المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولان الحلبة لا تحتمل منتصرين اثنين....



صخب الثورات
06-10-2002, 09:34 AM
سيمر وقت طويل ليولد , أن ولد
أندلسي بهذا الصفاء , وبهذا الغنى في المغامرة
هذا جزء مما قاله لوركا في رثاء صديقه مصارع الثيران , "اغناثيو سانشيث ميخياس" , حيث جندله الثور في الحلبة .و لانه لا يقوى على رؤيته ميتا , فقد تابع يقول:

لا أريد أن أراه
قل للقمر أن يأتي
لاني لا أريد أن أرى دم
اغناثيو فوق الرمل

أما وهو يتذكر رحلة اغناثيو في هذه الحياة , وكيف كان اكثر من مجرد مصارع ثيران , فقد تمثلت له صور عديدة :

ما أطيبه فلاحا في الجبل
ما ارقه مع السنابل
ما اكثر حنوه على الندى
ما أروعه في المهرجان

لكن ذلك جزء من الماضي , أما بعد أن بدأ اغناثيو رحلة الغياب فيصفه لوركا كما يلي :

غير انه نائم , نائم إلى الأبد
الأعشاب والطحالب
تقض بأصابع ثابتة
زهرة جمجمته

لقد وقع اغناثيو صريعا في الحلبة , حصل ذلك بعد العصر و قبل الغروب ...كانت الساعة الخامسة :

في الخامسة عند الأصيل
كانت تمام الخامسة عند الأصيل
في الخامسة عند الأصيل
لا شيء غير الموت , الموت وحده
والثور وحده جذلان القلب
في الخامسة عند الأصيل

لقد امتلأ قلب الثور بالفرح لانه نجا من الموت. لم يكن يقصد قتل اغناثيو , كان يدافع عن نفسه , ولان الحلبة لا تحتمل منتصرين اثنين , كان لابد من هزيمة أحدهما , وحتى موته. وهكذا سقط اغناثيو , واخذ يمعن في البعد ثم الغياب ....فأصاب الوجع قلب لوركا , و غيره...لان خسارة من هذا النوع لا يمكن أن تحتمل بسهولة , ولذلك انفجر يرثيه:

أريد أن يدلوني على مرثية كنهر
ذي ضباب عذب وضفاف عميقة
تمضي بجسد اغناثيو وتغيبه
من غير أن يسمع خوار الثيران

وبغياب اغناثيو , وبإمعانه بهذا الغياب تتغير الفصول ويختلف طعم الحياة . لان أندلسيا بهذه القوة والشجاعة , وبهذا الحضور الطاغي والذي عرف كيف يصارع الثيران وان يصرعها , يجب أن يبقى . أن لا يبرد جسده او تنطفئ عيناه

سيأتي الخريف بأبواق المحار
وعنب الضباب و ضفائر التلال
ولكن لن يرغب أحد في رؤية عينيك
لانك مت إلى الأبد

ورغم أن اغناثيو ابتعد ثم غاب ..فقد بقي شديد الحضور وربما اكثر حياة مما كان وهو يصارع الثيران لان لوركا انتزع له مكانا حميما في القلب والذاكرة واحله في موقع يأبى الفناء وبهذه الطريقة ولد أندلسي لا ينتهي
صحيح انه مات عدد لا يحصى من مصارعي الثيران في الحلبات قبل اغناثيو , وسوف يموت آخرون بعده . وربما تألموا كثيرا حين خذلتهم الشجاعة او حين تخلى عنهم الحظ لكنهم مضوا بتصميم نحو موتهم , وظلت الثيران التي صرعتهم تمرح بقلوب جذلى لانه لم يتوفر لهؤلاء شعراء مثل لوركا يخلدون موتهم او يبعثونهم أحياء من جديد أما اغناثيو في تلك الساعة عند الأصيل وكانت الخامسة في كل الساعات فقد كان حزينا مهموما يائسا وترك للثور الفرصة التي كان ينتظرها وهكذا اختل توازنه وفقد سيطرته وسقط في تلك الساعة الخامسة عند الأصيل كانت عينا لوركا تراقبان تتابعان تحتضنان ذلك الأندلسي الذي سيمر وقت طويل قبل أن يولد ,أن ولد واحد مثله
و لان هاتين العينين كانتا تفيضان بالحب فقد توقفتا عند تلك اللحظة و خلدتها فقد كان اغناثيو يشبه الفلاح و قاطف الثمار في الجبل , ويحب الغناء والقمر كما احب الناس واحبه الناس وهو يصول ويجول في الحلبة , لكن الحظ في تلك الساعة الخامسة عند الأصيل تخلى عنه فسقط أسقطه الثور رغم أن عينيه لم تخافا , لم ترفا :

لم تغمض عيناه
حين رأى القرنين يدنوان
غير أن الأمهات الخائفات
رفعن رؤوسهن
وعبر الزرائب
هبت ريح , تبعتها أصوات
لم تعرف اشبيلية أميرا مثله
و لا سيفا كسيفه
و لا قلبا بصفائه

رغم كل ما يتمتع به اغناثيو من صفات القوة والشجاعة والنبل فقد سقط , ولان لوركا كان شاهدا فقد أصبحت لحظة سقوطه في الخامسة عند الأصيل أبدية إذ سرى الحزن في الهواء وعم جميع الأمكنة وانتقل من حلبة اشبيلية ليطوف العالم أغنية حزينة تتردد على جميع الشفاه وليصبح رمزا غير قابل للسقوط و لا يمكن لأي ثور أن يصرعه
هكذا كان مصرع اغناثيو : في الحلبة ..أمام جميع العيون , في الخامسة عند الأصيل . فكيف كان مصرع الأندلسي الآخر الذي لا يقل عنه شجاعة ونبلا : لوركا؟ في أية ساعة قتل؟ ومن قتله ؟ ولماذا؟




(لوعة الغياب)




مودتي
رجاء جمعة سلمان

أرسطوالعرب
06-10-2002, 12:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
(*مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد*)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

بداية أجدد ترحيبي بك...

وأهنيء نفسي بعودتك يا رجاء دون رجاء...:)

ولعودتك معنى كبيراً لدي...وأثر لايتسعه قلب لوركا ولا الأرض التي سقط عليها...

فقد أيقظتي مارد الحبر فإرتعش وإنسكب في أقلامي جميعاً....

بكل الحب........هنيئاً لي بعودتك..

....

حلبة المصارعة والماداتور ....وتبادل النظرات بين الثور والمصارع...

أمور تستهويني منذ صغري <=== أصدقائي يعلمون هذا عني..

فلحظات الوقوف وتبادل النظرات بين الخصمين على الحلبة ليست إنتقامية...

وليست عادية....وليست ثأرية....

بل هي نظرات شطرنجية...!!!

نعم طاولة من الشطرنج ......

يدخل الثور مزهواً بقوته وحجمه وفحولته...

1- فيُمتص غضبه ....
ثم
2- يُشتت فكره...
ثم
3- يطعنه فارس على جواد فيفقد ثقته بنفسه...
ثم
4- يطعنه المصارع بسهمين ...فيُهينه..
ثم
5- يُشتت ذهنه مرة آخرى...
ثم
6-يطعنه المصارع بسيف في أعلى ظهره....

فيترنح الثور....

ويترنح...

ليسقط....

ووالله لم أشاهد أي ثور في لحظة سقوطه يرفع عينه لينظر لمن طعنه بالسيف على ظهره قط !!!

فيأتي صاحب رصاصة الرحمة.....بسكين حادة ليقطع له وريد في عنقه.....

ويُخلصه من عذابه....لا عذاب الموت...بل عذاب حسرته!!

هذا بالضبط......ما حصل بتبادل الأدوار لـلوركا!!

---------
لأن الحلبة لاتحتمل منتصرين إثنين............صخب الثورات
----------
ثـامـر الـحـربـي

صخب الثورات
06-10-2002, 01:09 PM
معلمي..
ثامر..

عودتي....كان الامر..مسألة وقت..لا غير

نحن محشوون بفراغ..نقول بعده لا وقت لدينا...

لوركا..في هذه المرثية ..سما عن كل مشاعر البشر الزائفين..حين ارثى صديقه..بهذه الذهبية البكائية..التي لو تمعنا فيها..لرأينا ان الثور..هو الاخر كان مرشحا للموت...لكن دون وجود من يرثيه..
ما دعاني لوضع المرثية...
هو تساؤلي...
من يا ترى سيرثينا..؟
بعد ان تفننا برثاء محمد الدرة
واطفال العامرية
والذائبين في الاسيد
والمعلقين في السجون..كأطعمة مجانية للذباب
و....
و....
و...

القائمة طويلة


هل سنجد من يرثي موتنا اليومي..؟
ان عثرت على بقية النص الذي يخص وفاة لوركا..سأضعه
وعد يا ثامر!
لكن كل ما اعرفه..ان لوركا...قتل...بغموض...اغتالوه
كما اغتيل الشاعر العظيم البريكان في بيته في البصرة...بعد ان شهر سلاح الصمت..ضد الكلاب.

اعذرني..لا استطيع ان اتحدث دون مساعدة من حديقة الحيوانات..خصوصا فيما يتعلق بالكلاب...



مودتي


رجاء جمعة سلمان

الأصيـــــــــل
06-10-2002, 06:49 PM
مساء النرجس والليلك
.
.
حجز لمكان

سأعود انشاء الله


تحياتي،،،،

أرسطوالعرب
14-10-2002, 02:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
(*مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد*)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

قبل أن أودع الدرر وأذهب لفراشي....

أعدت قراءة هذا الموضوع مرة آخرى...

حلبة وخصمين ومنتصر واحد...
لا حقد شخصي.....ولكن البقاء للأقوى‍‍!

البقاء الذي كان روح كل شخص ويمارس فن الدفاع عن النفس مقابلها ....

هذا المشهد بكامله جعلني أفكر ........وأفكر

ألا يوجد منتصرين على حلبة واحدة؟.....لماذا؟

كلا...هكذا !!

إذن صخب الثورات...

إن قتلت هذا الثور....أتعديني أنه لن يأتي من نفس البوابة...ثور آخر‍‍!!!

فلست أملك الوقت الفائض كي أنزفه في لعبة الإثبات؟


ستروق لي قليلاً باقي القصيدة...
لأني أعلم أنك حينما جعلتيها إستشهاد لهدف....أصبحت أكثر جمالاً....

فلم يعد يهمني قراءة بقية القصيدة بقدر ما يهمني قراءة كلماتك:)

---------
أولى أبواب الفضيلة...تقييم الجهل ثم تقويمه
----------
ثـامـر الـحـربـي ((*ابن من أبناء أسدالله حمزة بن عبدالمطلب*))

صخب الثورات
23-10-2002, 09:41 AM
سيدي المعلم ارسطو
صباح مفعم بنساءم برد تتمحور حول يومك فتجعله ممتليء القا..
للمرة الالف اعتذر للتأخر في الرد
و لابد من الاعزاء ان يجدوا اعذارا و يختلقوها لاعزاءهم
ام انني واهمة؟
الحلبة ليس دائما مخاض لاثبات انتصار او خسارة..او حتى..ذات
الحلبة ليس من شروطها ان تضم اثنين وتخرج بفائز
قد تضم جيشا من العتاة القتلة
والميت ..المقتول..انسان اعزل
حتى لم يقوى على رفع يده بوجوههم
هل رأيت يا معلم كيف ان الانتصار في الحلبة اصبح نسبيا نوعا ما
حكمته ظروف و موقع النزال
ليت من اختلق المنازلات ..والحلبات..وضع لها شروطا
لان في هذه الحالة سننعم بشيء من العدل..اقول شيء..لا العدل كله
تناغمت مرثية لوركا لصديقه الذي جندله الثور لتصبح واقعا قد يمر به الاف الاطفال في فلسطين او حتى في الشيشان او في سجن ما ..في العراق..او لا ادري اين فأنياب الظلم اقوى من ان تجتث
تناغمت هذه المرثية لتجعلنا نشحذ اقلامنا و نرثي من ماتوا بهدوء ونعطيهم شيء من الحياة المتأخرة بذكرهم مجددا..فيرسخون ولو كذكرى في الادمغة
معلمي..
لا استطيع ان اعدك ان قتلت الثور ان لا يباغتك قطيع من الثيران..لا استطيع ان اعدك حقا
فالثيران متكاثرة بجنون و غباء
ثامر
ما زلت عند وعدي بوضع بقية المرثاة
مسألة وقت والله


لك مودتي ثامر

رجاء جمعة سلمان