المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسى عليه السلام (2) وتسمية بحر النيل باليم



العرابلي
18-09-2006, 02:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


موسى عليه السلام ... وتسمية بحر النيل باليم

تكرر ذكر اليم في القرآن الكريم ثمان مرات في ثلاث أحداث ارتبطت بموسى عليه السلام:

الحدث الأول يوم ولد موسى عليه السلام؛ قال تعالى:

: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه

: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) القصص

اليم اسم خاص بالنيل في وقت الفيضان الذي يحدث له، حيث يكون مليئًا بالطمي والطين، بسبب كثرة الأمطار التي تسقط على الجبال التي منها منابع النيل، وفيضان النيل توقف في مصر بسبب إقامة السد العالي في جنوب مصر، أما السودان فما زالت حالة الفيضان تظهر عندهم، وما زالوا يسمون النيل وقت الفيضان باليم .. هذا ما أكده لي أحد الأخوة من السودان.

وإنما سمي اليم بهذا الاسم من التوجه إلى الصعيد، وماء النيل يتوجه إلى الصعيد بدلا من التوجه للبحر وقت الفيضان فقط.

ومن ذلك التيمم؛ حيث يتوجه المتيمم إلى الصعيد للطهارة، فيجعل التراب بدلا من الماء.

ولو ألقت أم موسى ابنها عليه السلام في البحر في غير وقت الفيضان الذي يحدث للنيل لذهب به النيل إلى البحر المتوسط.

أما وقت الفيضان فإن وجه الماء وأعلاه هو الذي يتوجه إلى الصعيد، وقد حمل معه التابوت الذي فيه موسى عليه السلام.

وشاء الله تعالى أن تكون ولادة موسى عليه السلام في زمن فيضان النيل حيث تقل حركة الناس، وتتقطع أكثر طرق المواصلات بينهم، حتى لا يعلم احد بولادة موسى عليه السلام، ويكون في مأمن ممن يبحث عمن يولد من بني إسرائيل، حتى تتدبر أمه أمره.

وشاء الله تعالى أن يأخذ اليم التابوت الذي فيه موسى عليه السلام إلى جنات فرعون.

والأرض التي يصيبها الغرق أكثر يكون فيها الطمي أكثر، وتكون أكثر خصبًا، ومثلها يستأثر بها فرعون الظالم الغاصب لنفسه فتكون تحت يد، فارتفاع الماء عليها يجعلها صالحة لرفع التابوت دون أي يرتطم في الأرض أو ينقلب ويتحطم، حتى وصل هذا التابوت وأصبح في جنات فرعون، فالتقطه آل فرعون، وأحضروه إلى فرعون، فإذا الذي يبحثون عنه ويخشون مولده بين أيديهم وهم لا يعلمون.... ثم كان ما كان من قصة موسى عليه السلام.

وفي قوله تعالى في الآية؛ (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ)، والقذف: هو عمل أمر عظيم بفعل يسير؛ فوضع طفل في تابوت، ووضعه التابوت في ماء جار فعل يسير، ولكن الإقدام عليه كان أمرًا عظيمًا، وقد بين تعالى بلفظ القذف هول هذا الفعل على نفس أمه ... والذي جعلها تقدم عليه هو خوفها على وليدها قبل أن يصل إليه جنود فرعون لما يعلموا بمولده: (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ...) ... وجرأها على هذا الفعل طمأنة من الله لها بعودته سالمًا: (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) القصص.

ثم يأتي ذكر اليم مرة أخرى، فإذا الذي ينجو به نبي الله موسى عليه السلام بإذن الله، يغرق فرعون عدو الله ورسوله ويهلكه؛ وتبين أربع آيات ما حدث لفرعون وجنوده؛ قال تعالى:

: (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ (136) الأعراف

: (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) طه

: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص

: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) الذاريات



ففي الآية الأولى يبين تعالى نهايتهم بالهلاك والغرق (فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ).

وفي الثانية هول ما أصابهم؛ (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ).

وفي الثالثة تبديد شملهم (فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، والنبذ الإلقاء مع التفريق، وقد فرقهم الماء وحمل جثثهم بعيدًا في الأرض.

أما الرابعة فكان أخذ العبرة بعد الحدث، ولم يتوقع أحد منهم أن تكون هذه هي نهاية فرعون وجنوده (فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ)، واللوم يكون بعد انتهاء الأمر وفوات الأوان.

وأما قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس؛

فمادة "نجو" تستعمل لأخذ الشيء بعيدًا لإخفائه، والمتناجين يبعدوا عن الناس كلامهم؛ ليبقى أمرهم سرًا بينهم، والنجاة من العدو ذهابهم بعيدًا عنه، حيث لا تصل يده إليهم،

ونجاة فرعون لا تفيد حياته؛ فحياته بقاؤه في وسط قومه وجنده، فأخذه بعيدًا عنهم هو موت أمثاله، وكان بعده عنهم بالموت، وخروجه من ملكه، وبقاء بدنه بعد ذلك في تابوت مبعدًا عن أيدي الناس حتى وصل إلى عصرنا هذا ...

ولو لم تظهر جثة فرعون للناس لألفوا فيه الأقاويل .. وأنه ذهب ليعود وغير ذلك.

ويرجع السبب في نجاته إلى بدنه؛ والبدن هو الجسم دون الأطراف والرأس؛ أي هو البطن والصدر ومعهما الظهر، والذي يغرق في البحر يثقله ما يبلعه من الماء، فيرسوا في قاع البحر .. لكن لما ينتفخ بطنه وصدره، تقل كثافته، فيطفوا فوق الماء؛ فنجا فرعون بسبب انتفاخ بدنه، فعرف وأخذ وحنط بلا حياة ولا ملك ولا ادعاء ألوهية، ولم يقل تعالى ننجيك بجسدك أو جسمك؛ لأن كل كلمة لها دلالتها، وسبب لتسميتها.

وذكر أن جبريل عليه السلام ألقم فم فرعون من طين قاع البحر ...

وظل وصف النيل بحرًا ما دام ماؤه صافيًا .. فقد قال تعالى لموسى: (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) طه، ولما خرج هو ومن معه من الجانب الآخر: (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ (24) الدخان، والرهوة هي المكان المنخفض بين مرتفعات يجتمع فيه ماء المطر ولا يجد له منه مخرجًا .... وكذلك أراد الله عز وجل لفرعون وجنوده دخولهم فيه، ثم لا يكون لهم منه مخرجًا...

فلما اندفع الماء وامتلأ بالطين سماه تعالى باليم في الآيات الأربع التي مرت، وهو هو نفسه؛ لكن لما تبدلت الصفات اختلفت الأسماء، والشيء واحد.

وقد قيل أن مصر هبة النيل فأتى النيل لمصر بالطين والماء ... وقد اغتر فرعون بهذه الهبة -جنات وأنهار تجري من تحته- فكان النيل خيرًا لأهل مصر، ووبالاً عليه في إشراكه وموته.

والحالة الثالثة التي ذكر فيها اليم كان في قوله تعالى:

: (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) طه.

فتحريق موسى عليه السلام للعجل الذي عبدوه، ونسفه في اليم وليس في البحر، طمس مكان الذهب بطين اليم؛ حتى لا يعودوا إليه مرة أخرى ليستخرجوه الذهب منه، لو كان ماء البحر صافيًا0

وللحديث تشعبات كثيرة يطول بنا المقام لو وقفنا على كل كبيرة وصغير فيها... فقد كان في الحدث الأول طهارة لموسى عليه السلام من العبودية لما تربى في بيت فرعون، وفي الحدث الثاني طهارة لبني إسرائيل من الاستعباد، وطهارة للأرض من فرعون وجنوده، وفي الحدث الثالث طهارة لبني إسرائيل من الشرك وعبادة العجل ..... والله تعالى أعلم.


أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي

ألنشمي
20-09-2006, 05:26 PM
000
00
0


اخي الغالي العرابلي


مشكور اخوي


وجزاك الله عنا خير الجزاء




والله اسال ان ينفع بها عباده


دمت اخي بحفظ الرحمن

العرابلي
20-09-2006, 10:38 PM
000
اخي الغالي العرابلي
مشكور اخوي
وجزاك الله عنا خير الجزاء
والله اسال ان ينفع بها عباده
دمت اخي بحفظ الرحمن أحسن الله إليك
وبارك الله فيك
وجزاك الله خيرًا