المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيطان في العيادة النفسية



أبو عبد الله عمر
01-01-2007, 07:43 AM
الشيطان في العيادة النفسيّة


إهداء:
إلى الشيطانِ أقول:
إنَّ بعضًا من بني (آدمَ) يُثبتونَ يوميًّا أنّهم أكثرُ شيطنةً منك .. فيا خيبتَكَ الثقيلة!


في عيادتي النفسيّةِ كانت لي تلكَ الأمسية:
بينما أنا جالسٌ أقرأ، تجلّت لي رُوحُ شيطانٍ متمرّد.. قلتُ له وأنا أشيرُ للشيزلونج:
- استرحْ وتمدّد.. ماذا تُرى يؤلمُكَ يا سيّد؟
- ها ها ها.. إهئ إهئ.
- اخفضْ صوتَكَ لئلا تُطرد.. ما المشكلة؟.. أجبْني.. ليس عندي لك وقت.
- المشكلةُ أنّي أدمنت.
- أدمنتَ ماذا يا هذا؟.. حشيش أم كوكايين أم تُراكَ أدمنتَ الهيروين؟
- يا ليتَه كان ذلك.. تلكَ ما كانت مشكلة.. كانَ حلُُّها بيعَ بعضِ الأفدنة.. ولكنَّ الطامّةَ الكبرى أنّي أدمنتُ العمل.
- العمل؟!
- نعم العمل.. هل لشقائي أمل؟
- نعم.. الأملُ موجودٌ ما دامَ ربُّ العرشِ موجودا.
- آها.. فما دليلُ وجودِ ربِّ العرش؟
- دليلُ وجودِه أنت.
- أنا؟!
- نعم أنت.. أنتَ موجود، فلا بدَّ أنَّ خالقَكَ موجود.
ضحكَ واختفى من أمامي، وقال:
- أنا الآنَ غيرُ موجود.. إذن فاللهُ غيرُ موجود.
ضحكتُ وقلت:
- ولكنَّ صوتَكَ موجود.. إذن فأنتَ موجود.
سمعتُ صوتَ الصمت، وصوتًا في عقلي يقول:
- هو الآنَ غيرُ موجود، وصوتُه غيرُ موجود.. إذن فاللهُ غيرُ موجود.
ردَّ صوتٌ من قلبي يقول:
- ولكنَّ الأعمى الأصمَّ لا يحكمُ بعدمِ وجودِ مَن حولَه من الأحياء، وذلك لأنَّ هناكَ من الدلائلِ الكثيرَ على وجودِهم، وأيضًا لأنَّ...
صرختُ لأمنعَ مَن يتحدّثانِ من الكلامِ وقلت:
- اتركا الوجوديّةَ وشأنَها، فما أنا بفيلسوف، ولكنّي طبيبٌ نفسيّ، ولا وقتَ لديّ للفلسفة.
هنا ظهرَ الشيطانُ، فقلتُ له:
- أكملْ مشكلتَكَ علّني أحلُّها لك.
استلقى ثانيةً وقال:
- كما ترى، لم أعُدْ أستطيعُ السيطرةَ على نفسي.. أوسوسُ في كلِّ وقت.. تراني أوسوسُ في نومي، في أحلامي، في يقظتي.. في كلِّ لحظةٍ أوسوس.. حتّى لم أستطِعْ أن أُمسكَ نفسي عنِ الوسوسةِ لك، على الرغمِ من أنّكَ الذي ستَشفيني.
- الشافي هو الله.
- أمتأكّدٌ أنتَ أنَّ الشافي هو الله؟.. منِ الذي يفحصُ المريضَ: أنتَ أمِ الله؟.. منِ الذي يصفُ الدواءَ: أنتَ أمِ الله؟.. من الذي يقبضُ الأتعابَ: أنتَ أمِ الله؟
- هاه!.. عدنا من جديدٍ للوسوسة؟!
- آسفٌ يا دكتور.. ها أنتَ ترى: لا أملِكُ حتّى نفسي.. أتصدّقُ أنّي إذا لم أجِدْ من أوسوسُ له، جلستُ بالساعاتِ أوسوسُ لنفسي؟!!
- آه!.. عرَفْتُ الآنَ علَّتَك.. ولكي تُعالجَ من هذه المشكلةِ فأنتَ في حاجةٍ لجرعاتٍ مكثّفةٍ منَ الوسوسة.
- ما أجملَه من علاج!.. ولكن يا دكتور من أينَ أحصلُ على هذه الجرعاتِ المكثّـفة؟
- لديكَ أماكنُ كثيرةٌ، منها...
- سيّدي.. لا تقُلْ لي: البيوت، المساجد، المصالحُ الحكوميّة، المواصلات، الشوارع.
- لماذا، وهي من أهمِّ أماكنِ وسوستِك؟!
- كانت يا سيّدي.. كانت.. أمّا الآنَ فلم تَعُدْ كذلك.
- البيوتُ لم تَعُدْ مسرحًا لعمليّاتِك؟.. أتهزلُ أم ماذا؟
- لا أهزل.. ولكنّي أتكلّمُ بكلِّ الجدّيّة.. وسأقنعُكَ الآن.. في الماضي كانَ بإمكاني أن أوسوسَ في البيوتِ كما أشاء.. ولكنّي الآنَ لا أستطيع.. وذلكَ لأنّه لم يعُدْ فيها مَن أوسوسُ له!
- وأينَ ذهبَ قاطنوها؟.. أينَ ربّةُ المنزلِ وأينَ الأولادُ وأينَ سيّدُ الدار؟!
- ما هذه المصطلحاتُ البالية؟.. ربّةُ المنزل؟!!.. لم تعُدْ هناك ربّةُ منزلٍ عندما خرجتِ المرأةُ للعمل، ولم تَظلَّ امرأةً بل صارتْ رجلا، تُناطحُه في الحياةِ، وتستنكفُ عليه أن يكونَ رجلا وأن تكونَ هي امرأة، فلم تلبثْ أن هجمت على ملابسِه وانتزعتْها منه وارتدتْها ، ولم تعُدْ ربّةَ المنزل، بل صارت ربّةَ الأعمالِ أو (سيدةَ أعمال).. أمّا الأولادُ فقد هاموا في الشوارع، كلٌّ يبغي أن (يعيشَ حياتَه).. ومعنى أن (يعيشَ حياتَه) هو أن يتنكّرَ من أصلِه، فترى الولدَ مُطيلَ الشعرِ يلبَسُ السلسلة، وترى البنتَ تحلقُ شعرَها وتقصّرُه وتلبَسُ البنطالَ، فما تدري أهذا بنتٌ أم هذه ولد!!.. كلُّ هذا في جانب، وسيّدُ الدارِ في جانبٍ آخر.. أتصدّقُ أنّه ما إنْ أجتمع معه في مكانٍ وأبدأ معه في حوارٍ موسوسٍ، حتّى يصيبَني باكتئابٍ نفسيّ؟!.. فعندما أقولُ له:
- أتتركُ امرأَتَكَ تُصافحُ هذا الرجلَ الغريب؟
يقولُ لي ـ تصوّر :
- Take it easy.. لا تكُنْ متخلّفا!
وعندما أقولُ له:
- من هذا الذي تمشي معه ابنتُك؟
يقولُ لي ببساطة:
- (الـ Boyfriend بتاعها.. انت جاي منين؟!)
فأقول:
- (Boyfriend.. Boyfriend.. لا مشاكل.. ولكن إلى أينَ يذهبانِ معًا؟
فيمطُّ شفتيه ويقول:
- يتمشّيان.. يذهبانِ إلى السينما.. لا تفترضْ سوءَ النيّة.. إنّهما أصدقاء.
هذا يا سيّدي ما ينالُني منَ البيوتِ.. كلُّ ما ينالُني هو صداعٌ ووجعُ دماغ.
- هذا عنِ البيوت.. فماذا عنِ المساجد؟
- بالنسبةِ للمساجدِ فزوّارُها منذُ الأزلِ هم أفضلُ عملائنا.. ولكنِ الآنَ للأسفِ قلَّ عددُهم جدًّا.. وذلك لعدّةِ أسبابٍ، منها أنَّ المساجدَ الآنَ لا تفتحُ أبوابَها إلا أوقاتِ الصلاةِ فقط، ثمَّ تُغلقُ بعدَها الأبواب!.. ومن هذه القلّةِ التي تدخلُ لتصلّي مَن أستطيعُ أن أهمسَ له وأوسوسَ وأفسدَ عليه صلاتِه، ومَن لا أستطيعُ أن أفعلَ ذلكَ معه.. ففي مرّةٍ، ما إن همستُ لأحدِ المصلّينَ في بدايةِ صلاتِه بكلمةِ "الدكّان" حتّى سلّم.. واندهشتُ جدًّا: لماذا سلّمَ، وهو لم يبدأْ صلاتِه إلا من لحظات؟!.. ولكنَّ دهشتي انمحت، وحلَّ محلَّها التّعجّبُ عندما عرَفتُ أنّه انتهى من صلاتِه.. تصوّرْ أنّه انتهى من الصلاةِ قبلَ أن أُكملَ كلمةَ "الدكّان"!!
- فماذا عنِ المصالحِ الحكوميّة؟
- المصالحُ الحكوميّة؟!!.. ها ها ها.. هل تدري؟: عندما أنوي الذهابَ إلى أيِّ مصلحةٍ حكوميّةٍ آخذُ في اعتباري أنّني سأقعدُ لأوسوسَ للذبابِ والبراغيثِ والديدانِ، وأيِّ كائناتٍ حيّةٍ أخرى ما عدا البشرَ طبعًا!
- لماذا؟.. هل يتركونَ أعمالَهم هم أيضًا، ويخرجونَ إلى الشوارعِ لكي (يعيشوا حياتَهم)؟
- نعم يا سيّدي.. هناك من يفعلُ ذلك بالفعل.. والأدهى والأمرُّ أنَّ مَن يأتي للعملِ ـ وهم قلّةٌ ـ ينامون، فتبدو المصالحُ الحكوميّةُ للجاهلِ بها وكأنّها فندقٌ أُعدَّ خصّيصًا للنوم.. خلاصةُ القول: إنّني لا أجدُ بشريًّا واحدًا بعقلٍ واعٍ يسمحُ لي أن أوسوسَ له، ما عدا أولئكَ الذينَ (يُمشّونَ حالَهم)، وهؤلاءِ يوسوسونَ للشيطانِ نفسِه!.. أمّا عنِ الجمهورِ الذي يرتادُ هذه المصالحَ فقد (كبّرَ دماغَه)، وعرَفَ (ديّةَ هذا المشوار).. فمنهم من (يعملُ حسابَه في قرشينِ لزومَ تفتيحِ المخّ)، ومنهم مَن يُحضرُ زوجتَه والأولادَ منذُ الصباحِ الباكرِ ومعهم الغداء، ومنهم مَن لا يأتي أصلا، وهذا هو أشدُّهم (تكبيرًا للدّماغ).. هذا يا سيّدي عنِ المصالحِ الحكوميّة.. أمّا عنِ المواصلاتِ والشوارع...
- لا.. لا تَقُلْ لي عنها، فأنا بها خبيرٌ أكثرَ منك.. فالشوارعُ قد ضاقتْ بالمارّةِ من كلِّ الأصناف.. هذا شابٌّ عابثٌ تتأبّطُ ذراعَه شابّةٌ طائشة، وذاكَ شيخٌ عجوزٌ متصابٍ يُعاكسُ الفتياتِ اللاتي من سنِّ أحفادِه، وهذا الذي يسيرُ بسيّارتِه بسرعةٍ جنونيّةٍ (ليعملَ خمسةً في آخرِ الشارع)، وهذه التي تلبَسُ قماشًا لم يُفصّلْ جيّدًا، فظهرتْ به رقعٌ في أماكنَ متفرّقة، وهذه التي بجوارِها، والتي تلبَسُ بنطالا يجبُ على من يريدُ أن يلبَسَه، أن يغمرَه أولا في قنطارٍ من الصابونِ ثلاثةً أيّامٍ بلياليها لكي يتمكّنَ من لبسِه.. ها ها.. إنَّ منظرَ الشوارعِ قد صارَ ككرنفال أو كسيرك كبير، كلُّ شخصٍ فيه يقومُ بدورٍ واحدٍ لا غير: يقومُ بدورِ المهرّج!!
- لو سمحتَ لي يا دكتور (عمر).. دعْني أكملُ بدلا عنك، فالمواصلاتُ الآنَ بالنسبةِ لي أهمُّ الأماكنِ التي أمارسُ فيها نشاطي.. ففيها أتمكّنُ من الوسوسةِ لأعدادٍ غفيرةٍ في وقتٍ قصير.. هذا أدفعُه لكي يدوسَ على قدمِ ذاك، وهذا لكي يحتكَّ بتلك، وهذا لكي (يخمَّ الكمسري ويأكلَ عليه التذكرة).. إنّها لُعبةٌ ممتعةٌ، تلك التي أمارسُها في المواصلاتِ العامّة، وخاصّةً الأتوبيسات.
- ها أنتَ قد حللتَ مشكلتَكَ بنفسِك.. (عليكَ وعلى الأتوبيسِ) ففيه علاجُك.. أسبوعٌ واحدٌ من العملِ في الأتوبيساتِ سيكفلُ لكَ ما تنشدُ منَ الراحة، وسيحُلُّ لكَ مشكلتَك.
- نعم سيكفلُ لي الراحةَ الأبديّة!!.. هل تريدُ تعذيبي يا دكتور؟!!.. هل تعلمُ أنَّ اليومَ الذي أعقدُ العزمَ على قضائه في الأتوبيس، أعقبُه على الأقلِّ بأسبوعٍ راقدًا في سريري أُعالج؟!!
- تعالج؟!.. ممَّ تُعالج؟!
- منَ الكسورِ والرضوضِ ومنَ الصداعِ النصفيّ!.. إنَّ هذا اليومَ لا يمرُّ عليَّ بخيرٍ على أيِّ الأحوال.. وأنتَ تريدُ منّي أن أعملَ سبعةَ أيّامٍ في الأتوبيسات؟!!.. سبعةَ أيّامٍ كاملةً وسْطَ الأكوامِ المكوّمةِ منَ اللّحمِ المحشور!!.. إنّكَ تريدُ التخلّصَ منّي إذن!
- إذن ماذا أفعلُ لك؟.. ألا تستطيعُ التحمّلَ ولو بعضَ الشيء؟.. لا بدَّ أن تتحمّلَ مرارةَ الدواءِ لكي تنعمَ بفائدتِه.
- آسفٌ يا دكتور.. أعيشُ مجنونًا خيرٌ لي من أن أموتَ عاقلا!
- لقدِ احترتُ في حالتِكَ هذه لا أجدُ لها حلا!.. [وطرقعتُ أصابعي] آه.
- هه.. هل وجدتَ الحلّ؟
- لا.. ولكن وجدتُ مَن سيجدُه لنا.
- من هو؟
- إنّه الدكتور (رشاد) أستاذي.. هيّا بنا نذهبُ لعيادتِه.
***
وذهبنا إلى عيادةِ الدكتور (رشاد)، وضغطتُ على الجرسِ حتّى نمّلَ أصبعي.. وأخيرًا فتحَ لنا البابَ الممرّضُ (عاطف) وهو يتثاءب، فقلتُ له وأنا أدخل:
- أينَ الدكتور (رشاد)؟
- ليس موجودًا.
- أينَ أجدُه إذن؟
وصفَ لي العُنوان، فذهبتُ أنا والشيطان إليه، حيثُ استقبلتنا رائحةٌ نفّاذةٌ على الباب.
ودخلنا، ووجدتُ الدكتور (رشاد) جالسًا، فذهبتُ إليه.
وما إن رآني، حتّى أبعدَ الفتياتِ اللائي حولَه واستقبلني قائلا:
- أهلا يا دكتور (عمر)..هئ.. تفضّلْ.. اقعد بجانبي.
جلستُ بجانبِه، ورحتُ أحكي له الموضوعَ بصورةٍ موجزة، ثمَّ سألتُه:
- ما الحلّ؟
أجابني متسائلا:
- أينَ هو هذا الشيطان؟
- ها هو بجانبِك يا دكتور.. ذاك الذي تحتضُنه و تغمرُه بالقبلاتِ منذُ ما يَقرُبُ من ساعة.
عدّلَ النظّارةَ على عينيه، وبصقَ بجانبِه وقال:
- اعذرني، فأنا ضعيفُ النظرِ كما هو واضح!.. آه.. الحلُّ الوحيدُ لك يا سيّدُ (شط شط) ، أن تقعدَ هنا بجانبي وتشربَ لكَ كأسينِ يُنسيانِكَ اسمَكَ وشغلَكَ، ويجعلانِكَ تسرحُ مع الغربانِ السوداءِ في الرحلةِ المشئومةِ لقصرِ الساحرةِ الشريرة!
ردّ عليه الشيطان:
- Fantastic.. Wow .. غربانٌ سوداء.. رحلةٌ مشئومة.. ساحرةٌ شرّيرة.. متأكّدٌ أنتَ يا دكتور من هذا العلاج؟
- جرِّب.. لن تخسِرَ شيئا.. اشربْ هذه الكأسَ الآنَ وقل لي ماذا ترى.
شربَ الكأسَ وقال:
- ..Wow أرى أمامي غرابًا.. لكنَّه أبيض!
- إذن فخذ هذه الكأسَ الثانيةَ، وقلْ لي هلِ اسودَّ أم لا.
- اسودّ ...الغرابُ اسودّ.. هيه!
- تمام.. تريدونَ شيئًا آخرَ منّى؟
- شكرًا يا دكتور (عمر).
- الشكرُ لله يا عمِّ (شط شط).
- متأكّدٌ أنَّ الشكرَ لله، ليسَ لأحدٍ آخر؟
- الحقْ يا دكتور (رشاد).
ولحِقَ الدكتور (رشاد)، وأعطاه كأسًا ثالثةً، جعلته يسرحُ مع الغربانِ السوداءِ في مملكةِ التوهان.
وهنا تركتهما، بينما هما يتنافسانِ في الشربِ وعدِّ الغربان.
***
ورجَعتُ إلى البيت، فوجدتُ زوجتي بانتظاري بالموشّحِ اليوميِّ الذي يتغيّرُ حسْبَ الظروف:
- أينَ كنتَ؟
- في العيادة.
- نفدَ المصروف.
- يعدّلُها الله.
- أينَ حقُّ كشوفِ اليوم؟
- لم يكنْ هناكَ غيرُ كشفٍ واحد.. ومجانيّ!
- مجانيّ؟!!.. يا خيبتَكَ الثقيلة!.. كشفٌ واحدٌ ومجّانيّ؟!!
- المهمُّ أنّي نجحتُ في علاجِه، وقمتُ بمهمّتي المقدّسةِ على أكملِ وجه، ولم أحنثْ بقسمِ (أبوقراط).
- دعْ (أبوقراط) ينفعُكَ حينما تتسوّل!.. الناسُ خيبتُها السبتَ والأحد، وأنا خيبتي ما وردت على أحد!
نفسُ الخاتمةِ اليوميّة، بعدَها تتركُني وتدخلُ المطبخَ، لتعدَّ لنا بيضًا مسلوقًا.
- أف!
وضعتُ يدي على خدّي وهمستُ ـ لنفسي طبعًا:
- الناسُ خيبتُها السبتَ والأحد، وأنا خيبتي ما وردتْ على أحد!
وأخذتُ أفكّرُ بجدّيّةٍ أن أتركَ البيتَ وأذهبَ لمجالسةِ الدكتور (رشاد) والشيطان، أفكّرُ معهما في الغرابِ الأسود ـ طبعًا أنا، والرحلةِ المشئومةِ ـ رحلةِ عمري، والساحرةِ الشريرة ـ زوجتي طبعًا بدونِ شكّ، وأتوهُ معهما في مملكةِ التوهان ـ الدنيا بالتأكيد.
ولكنّي أفقتُ على صوتِ الحرمِ المصونِ وهي تقول:
- الغداءُ جاهز.
قمتُ وتناولتُ غدائي ـ طبعًا بيضًا مسلوقًا كالعادة.
***
بعدَها قمتُ لأنام، وحلُمتُ أنّ الحياةَ بعدَها صارت سلاما في سلام، ما دام الشيطانُ قد اعتزل، ولم يعُدْ يقدّمُ ولا يؤخّر.
صحوتُ من النوم، وأنا أعتقدُ أنَّ الخيرَ أصبحَ يملأُ الدنيا، ولكنّي صُدمتُ بالواقعِ:
الشوارعُ نفسُ الشوارع، والناسُ كما هي!
قلتُ:
-إذن فالمشكلةُ ليستْ مشكلةَ شيطانٍ فقط.. هناك من هم أكثرُ من الشيطانِ بدرجات.. نحنُ!
وفي هذه اللحظةِ تذكّرتُ قولَه تعالى:
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم).
***

تحياتي
أبو عبد الله - عمر محمود هاني -

رشا محمود
01-01-2007, 02:07 PM
أخى الكريم / عمر

مرحبا بك فى درتنا الأدبية

ومرحبا بمشاركتك

الأسلوب شيق والتناول جديد

لا عمل للشيطان سوى الوسوسة للإنسان بالسوء

أما والحال هكذا بين بنى البشر

فللشيطان الحق فى الذهاب لعيادة نفسية

شكرا لهذا الطرح

بانتظار جديدك

تحياتى

أحمد النجار
04-01-2007, 04:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الحبيب الرائع المبارك

أبو عبدالله عمر ..


أنت أول من حاول تحليل نفسية أبليس !!!!!!!

حتى صاحب مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد لم يفعل ذلك !!!

(( وإن كنت أتشوق لإفحام أبليس في قضية الخلق ووجود الله ولكن لعلها حاجة القصة للوقوف عند هذا الحد هي ماحرمتني هذه المتعة ))


مبدعٌ أنت - ورب البيت - مبدع ..

أرأيت كم هو هشٌ غبي ساذجٌ فارغٌ ذاك الشيطان ؟؟!!!!!!

أرأيت كم هو أحمق ؟؟!!!!!!!

فما بالك بمن يصدقه ويتبعه ؟؟؟!!!!!!!!!!

أمتعتنا كثيراً متعك الله بصحتك وعافيتك يأبا عبدالله ..

كن هنا معنا فهذه الدر واحة الإبداع والمبدعين ...

أخوك

أحمد النجار

ألنشمي
04-01-2007, 03:53 PM
000
00
0


يذكرني شيطان عيادتك 000الزائر



بقصة كان يتناولها اباؤنا واجدادنا


يقال ان الشيطان لقي عجوز


وكل واحد منهم تحدى الاخر بعمل شيطاني

وعلى ان يلقتقيا بموعد حدداه ليحكي كل منهما ماذا فعل


المهم 000 العجوز انصرفت لمراة جميلة 000 وزوجها صاحب دكان وملتزم وملتحي

وباختصار استطاعت ان تضحك على المرأة في ان تجعلها تحلق لحية زوجها عند نومه

وبالتالي ذهبت للزوج بدكانه 000 وافهمته ان زوجته ستذبحه وهو نائم


الرجل دخل بيته 000 وبعدها 00 عمل نفسه انه نائم

واتت زوجته بالموس ( على انها تحلق لحيته) وهو يعتقد انها ستقتله

فقام على الفور وقتلها


في هذه الاثناء العجوز كانت قد اخبرت اهل الزوجه بان الزوج سيقتل ابنتهم


واخبرت اهل الزوج ان ارحامه سيقتلون ابنهم

وهكذا اختلط الحابل بالنابل واصبحت معركة دماء


والتقيا في هذه اللحظه الشيطان والعجوز


فسألت العجوز الشيطان وش سويت ؟


قال الشيطان : انا ذهبت لبقرة كان احدهم يحلبها


فوكزتها فضربت برجلها في الاناء وانسكب الحليب

واخذت اضحك 000 اضحك 000 حتى دمعت عيناي

هنا سأل الشيطان العجوز : وانتِ شو عملتي


فقالت العجوز : انظر الى تلك المعركة


انها من صنع افكاري

هنا 000 هرب ابليس 000 وتعوذ من العجوز





اخوي الغالي أبو عبد الله عمر


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدك ربي في الدارين


والقصة جميل طرحت باسلوب


شيق


وممتع


واجدت سردها


ولعل الشيطان


يتبراء الان من بعض افعال العباد


فالفضائيات

والملهيات


وغيرها كثيره


فقد غلبت تلك الاعمال


اعمال الشيطان


وهي من اعمال


شياطين الانس


افعالهم لا تخطر ببال شياطين الجن



مشكور اخوي



دمت بحفظ الرحمن

Areej
06-01-2007, 12:05 PM
اخي الكريم .. أبو عبد الله..

صدقاً أعجبني هذا الحوار السلس الهادف..

بل هذه الرحلة في كينونة الشيطان اللعين..

و المقارنة بين شياطين الإنس و الجن..!

سلمت يمناك سيدي..

و أهلا بك قلماً مبدعاً في دررنا الغالية ..

أعبق التحايا

أريـــج

أبو عبد الله عمر
12-02-2007, 01:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً لى الاطراء الرقيق الذي اطريتم به عملي المتواضع ..
وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يزرع بقلوبكم الرضا عن أعمالي الأخرى القادمة بإذن الله .

أختي رشا محمود :
شكراً لك .. وأتمنى لك دوام الصحة والسلامة .

ابن النجار :
شكراً جزيلاً .. ولست الأول الذي يتناول الشيطان وحالته النفسية .. ولن أكون الأخير .. وأتمنى أن أكون قدمت شيئاً مفيداً .

ألنشمي :
جميلة جداً هذه القصة التي سقتها .. أمتعتني حقاً .
لك مني التحية .. كل التحية .

Areej :
أشكرك .. ولا زال لي مع الشياطين الحكايات .. للأسف

أنتظر تعقيباتكم على عملي القادم !!

تحياتي
أبو عبد الله عمر

رغــد
25-02-2007, 02:30 PM
.
.

قلم متميز ..
يستحق كل إعجاب وتقدير ..
أبو عبد الله .. أنا سعيدة بقلم كهذا في درتنا ..
أنت بلاشك ستضيف للمكان الكثير .

.
.

مرحبا بك ..

السـ ـأهـ ـره
26-02-2007, 02:51 AM
عمــر..
هنــا..سبحت بـبحر بعيدا عن غياهــب التملق..
رااائع جــدا..
بـحق درس رائــع..وممتــع..
:)
آحترامي لك أخي الطيب..