل كان حديثه مقنعـًا ؟! - كلا على الإطلاق ..
كان ساخرًا في مجمله ، لكنه أحسن ترتيب الأمور في ذهنه ..
أحسن في طريقة استقباله للمدخل (على طريقة الحواسيب)- أدرك جيدًا أن الأمور السيئة
لا بد أن تحدث ..
لا بد أن تجرِّعنا كأسها - الفرق هو كيف أننا ونحن نتجرع هذا العلقم لا نفكر في نصف
الكأس المملوء علقمـًا..
أن لا نتخيل - قبل حتى أن نتذوق طعمه - كيف سيكون مرًّا ومريرًا ..
إن مواجهة الواقع هنا تتمثل في أن نفكر - فقط - في أنَّ نصف الكأس فارغة ، خالية من
العلقم ، و بعد قليل ستخلو الكأس تمامـًا ..
لطالما كرهت التاكسي ، عافته نفسي يا عالم ..
كنت أشعر دائمـًا أن هذه المهنة متعبة وقليلة الدخل - بعد أن أنزلت الراكب الأخير هذا
شعرت بفارق كبير - تغيرت نظرتي إلى مهنتي التي لم أكن أحبها ..
أدركت أنني كنت - بالفعل - أنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس !
تذكرت بعدها كم هي ممتعة هذه المهنة ، كم هي شائقة ومتجددة ..
كم أتعلم منها و من الأشخاص الذين أتعامل معهم يوميا ، وآخرهم هذا الراكب ..
أنا سائق تاكسي ..
ورغم الدخل المحدود والمعصور الذي تجره عليَّ، إلا أنني أحب هذه المهنة ..
ثمة جانب ناصع البياض فيها - جانب مملوء ..
ألستم معي؟!
/
:)
شاكر حسين
و أنت تقود التاكسي ..
لا بد أن تصادفهم يوما، أحيانـًا تشعر أن حكاياتهم مرايا تعكس يومياتك العادية ..
إذا التقيتهم ، ارخِ لهم سمعك، فلعلك تجد نفسك في تفاصيل قصصهم
من يدري؟ - ربما
..
http://www.dorarr.ws/forum/uploaded/4335/Taxi2.jpg
أكثر ما يحيرني هو هذا الزحام المتلاطم ، الذي يمخر عباب الشوارع ..
يحيرني من أين يأتي كل هؤلاء البشر, ويحيرني أكثر- وأنا أبحث عن رزقي على
التاكسي- أنني لا ألتقط من هؤلاء إلا أشخاصـًا لا بد أن يكونوا، أو تكون لديهم ، قصصٌ ما تستحق أن تروى ، وأحيانـًا
قصص أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة ..
قال لي أحد الركاب - ذات نهار- بعد أن كنت أشرت معجبـًا إلى سيارة فارهة عبرت بقربنا:
" اسمع ..
أجمل الأشياء هي تلك التي لا نستطيع الحصول عليها "
كانت حكمة لم يسطرها أفلاطون ، بل راكب عابر، رثّ الثياب، تبدو عليه وعثاء الفقر
والحاجة، لكنها حكمة فائقة الجودة ..
" فكر معي جيدًا..
لو أنك استطعت امتلاكها فستكون شيئـًا عاديـًا بعد شهر على الأكثر ستفقد سحرها الذي
تراه الآن و لذلك فخير لك أن تراها جميلة هكذا من بعيد "
أشعل سيجارة من نوع رخيص وأضاف:
" كم شيئـًا جميلًا تملك ولا تشعر بلذته !!
الأشياء الجميلة تبلى مع الاستخدام ، تماما كهذه السيجارة "
كانت حكمة أخرى ، أمهرها الراكب توقيعه قبل أن أنزله إلى بغيته ..
أفكر أحيانـًا ..
كيف أننا نتسرع في إطلاق الأحكام على الأشخاص تبعـًا لمظاهرهم ، أو نتبنى مواقف
متعجلة لم نتريث في إصدارها ..
زبون آخر قال لي: " انظر دائمـًا إلى الجانب المضيء ..
دع عنك الجزء الفارغ من الكأس ، أنا لا أتفلسف الآن - إنها طريقة الحياة الفضلى ،
وَ إلا فإنك ستعيش في أزمة لا تنتهي "
لم يمهلني فرصة الاجابة - قبل أن أهمَّ بتسفيه رأيه قال :
" أعرف أن حديثي لم يعجبك ..
اعطني فرصة لأشرح لك - خذ على سبيل المثال أزمة الغلاء الأخيرة ..
لن أشتت ذهنك كثيًرا، دعني أسألك عن أكثر السلع التي كثر الحديث عنها ، فكر معي ..
ما هي هذه السلع ؟! - أنا اقول لك: الارز والحليب والخبز ..
أنت ترى أنه لا يمكن العثور وسط هذه المعمعة على أي زاوية إيجابية هنا- أليس كذلك!
خطأ يا صديقي ، هنا أتمايز أنا وَ أنت - أنا أرى جانبـًا إيجابيـًا ..
تقول لي ما هو؟ حسنا ، أجيبك: فكر معي ، فكر جيدًا - ما هي أبرز المشاكل الصحية
التي يعاني منها المجتمع؟! - السمنة أليس كذلك ! حسنـًا ..
هِبْ أننا ( بطلنا ) الكبسة ..
مسحناها من القائمة ، تخيل أننا لم نعد نتناول الألبان ومشتقاتها ( القشطة والجبن بأنواعه وما تدخل
هذه الأشياء في تكوينه مثل الجاتوهات والمعجنات وخلافه ) أضف إلى ذلك
أننا لم نعد نتناول الخبز، وتجنبنا الكربوهيدرات العالية والسعرات الهائلة التي يحتويها ..
ألا تعتقد أننا عندئذ سنتخلص بشكل نهائي من داء السمنة هذا ؟ ثمة عامل ايجابي اذاً..
ألست معي ؟ - ليس هذا وحسب ..
أفترض مثلًا أننا ودعنا السمنة إلى غير رجعة .. الإحصاءات تقول أن نصف
المجتمع يعاني من البدانة .. - كم سنوفر إذن؟
تخيل معي ..
زوجتك لن تكتسب سنويـًا لحمـًا وشحمـًا قدره 10 كيلوات ، وهنا فائدة اقتصادية ..
إذ لن تسمع منها بعد الآن: (حبيبي ملابسي ضاقت علي وديني السوق أجيب ملابس جديدة)
هي أيضـًا لن تشغل رأسك بإعلانات أجهزة ومستحضرات التنحيف - وما أكثرها -
التي تكلف الشيء الفلاني ..
ثمة ميزة ثالثة: هذه المرأة التي ابتليت بالزواج بها ، لن تصبح السبب الرئيسي
لتخريب مساعدات السيارة الجديدة التي دفعت دم قلبك ثمنـًا لها ، بسبب الأحمال الزائدة ( بالطبع الأحمال
الزائدة هنا هي زوجتك المصون و كمية الشحوم التي تكسو جسدها الرشيق ) ..
هل أزيدك من الشعر بيتـًا ؟! أظنك اكتفيت ..
وأعتقد أنك رأيت كيف أن حتى أكلح الأمور سوداوية يمكننا أن نحيلها إلى أحلام ناصعة
البياض - يا أخي اضحك تطلع الصورة حلوة "
هل كان حديثه مقنعـًا ؟! - كلا على الإطلاق ..
كان ساخرًا في مجمله ، لكنه أحسن ترتيب الأمور في ذهنه ..
أحسن في طريقة استقباله للمدخل (على طريقة الحواسيب)- أدرك جيدًا أن الأمور السيئة
لا بد أن تحدث ..
لا بد أن تجرِّعنا كأسها - الفرق هو كيف أننا ونحن نتجرع هذا العلقم لا نفكر في نصف
الكأس المملوء علقمـًا..
أن لا نتخيل - قبل حتى أن نتذوق طعمه - كيف سيكون مرًّا ومريرًا ..
إن مواجهة الواقع هنا تتمثل في أن نفكر - فقط - في أنَّ نصف الكأس فارغة ، خالية من
العلقم ، و بعد قليل ستخلو الكأس تمامـًا ..
لطالما كرهت التاكسي ، عافته نفسي يا عالم ..
كنت أشعر دائمـًا أن هذه المهنة متعبة وقليلة الدخل - بعد أن أنزلت الراكب الأخير هذا
شعرت بفارق كبير - تغيرت نظرتي إلى مهنتي التي لم أكن أحبها ..
أدركت أنني كنت - بالفعل - أنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس !
تذكرت بعدها كم هي ممتعة هذه المهنة ، كم هي شائقة ومتجددة ..
كم أتعلم منها و من الأشخاص الذين أتعامل معهم يوميا ، وآخرهم هذا الراكب ..
أنا سائق تاكسي ..
ورغم الدخل المحدود والمعصور الذي تجره عليَّ، إلا أنني أحب هذه المهنة ..
ثمة جانب ناصع البياض فيها - جانب مملوء ..
ألستم معي؟!
/
:)