المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملف اللبناني الدامي/ حقائق لابد من استعابها بمعزل عن العواطف والشعارات الجوفاء.



ابوالخير
28-07-2006, 08:51 PM
الحلقة الأولى
الملف اللبناني الدامي/ حقائق لابد من استعابها بمعزل عن العواطف والشعارات الجوفاء.
الحمد الله أحمدك ربّ، وأسألك أعلى مراتب الشهادة، وأشهد أن لا إله إلا أنت وأستودعك هذه الشهادة، وأبوء لك بنعمتك عليّ وأستزيدك منها، والشكر قمن بالزيادة، وأبرأ إليك من الحول والقوة والإرادة، أحمدك وأنت ولي الصالحين، وعدت بالعقبى لكل من أطاعك واتقاك في كل حين، وأنذرت بالخزي لكل عدوان من الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام المجاهدين، ورضي الله عن صاحبته أجمعين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وباقي الصحب أجمعين، وآله الطيبين، وزوجاته الحسان الطاهرات؛ الذين جاهدوا في الله حقّ جهاده، وبذلوا في سبيل إعلاء كلمة الله النفس والنفيس، حتى أتاهم الله اليقين.
أما بعد:
مما لا شك فيه ولا ريب أن من حُرم التوفيق فقد عظمت مصيبته، ومن نصب العداء لصحابة رسول الله أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعمرو بن العاص، ومعاوية، وعائشة أم المؤمنين، فقد اسود وجهه، وبان فشله، وإن حاول ستره بسراب من الأكاذيب السافرة، والشعارات الجوفاء، بل حاله كما قال العلامة شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في المنهاج (1/22): (ومن خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غلّ لخيار المؤمنين، وسادة أولياء الله بعد النبيين، ولهذا لم يجعل الله تعالى في الفيء نصيبا لمن بعدهم، إلا الذين يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ))اهـ.
فللجهاد الشرعي أهله ورجاله فتنبه، واعلم أن الرزق مقسوم، وأن كلّ نفس ذائقة الموت، وأن ما قدر أزلا لا يخشى فيه الفوت، وأن الجنة تحت ظلال سيوف أهل الحق صدقا لا زورا، وأن من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه اللهُ على النار، وأن الشهداء حقا عند الله من الأحياء، وأن المرابط بالثغور خير من مجاور بيت الله الحرام.
فإذا كان الأمرُ كذلك فإنه يتعين على العاقل والمخلص لربّه تعالى ثم الوفيّ لوطنه؛ الذي يقاتل من أجل إثبات الحق، ودحر محور الشرّ وأعوانه؛ معرفة المسائل الشرعية من مصادرها المتينة والأمينة، ودراسة كتاب الجهاد من سورة الأنفال، وبراءة، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ فصوله من صحيح البخاري وصحيح مسلم، والسنن الأربعة، والسيرة المنقحة، ويكون له قدم ثابتة في الوقوف على مصنفات أئمة الإسلام في باب المناهج والفرق والطوائف، فتكن له إلمامة بكتاب السنة لابن أبي عاصم، وكتاب أصول الاعتقاد للالكائي، والسنة للخلال، والمحجة لقوام السنة، وكتاب الشريعة للآجري، ويكون له فهم للحقائق الكونية والاعتبار بها لتسخيرها في نصرة الحق، إذا أرد وأنصارُه جرّ الخميس العرمر القمقام إلى أولياء إبليس الطغام اللئام، والتوجه إلى أعداء الله ركبانا ورجالا، حتى يخرجوا إلى الإسلام من أديانهم، أويعطوا الجزية صغرة أيديهم، أو تستلب أنفوسهم من أبدانهم، وتجتذب رؤوسهم من تيجانهم، فجموع ذوي الإلحاد عند المفعمين بمنهج أهل السنة والجماعة مكسرة، وإن كانت بالتعداد مكثرة، وجيوش أولي الكفر والعناد مُدبرة مدمرة، وإن كانت بتحليلاتهم وعقولهم مقدمة مدبِّرة، وعزمات رجال الضلال مؤنثة مصغرة، وإن كانت ذواتهم مذكرة مكبرة.
**الحقيقة الأولــــى:
وأول ما يجب على المسلمين إدراكه أن اليهود قتلة الأنبياء، وزعماء الغدر والبهتان، والسبّاقون إلى نقض العهود والمواثيق؛ لن يهدأ لهم بال، ويستقر لهم قرار في وقت أمدتهم الصليبية الشمطاء يدّ المؤازرة، حتى يحققوا ما سطروه في غابر الأزمان، من بناء دولة من النيل إلى الفرات، وها هي الفرات ترضخ تحت خناجر الاحتلال، وسموم أهل الضلال من رفض وخوارج، وأعينهم ممدودة إلى النيل الأزرق ينتظرون الوقت السانح للكرّ والغدر، متسترين وراء ستار مسرحية السّلام التي يوزعون أدوارها على بعض الجهات، ويغيرون فصولها وينقحون نصّها بتغير الأحداث والإحداثيات، فمن أوسلو، إلى مدريد، إلى شرم الشيخ، إلى خريطة الطريق، إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد، إلى.... كلها أكاذيب متقنة الحبك والنسج، يرجى من ورائها تخدير الشعوب الإسلامية، وبسط الهيمنة على ما تبقى من صرح الأمة المتماسك، وبث الفرقة والخلاف في كل قرية دخلوها بعد ما يجعلون أعزة أهلها أذلة كما هو الحال في العراق المنكوب، وغزة جريحة والله المستعان، وقد قف على هذه الحقائق أخيرا الأمين العام للجامعة العربية، وثلة من زعماء المسلمين، وأعلنوها صريحة وموشحة بشيء من الحياء؛ أن عملية السلام ولدت ميتة.
إن السّلام مع يهود بني قينقاع وبني النضير، وقريضة، وأضرابهم ممن تربى في حجر الصليبية والشيوعية يجب أن يكون بخطوط واضحة، ووقفات شامخة، حيث أنهم إن فكروا في نقضه، والكرّ على أسيادهم، تجلت لهم صورة الجلاء وما أصاب أسلافهم من بني النضير، حيث حشروا إلى الشام، وكان أول حشر في الدنيا وفيهم نزل قوله تعالى (سبّح لله) إلى قوله (لأول الحشر)، حتى كان يسميها ابن عباس سورة بني النضير، وكان هذا منه صلى الله عليه وسلم صلحا، ولولا ذلك لعذبهم الله في الدنيا بالقتل والسباء.
إن الصلح مع يهود يجب أن تتجلى فيه معالم المصلحة العليا للأمة الإسلامية، وتنطفئ معه بوادر الفتن، ولهيب الحروب إلى حين، ويشعر فيه المسلمون بالأمن في الأوطان، والحرية في اتخاذ القرار، والقدرة على ترتيب البيت المسلم من الداخل.
وقد وضح علماؤنا أصول الصلح مع يهود، وها أنا انقل فتوى مفتي الديار الإسلامية العلاّمة المجاهد عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله في حكم الصّلح مع يهود وغيرهم من الكفار، تحت قاعدة: (ما تقتضيه المصلحة يُعْمَلُ به من الصّلح وعدمه).
س3: هل يجوز بناء على الهدنة مع اليهودي تمكينه بما يسمى بمعاهدات التطبيع، من الاستفادة من الدول الإسلامية، اقتصاديا وغير ذلك من المجالات، بما يعود عليه بالمنافع العظيمة، ويزيد من قوته وتفوقه، وتمكينه في البلاد الإسلامية المغتصبة، وأن على المسلمين أن يفتحوا أسواقهم لبيع بضائعه، وأنه يجب عليهم تأسيس مؤسسات اقتصادية، كالبنوك والشركات يشترك اليهود فيها مع المسلمين، وأنه يجب أن يشتركوا كذلك في مصادر المياه؛ كالنيل والفرات، وإن لم يكن جاريا في أرض فلسطين؟
ج3: لا يلزم من الصلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اليهود ما ذكره السائل بالنسبة إلى بقية الدول، بل كل دولة تنظر في مصلحتها، فإذا رأت أن من المصلحة للمسلمين في بلادها الصلح مع اليهود في تبادل السفراء والبيع والشراء، وغير ذلك من المعاملات التي يجيزها شرع الله المطهر، فلا بأس في ذلك، إن رأت أن المصلحة لها ولشعبها مقاطعة اليهود فعلت ما تقتضيه المصلحة الشرعية، وهكذا بقية الدول الكافرة حكمها حكم اليهود في ذلك، والواجب على كل من تولى أمر المسلمين، سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيس جمهورية أن ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم من الأمور التي لا يمنع منها شرع الله المطهر، ويمنع ما سوى ذلك مع أي دولة من دول الكفر، عملا بقول الله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء: 58]، وقوله سبحانه: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) الأنفال: 61] الآية. وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مصالحته لأهل مكة ولليهود في المدينة وفي خيبر. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والعبد راع في مال سيده ومسئول عن رعيته )، ثم قال صلى الله عليه وسلم (ألا فكلكم راع ومسئول عن رعيته) وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27]، وهذا كله عند العجز عن قتال المشركين، والعجز عن إلزامهم بالجزية إذا كانوا من أهل الكتاب أو المجوس .. أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم بالدخول في الإسلام أو القتل أو دفع الجزية إن كانوا من أهلها، فلا تجوز المصالحة معهم، وترك القتال وترك الجزية.. وإنما تجوز المصالحة عند الحاجة أو الضرورة مع العجز عن قتالهم أو إلزامهم بالجزية إن كانوا من أهلها، لما تقدم من قوله سبحانه وتعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة: 29]،وقوله عز وجل: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) [الأنفال: 39] ، إلى غير ذلك من الآيات المعلومة في ذلك، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة يوم الحديبية ويوم الفتح، ومع اليهود حين قدم المدينة يدل على ما ذكرنا. والله المسئول أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يصلح أحوالهم ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله على الوجه الذي يرضيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
س2: هل تعني الهدنة المطلقة مع العدو إقراره على ما اقتطعه من أرض المسلمين في فلسطين، وأنها قد أصبحت حقا أبديا لليهود بموجب معاهدات تصدق عليها الأمم المتحدة التي تمثل جميع أمم الأرض. وتخول الأمم المتحدة عقوبة أي دولة تطالب مرة أخرى باسترداد هذه الأرض أو قتال اليهود فيها ؟
ج2: الصلح بين ولي أمر المسلمين في فلسطين وبين اليهود لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكا مؤقتا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة. وهكذا يجب قتالهم عند القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وهكذا النصارى والمجوس؛ لقول الله سبحانه في سورة التوبة: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة: 29] ، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم (أنه أخذ الجزية من المجوس ) وبذلك صار لهم حكم أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط إذا لم يسلموا. أما حل الطعام والنساء للمسلمين فمختص بأهل الكتاب، كما نص عليه كتاب الله سبحانه في سورة المائدة. وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) الآية [الأنفال: 61] بمعنى ما ذكرنا في شأن الصلح.
**الحقيقة الثانية: خبث اليهود وعدائهم لأهل الحق قديم، كما جاء في القرآن الكريم، فلا يليق من بعض الجهات العربية وصفهم بالعدل والحضارة، وأنهم أرقى من بعض الدول الإسلامية في باب التعامل، أو تخفيف كواهلهم من وزر الجرائم التي يرتكبونها في حق البشرية، وأنهم ما شاء الله مُسالمون، ويلهثون على تطبيع العلاقات مع المسلمين، فكل هذا الهراء الذي تقذفه بعض الأفواه دليل على خبث المعدن، وفساد التصور.
قال تعالى في سورة البقرة: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ)، وقال تعالى في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). وقال تعالى في سورة المائدة: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)، وقال تعالى في سورة المائدة: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)، وقال تعالى في سورة المائدة: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)، وقال تعالى في سورة الإسراء: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا)، وقال تعالى في سورة التوبة: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
**الحقيقة الثالثة: لا يجوز لأي جهةٍ مُقاومةٍ ليهود أو غيرهم من الكفار؛ شيعية رافضية كانت أو سنية في الظروف الراهنة الانفراد بالقرار في مبارزة دولة العدوّ تحت أي غطاء كان، إلا بعد مشاورة حاكم البلاد، والجهات التي لها علاقة مباشرة بالقضية.
قال تعالى في سورة النور: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
قال العلامة القرطبيّ في جامعه: (واختلف في الأمر الجامع ما هو؛ فقيل: المراد به ما للإمام من حاجة إلى جمع الناس فيه لإذاعة مصلحة، من إقامة سنة في الدين، أو لترهيب عدوّ باجتماعهم للحروب؛ قال الله تعالى: (وَشَاوِرهُم فِي الأَمرِ) [آل عمران159]، فإذا كان أمر يشملهم نفعه وضره جمعهم للتشاور في ذلك، والإمام الذي يُترقَّب إذنه هو إمام الإمرة، فلا يذهب أحد لعذر إلا بإذنه، فإن ذهب بإذنه ارتفع عنه الظن السيئ).
ثم ذكر رحمه الله أقوالا أخرى في معنى الآية منها طلب إذن الخطيب يوم الجمعة.
واختار ابن العربي المالكي أن الأمر مخصوص بالحرب، وعلل استدلاله بأمرين:
أحدهما: قوله في الآية الأخرى (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا)، وذلك أن المنافقين كانوا يتلوّذون ويخرجون عن الجماعة ويتركون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر الله جميعهم بألا يخرج أحد منهم حتى يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يتبين إيمانه.
الثاني: قوله: (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ)؛ وأي إذن في الحدث والإمام يخطب، وليس للإمام خيار في منعه ولا إبقائه، وقد قال: (فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ)؛ فبيّن بذلك أنه مخصوص بالحرب.
قال القرطبي رحمه الله: (قلت: القول بالعموم أولى وأرفع وأحسن وأعلى).
وقال تعالى في سورة آل عمران: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (28/387-388): (وإن كان أمرا قد تنازع فيه المسلمون، فينبغي أن يستخرج من كل منهم رأيه ووجه رأيه، فأي الآراء كان أشبه بكتاب الله وسنة رسوله عمل به، كما قال تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).
وأولو الأمر صنفان: الأمراء والعلماء، وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس، فعلى كل منهما أن يتحرى بما يقوله ويفعله طاعة الله ورسوله، واتباع كتاب الله، ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دلّ عليه الكتاب والسنة كان هو الواجب؛ وإن لم يكن ذلك لضيق الوقت أو عجز الطالب، أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلكن فله أن يقلد من يرتضي علمه ودينه، هذا أقوى الأقوال)اهـ.
قال الشيخ العلامة السعدي في تفسير آية آل عمران: ((وشاورهم في الأمر)؛ أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره:
منها: أن المشاور من العبادات المتقرب بها إلى الله.
منها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإنّ من له الأمر على الناس إذا جمع أهل الرأي والفضل، وشاورهم في حادثة من الحوادث، اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس يستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة ولا يطيعونه، وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.
ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقل.
ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أولم يتم له مطلوب فليس بملوم.
فإذا كان الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما وأفضلهم رأيا (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، فكيف بغيره؟ ثم قال تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ)؛ أي على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه إن كان يحتاج إلى استشارة (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)؛ أي: اعتمد على حول الله وقوته متبرئا من حولك وقوتك، (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)؛ عليه، اللاجئين إليه)اهـ.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي في الكبرى، وفي المجتبى، وابن أبي عاصم في الجهاد، وحسنة العلامة محمد ناصر الدين الألباني في الصحيحة (برقم1990)؛ عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الغزو غزوان: فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، واجتنب الفساد، كان نومُه ونبهه كلّه أجر.
وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف).
وقد روى الحديث الإمام مالك في موطئه كتاب الجهاد موقوفا على معاذ.
قال العلامة الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر في الاستذكار: (هذا الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد حسن، ثم ذكره بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في شرحه: وأما طاعة الإمام فواجبةٌ في كل ما يأمر به، إلا أن تكون معصية بيِّنة لا شك فيها، ولا ينبغي أن يبارز العدوّ، ولا يخرج في سارية عن عسكره إلا بإذنه).
وجاء في المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد، والتي قام بجمعها أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى في جزء مفرد قامت بطبعه دار العاصمة (برقم3): (وسئل (أي الإمام أحمد) يكون الرجل في الجهاد بين الصفين؛ يبارز علجا بغير إذن الإمام؟ فقال: لا والله).
قال صاحب مختصر (زاد المستقنع) موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي المقدسي (م968): (ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يَفجَأهم عدوٌّ يخافون كلبه).
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع (8/25): (أي: لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر، لأن المخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس، فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع، وغذا فاجأهم عدو يخافون كلبه، فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعين القتال إذا).
ومعنى كَلَبَه: أي شرّه ووثبته.











الحلقة الثانية:
**الحقيقة الرابعة: حزب الله اللبناني، الذي رفع شعار المقاومة والممانعة، ويقوم بالتصدي للعدوان اليهودي، وقد كبد يهود خسائر واضحة في بنت جبيل، ورأس مارون؛ يجب عليه أولا البراءة من عقيدة الروافض الأنجاس الذين يتخذون من كربلاء، ومرقد الحسين، وقم الإيرانية حصونا لبث فكرهم الكفري في ربوع الوطن السني، وأن دعوة ردم الخلاف في الظروف الراهنة كما هي تصريحات المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، وعضده يوسف القرضاوي في قطر، وبعض الفقاقيع في المملكة السعودية بقيادة ناصر العمر لا تساوي فلسا في منظور السياسة الشرعية، بل تدل على سفول عقول القوم، وعلى جورهم وكتمانهم للحق، وسماجة تفكيرهم، وأنهم يَجْرون وراء الأضواء الكاشفة، والشهرة الإعلامية على حساب عقيدة السلف الطاهرة، وكان الواجب في حقهم إن كانوا أصحاب ثوابت، وعقيدة منضبطة، لا أفكار متناثرة ومتغيرة بتغير الجغرافيا والأحوال الجوية! مطالبة حزب الله اللبناني بالتخلي عن فكر الروافض، والبراءة من عقيدة الخميني الكفرية، وبيان موقفه من أم المؤمنين عائشة الطاهرة الصديقة بنت الصديق، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وباقي الصحابة الذين اتخذ الروافض الأنجاس الطعن في أعراضهم وصلة إلى أسمى القربات عند الله تعالى، والله المستعان.
أين الشهادة بالحق يا دعاة الفكر، وأين الوسطية والاعتدال التي تتبجحون بها في كل محفل؟
لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم والقسط بيان الحق والتحذير من الخذلان والطغيان، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)، والليُّ: هو تغير الشهادة، أو كتمانها.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، وقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)، وقال تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج (1/16): (والله تعالى قد أمر بالصدق والبيان، ونهى عن الكذب والكتمان فيما يحتاج إلى معرفته وإظهاره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما).
يا رؤوس الإخوان ومن سبح في حوضكم الغامض أتردون صفقة مع الله مبناه الغدر والغش، فمن أين تصلكم البركة إن كنتم تؤمنون بها، أم تردون أن يبارك العوام والهوام صنيعكم، فهنيئا لكم ببركة هذا مصدرها!
فوالله، وبالله، وتالله، لعرض عائشة أمّ المؤمنين الصديقة بنت الصديق أغلى عندي من حزب الله اللبناني ومثله عشر مرات، وأشرف عندي من كل انتصاراته، ولو فتح الهند والسند.
وعلى رؤوس الإخوان المسلمين وأنصارهم من السروريين أن يدركوا هذه الحقيقة أن عداءنا لليهود الكافرين ومن يؤزّهم من الصليبيين، لا يعمينا عن ضلال الروافض، ولا ينسينا مخازيهم عبر التاريخ الإسلامي الطويل، ولا يقوى على غض أطرافنا عن جرائمهم ضدّ أهل السنة في إيران ومقاطعة بلوشستان، وعن تحالفهم السافر مع دول الاحتلال بدء من شمال أفغانستان ووصولا إلى بغداد، فالروافض واليهود تساويا وتشابها في إبادة الأبرياء، وبينهما عناصر كثيرة مشتركة كما قال علماء الملة الطاهرة لا دعاة المرطون والجري وراء فلسفة أفلاطون.
قال الإمام الشعبي وهو من أخبر الناس بالروافض: (ما رأيت أحمق من الخشبية، لو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حُمرا، والله لو طلبت منهم أن يملئوا لي هذا البيت ذهبا على أن أكذب على عليّ لأعطوني، ووالله ما أكذب عليه أبدا).
قلت: والخشبية نسبة إلى الخشب، وذلك أنهم كانوا يرفضون القتال بالسيف ويقاتلون بالخشب.
وذكر ابن حزم في الفصل (5/45) أن بعض الشيعة كانوا: (لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه فهم يقاتلون الناس بالخنق وبالحجارة، والخشبية بالخشب).
قلت: ليتنبه أبناء فلسطين من اسم أبناء الحجارة، فإن الجهاد يكون بعدته، وإلا وقعوا في مشابه طائفة من الروافض.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج: (ولهذا كان بيمنهم (أي الروافض) وبين اليهود من المشابهة في الخبث واتباع الهوى وغير ذلك من أخلاق اليهود، وبينهم وبين النصارى من المشابهة في الغلو والجهل وغير ذلك من أخلاق النصارى، ما أشبهوا به هؤلاء من وجه وهؤلاء من وجه، ومازال الناس يصفونهم بذلك).
قلت: وخرج من عموم الناس والله المستعان الإخوان المسلمون بقرينة أن الوضع لا يتحمل ذكر الخلاف، وأنه يجب أن نتوحد في وجه الزحف الصهيوني، وتناسوا هداهم الله أن الصفات التي في يهود والتي نتكبد الأنفس والمال لصدها موجودة في حزب الله اللبناني، فبالله عليكم يا قوم إلى متى تتلاعبون بمصير الأمة من أجل مكاسب من مصادر خبيثة، وإلى متى تغشون الشعوب الإسلامية، ألم تعتبروا من حرب48، وغيرها من الحروب العربية التي جلبت العار على المنطقة بأكملها، والتي بنيت على خواء من الأفكار، وصقلت بشعرات جوفاء، وبنيت على عقائد فاسدة، وفي المقابل نجد اليهودي يردد التلمود، ومعه المجنا والمشنا على ظهر الدبابة وعلى مرأى من وسائل الإعلام، ليشعر العالم كلّه أن حربه مع المسلمين عقدية محضة، فأفيقوا ياقوم فإن القدس وما حوت من أرضي لا تحرر بسنفونية مرسال خليفة مقاتلون بلا عنوان، ولا بتصريحات القرضاوي التي هي أردى منزلة من السنفونية السابقة، والله المستعان.
فليتق الله رؤوس الإخوان وما تمخض عنهم من طوائف، حين عابوا على بعض علماء المملكة نقدهم لحزب الله اللبناني، فإن علماءنا وفقهم الله انطلقوا من قواعد متينة، وعلوم ثمينة، أحيت في أنفسهم النصيحة للمسلمين، ومنعتهم من الخيانة والتغرير بالجاهلين.
فإذا أراد حزب الله اللبناني دعاء أهل الحق له بالنصر والتمكين فليعرب عن عقيدته التي يقاتل من أجلها اليهود الكافرين، وليتشجع رأسهم حسن والملقب بسيد المقاومة، بمقاومة نفسه التي بين جنبيه، ويشرح في مقابلة تلفزيونية على الملأ عقيدته في صحابة رسول الله، ويعلن براءته من عقيدة الروافض، وهذا عندنا أزكى من الصواريخ التي يطلقها على حيفا، فحبذا لو اجتمعت عقيدة سليمة مع مقاومة متينة، فهي أمنية كل صادق من المسلمين، أما وأنه يصر على الضبابية، والمراوغة السياسية لجلب أكبر عدد من المؤيدين فهذا لا ينفعه يوم الدين، ولا تشفع له مزارع شبعة عند رب العالمين، ويكون حالنا معه في هذه الظروف الراهنة والحالكة: اللهم اهدي حزب الله اللبناني إلى السنة الخالصة، وطهره من عقيدة الخميني الكافرة، فإن حاجة حزب الله إلى الهدية أقوى من حاجته إلى النصر على يهود، مع سؤالنا الله تعالى أن يرفع الغم والهمّ عن أهل البنان، وأن يوفق الدول الإسلامية إلى توظيف الحرب الجائرة في خدمة القضايا الإسلامية الثابتة، فقد قيل ربّ ضارة نافعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (14/39) عند تفسيره لسورة الفاتحة آية (اهدنا الصراط المستقيم): (فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر، فإن الله يرزقه، فإذا انقطع رزقه مات، والموت لابد منه، فإذا كان من أهل الهدى به كان سعيدا قبل الموت وبعده، وكانت الموت موصلا إلى السعادة الأبدية، وكذلك النصر إذا قدر أنه غُلب حتى قُتل فإنه يموت شهيدا، وكان القتل من تمام النعمة، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق، بل لا نسبة بينهما، لأنه إذا اهتدى كان من المتقين، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وكان ممن ينصر اللهَ ورسولَه، ومن نصر اللهَ نصره اللهُ، وكان من جند الله، وهم الغالبون، ولهذا كان هذا الدعاء هو المفروض.
وأيضا؛ فإنه يتضمن الرزق والنصر، لأنه إذا اهتدى، ثم أمر وهدى غيرَه بقوله وفعله ورؤيته، فالهدى التام أعظم ما يحصل به الرزق والنصر..).
وهاهي عقيدتنا في الفرق الضالة
الحقيقة الخامسة: نظرة أهل السنة إلى الروافض:
1/التشيّع مفتاح باب الشرك:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (27/161): (فإن الذي ابتدع دين الرافضة كان زنديقا يهوديا، أظهر الإسلام وأبطن الكفر ليحتال في إفساد دين المسلمين، كما احتال بولص في إفساد دين النصارى، سعى في الفتنة بين المسلمين حتى قتل عثمان، وفي المؤمنين من يستجيب للمنافقين، كما قال تعالى: (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)، ثم إنه لما تفرقت الأمة، ابتدع ما ادعاه في الإمامة، من النص والعصمة، وأظهر التكلم في أبي بكر وعمر، وصادف ذلك قلوبا فيها جهل وظلم وإن لم تكن كافرة؛ فظهرت بدعة التشيع التي هي مفتاح باب الشرك، قم لما تمكنت الزنادقة أمروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد، محتجين بأنه لا تصلى الجمعة والجماعة إلا خلف المعصوم).
2/ضرر الروافض الباطنية وإخوانهم من النصيرية على عامة المسلمين أشد من ضرر اليهود والنصارى.
قال شيخ الإسلام في النصيرية وهم صورة أخرى للرافضة الباطنية في مجموع الفتاوى (35/149-156): (..هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر الأصناف القارمطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى؛ بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم؛ فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالات أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله، ولا برسوله ولا بكتابه، ولا بأمر ولا نهي.....) ثم قال رحمه الله: (وأما استخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم أو جندهم فإنه من الكبائر، وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم؛ فإنهم من أغش الناس للمسلمين ولولاة أمورهم، وهم أحرص الناس على فساد المملكة والدولة وهم شرّ من المخامر الذي يكون في العسكر، فإن المخامر قد يكون له غرض: إما مع أمير العسكر، وإما مع العدو، وهؤلاء مع الملة، ونبيها ودينها وملوكها وعلمائها وعامتها وخاصتها وهم أحرص الناس على تسليم الحصون إلى عدو المسلمين، وإفساد الجند على ولي الأمر وإخراجهم عن طاعته، والواجب على ولاة الأمور قطعهم من دواوين المقاتلة فلا يتركون في ثغر، ولا في غير ثغر، فإن ضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام، وعلى النصح لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل إذا كان ولي الأمر لا يستخدم من يغشه وإن كان مسلما فكيف بمن يغش المسلمين كلهم!؟، ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه؛ بل أي وقت قدر على الاستبدال بهم وجب عليه ذلك....).
يتبع إن شاء الله بذكر حكم الرباط بالثغور الشامية في الوقت الراهن.




الشيخ عبد الحميد العربي