Petals
12-07-2006, 12:56 AM
شيفــرة دافنشــي
ماذا فعل الفيــلم بالرواية؟!
خرج للنور أخيرا فيلم ( شيفرة دافنشي )..وأقول أخيرا بسبب حالة الانتظار والتوقعات التي ما فتئت تصعد مع العد التنازلي لظهور الفيلم، وأنه لن يقل إثارة عن الرواية الشهيرة التي أثارت الغضب والاعتراض والقبول في آن واحد وبيعت منها ملايين النسخ، كما منعتها دول وأصدرت كتب تفندها و -حسب ما يقولون- تفند أكاذيبها...
الفيلم من بطولة النجم المعروف توم هانكس طبعا بدور أستاذ الرموز روبرت لانغدون، تسانده أودري توتو في دور صوفي نوفو، جان رينو في دور المحقق فاش، إيان مكلين في دور لي، والمخرج رون هاورد صاحب رائعة ( عقل جميل ) ولا ننسى طبعا كاتب السيناريو آكيفا جولدسمان..
والقصــة -ربما -كما يعرفها الكثيرون، تتحدث عموما عن الرموز في المسيحية وأصولها الوثنية، إلى جانب تأكيد مسألة بشرية المسيح، وقصة أخرى جديدة للكل هي أن المسيح قد تزوج وله ذرية يعيشون حتى الآن..
حين نقرأ رواية ما ونسمع أنها خرجت للسينما فإننا نرغب في مشاهدتها بفضول ولو ألممنا مسبقا بخط سير الأحداث ،وأن لا مفاجآت، مدفوعين بالسؤال عن مدى وفاء الفيلم للرواية، خصوصا مع فشل أفلام كثيرة في تمثيلها للفكرة الحيوية في أي رواية تقتبسها للشاشة، صحيح يجب أن نضع في منظورنا ضرورة اختلاف الفيلم كسيناريو ناطق وانفعالات إيمائية لا مكتوبة، بالإضافة إلى مسألة ضغط أحداث طويلة في ساعة ونصف أو بالكثير ساعتين، لكن الأهم في كل ذلك لمن يخض المغامرة هو المحافظة على الأمانة في نقل الجوهر / الفكرة وإلا فهي خطيئة ترتكب في حق الرواية!
ولعل شيفرة دافنشي لا تقدم الفكرة العميقة النفسية والفلسفية كروايات أخرى فشلت الأفلام في تمثليها لكونها – شيفرة دافنشي- رواية مبنية على حبكة مثيرة تصلح للسينما كمطاردات ومسدسات وقتل...و..و...لكن تلك كانت الخطيئة أو المستنقع الذي وقع فيها المخرج، فتلك الأحداث لم تكن بأي حال مركز القوة التي أكسبت الرواية شهرتها العالمية.
قبل يومين تمكنت من مشاهدة الفيلم بعد شهرين أو أكثر من قراءتي للرواية، لكنه لم يقنعني أبدا وكان خطيئة باردة للمخرج وكاتب السيناريو والممثلين في حق المشـاهدين خصوصا أولئك الذين لم يقرأوا الرواية لأنه سيسرق منهم متعة من قرأها، فسر نجاح الرواية بنظري هي الرموز وأسرارها التي يفندها لانغدون، ومسألة بشرية المسيح النقطة الرئيسية في القصة كلها..
لكن الفيلم هضم الأولى وقدم الثانية كافتراضات وأبقى على حبكة الإثارة في ساعتين وربع!
لم يعجبني الفيلم كمقتبس، وصفي الوحيد له بأنه بارد، والممثلين كالدمى الباردة الممتلئة -الوردية- الخدود!، بل وهناك مشهد أعتبره بصراحة لئيم جدا سأسرده فيما بعد، لكن في مجمل الأمر فالفيلم بدلا من أن يتبنى الرواية ألقى بها في مجاهيل افتراضية أو هكذا خيل لي، لذلك لابد من النصيحة بقراءة الرواية اختيارها هي بدلا عن الفيلم لكونه غير مقنع..
توم هانكس بارد مع أول ظهور له، فلانغدون الرواية نعرفه متحمس وحيوي في شرح الرموز، تشعر به مندفع في القيام بالشيء الذي يحبه، ومؤديه-توم هانكس- بدا وكأنه مغروسا هناك غصبا، وأنه أُجبر على وظيفة / دور لم يعجبه، والبقية كلهم فاقدو الحيوية والجذل المطلوب. ( اعذرني يا توم أتراجع عن قولي عنك سابقا ولو مازلت أتوقع أن تظهر ثانية كلانغدون في ملائكة وشياطين دون خوف هذه المرة! )..
الفيلم سيستقطب الكل طبعا، لكن هل سيعودون مرة أخرى؟ أشــك، لأنهم يخرجون دون نتيجة مقنعة..
أخيرا للمشهد الذي دفعني للرجوع للنسخة الإنجليزية من الرواية، لأني ولسوء نيتي ظننت بالترجمة العربية سوءا ولتـسامحني المترجمـة على ظني!
لكن في المشهــد المعروف حين يبدأ ( لي ) بسرد تاريخ المسيح وبشريته في أكثر المشاهد إثارة، وهي الجزئية التي انطلقت منها كافة الاتهامات والاعتراضات والمظاهرات بل وشهرة الرواية!، يظهر لانغدون الفيلم مترددا مدعيا بأنها مجرد افتراضات وأنه – لي – يحور التاريخ بحيث تتلاءم مع نظريته!، لكن لانغدون الرواية يثني على أقوال ( لي ) على طول الخط، فلم اختلفت هذه الجزئية بالتحديد؟ وهل كانت محاولة لتجنب غضب المسيحيين؟
أم اقتضتها الضرورة السيناريوية! وهنا أشك...
رون هاورد مخرج إنســاني! أبدع في " عقل جميل " وكان له أن يتجنب هذا، لكنه مقتنع كالجميع بأنه وفي أسوأ الحالات الفيلم سيكون ناجح مــاديا!
دمتـــم
( منقول بتصرف وموافقة من صاحبة الموضوع الأصلي: " :221: " )
ماذا فعل الفيــلم بالرواية؟!
خرج للنور أخيرا فيلم ( شيفرة دافنشي )..وأقول أخيرا بسبب حالة الانتظار والتوقعات التي ما فتئت تصعد مع العد التنازلي لظهور الفيلم، وأنه لن يقل إثارة عن الرواية الشهيرة التي أثارت الغضب والاعتراض والقبول في آن واحد وبيعت منها ملايين النسخ، كما منعتها دول وأصدرت كتب تفندها و -حسب ما يقولون- تفند أكاذيبها...
الفيلم من بطولة النجم المعروف توم هانكس طبعا بدور أستاذ الرموز روبرت لانغدون، تسانده أودري توتو في دور صوفي نوفو، جان رينو في دور المحقق فاش، إيان مكلين في دور لي، والمخرج رون هاورد صاحب رائعة ( عقل جميل ) ولا ننسى طبعا كاتب السيناريو آكيفا جولدسمان..
والقصــة -ربما -كما يعرفها الكثيرون، تتحدث عموما عن الرموز في المسيحية وأصولها الوثنية، إلى جانب تأكيد مسألة بشرية المسيح، وقصة أخرى جديدة للكل هي أن المسيح قد تزوج وله ذرية يعيشون حتى الآن..
حين نقرأ رواية ما ونسمع أنها خرجت للسينما فإننا نرغب في مشاهدتها بفضول ولو ألممنا مسبقا بخط سير الأحداث ،وأن لا مفاجآت، مدفوعين بالسؤال عن مدى وفاء الفيلم للرواية، خصوصا مع فشل أفلام كثيرة في تمثيلها للفكرة الحيوية في أي رواية تقتبسها للشاشة، صحيح يجب أن نضع في منظورنا ضرورة اختلاف الفيلم كسيناريو ناطق وانفعالات إيمائية لا مكتوبة، بالإضافة إلى مسألة ضغط أحداث طويلة في ساعة ونصف أو بالكثير ساعتين، لكن الأهم في كل ذلك لمن يخض المغامرة هو المحافظة على الأمانة في نقل الجوهر / الفكرة وإلا فهي خطيئة ترتكب في حق الرواية!
ولعل شيفرة دافنشي لا تقدم الفكرة العميقة النفسية والفلسفية كروايات أخرى فشلت الأفلام في تمثليها لكونها – شيفرة دافنشي- رواية مبنية على حبكة مثيرة تصلح للسينما كمطاردات ومسدسات وقتل...و..و...لكن تلك كانت الخطيئة أو المستنقع الذي وقع فيها المخرج، فتلك الأحداث لم تكن بأي حال مركز القوة التي أكسبت الرواية شهرتها العالمية.
قبل يومين تمكنت من مشاهدة الفيلم بعد شهرين أو أكثر من قراءتي للرواية، لكنه لم يقنعني أبدا وكان خطيئة باردة للمخرج وكاتب السيناريو والممثلين في حق المشـاهدين خصوصا أولئك الذين لم يقرأوا الرواية لأنه سيسرق منهم متعة من قرأها، فسر نجاح الرواية بنظري هي الرموز وأسرارها التي يفندها لانغدون، ومسألة بشرية المسيح النقطة الرئيسية في القصة كلها..
لكن الفيلم هضم الأولى وقدم الثانية كافتراضات وأبقى على حبكة الإثارة في ساعتين وربع!
لم يعجبني الفيلم كمقتبس، وصفي الوحيد له بأنه بارد، والممثلين كالدمى الباردة الممتلئة -الوردية- الخدود!، بل وهناك مشهد أعتبره بصراحة لئيم جدا سأسرده فيما بعد، لكن في مجمل الأمر فالفيلم بدلا من أن يتبنى الرواية ألقى بها في مجاهيل افتراضية أو هكذا خيل لي، لذلك لابد من النصيحة بقراءة الرواية اختيارها هي بدلا عن الفيلم لكونه غير مقنع..
توم هانكس بارد مع أول ظهور له، فلانغدون الرواية نعرفه متحمس وحيوي في شرح الرموز، تشعر به مندفع في القيام بالشيء الذي يحبه، ومؤديه-توم هانكس- بدا وكأنه مغروسا هناك غصبا، وأنه أُجبر على وظيفة / دور لم يعجبه، والبقية كلهم فاقدو الحيوية والجذل المطلوب. ( اعذرني يا توم أتراجع عن قولي عنك سابقا ولو مازلت أتوقع أن تظهر ثانية كلانغدون في ملائكة وشياطين دون خوف هذه المرة! )..
الفيلم سيستقطب الكل طبعا، لكن هل سيعودون مرة أخرى؟ أشــك، لأنهم يخرجون دون نتيجة مقنعة..
أخيرا للمشهد الذي دفعني للرجوع للنسخة الإنجليزية من الرواية، لأني ولسوء نيتي ظننت بالترجمة العربية سوءا ولتـسامحني المترجمـة على ظني!
لكن في المشهــد المعروف حين يبدأ ( لي ) بسرد تاريخ المسيح وبشريته في أكثر المشاهد إثارة، وهي الجزئية التي انطلقت منها كافة الاتهامات والاعتراضات والمظاهرات بل وشهرة الرواية!، يظهر لانغدون الفيلم مترددا مدعيا بأنها مجرد افتراضات وأنه – لي – يحور التاريخ بحيث تتلاءم مع نظريته!، لكن لانغدون الرواية يثني على أقوال ( لي ) على طول الخط، فلم اختلفت هذه الجزئية بالتحديد؟ وهل كانت محاولة لتجنب غضب المسيحيين؟
أم اقتضتها الضرورة السيناريوية! وهنا أشك...
رون هاورد مخرج إنســاني! أبدع في " عقل جميل " وكان له أن يتجنب هذا، لكنه مقتنع كالجميع بأنه وفي أسوأ الحالات الفيلم سيكون ناجح مــاديا!
دمتـــم
( منقول بتصرف وموافقة من صاحبة الموضوع الأصلي: " :221: " )